أحمد عصام يتابع سير العملية الانتخابية بمسقط رأسه بالفيوم    الوطنية للانتخابات: غلق اللجان وانتهاء التصويت في التاسعة ولا يجوز تمديده    رئيس الوزراء: صناعة السيارات أصبحت أولوية قصوى لدى مصر    «متبقيات المبيدات»: تحليل أكثر من 18 ألف عينة خلال أكتوبر الماضي لخدمة الصادرات الزراعية    بحضور "الشوربجي" وقيادات المؤسسات الصحفية القومية.. الفريق أسامة ربيع في ندوة ب "الوطنية للصحافة": لا بديل لقناة السويس    إعلام إسرائيلي: المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي يعتزم الاستقالة    «تعثر الشرع أثناء دخوله للبيت الأبيض».. حقيقة الصورة المتداولة    الاتحاد الأوروبي يخطط لإنشاء وحدة استخباراتية جديدة لمواجهة التهديدات العالمية المتصاعدة    كاف يخطر الزمالك بموعد مباراتي زيسكو وكايزر تشيفز في بالكونفدرالية    دويدار يهاجم زيزو بعد واقعة السوبر: «ما فعله إهانة للجميع»    ليفربول يبدأ مفاوضات تجديد عقد إبراهيما كوناتي    الجيش الملكي يعلن موعد مباراته أمام الأهلي بدوري أبطال إفريقيا    تخفيض النفقة وقبول الاستئناف.. قرار جديد بشأن أبناء الفنان أحمد عز وزينة    جريمة تهز شبرا الخيمة.. شاب يطلق النار على والدته وينهي حياتها    وفاة نجل نائب حلايب وشلاتين وابن شقيقته في حادث مروع    توافد الناخبين على لجنة الشهيد إيهاب مرسى بحدائق أكتوبر للإدلاء بأصواتهم    حادث مأساوي في البحر الأحمر يودي بحياة نجل المرشح علي نور وابن شقيقته    مهرجان القاهرة يعلن القائمة النهائية لأفلام البانوراما الدولية في دورته ال46    أكاديمية الأزهر تعقد ندوة مسائل الفقه التراثي الافتراضية في العصر الحديث    بعد أزمة صحية حادة.. محمد محمود عبد العزيز يدعم زوجته برسالة مؤثرة    وزارة الصحة تُطلق خطة استدامة القضاء على الالتهاب الكبدي الفيروسي 2025-2030    تعيين أحمد راغب نائبًا لرئيس الاتحاد الرياضي للجامعات والمعاهد العليا    عمرو دياب يطعن على حكم تغريمه 200 جنيه فى واقعة صفع الشاب سعد أسامة    انتخابات مجلس النواب 2025.. «عمليات العدل»: رصدنا بعض المخالفات في اليوم الثاني من التوصيت    الهلال السعودي يقترب من تمديد عقدي روبن نيفيز وكوليبالي    غضب بعد إزالة 100 ألف شجرة من غابات الأمازون لتسهيل حركة ضيوف قمة المناخ    تقنيات جديدة.. المخرج محمد حمدي يكشف تفاصيل ومفاجآت حفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي ال46| خاص    مفوضية الانتخابات العراقية: 24% نسبة المشاركة حتى منتصف النهار    «هيستدرجوك لحد ما يعرفوا سرك».. 4 أبراج فضولية بطبعها    بسبب الإقبال الكبير.. «التعليم» تعلن ضوابط تنظيم الرحلات المدرسية إلى المتحف المصري الكبير والمواقع الأثرية    «رجال يد الأهلي» يواصل الاستعداد للسوبر المصري    وزير الصحة يبحث مع «مالتي كير فارما» الإيطالية و«هيئة الدواء» و«جيبتو فارما» سبل التعاون في علاج الأمراض النادرة    الأزهر للفتوي: إخفاء عيوب السلع أكلٌ للمال بالباطل.. وللمشتري رد السلعة أو خصم قيمة العيب    ضمن مبادرة «صحح مفاهيمك».. ندوة علمية حول "خطورة الرشوة" بجامعة أسيوط التكنولوجية    بعد قليل.. مؤتمر صحفى لرئيس الوزراء بمقر