اليوم: بناءً على طلب إنزاجي.. الهلال يبدأ المفاوضات مع سافيتش لتجديد تعاقده    كرة يد - يحيى خالد يسجل 9 أهداف بخسارة سان جيرمان.. وانتصار برشلونة في غياب الدرع    بمناسبة التأهل لكأس العالم.. تأجيل الجولة السابعة من الدوري القطري    تركيب القضبان والفلنكات.. شاهد معدلات تنفيذ القطار السريع    طائرة وزير الدفاع الأمريكي تهبط اضطراريا في بريطانيا    ألمانيا وأوكرانيا توقعان اتفاقية لتعزيز التعاون في مجال الدفاع    بلدية مدينة غزة: نعيش واقعا كارثيا ونحتاج جسرا إغاثيا عاجلا    مبعوث ترامب غير الرسمي في مفاوضات غزة «بشارة بحبح» ل« المصري اليوم»: ترتيبات السيسي ب «قمة شرم الشيخ» أعادت مصر للقيادة العربية (الحلقة 45)    عمرو موسى: قمة شرم الشيخ لحظة دقيقة ومرحلة إيجابية لإنهاء الحرب في غزة    ترشح 417 على المقاعد الفردية فى اليوم الأخير لتقديم الأوراق بانتخابات النواب    موعد صرف مرتبات شهر نوفمبر 2025    معرض باص وورلد أوروبا 2025 يشهد المزيد من المفاجآت والأرقام القياسية    الاتحاد السعودي يحسم مصير رينارد    أوسكار يجتمع مع حكام تقنية الفيديو بعد عودته من تشيلي    أحمد الجندى: هدفى ذهبية أولمبياد لوس أنجلوس.. وهذا سبب اعتذارى عن انتخابات الشمس    رياضة ½ الليل| هنا ملكة أفريقيا.. أول قائمة لتوروب.. سجن فينيسيوس.. وكواليس اجتماع الزمالك    مصرع مسجل خطر في تبادل النيران مع الشرطة بقنا    نجاة 3 أشخاص بعد سقوط سيارتهم في ترعة المريوطية وانتشالها بجهود الحماية المدنية    خشية الفضيحة.. تقتل رضيعتها وتلقيها في صندوق قمامة والمحكمة تعاقبها بالمشدد    السيطرة على حريق أتوبيس ركاب دون خسائر بشرية فى القناطر الخيرية    عمرو موسى: مصر تعاني من تحديات داخليا وخارجيا بسبب سوء إدارة الحكم ل70 عاما    اليوم.. آمال ماهر تفتتح مهرجان الموسيقى العربية على مسرح النافورة    تعرف على أسعار تذاكر زيارة المتحف المصرى الكبير بعد الافتتاح الرسمي للمصريين والسائحين    غادة عبد الرازق تعود بقوة في رمضان 2026 ب«عاليا»    أحدث ظهور.. سهر الصايغ في لحظات روحانية مؤثرة أثناء أداء العمرة    ليلى علوي رئيسا للجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة بمهرجان الجونة السينمائي    محافظة الإسماعيلية تستعد لإقامة لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    هيئة الدواء:أهمية التعاون بين الطبيب والصيدلي في ترشيد استخدام الدواء    طبيب قلب يوجه تحذير عاجل لمن هم فوق ال 40 عامًا    خبير تربوي يكشف أسباب التعدي على المعلمين وكيفية معالجته    ترامب يهدد بنقل مباريات كأس العالم من مدن أمريكية «غير آمنة»    تركيب القضبان والفلنكات بالخط الأول من شبكة القطار الكهربائى السريع..فيديو    رئيس هيئة الدواء: مصر تمتلك منظومة رقابية متكاملة تغطي صناعة وتوزيع الدواء    فتح باب الترشح للعمل بلجان مراقبة امتحانات الدبلومات الفنية بالمنيا والمحافظات    «قصور الثقافة» تشارك في معرض الأقصر الرابع للكتاب ب200 عنوان من أحدث إصداراتها    هل يجوز شراء شقة بنظام التمويل العقاري بقصد الاستثمار؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الألعاب الإلكترونية التي تدر أرباحًا مالية حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يوضح    حسين هريدي: القمة المصرية السودانية بحثت جهود وقف حرب السودان والتحضير لاجتماع واشنطن    ميسرة بكور: أوروبا تسعى لاستقلال أمنى عن واشنطن فى ظل التباعد عبر الأطلسى    الصحة العالمية: نموذج برنامج التطعيم الإجباري فى مصر يحُتذى به على مستوى العالم    «تجهز في 5 دقايق».. حضري طبق «السبانخ بالكريمة» وتمتتعي بالمذاق الشتوي (الطريقة