في مشهد إنساني نادر، يجسد أعلى معاني الشهامة، تحول شاب مصري بسيط إلى بطل حقيقي حين خاطر بحياته لإنقاذ مجموعة من الفتيات بعد سقوط حافلتهن في مجرى مائي بمحافظة الإسماعيلية، وبرغم عدم إجادته السباحة، اندفع لإنقاذهن واحدة تلو الأخرى، قبل أن يفقد حياته إثر الإجهاد الشديد. اقرا أيضأ|عجوز يتوجه إلى لجنته الانتخابية ويوجه رسالة قوية للشباب في زفتي اندفاع بطولي لإنقاذ العالقين وقع الحادث مساء الخميس حين انقلبت حافلة تقل عدداً من الفتيات في "مصرف بلوظة" بمركز القنطرة شرق، وسارع الأهالي إلى المكان لمحاولة إنقاذ الركاب، وكان من بينهم الشاب حسن أحمد حسن، البالغ 35 عاما ويعمل بالزراعة. لم يتردد حسن لحظة، وقفز إلى المياه رغم عدم تمكنه من السباحة، وبشجاعة كبيرة، قام بتحطيم زجاج الحافلة، وبدأ في إخراج الفتيات تباعا حتى أنقذ 13 منهن، متحملا مجهودا مضاعفا أنهك قواه تماما، وبعد أن أنهى مهمته، سقط في المياه متأثرا بالإجهاد وفارق الحياة. بطل من المنوفية.. وأب لثلاث فتيات كان حسن، المقيم بمركز أشمون بمحافظة المنوفية، في طريق عودته إلى عمله في سيناء، وتزامن يوم الحادث مع استعداد أسرته للاحتفال بعيد ميلاد ابنته في اليوم التالي، رحيله المفاجئ ترك حزنا كبيرا بين أهله وأهل الفتيات اللواتي أنقذهن، إذ اعتبره كثيرون "شهيد الشهامة" تقديرا لما قدمه، وتم نقل جثمانه إلى مستشفى القنطرة شرق تحت تصرف النيابة العامة التي بدأت تحقيقاتها حول الحادث. ومن جانبه قررت وزارة التضامن الاجتماعي، تقديم 100 ألف جنيه لأسرة الشاب، وإدراجها ضمن برنامج "تكافل وكرامة"، إضافة إلى التكفل بمصروفات تعليم بناته الثلاث، في خطوة تهدف لتأمين مستقبل الأسرة بعد فقدان عائلها. كما استقبل محافظ المنوفية، اللواء إبراهيم ليمون، أسرة الفقيد وأعلن مجموعة من الإجراءات العاجلة، شملت صرف 100 ألف جنيه أخرى كمساعدة فورية، وتوفير وظيفة مناسبة لزوجة الشاب لضمان دخل ثابت، ودعم مشروع الأسرة بالسلع اللازمة، إلى جانب تقديم مساعدات عينية من غذاء ولحوم وبطاطين.. وتيسيرا لظروف الأسرة، أصدر المحافظ قرارا بنقل ابنة الفقيد من مدرستها في القنطرة شرق إلى مدرسة أقرب لمحل إقامتها في أشمون. رحل حسن، لكنه ترك وراءه قصة بطولة محفورة في ذاكرة المجتمع، وقلبا كبيرا لم يتردد في إنقاذ الأرواح حتى اللحظة الأخيرة، إن ما فعله لا يعد مجرد موقف إنساني مؤثر، بل مثالا على أن الشهامة لا تزال حيّة في نفوس الكثيرين، وسيظل اسمه شاهدا على أن التضحية من أجل الآخرين قد تصنع مجدا لا يخبو أبدا.