الحكومة فى العاصمة الإدارية    علي ماهر: فخور بانضمام سباعي سيراميكا للمنتخبات الوطنية    دار الافتاء توضح كيفية حساب الزكاة على المال المستثمر في الأسهم في البورصة    طقس الخميس سيء جدًا.. أمطار وانخفاض الحرارة وصفر درجات ببعض المناطق    شاب ينهي حياة والدته بطلق ناري في الوجة بشبرالخيمة    الرئيس السيسي يوجه بمتابعة الحالة الصحية للفنان محمد صبحي    «سنة و50 يومًا» يحتاجها زائر المتحف المصري الكبير لمشاهدة كل القطع الأثرية المعروضة (تحليل بيانات)    تايوان تجلى أكثر من 3 آلاف شخص مع اقتراب الإعصار فونج وونج    البورصة المصرية تخسر 2.8 مليار جنيه بختام تعاملات الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    إقبال على اختبارات مسابقة الأزهر لحفظ القرآن فى كفر الشيخ    إدارة التعليم بمكة المكرمة تطلق مسابقة القرآن الكريم لعام 1447ه    رئيس مياه القناة يتابع سير العمل بمحطات وشبكات صرف الأمطار    الجيش السودانى يتقدم نحو دارفور والدعم السريع يحشد للهجوم على بابنوسة    بعد غياب سنوات طويلة.. توروب يُعيد القوة الفنية للجبهة اليُمنى في الأهلي    وفد من جامعة الدول العربية يتفقد لجان انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    «رحل الجسد وبقي الأثر».. 21 عامًا على رحيل ياسر عرفات (بروفايل)    محافظ الإسكندرية: انتخابات النواب 2025 تسير بانضباط وتنظيم كامل في يومها الثاني    "البوابة نيوز" تهنئ الزميل محمد نبيل بمناسبة زفاف شقيقه.. صور    محافظ قنا وفريق البنك الدولي يتفقدون الحرف اليدوية وتكتل الفركة بمدينة نقادة    بنسبة استجابة 100%.. الصحة تعلن استقبال 5064 مكالمة خلال أكتوبر عبر الخط الساخن    وزير الصحة يبحث مع نظيره الهندي تبادل الخبرات في صناعة الأدوية وتوسيع الاستثمارات الطبية المصرية - الهندية    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مديرة مختبر الاستشعار عن بُعد بجامعة نورث كارولينا: عثرنا على فرع مفقود من نهر النيل!
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 25 - 10 - 2025

بعد سنواتٍ من الأبحاث والتحليل الدقيق لبيانات الأقمار الصناعية ونماذج التضاريس الرقمية، توصلت العالمة المصرية الدكتورة إيمان غنيم إلى اكتشافٍ مثير غيّر فهم العلماء لجغرافية مصر القديمة، فقد عثرت مع فريقها البحثي على فرع مفقود من نهر النيل كان يغذى منطقة الأهرام بالمياه قبل آلاف السنين.
■ مع الدكتور فاروق الباز
من جامعة طنطا حلقت إيمان غنيم بأحلامها إلى أن وصلت إلى أمريكا، حيث تشغل حاليًا منصب أستاذة الجيومورفولوجيا ومديرة مختبر الاستشعار عن بعد والطائرات المسيرة بجامعة نورث كارولينا ويلمنجتون، وتعمل على تسخير أدوات العلم الحديثة في تحليل صور الرادار ورسم خرائط المياه الجوفية والتنبؤ بمسارات السيول والفيضانات، واضعة خبراتها في خدمة رؤية مصر لتحقيق الأمن المائي والغذائي.
وفي هذا الحوار الخاص مع "آخر ساعة" تكشف الدكتورة إيمان غنيم التى أعادت النيل إلى أحضان الأهرامات رحلتها في اكتشاف فروع الأنهار المفقودة والبحيرات المنسية، وكيف يمكن لِما خبأته الرمال لآلاف السنين أن يوقظ الحياة من جديد فى قلب الصحراء.