والخطوات)    محافظ جنوب سيناء يبحث آليات البدء في تنفيذ مشروع محطة إنتاج الطاقة والهيدروجين الأخضر بمدينة الطور    بعد دعوته للانعقاد.. تعرف على الضوابط التنظيمية للجلسة الافتتاحية لمجلس الشيوخ    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا تدريبيًا توعويًا بمدرسة الجلاء الابتدائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    من قلب غزة: تحيا مصر.. ويحيا السيسى    صحة المنوفية تواصل استعداداتها للاعتماد من هيئة الاعتماد والرقابة    وزير العمل يلتقي رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر لتعزيز التعاون بالملفات المشتركة    شريف حلمي: الأكاديمية العربية شريك أساسي في إعداد كوادر مشروع الضبعة النووية    وزير المالية: تحسن أداء الاقتصاد المصرى خلال الربع الأول من 2025-2026    سلوك عدواني مرفوض.. «خطورة التنمر وآثاره» في ندوة توعوية ل«الأوقاف» بجامعة مطروح    إيفاد: الحلول القائمة على الطبيعة تحسن رطوبة التربة وتزيد كفاءة أنظمة الري    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    القومي لحقوق الإنسان يشارك في مؤتمر الحوكمة ب كيب تاون    ب 20 مليون جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    عاجل- مجلس الوزراء يشيد باتفاق شرم الشيخ للسلام ويؤكد دعم مصر لمسار التسوية في الشرق الأوسط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أرواح آيلة للسقوط| الحياة تحت رحمة «عرق خشب».. والمحليات بلا حلول
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 21 - 07 - 2025

شهدت الآونة الأخيرة تكرار حوادث انهيار العقارات في عدة مناطق، وتُعد مشكلة البيوت الآيلة للسقوط من القضايا الخطيرة التى تهدد أرواح المواطنين فى العديد من المناطق، خاصة في الأحياء القديمة والمناطق العشوائية، هذه المباني المتهالكة، التى لم تعد قادرة على مقاومة عوامل الزمن أو الظروف البيئية، تمثل قنابل موقوتة قد تنفجر فى أى لحظة، لتسقط معها أحلام سكانها وتُحوِّل حياتهم إلى مأساة، ورغم التحذيرات المتكررة والتقارير الهندسية التى تصدر بشأن خطورتها، فإن ضعف الإمكانيات المادية للسكان وتأخر إجراءات الإخلاء والصيانة يزيدان من تفاقم الأزمة، لتظل هذه البيوت شاهدًا على الإهمال ومصدر خطر دائم على المجتمع.
وترصد الأخبار فى جولة ميدانية، واقع البيوت الآيلة للسقوط فى أكثر من منطقة بالقاهرة، حيث كانت البداية من شبرا، التى تنتشر بها منازل متهالكة يرممها السكان بجهود بسيطة عُرفت بين الأهالي باسم «بعرق خشاب»؛ فى محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وفي السيدة زينب لا يختلف المشهد كثيرًا، فهنا أيضًا تتراص بيوت قديمة تآكلت جدرانها وتشققت حوائطها، بينما يقطنها الأهالى فى ظروف تفتقر إلى أبسط معايير الأمان.
أما في منطقة روض الفرج فتبدو الصورة أكثر خطورة، حيث تهدد المبانى المنهارة المارة والسكان على حد سواء، فى ظل غياب الحلول الجذرية وارتفاع تكاليف الترميم أو الإخلاء.
◄ الأهالي: ذكرياتنا كلها هنا ونحاول تنفيذ الإصلاحات البسيطة.. والملاك لا يهتمون
◄ حمدي عرفة: 121 ألف عقار مُهدد بالانهيار.. و3.2 مليون مخالفة تستدعي تعديل القوانين ومحاسبة الفاسدين
◄ زكي عباس: حصر شامل للعقارات الآيلة للسقوط خلال 3 أشهر.. وإنشاء وحدات سكنية بديلة آمنة
بدأت جولة «الأخبار» الميدانية من عقار رقم 113 بشارع خلوصي في شبرا مصر؛ مبنى قديم مُكوَّن من أربعة طوابق يضم عدة محال بالطابق الأرضي، يعتمد جزء من العقار وفق ما رصدته الجولة على دعامات خشبية مؤقتة يصفها الأهالى بعبارة متداولة: «واقف على عرق خشب»، في إشارة إلى الهشاشة الشديدة للحالة الإنشائية.
