خرجنا من الجهاد الأصغر الى الجهاد الأكبر حيث يعيش العالم حالة من القلق نتيجة بعض التعقيدات التى تواجه تنفيذ المرحلة الاولى من اتفاق السلام وفقا لخطة الرئيس الامريكى ترامب والتى جاءت فى عشرين بندا صحيح أن عملية تبادل الاسرى الاحياء تمت كما هو متفق عليه ولكن بقيت الجثث حيث بدأت تلكؤات نتنياهو الذى يدرك ومعه جهات عديدة صعوبة البحث عنها فى ظل حالة التدمير التى نتج عن عدوان عامين سوّى القطاع بالارض فى مناطق متفرقة إلا أنه يتنصل من التزاماته باللعب على وتر الازمة الانسانية التى يعيشها القطاع ويقوم بتخفيض قوافل المساعدات المتفق على دخولها لغزة ولعل ذلك وراء مخاوف الكثيرين من تنفيذ بنود المرحلة القادمة وهى الاخطر ويكفى ان نتوقف عند عناوينها فقط مثلا نزع سلاح حماس والمقاومة الذى يثير العديد من التساولات ( فالشياطين تعشش فى التفاصيل )خاصة وأن هناك تفسيرات وتأويلات لم يتم الاتفاق عليه من الجانبين الاسرائيلى والامريكى من جهة وحماس من جهة أخرى فمن سيقوم بالعملية؟ وأين يذهب؟ ناهيك عن شكل الحكم الانتقالى فى غزة او اللجنة المؤقتة ودور الفلسطينيين أصلا فيها بعد استبعاد حماس والمقاومة وتهميش دور السلطة الفلسطينية فى انتظار مطالبة بإصلاحها وهى كلمة حق يراد بها باطل فليس هناك معايير لذلك الاصلاح يمكن القبول به من الاطراف المعنية سواء فى تل ابيب أو واشنطن وهل سيتم التوافق على مجلس السلام الدولى خاصة بعد ان نجحت الضغوط فى تراجع الادارة الامريكية عن الدور التى كانت تخطط فى تونى بلير على السلطة الانتقالية الدولية خاصة وان حماس تطالب بتفعيل المقترح المصرى منذ يناير الماضى بتشكيل لجنة الاسناد المجتمعى الذى يمكن ان تكون بديلا عن السلطة الانتقالية كما أن هناك تفاصيل كثيرة حول القوات المكلفة بحفظ الامن والاستقرار فى غزة تشكيلها ودورها ولعل ذلك كله وراء اسراع الادارة الامريكية بارسال المبعوث الامريكى للشرق الاوسط ستيف ويتكوف لزيارة المنطقة بما فيها غزة خلال الايام القادمة. ونتناول فى هذا الملف رؤى الاطراف المختلفة الدور المصرى فى المرحلة المقبلة والذى يركز على مؤتمر التعافى المبكر ووجهة نظر الوسيط الامريكى وطرفى النزاع تل ابيب وجماعات المقاومة اقرأ أيضًا | يصل إلى واشنطن|كوريا الشمالية تكشف عن أخطر صاروخ بترسانتها النووية.. انفوجراف لطالما كانت القضية الفلسطينية ولا تزال تحتل اهتماما كبيرا، بل وتعد محورا ثابتاً فى السياسة الخارجية المصرية، ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، لم تتوان جهود القاهرة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى، لوقف هذه الحرب العدوانية، وتعاملت مع تلك القضية بحكمة وتوازن كبيرين. قمة شرم الشيخ للسلام والتى دعا إليها الرئيس عبد الفتاح السيسى ورأسها، إلى جانب الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بحضور قادة أكثر من 30 دولة من أنحاء العالم؛ تعد محطة تاريخية بارزة وإيذانا ببدء حقبة جديدة من تاريخ منطقة الشرق الأوسط نحو التسوية السلمية لقضايا المنطقة وفى مقدمتها القضية الفلسطينية التى طالب الرئيس السيسى أمام قادة العالم بإيجاد حل عادل وشامل لها يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وفى مقدمتها حقه فى إقامة دولته. فكانت رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته خلال قمة شرم