■ مع مجموعة بحثية لمشروع فرع النيل القديم تضم علماء من جامعة طنطا وجامعة ماكوري الأسترالية والمعهد الوطني لبحوث الفلكوالجيوفيزياء بحلوان
◄ أبحاثي أسهمت في كشف مواقع المياه الجوفية بالمناطق الصحراوية والنائية
◄ الفرع القديم طوله 64 كيلو.. وعمقه 25 مترا وكان دائم الجريان
◄ شبكات تصريف قديمة فى توشكى وشرق العوينات والنوبة والواحات وسيوة
◄ النيل في مصر لم يكن نهرًا واحدًا كما نعرفه اليوم.. بل شبكة من الفروع
◄ نشأت فى بيت أكاديمى وأستاذى بالإعدادية اكتشف حبى للجغرافيا وزوجى يدفعنى للأمام
◄ كيف أسهمت أبحاثك فى الاستشعار عن بُعد في اكتشاف مواقع المياه الجوفية والمجاري النهرية القديمة بمصر؟
أسهمت أبحاثي في مجال الاستشعار عن بُعد ونظم المعلومات الجغرافية في الكشف عن مواقع المياه الجوفية والمجاري النهرية القديمة، خصوصًا فى المناطق الصحراوية والنائية بمصر التى يصعب دراستها بالطرق التقليدية، وهذا العمل يأتى فى إطار الجهود العلمية لفهم التاريخ الهيدرولوجى لمصر وصحاريها ودعم خطط التنمية المستدامة فى المناطق الجافة.
نستخدم فى عملنا تحليل صور الأقمار الصناعية متعددة الأطياف مثل Landsat وSentinel-2 و ASTER، التى ساعدتنا على تحديد مؤشرات الرطوبة فى التربة وتغيّرات الغطاء النباتى، ومن خلالها نتعرّف على بصمات تشير إلى وجود مياه جوفية.
كما نستخدم النماذج الرقمية للتضاريس (DEM) لتحليل الارتفاعات وتحديد الأحواض القديمة ومجارى السيول المدفونة، بالإضافة لصور الرادار التى تخترق الرمال وتكشف القنوات النهرية القديمة المدفونة تحت الرمال، خصوصًا فى مناطق مثل واحات الخارجة والداخلة وتوشكى.
وندمج هذه البيانات مع التحاليل الجيوفيزيائية والدراسات الميدانية، وهذا مكننا من تحديد مناطق ذات احتمالية عالية لتراكم المياه الجوفية فى جنوب الصحراء الغربية مثل منطقة الحوض النوبى الرملى. وهذا العمل يساعد على توجيه جهود حفر الآبار وتقليل التكلفة والوقت والمجهود لاستخراج المياه الجوفية.
ومن خلال عملنا تم تتبع شبكات تصريف قديمة تعود للعصرين الهولوسيني والبلايستوسيني وما قبلهما أيضًا في مناطق توشكى، وشرق العوينات، والمنطقة النوبية، والواحات البحرية، وسيوة. ونستخدم الخرائط التي نتوصل إليها فى توجيه مشروعات التنمية الزراعية في مصر.
وتؤكد نتائج أبحاثنا التى هى في الحقيقة استكمال لدراسات أخرى سابقة، أن الصحراء المصرية لم تكن دائمًا جافة، بل كانت تحتوى على أنظمة مائية نشطة وأنهار قديمة، ومياهها الأحفورية يمكن استخدامها حاليًا بحيث تكون موردًا حيويًا للتنمية والاستثمار الزراعي والعمران، مما يحقق توازنًا بين الأمن المائى والأمن الغذائى.
■ في المعمل تشرح لطلابها الباحثين
◄ حدثينا عن مشروع اكتشاف «الفرع المفقود لنهر النيل» وأهميته في فهم التاريخ الجيولوجي والجغرافى لمصر.
هذا المشروع من أبرز اكتشافاتنا العلمية، حيث أعاد رسم الخريطة الهيدرولوجية القديمة لمصر وفتح نافذة جديدة لفهم العلاقة بين نهر النيل والحضارة المصرية القديمة، كونه يعود إلى فترة الدولة القديمة والدولة الوسطى، ولم يكن معروفًا فى الخرائط النهرية الحديثة، فقد استطعنا من خلال صور الأقمار الصناعية والرادار تحديد مسار فرع قديم من النيل ظل مختفيًا لآلاف السنين تحت الرمال، ويمتد بمحاذاة الصحراء الغربية، ويمر بالقرب من تجمعات كبيرة للأهرام مثل تلك الموجودة فى الجيزة وأبو صير ودهشور ولِشت، ولذا أطلقنا عليه «فرع الأهرام». هذا الاكتشاف الذى قمت بقيادته شارك فيه فريق بحثى كبير يضم باحثين من الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا بالإضافة إلى قسم الجيولوجيا بجامعة طنطا والمعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية فى مصر.
