يدرك نتنياهو أنه قد يكون فى أسوأ موقف مر به فى حياته السياسية، وأن المعركة التى يخوضها الآن هى على الأرجح معركته السياسية الأخيرة. لكنه يعرف أيضًا أنه منذ اختار طريق الحرب بلا نهاية لا يملك إلا السير مع حلفائه من زعماء عصابات اليمين الإرهابى إلى النهاية التى كان يوهم جمهوره بأنها ستكون «النصر المطلق» قبل أن تدرك إسرائيل كلها الآن أنها سارت وراء مجرم الحرب بحثًا عن المستحيل!! يحاول نتنياهو رغم كل ما يواجهه أن يبدى شيئًا من مظاهر القوة ليطمئن حلفاءه ويمنع السقوط السريع لحكومته، يخضع للضغوط ويرسل وفدًا للتفاوض فى «الدوحة» لكنه كالعادة لا يمنحه أى سلطة لتفاوض حقيقى(!!) وفى نفس الوقت يصاحب زيارة ترامب لدول الخليج بتكثيف الضربات الجوية على غزة واستهداف المدنيين وقصف المستشفيات، والتأكيد على أن «توسيع» حرب الإبادة لا تراجع عنه، وأن «إنهاء الحرب» ليس مطروحا بالنسبة له حتى لو كانت هناك صفقة مقبولة لتبادل الأسرى، وأن غاية ما يقبله هو إيقاف القتال حتى يتسلم الرهائن ثم العودة لحرد الإبادة وحصار الجوع ومخطط التهجير!! يكرر نتنياهو نفس «اللعبة القذرة» التى مارسها على مدى عشرين شهرًا ولم يحصد منها إلا الفشل.. المزيد من القتل والدمار، ومحاولة كسب الوقت والمراوغة لإفشال أى محاولة للخروج من الأزمة، والترويج لأكذوبة «النصر المطلق» الذى أصبح الإسرائيليون جميعًا يخشون أن يتحول إلى «الهزيمة الكاملة» إذا استمر القرار فى قبضة مجرم الحرب نتنياهو وحلفائه من رموز الإرهاب الصهيونى وفى مقدمتهم سيموتريتش وبن غفير!! كان سلاح نتنياهو الأهم طوال حياته السياسية هو خبرته بدهاليز السياسة الأمريكية ونفوذه وسط اللوبى الصهيونى هناك. لكن أخطاءه الفادحة وجرائمه النازية ضد الفلسطينيين، وغطرسته فى التعامل مع الإدارة الأمريكية.. أوصلت العلاقات مع واشنطون إلى مفترق طرق. لا يستطيع نتنياهو أن يشكك فى انحياز ترامب وكل أركان إدارته لإسرائيل، ولا يستطيع أيضًا أن يطلب من أمريكا (خاصة مع رئاسة ترامب) أن تتخلى عن مصالحها للأبد من أجل نتنياهو الذى أصبح عبئًا على إسرائيل نفسها كما هو عبء على أمريكا!! لم يعد ممكنا كما هو واضح أن تستمر لعبة نتنياهو القذرة حتى الأبد، لكنه سيحاول، وسيقتل ويدمر، وسيلجأ للتسويف والمراوغة للهروب من الحقيقة ومن السجن!!.. السؤال ليس عن نتنياهو وإنما عن المدى الذى ستصل إليه إدارة ترامب فى البحث عن استقرار حقيقى يضمن مصالحها وينقذ إسرائيل من كارثة محققة على يد نتنياهو وتحالفه المشئوم. أسوأ الأخبار بالنسبة لنتنياهو أن اللوبى الصهيونى الأمريكى بكل نفوذه المالى والسياسى والإعلامى يتداول الآن أسماء المرشحين لخلافته !!