الشيخ للسلام، واضحة وحاسمة فى الرفض القاطع لسياسة التهجيرالقسرى للفلسطينيين، والتأكيد على ضرورة العمل الجاد لفتح مسار ذى مصداقية نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل فى سلام وأمن، وهو الحل العادل والدائم الذى تتطلع إليه الشعوب. المرحلة الأولى من اتفاق السلام فى غزة تم تنفيذها بنجاح، مع إتمام صفقة التبادل بتسليم المحتجزين الإسرائيليين الأحياء وعددهم 20، و4 جثامين لمحتجزين إسرائيليين حتى الاَن، ونحو ألفى أسير فلسطيني، إلى جانب انسحابات إسرائيلية تدريجية. فيما بدأت مصر والدول الوسطاء فى مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق الحرب فى غزة، والتى وصفت من جانب الوسيط القطرى بأنها صعبة للغاية، حيث تستهدف إنشاء إدارة لغزة، وضم عناصر شرطية فلسطينية جديدة للقطاع ونزع سلاح حركة حماس. لاسيما فى ظل مواقف حماس حول رفض تسليم السلاح، والجدل بشأن الإشراف الدولى على الإدارة الفلسطينية المستقلة، إلى جانب إعادة إعمار قطاع غزة. وفى ضوء ما سبق، تواصل مصر جهودها وعبر وساطتها، فى تذليل كافة العقبات والتحديات التى قد تقف عائقا يحول دون تثبيت وتنفيذ اتفاق السلام فى غزة بكافة مراحله، ومنه تمهيد الطريق للوصول إلى تنفيذ حل الدولتين. وفى هذا الإطار ثلاثة عناوين للمهام التى تتحرك القاهرة فى ضوئها خلال المرحلة القادمة، والبناء على الزخم الكبير الذى ولدته قمة شرم الشيخ للسلام، واستغلال تلك الفرصة التاريخية الفريدة، التى وصفها الرئيس عبد الفتاح السيسى بأنها ربما تكون الأخيرة، للوصول إلى شرق أوسط خال من كل ما يهدد استقراره وتقدمه، وذلك على النحو التالي: أولا: البحث عن مظلة دولية لخطة الرئيس الأمريكى ترامب للسلام فى غزة عبر قرار من مجلس الأمن الدولي. لا شك أن قمة شرم الشيخ للسلام وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، وسط غطاء دولى واسع، منح الاتفاق شرعية عالمية بمشاركة أطراف أوروبية وعربية وإسلامية ودول ذات ثقل دولى من الجنوب العالمى مثل باكستان والهند وإندونيسيا. إلا أن القاهرة تسعى إلى أوسع من ذلك من أجل تثبيت اتفاق السلام فى غزة، بما يضمن مصالح الفلسطينيين والمنطقة، وإلزام إسرائيل بتنفيذ بنود الاتفاق دون مماطلة ومراوغة، وهو الأسلوب الذى تعهده طوال تاريخها، لاسيما خلال عدوانها الغاشم على القطاع لمدة عاميين متتاليين، حيث إعطاء شرعية دولية لاتفاق السلام فى غزة ربما يجنب المنطقة لتحولات خطيرة قد تحدث مستقبلا. ثانيا: الغطاء الأممى الذى تسعى القاهرة إلى توفيره للاتفاق من خلال استصدار قرار من مجلس الأمن، يشمل أى قوات دولية أو متعددة الجنسيات ستدخل قطاع غزة، ضمن خطة الرئيس ترامب، بحيث تكون تحت مظلة الأممالمتحدة وليس تحت رعاية أمريكية، والهدف هو ألا تعتبر هذه القوات قوة احتلال، بل قوة بتفويض أممى محدد المدة يخضع لتقييم مجلس الأمن، وذلك تجنبا لعدم تراجع إسرائيل والولاياتالمتحدة عن هذا الاتفاق لاحقا، لكون غياب هذه المرجعية سيجعل كل شيء خاضعا لما تريده إسرائيل ورئيس حكومتها اليمينية المتطرفة بنيامين نتنياهو، مثلما لم تلتزم إسرائيل باتفاق أوسلو الذى تم توقيعه قبل 30 عاما والذى نص على إقامة دولة فلسطينية مستقلة بعد 5 سنوات، وهو ما لم يحدث حتى اليوم. وتأتى خطوة إعطاء شرعية دولية لخطة الرئيس ترامب للسلام فى غزة من خلال مجلس الأمن، تنادى