■ صورة توضيحية لنهر النيل وبجانبه نهر الأهرامات
وتشير دراساتنا إلى أن هذا الفرع على الأرجح كان يُستخدم فى نقل الأحجار وعمال بناء الأهرام ومواد البناء وربما فى الطقوس الدينية والجنائزية. وهذا الفرع يبلغ طوله نحو 64 كيلومترًا وعرضه فى بعض المناطق أكثر من نصف كيلومتر، وعمقه يتجاوز 25 مترًا، ما يؤكد أنه كان فرعًا دائم الجريان، وليس مجرد مجرى سيل موسمى.
هذا الاكتشاف يوضح أن النيل فى مصر لم يكن نهرًا واحدًا كما نعرفه اليوم، بل كان شبكة من الفروع. كما يفسر اختيار المصريين القدماء لمواقع بناء الأهرام التى تبدو الآن بعيدة عن مجرى النيل الحالى، فالحقيقة أنها كانت قريبة من هذا الفرع القديم الذى وفر لهم النقل والرى والمياه.
ويفتح هذا المشروع الباب أمام اكتشاف فروع وبحيرات أخرى مندثرة تحت الرمال فى وادى النيل أو الصحراء الغربية، ويؤكد أهمية الدمج بين علوم الجيومورفولوجيا، والمصريات، والاستشعار عن بعد فى إعادة بناء المشهد الطبيعى والتاريخي لمصر القديمة.
■ د إيمان تدرس طبوغرافية السطح أم الأهرامات لتحديد مسار فرع النيل القديم الذي تم اكتشافه باستخدام الصور الفضائية الرادارية
◄ شاركتِ في اكتشاف بحيرات وأنهار قديمة مدفونة تحت الصحراء في مصر والسودان. كيف غيرت هذه الاكتشافات فهمنا للتاريخ الجيولوجى والجغرافي لمصر؟
قادنى عملى بالاشتراك مع الدكتور فاروق الباز إلى اكتشاف عدد من الأنظمة النهرية والبحيرات القديمة المدفونة تحت رمال الصحراء الكبرى باستخدام بيانات الأقمار الصناعية الرادارية ونظم المعلومات الجغرافية.
في عام 2007 اكتشفنا نظامًا نهريًا قديمًا حجمه كبير فى الصحراء الغربية أطلقنا عليه «حوض نهر توشكى العملاق» وهو ما يفسر ظهور بحيرة فى شرق العوينات مؤخرًا، وتأكدنا من خلال الصور الفضائية أن المنطقة كانت فى الماضى حوضًا نهريًا ضخمًا.
■ د. إيمان تدرب باحثين من السودان على استخدام الدرون بأمريكا
كما اكتشفنا فى نفس العام بالسودان بحيرة شمال دارفور القديمة، وهى بحيرة عملاقة مدفونة الآن تحت الرمال، وكانت أكبر من بحيرة «إيرى» فى الولايات المتحدة، ومن المرجح أنها تحتوى على مياه جوفية فى الحجر النوبى أسفلها.
وفي عام 2012 اكتشفنا تحت رمال الصحراء نظامًا نهريًا قديمًا كان عابرًا للحدود يمتد عبر تشاد والسودان وليبيا ومصر، أطلقنا عليه «نهر الكُفرة»، وينتهى بدلتا ضخمة أكبر من دلتا النيل الحالية. وتشير الدراسات إلى احتمال احتوائه على كميات من المياه الجوفية الأحفورية وربما النفط والغاز.
تؤكد هذه الاكتشافات بالدليل القاطع أن الصحراء الغربية فى الماضى لم تكن دائمًا قاحلة، بل كانت فى عصور سابقة بيئة رطبة وغنية بالأمطار والأنهار والبحيرات، مما يعنى أن ما توصلنا إليه بمثابة كشف لفصل مفقود من التاريخ الطبيعى لمصر والسودان. وقد غيرت هذه النتائج نظرتنا للصحراء من كونها فراغًا جافًا إلى كونها مسرحًا لحياة مائية نشطة وأنظمة بيئية متكاملة، فى عصور ما قبل التاريخ وسجلًا حيًا لذاكرة مائية وجيولوجية وإنسانية.
