منذ البداية كان هناك تفهم من كل الوسطاء بأن تنفيذ الالتزام من جانب المقاومة بتسليم جثث الرهائن الإسرائيليين سوف يستغرق وقتاً فى ظل الصعوبات العديدة أمام استخراج الجثث وتأمينها، ومع استمرار سيطرة الاحتلال على أكثر من نصف قطاع غزة حتى الآن. ورغم وصول أولى الدفعات من هذه الجثث تباعاً فقد أثار نتنياهو أزمة مفتعلة وسارع لإعادة استخراج أسلحته الفاسدة بالإعلان عن تأجيل إعادة افتتاح معبر رفح من الجانب الفلسطينى الذى مازالت تسيطر عليه قوات الاحتلال، كما أعلن عن عدم الالتزام من جانبه بالحد الأدنى للمساعدات التى تدخل يومياً للقطاع (600 شاحنة) وتخفيضها إلى النصف، ثم ليبدأ التراجع عن هذا القرار بعد ساعات قليلة، كاشفاً عن ارتباك الأداء الإسرائيلى فى مواجهة التطورات الأخيرة من جانب، وعن نوايا نتنياهو وحكومته التى لم تتغير والتى ترى أن مهمتها فى الحياة هى الانتقال من حرب إلى حرب ومن مذبحة لأخرى!! الأزمة المفتعلة وغيرها ليست غريبة على نتنياهو، وليست مفاجئة لكل الأطراف. الرجل يريد أن يقول: أنا مازلت موجوداً وقادراً على إفساد أى فرصة للسلام. يريد نتنياهو أن يقول لأنصاره وحلفائه إنه إذا كان قد اضطر للإقرار بأن الحرب انتهت، فإنه قادر على تكرار ما فعله مراراً وتكراراً مع اتفاقيات سابقة منذ أوسلو وحتى الآن وغداً(!!) ويريد نتنياهو أن يتصدى لمشاعر الإحباط عند فريقه الذى عاش على وهم «النصر المطلق» والذى يواجه الآن الاتهامات بالفشل والمطالبة بالحساب الذى سيكون بلا شك عسيراً للغاية!! يحاول مجرم الحرب نتنياهو أن يقول إن القرار مازال بيده.. لكنه يكشف عن المزيد من الضعف والارتباك، ويؤكد ما كان يعرفه العالم كله أنه المسئول الوحيد عن إغلاق المعابر، وأنه مازال مصراً على جريمته واستخدام التجويع سلاحاً حتى بعد الإقرار بانتهاء الحرب(!!) وأنه لم يكن يوماً مهموماً بإعادة الرهائن الأحياء حتى يدعى اليوم أنه سيعود للحرب لأن هناك تأخيراً فى استعادة جثث رهائن هو المسئول عن قتل معظمهم مع آلاف من الفلسطينيين حصدتهم حربه المجنونة التى لا يريد لها أن تتوقف!! نتنياهو كما هو ولن يتغير. لا يدرك أن إنهاء حرب الإبادة كان قرار العالم بأكمله، وأنه ، كما نصحه الحليف الأكبر الرئيس ترامب ، لن يستطيع أن يحارب العالم.. يعرف نتنياهو ذلك، لكنه يعرف أيضاً أن السقوط أليم، وأن الحساب سيكون عسيراً. ولا بأس من هذه المحاولات البائسة قبل السقوط الأخير!!