القاهرة إلى تحقيقها، فى ظل تغير لافت للإدارة الأمريكية بشأن وقف الحرب فى غزة، وهذا ما ظهر جليا فى تصريحات الرئيس ترامب فى قمة شرم الشيخ للسلام. من ناحية أخرى هناك أربعة دول من الأعضاء الدائمين الخمسة فى مجلس الأمن تعترف بدولة فلسطين وتؤيد حقوق الشعب الفلسطينى بشكل كامل. وقبل يومين من انعقاد قمة شرم الشيخ، شدد الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال اتصال هاتفى تلقاه من الرئيس القبرصى نيكوس كريستودوليدس، على ضرورة نشر قوات دولية فى قطاع غزة، وأهمية إعطاء شرعية دولية لاتفاق السلام فى غزة، من خلال مجلس الأمن. وفى تصريحات له مؤخرا، بشأن إمكانية مشاركة قوات عربية أو دولية فى غزة، أوضح د. بدر عبد العاطى وزير الخارجية، أن جزءاً من الاتفاق يتعلق بالترتيبات الأمنية، ونحن نعمل على مستويات مختلفة، وأشار إلى أن هناك فلسطينيين فى غزة سيتم تدريبهم ونشرهم داخل القطاع، وأن مصر بالتنسيق مع الأردن تعمل حالياً على تدريب نحو 5 آلاف فلسطينى ليكونوا ضمن القوة التى ستنتشر فى غزة. ونوه وزير الخارجية إلى أن مسألة نشر قوات دولية مطروح على الطاولة، وأن مصر تدعم هذه الفكرة، وهناك دول أبدت استعدادها لإرسال قوات للمساهمة على الأرض، وعلينا الآن العمل للذهاب إلى مجلس الأمن الدولى للحصول على تفويض رسمى وتحديد مهام هذه القوات. ولفت إلى أن مصر ستدعم وستلتزم بإرسال قوات ضمن معايير محددة، فى اطار تفويض من مجلس الأمن لتحديد المهمة التى ستكون لحفظ السلام فى القطاع. ثالثا: تلعب الدبلوماسية المصرية دوراً مركزياً واستراتيجياً فى إدارة عملية إعادة إعمار قطاع غزة بعد اتفاق شرم الشيخ للسلام، حيث تحرص مصر وتكثف من جهودها للانتقال السريع للمسار الإجرائى فى اتفاق حرب غزة، بالاعلان عن استضافتها لمؤتمر التعافى المبكر وإعادة الإعمار والتنمية الفترة المقبلة، بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة والشركاء الدوليين. فى ظل وجود اهتمام كبير من قبل العديد من الدول للمشاركة فى اعادة اعمار غزة، حيث أكد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى تصريحات له خلال كلمته فى الكنيست الاسرائيلي، أعتزام الولاياتالمتحدة أن تكون شريكا فى جهود إعادة إعمار غزة. كما أكد الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون، إن بلاده ستشارك فى مؤتمر موسع لإعادة إعمار غزة، من أجل ضمان أمن فلسطين وإسرائيل. فيما أبدى الاتحاد الاوروبى استعادة للمساهمة فى تنفيذ الخطة الشاملة لإنهاء الصراع فى غزة من خلال مجموعة متنوعة من الأدوات المتاحة ، والمساهمة فى استقرار غزة وإعادة إعمارها. وفى بيان له أشار برنامج الأممالمتحدة الإنمائى إلى أن تكلفة إعادة إعمار قطاع غزة تُقدر بنحو 70 مليار دولار، وأوضح إلى أن حجم الدمار فى القطاع غير مسبوق ويتطلب جهودا دولية ضخمة لإعادة بناء ما تهدم. ومن هذا المنطلق، بدأت مصر تحركاتها المكثفة بسلسلة جولات دقيقة ومتواصلة، انطلقت من الداخل الفلسطينى، شملت لقاءات متعددة، بهدف توحيد المواقف وتنسيق الرؤى حول أولويات إعادة الإعمار، ولم تقتصر هذه الجولات على التفاهمات النظرية، بل شملت وضع جدول زمنى واضح للمشروعات، وترتيب الأولويات بين الخدمات الإنسانية العاجلة، إضافة إلى التخطيط للمرحلة التنموية طويلة الأمد التى تهدف إلى خلق فرص عمل وتنشيط الاقتصاد المحلى.