اختتمت قمة منظمة شنجهاي للتعاون 2025 في مدينة تيانجين الصينية بنجاح كبير بعد يومين من المباحثات المكثفة "31 أغسطس - 1 سبتمبر"، حيث جمعت أكثر من 20 زعيماً عالمياً ورؤساء 10 منظمات دولية على ضفاف نهر هايخه، كما مثلت هذه القمة أكبر تجمع تشهده المنظمة في تاريخها، وأكدت على نموذج فريد للتعاون الدولي يقوم على "الشراكة وليس التحالف" كبديل حقيقي لمنطق المواجهة والهيمنة الأحادية، وفقاً لصحيفة "جلوبال تايمز" الصينية. إعلان تيانجين يرسم خارطة طريق جديدة للأمن والتنمية توجت القمة بإصدار "إعلان تيانجين" الذي تضمن قرارات مهمة، أبرزها إنشاء أربعة مراكز جديدة للتصدي للتهديدات الأمنية والجريمة المنظمة العابرة للحدود لدول المنظمة، والموافقة على تأسيس بنك التنمية لمنظمة شنجهاي، وهذان القراران يعكسان التزام المنظمة بتوسيع نطاق التعاون ليشمل الأمن المشترك والتنمية الاقتصادية المستدامة. أكد الرئيس الصيني شي جين بينج خلال كلمته أمام القادة ضرورة معارضة "عقلية الحرب الباردة" والعمل على إقامة "تعددية قطبية متكافئة ومنظمة" للعالم، مشدداً على أهمية بناء "نظام حوكمة عالمي أكثر عدالة وإنصافاً". كما أعلن عن تقديم الصين مساعدات بقيمة 2 مليار يوان (280 مليون دولار) للدول الأعضاء هذا العام، إضافة إلى 10 مليارات يوان (1.4 مليار دولار) كقروض لكونسورتيوم مصرفي تابع للمنظمة. نموذج "الشراكة" يتحدى منطق التكتلات التقليدية تكمن القوة الحقيقية لمنظمة شنجهاي في تبنيها لمفهوم "الشراكة وليس التحالف، والحوار وليس المواجهة"، كما أوضحت "جلوبال تايمز". هذا النموذج الجديد للعلاقات الدولية يتجاوز الصراعات الحضارية وتفكير الحرب الباردة والألعاب صفرية المجموع، ويقدم مساراً شاملاً للتنمية متعددة الأطراف. يستند هذا النهج إلى "روح شنجهاي" التي تأسست على مبادئ الثقة المتبادلة والمنفعة المشتركة والمساواة والتشاور واحترام تنوع الحضارات. وقد ساهمت هذه المبادئ في نمو المنظمة من 6 أعضاء مؤسسين عام 2001 إلى عائلة كبيرة تضم 10 أعضاء ومراقبين و14 شريكاً في الحوار، لتصبح أكبر منظمة دولية إقليمية من حيث التغطية الجغرافية وعدد السكان. التطور من الأمن إلى التنمية الشاملة شهدت المنظمة تطوراً استراتيجياً من التعاون الأولي لمكافحة "القوى الثلاث" (الإرهاب والانفصالية والتطرف)، إلى نهج مزدوج يجمع بين التعاون الأمني والاقتصادي، وصولاً إلى التعاون في مجالات واسعة تشمل التجارة والاستثمار والطاقة والاقتصاد الرقمي والزراعة الحديثة والتنمية الخضراء. إنجازات ملموسة حققت المنظمة نتائج اقتصادية مؤثرة، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين والدول الأعضاء 890.3 مليار دولار في 2024، ما يمثل 14.4% من إجمالي التجارة الخارجية الصينية، حسب الإحصائيات التي نشرتها الصحيفة الصينية. وشملت الإنجازات العملية مشاريع متنوعة منها افتتاح ورش "لوبان" في كازاخستان، وترويج 6000 شتلة تفاح صينية في أوزبكستان، وإجراء أكثر من 2000 عملية جراحية للمياه البيضاء لمواطني دول المنظمة، وتوقيع مذكرة تفاهم حول "محطات طريق الحرير" لخدمة النقل العابر للحدود. تأتي هذه النجاحات في توقيت تاريخي يتزامن مع الذكرى الثمانين لتأسيس الأممالمتحدة، مما يؤكد التزام المنظمة بالتعددية الحقيقية كإجابة للتحديات العالمية المعاصرة.