لا تعارض أغلبية الإسرائيليين خطة مجرم الحرب نتنياهو لارتكاب مجزرة جديدة فى مدينة غزة واحتلال ما تبقى من أرض القطاع لأنها أصبحت فجأة أكثر انسانية تجاه الفلسطينيين.. وإنما لأنهم يدركون أن نتنياهو يقودهم إلى كارثة غير مسبوقة كما قال زعماء المعارضة، ولأنهم يعرفون أن مخطط نتنياهو لا يعنى إلا موت الرهائن وقتل العديد من جنود الجيش المنهك والوقوف أمام عالم يدين بأكمله الشروع فى جريمة التهجير القسرى والاستمرار فى حرب الإبادة وانتهاك كل القوانين والقرارات الدولية. لكن نتنياهو يمضى فى طريقه رغم كل شىء، ومعه زعماء عصابات الإرهاب الصهيونى وفى مقدمتهم بن غفير وسيموتريتش، ومعه أيضا موقف أمريكى يخالف العالم كله يترك لإسرائيل (أو لنتنياهو بالتحديد) أن يقرر ماذا يفعل فى غزة (!!).. نتنياهو بالقطع يستهدف البقاء فى الحكم ولو كان الثمن كارثة لإسرائيل، لكنه أيضا - وربما قبل كل شىء- يريد أن يدخل تاريخ الصهيونية باعتباره الرجل الذى قتل «حل الدولتين» وقطع الطريق على أى احتمال لقيام دولة فلسطين المستقلة التى يرى العالم كله -ماعدا إسرائيل وأمريكا- أن قيامها مسألة وقت!! كان نتنياهو وحلفاؤه من زعماء وعصابات الإرهاب الصهيونى يرون أن عامين من حرب الإبادة فى غزة ومن التوحش الاستيطانى فى الضفة الغربية كافيان لجعل الدولة الفلسطينية هى الحلم المستحيل، ولإقناع العالم بأنه لا وجود لفلسطين (دولة أو شعباً) وأن خرائط نتنياهو هى مستقبل المنطقة الذى سيتحقق فقط بهيمنة إسرائيل وسلام ابراهام وتهجير الفلسطينيين وإغلاق ملف حل الدولتين للأبد!!.. لكن ما حدث كان العكس - العالم استفاق على حجم الجريمة الإسرائيلية النازية، والحق الفلسطينى فرض نفسه على عالم أصبح يشعر بالعار من الصمت أو التواطؤ على جرائم إسرائيل. لم يعد ممكنا خداع العالم. يتوهم مجرم الحرب نتنياهو أن تهديده بالمزيد من المذابح والإبادة والتهجير سيجبر دول العالم على التراجع عن اعترافها بفلسطين ودعمها لحل الدولتين. الإجابة الأوضح جاءت من دول أوربا الثمانى (إسبانيا وسلوڤينيا والبرتغال والنرويج ومالطا ولوكسمبورج وايرلندا وايسلندا) التى لم تكتف فى بيانها الأخير برفض مخططات إعادة احتلال غزة وتهجير أهلها، وإنما أكدت بحسم دعمها لدولة فلسطين المستقلة على كامل حدودها التى تضم الضفة وغزة والقدس الشرقيةالمحتلة كطريق وحيد للأمن والسلام فى المنطقة. هذا هو البيان الأوربى الأهم فى مواجهة نازية إسرائيل التى يقودها نتنياهو إلى «الكارثة» وبينما يعوى الإرهابى سيموتريتش صارخا: نحن نمحو الدولة الفلسطينية تجتاح المظاهرات إسرائيل تطلب النجاة من مصائد الموت التى مازال نتنياهو يحتمى بها هروبا من سقوط حتمى.. وحساب عسير!!