■ أثناء دراستها رواسب النيل القديمة
◄ كيف يمكن الاستفادة من نتائج أبحاثكِ في إدارة الموارد المائية ومواجهة الفيضانات المفاجئة في مصر؟
أعتمد فى أبحاثي على الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية (GIS) والنمذجة الهيدرولوجية لرسم خرائط للمناطق عالية الخطورة بالنسبة للسيول والفيضانات المفاجئة، خصوصًا الأماكن ذات المرتفعات مثل مناطق البحر الأحمر وجنوب سيناء والصعيد. ومن خلال تحليل البيانات الطبوغرافية وصور الأقمار الصناعية نحدد الأودية الجافة ومسارات التصريف ومناطق الخطر العالية. هذه الخرائط تساعد فى التخطيط العمرانى السليم، واختيار مواقع البنية التحتية بعيدًا عن مسارات السيول.
كما نستخدم النماذج الهيدرولوجية التى تراعى عوامل مثل كثافة الأمطار، ونفاذية التربة، والغطاء النباتى، والانحدارات، للتنبؤ بكيفية تصرف الأحواض المائية أثناء الأمطار الغزيرة، مما يدعم إنشاء نظم إنذار مبكر للسيول ويتيح حصاد مياه السيول الموسمية بدلًا من خسارتها، بالتالى استخدامها فى مشروعات التنمية المستدامة.
وفى ظل التغير المناخى، أصبح دمج هذه الأدوات العلمية فى اتخاذ القرار ضرورة استراتيجية لإدارة الموارد المائية وتقليل مخاطر الكوارث.
■ أثناء استخراج رواسب نهرية عميقة تجزم بوجود مجرى فرع الأهرامات تحت الأراضي الزراعية
◄ ما أحدث مشاريعكِ البحثية حاليًا في جامعة نورث كارولينا، وهل تتضمن تطبيقات عملية لتحليل البيانات الفضائية؟
أركز حاليًا على أبحاث كثيرة أهمها استخدام الطائرات المسيّرة (الدرونز) لدراسة تآكل السواحل وتأثير ارتفاع مستوى سطح البحر على المناطق السكنية الساحلية، بالإضافة إلى اكتشاف بقايا الآثار والحصون والمستوطنات التاريخية المدفونة تحت سطح الأرض فى أنحاء الولايات المتحدة.
◄ ما تقييمكِ لتأثير سد النهضة على الموارد المائية في مصر، وكيف يمكن استخدام الاستشعار عن بعد لمتابعة التغيرات المتعلقة به؟
الحقيقة أننى لم أعمل مباشرة على سد النهضة، لكن من المؤكد أنه يمثل تحديًا مائيًا واستراتيجيًا حقيقيًا لمصر فى ظل غياب اتفاق قانونى واضح. ويمكن القول هنا إن الاستشعار عن بعد أداة أساسية فى مراقبة التغيرات البيئية والهيدرولوجية المرتبطة بسد النهضة، خصوصًا باستخدام صور الأقمار الصناعية عالية الدقة التى تسمح بتحليل التفاصيل الدقيقة فى منطقة السد ومتابعة التخزين المائى والتأثيرات على تدفقات النهر. وهذه البيانات تمثل دعمًا علميًا لصنع القرار فى ملفات التفاوض والإدارة المائية فى دولتى المصب (مصر والسودان).
◄ ما أبرز الجوائز الأكاديمية التي حصلتِ عليها؟
حصلت على ست جوائز تقنية من جامعتي وعلى مستوى ولاية كارولينا الشمالية، بما فى ذلك جائزة الريادة في البحث العلمي، وجائزة مجلس محافظى جامعة كارولينا الشمالية للتميز فى التدريس، وجائزة مجلس أمناء جامعة كارولينا الشمالية للتميز فى التدريس، وجائزة رئيس الجامعة للتميز في التدريس.
◄ اقرأ أيضًا | في 7 نقاط هامة.. «الري» تكشف أسباب غمر أراضي طرح النهر بالمياه
◄ كيف كانت نشأتكِ في مصر، وهل كان لشخصيات بعينها دور في توجيهك نحو مجال الجغرافيا؟
نشأت فى أسرة أكاديمية؛ والدى الدكتور محمد غنيم - رحمه الله - كان عميد كلية العلوم بجامعة طنطا، ووالدتى البروفيسورة أميرة حسنين أستاذة الكيمياء فى الجامعة نفسها، وشقيقى الدكتور أحمد غنيم عميد كلية الطب بجامعة طنطا السابق، وشقيقتى الدكتورة إيناس غنيم أستاذة الكيمياء فى نفس الجامعة.
