روح أكتوبر «3/3» فى مثل هذه الأيام منذ اثنين وخمسين عاما وطوال الفترة التى استغرقتها معارك العبور والنصر، منذ لحظة ميلادها فى الساعة الثانية من بعد ظهر السادس من أكتوبر 1973، مع انطلاق نسور الجو عابرين بطائراتهم القناة للقيام بالضربة الجوية المظفرة، إيذانا بنهوض المارد المصرى لتحرير الأرض واسترداد الكرامة،..، كانت أنظار العالم كله شرقه وغربه مركزة على مصر ترصد وتحلل. ورغم المفاجأة التى أذهلت الكل، نظرا لعدم التوقع بإمكانية نهوض مصر من عثرتها وهزيمتها قبل أعوام، إلا أن جميع أجهزة الرصد والتحليل العالمية سجلت باندهاش كبير القدرة المتعاظمة والتطور الكبير للجيش المصرى تخطيطا وأداء، والذى ظهر واضحا فى دقة التخطيط وكفاءة التنفيذ، خلال الاقتحام المفاجئ للمانع المائى والاستيلاء على خط بارليف المنيع، وتدمير مواقع ودشم العدو الحصينة شرق القناة. وفى الوقت ذاته الذى سجلت فيه مراكز المراقبة والرصد دقة وكفاءة العمليات العسكرية المصرية على جبهة القتال، والتى مكنت الجيش المصرى من تحقيق أهدافه فى العبور والنصر وتلقين الجيش الإسرائيلى درسا لا ينسى،..، كانت أيضا ترصد وتحلل مجريات الأمور وسير الأوضاع فى الداخل «أى على الجبهة الداخلية المصرية» فى القاهرة والمحافظات والمدن الأخرى بطول وعرض الوطن المصرى كله. وكان لافتا لانتباه الكل ذلك الهدوء المسيطر على سير الحياة فى مصر كلها دون استثناء، سواء فى أكبر وأضخم المدن وهى القاهرة والإسكندرية أو فى أصغر قرى مصر ونجوعها فى الصعيد أو الدلتا.. حيث كانت جميع الأمور الحياتية تسير بسلاسة تامة وغير عادية، مع حرص واضح من جميع المواطنين على التلاحم ومساعدة بعضهم بعضا. وكان لافتا وبقوة اختفاء كل صور التناحر أو الشد والجذب أو التعامل الخشن بين المواطنين، وعدم حدوث أزمة واحدة وغيبة الخلافات الشخصية والابتعاد عن المشاكل وكل صور التناحر أو الغضب بين المواطنين واختفاء كل مظاهر العنف الاجتماعى وغيبة كافة الجرائم العادية طوال أيام الحرب بطول البلاد وعرضها. وكان التفسير الوحيد الذى أجمع عليه الكل لهذا الذى يحدث فى مصر سواء فى خط القتال أو فى الداخل.. هو أن روح أكتوبر التى تملكت كل المصريين جعلتهم جميعا يسعون ويعملون لهدف واحد فقط، هو العبور والنصر وتحرير الأرض واستعادة الكرامة.. إنها «روح أكتوبر».