عند محاولة التحدث إلى أحد أصحاب المحال أسفل العقار، رفض الإدلاء بأى تصريح خوفًا من صدور قرار إزالة قد يطيح بمصدر رزقه.
■ محررة «الأخبار» مع إحدى الملاك
◄ وضع مأساوي
من جانبها، تقول أحلام يوسف، المقيمة فى شبرا منذ أكثر من 40 عامًا، إن العقار الذى تسكن بجواره ليس حالة فردية، بل يعكس وضعًا مأساويًا تعانى منه المنطقة كلها «فى أكتر من بيت حوالينا واقف على دعامات خشب علشان مايقعش، أنا بشترى من المحلات عادى ومابخافش، الدعامات دى بقالها أكتر من سنتين زى ما أنا شايفة، أغلب السكان فوق مش موجودين، لكن أصحاب المحلات لسه فاتحين».
وأضافت أحلام أن الوضع فى شبرا أصبح مصدر قلق للأهالي، خصوصًا فى فصل الشتاء «مع المطر والرياح بنعيش على أعصابنا، كلنا خايفين إن البيت يقع فجأة، فى بيوت هنا اتقفلت، وأصحابها مشوا لأنهم ماقدروش يعيشوا فى الخطر، لكن فى ناس غلابة مضطرين يكملوا».
وأشارت إلى أن بعض السكان حاولوا التواصل مع المسئولين أكثر من مرة، لكن الإجراءات بطيئة جدًا «بييجوا يكتبوا تقارير ويمشوا، لكن مفيش حلول حقيقية، ولا فى ترميم جاد ولا إزالة، وإحنا مش عارفين مصيرنا إيه».
وختمت حديثها قائلة: «إحنا متربيين هنا ومش سهل نسيب المكان البيت ده ليه ذكريات معانا، بس مش معنى كده إننا نموت تحت أنقاضه، نفسى يبقى فى خطة ترميم حقيقية قبل ما تحصل كوارث».
وفي السياق نفسه، أوضح على محمود، موظف وأحد سكان منطقة شبرا، أن هذه المشكلة قديمة ومتكررة «العمارات هنا قديمة جدًا، وفيه بيوت بيتم ترميمها على السريع علشان ماتتهدش، إحنا عايشين على أعصابنا كل يوم، والخوف إن أى بيت ينهار فجأة، خصوصًا فى الشتاء أو لما المطر ينزل».
◄ اقرأ أيضًا | مدبولي: إنشاء 60 ألف وحدة سكنية بديلة للمنازل الآيلة للسقوط بالإسكندرية
◄ شكاوى بلاجدوى
تقول سهام خميس، إحدى المقيمات في شبرا: «إحنا عايشين هنا واتولدنا فى المنطقة، المشكلة إن البيوت العمر الافتراضى لها انتهى من زمان، والبيت اللى وقع ماوقعش من فراغ، وهنشوف بيوت تانية هتقع لو مفيش حد تحرك».
وأضافت سهام أن الأهالى تقدموا بشكاوى أكثر من مرة للمسئولين، لكن الإجراءات بطيئة، مؤكدة: «كل اللى بيحصل إنهم بيكتبوا تقرير ويمشوا، لكن ولا فى إزالة ولا صيانة حقيقية، الناس اللى فوق سابت البيوت وهربت، واللى تحت فتحين المحلات علشان لقمة العيش».
يقول محمود عبد الستار، أحد سكان شبرا منذ طفولته: «فيه أكتر من بيت فى المنطقة واقف على عروق خشب علشان مايتهدش، وبيسموه ترميم، لكن الحقيقة إن ده مش حل، العيب فينا إحنا كمان، ما بنعالجش البيت ولا بنسيبه غير لما تحصل الكارثة».
وأشار محمود إلى أن الأهالى يتمسكون بالبقاء رغم الخطر، بسبب ارتباطهم بالمكان وصعوبة الانتقال إلى مناطق بديلة، مضيفًا: «إحنا اتربينا هنا ومش عايزين نسيب بيوتنا، لكن بنتمنى يبقى فيه حلول غير الهدم، زى ترميم حقيقى قبل ما تحصل كوارث، لو الوضع فضل كده، هنشوف بيوت تانية بتقع».