وبدأ شغفى بالجغرافيا منذ المرحلة الإعدادية بفضل أستاذى «رشاد» الذى اكتشف ميولى للجغرافيا الطبيعية وشجعنى على متابعتها، لذا فإننى لا أنساه أبدًا كونه أسهم فى تشكيل مسيرتى الأكاديمية.
وقد بدأت دراستى الجامعية فى كلية الآداب بجامعة طنطا، حيث التحقت بقسم اللغة الإنجليزية، على عكس رغبتى فى دراسة الجغرافيا، لأن المقربين منى كانوا يرون أن الجغرافيا لا مستقبل لها، لكننى لم أجد نفسى فى دراسة اللغة وكانت النتيجة أننى رسبت في مادتين كان علىّ حملهما معى للفرقة الثانية، وهنا قررت التحول لدراسة الجغرافيا لأنها المادة التى أحبها، وكان هذا القرار نقطة التحول فى حياتى، حيث تفوقت وتخرجت بمرتبة الشرف، وتم تعُييني معيدة بالجامعة. وتعلمت من هذه التجربة أن الشغف يقود إلى النجاح، وأن على الشباب أن يسعوا وراء ما يحبون لا ما يُفرض عليهم.
◄ كيف توفقين بين حياتك الشخصية ومسيرتك البحثية المكثفة؟
تحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية تحدٍّ يواجه كل من يعمل فى البحث العلمى، لأنه مجال يتطلب انخراطًا ذهنيًا عميقًا. أؤمن أن الأهم ليس عدد الساعات التى أقضيها فى عملى الأكاديمى أو مع الأسرة بل فى أن أكون حاضرة بقوة وصدق سواء كنت أراجع ورقة بحثية علمية أو أساعد أولادى فى دراستهم. الدعم الأسرى وشريك الحياة المتفهم أمر أساسى للاستمرار، فزوجى الدكتور عصام البهيدى دائمًا ما يدفعنى للأمام ويشجعنى ولا أنسى أبدًا شبكة الدعم من العائلة والأصدقاء. وعمومًا يجب أن يكون هناك تخطيط مسبق لكل شىء.
◄ ما نصيحتكِ للباحثين الشباب في مصر الذين يحلمون بمسيرة علمية دولية؟
أقول للباحثين الشباب: الحلم وحده لا يكفى فلا بد من خطة، تعلموا اللغة الإنجليزية بإتقان، وتابعوا أحدث الأبحاث بانتظام، وابحثوا عن فرص التدريب الدولية ولا تنتظروا أن تأتيكم الفرص، وشاركوا فى المؤتمرات وكونوا دائمًا متعطشين للمعرفة، وتذكروا أن الصبر والتواضع هما مفتاحا النجاح، وأن العقول المصرية قادرة على المنافسة عالميًا.
◄ كيف تصفين علاقتك الحالية بمصر؟ وهل تحرصين على زيارتها ومتابعة التطورات العلمية والبحثية فيها؟
علاقتى بمصر علاقة انتماء وامتنان بالدرجة الأولى، فمهما ابتعد الإنسان جغرافيًا عن بلده، تبقى مصر هى الجذر والهوية. تلقيت تعليمى الأساسى فيها، وهى التى منحتنى القاعدة التى انطلقت منها للعالم، لذا أشعر دائمًا بمسئولية معنوية وأخلاقية تجاه بلدى الحبيب.
أزور مصر بانتظام، ثلاث أو أربع مرات سنويًا، وأحرص خلال زياراتى على التواصل مع الباحثين فى الجامعات والمراكز العلمية، وتقديم ورش عمل ومحاضرات ودعم للطلبة، كما أتابع التطورات البحثية فى مصر باهتمام، وأشعر أن مصر تعيش صحوة علمية كبيرة، وأفرح بأى تقدم أو مبادرة علمية جديدة، لقد قطعنا شوطًا كبيرًا فى هذا الإطار لكننا ما زلنا بحاجة إلى دعم وتمويل أكبر للعلم. وعمومًا أحاول أن أكون جسرًا بين الباحثين المصريين والمؤسسات الدولية من خلال الإشراف المشترك والمساعدة فى تطوير الأفكار البحثية.
وبالنسبة لى، مصر ليست ماضيًا بل جزء من المستقبل الذى أطمح إليه، وأؤمن أن العقول المصرية، إذا أُتيح لها المناخ المناسب، قادرة على تحقيق إنجازات مبهرة على المستوى العالمى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.