قالت اعتماد إنها تعيش فى منزلها بشارع شبرا منذ ما يقرب من 50 سنة، العقار مكوَّن من 4 طوابق، ومبنى منذ أكثر من 60 سنة، وتضيف: «هناك ارتباط روحى بينى وبين المكان، ولم أشعر يومًا أننى أريد أن أتركه، لكننى أتمنى ترميم المنزل بدلًا من «عروق الخشب» التى تسنده منذ عام».
◄ حكايات زمن فات
في قلب روض الفرج، تمتد شوارع ضيقة تتشابك فيها تفاصيل الحياة اليومية، حيث تكاد البيوت القديمة تلامس بعضها البعض من شدة التقارب، الجدران متشققة وألوان الطلاء باهتة، تحكى حكايات زمن مضى منذ عشرات السنين بين الأزقة المزدحمة بالمارة والبائعين، يطلّ عليك عبق التاريخ مختلطًا بصوت الباعة وأصوات الأطفال الذين يلعبون فى الطرقات رغم ضيق المساحة.
البيوت هنا بُنيت بطريقة عشوائية، بعضها مسنود بعروق خشبية، والبعض الآخر يحتاج إلى ترميم عاجل، ورغم ضيق الشوارع وصعوبة مرور السيارات، فإن روح المكان مازالت حية، وسكانه متشبثون به لما يتميز به من قربه من المواصلات والأسواق وكل الخدمات.
قالت الحاجة أم محمد من منطقة روض الفرج: «أنا عايشة فى روض الفرج من زمان، والبيوت هنا قديمة، لكن الناس عايشين فيها لأن المكان قديم ومترابط، السكان هنا مش بيساعدوا بعض فى الصيانة أو الترميم، وإحنا محتاجين حد حكيم يشجع الناس ويتعاونوا علشان نقدر نُرمِّم البيوت».
◄ عمر افتراضي
قال الحاج رضا، أحد سكان روض الفرج: «المكان ده إحنا بنيناه بإيدينا من سنين طويلة، وكل حاجة ليها عمر افتراضي، البيوت قديمة، لكن إحنا بنحافظ عليها من خلال عمل صيانة دورية للسباكة علشان نحمى البيت من مياه الصرف الصحي».
وأوضح الحاج رضا أن البيوت فى روض الفرج تحمل طابعًا خاصًا، حيث بُنى معظمها بأسلوب تقليدى قديم يعتمد على مواد بناء أقل جودة مقارنة بما يُستخدم اليوم، مما يجعلها أكثر عُرضة للتآكل والتصدع مع مرور الوقت، وأضاف: «إحنا عارفين إن البيت محتاج ترميم شامل، بس الإمكانيات مش بتسمح، كل أسرة هنا بتعمل اللى تقدر عليه، زى تغيير المواسير أو إصلاح الشروخ البسيطة، لكن ده مش حل طويل المدى».
وأشار إلى أن مياه الصرف الصحى تسهم بشكل كبير فى تدهور المباني، موضحًا: «لو حصل تسريب مياه فى الحيطان، الطوب بيضعف بسرعة وده خطر علينا، علشان كده بنهتم بالسباكة ونحاول نمنع أى تسرب».
وأكد أن سكان روض الفرج يتمنون تدخلًا حقيقيًا من الجهات المعنية قائلًا: «لو الدولة ساعدتنا بخطة ترميم أو قروض ميسرة، البيوت ممكن ترجع قوية وتعيش سنين تانية، إحنا مش عايزين نسيب المكان لأنه حياتنا كلها هنا، بس لازم نحافظ على سلامتنا».
وأضاف الحاج رضا: أن المنطقة لها تاريخ طويل وسكانها متجذرون فيها منذ عقود «إحنا اتربينا هنا وبيوتنا دى مش مجرد حيطان، دى فيها ذكريات عُمر، أفراحنا وأحزاننا، صحيح البيوت بقت قديمة ومتهالكة فى بعض الأماكن، لكن كل واحد بيحاول على قد ما يقدر يصلح حاجة أو يدعمها».
◄ إصلاحات بسيطة
وأشار إلى أن أغلب السكان يعتمدون على حلول بسيطة لتمديد عمر المباني، مثل إصلاح المواسير أو دعم الأسقف بأعمدة حديدية أو خشبية، «الإمكانيات محدودة، ومفيش حد يقدر يتحمل تكاليف ترميم كامل، لكن كل شوية بنصلح حاجة بسيطة علشان البيت ماينهارش علينا».
وأوضح أن روض الفرج تتميز بموقعها الاستراتيجى وقُربها من الأسواق والمواصلات، مما يجعل أهلها متمسكين بالبقاء، «المكان قريب من كل حاجة، ورغم المشاكل بنحب العِشرة هنا، نفسى الدولة تساعدنا بخطة ترميم، لأن فيه بيوت مش هتستحمل كتير لو فضل الوضع زى ما هو».
قال عم سيد، أحد سكان روض الفرج، أنا ساكن فى البيت ده من يوم ما اتجوزت من أكتر من 40 سنة، والبيت قديم جدًا وبقى محتاج ترميم كبير، إحنا بنحاول نعمل إصلاحات بسيطة زى السباكة والكهرباء على قد إمكانياتنا، لكن الحقيقة إن البيت محتاج تدخلًا من الدولة أو مساهمة من السكان كلهم علشان ما ينهارش زى بيوت كتير حوالينا».
قالت أم هشام، من سكان روض الفرج: «رغم إن البيوت هنا قديمة ومحتاجة ترميم، لكن بصراحة المنطقة ليها مميزات كتير إحنا قريبين من كل حاجة، المواصلات متوفرة فى أى وقت، والمستشفيات والمدارس والأسواق حوالينا حتى الشغل مش بعيد، أى مواصلة ممكن توصلك على طول، علشان كده الناس متمسكة بالمكان ومش عايزه تسيبه، لأنهم حاسين إن كل حاجة جنبهم، نفسى الدولة تهتم بالبيوت القديمة شوية، لو اتعملها ترميم وصيانة هتبقى المنطقة أجمل بكتير من دلوقتي».
◄ بناء عشوائي
محمد يوسف، من سكان منطقة روض الفرج، بدأ حديثه قائلًا: «أنا عمرى 30 سنة، وعايش هنا من زمان، روض الفرج اتبنت بشكل عشوائى من سنين طويلة، والمكان محتاج شغل كتير، سواء ترميم للبيوت أو تطوير للبنية التحتية فيه بيوت قديمة جدًا، أى هزة بسيطة ممكن تخليها تقع، إحنا بنحاول نصلح على قدنا، لكن ده مش كفاية، نفسى المسئولين يشوفوا حلًا حقيقيًا للمنطقة، سواء بدعم للترميم أو مشاريع إسكان جديدة، روض الفرج مكان حلو وقريب من كل حاجة، وحرام يفضل الوضع كده».
في منطقة السيدة زينب، تختلط رائحة التاريخ بروح الحياة الشعبية، فشوارعها القديمة وأزقتها الضيقة مازالت تحتفظ بمذاق الزمن الجميل البيوت هنا شاهدة على عقود طويلة من الأحداث، جدرانها متشققة وألوانها باهتة، لكنها تحكى قصص أجيال عاشت بين أركانها.
على الرغم من أن العديد من هذه البيوت يحتاج إلى ترميم، إلا أن سكانها متمسكون بالبقاء، فالمكان قريب من كل شيء، الأسواق، المساجد، المواصلات، وحتى قلب القاهرة وفى كل زاوية، تجد مقهى صغيرًا مليئًا بأحاديث الجيران، وأطفالًا يلعبون أمام الأبواب الخشبية القديمة.
قال الحاج علي، جزار بمنطقة السيدة زينب: «المكان هنا جميل ومافيهوش أى مشاكل يعنى إيه لو البيوت قديمة؟ هى لسه مسكة نفسها وقوية، البيت عندنا «عتائي» - زى ما بنقول - ولسه واقف زى الجبل، ماحصلش أى مشاكل فى بيوت السيدة، وكلنا عايشين بأمان، وبنحب نشكر الرئيس على المبادرات اللى بتقدم شقق سكنية للناس، وده حاجة كبيرة بتخلينا نحس إن فى حد بيفكر فينا».
◄ طابع خاص
وأضاف الحاج على أن الحياة بالسيدة زينب لا يمكن مقارنتها بأى مكان آخر، فالمكان له طابع خاص وروح أصيلة تظهر فى تعاملات أهله، وقال: «إحنا هنا كلنا أهل، حتى لو مش قريبين من بعض، كلنا بنسأل على بعض، والجيران واقفين جنب بعض وقت الشدة، البيوت القديمة دي، رغم إنها محتاجة ترميم، لكنها معمولة صح من زمان، أساساتها قوية وبتتحمل».
وأوضح أن المنطقة مليئة بالخدمات والأسواق، مما يجعل الحياة فيها أسهل وأقرب لكل احتياجات السكان، «كل حاجة جنبنا، الأسواق، المدارس، المواصلات، حتى المستشفيات عشان كده محدش من أهالى السيدة بيفكر يسيبها».
وأكد الحاج على أن سكان المنطقة يقدرون اهتمام الدولة بالمواطنين، مشددًا على أهمية مشروعات الإسكان الجديدة التى توفر شققًا بديلة وآمنة للأهالي، لكن دون أن تفقدهم روح المكان العريق.
وأضافت الحاجة ابتسام أن الحياة فى السيدة زينب مختلفة عن أى مكان آخر، فهناك روابط قوية بين السكان، والجيران يعرفون بعضهم جيدًا منذ عقود، مما يخلق شعورًا بالدفء والانتماء، وقالت: «إحنا اتولدنا هنا وكبرنا هنا، وكل شارع فى المنطقة فيه ذكرياتنا، البيوت رغم أنها قديمة، لكنها معمولة بطريقة زمان، والأساسات قوية، وعاشت عشرات السنين من غير ما يحصل لها مشاكل كبيرة».
وأكدت الحاجة ابتسام أن العديد من السكان يفضلون الترميم على الهدم، لأن هذه البيوت ليست مجرد جدران بل ذكريات وحياة كاملة، وقالت: «أنا مش ممكن أسيب البيت ده، ده بيتى اللى ربيت فيه أولادي وشوفت فيه أحلى أيام حياتي، لو فى دعم للترميم، أكيد هيبقى أحسن بدل ما نهده ونسيب المكان».
◄ تاريخ حي
وأوضح محمود أن حى السيدة زينب ليس مجرد مكان للسكن، بل هو تاريخ حى ينبض بالحياة، حيث تختلط رائحة الماضى العريق مع أصوات الباعة فى الشوارع وأجواء الأسواق الشعبية، وأضاف: «إحنا هنا مش بس ساكنين، إحنا عايشين حياة لها طابع خاص، البيوت قديمة، بس كل حجر فيها ليه حكاية وذكرى، رغم التهالك والشروخ اللى ممكن تشوفها على الجدران، الناس متمسكة بمنازلها لأنها شايفة إن الحى ده بيجمع بين دفء الجيرة وقرب كل حاجة من الأسواق والمواصلات».
وأشار محمود إلى أن الكثير من السكان يفضلون الصيانة بأنفسهم بقدر استطاعتهم، بدلًا من ترك بيوتهم، وقال: «حتى لو البيوت عايزه ترميم كبير، إحنا مستحيل نسيب المكان هنا فيه روحانيات وأماكن مقدسة زى مسجد السيدة زينب، والجو الشعبى اللى بيخلى أى حد يحس إنه فى بيته».
وطالب محمود بزيادة اهتمام الدولة بترميم هذه البيوت بدلًا من هدمها، حفاظًا على تاريخ الحى وسلامة سكانه.
قالت أحلام مبروك، من منطقة السيدة زينب، إنها سعيدة بحلول الدولة والاهتمام بالعقارات القديمة التى أصبحت تهدد حياة بعض السكان، مضيفة: «البيت هنا ورثته عن جدي، ومبنى منذ أكثر من 70 عامًا، ورغم قدمه إلا أننا متمسكون به لأنه يحمل ذكريات العائلة».
◄ ذكرياتي هنا
قالت خديجة محمود، المقيمة بمنطقة السيدة زينب، إنها تعيش منذ سنوات طويلة في عقار قديم بنظام الإيجار القديم، موضحة أن معظم عقارات الحى تخضع لنفس النظام الذى جعل العلاقة بين الملاك والمستأجرين مليئة بالمشكلات، وأشارت إلى أن مالك العقار الذى تسكن فيه يتعمد إهمال ترميم المبنى، بل يرفض حتى السماح للمستأجرين بترميم أى جزء من العقار على نفقاتهم الخاصة، فى محاولة لإخراجهم من منازلهم، مُستغلًا حالة التهالك التى أصابت البناء مع مرور الزمن.
وأضافت خديجة: «البيت ده أنا ساكنة فيه من وأنا صغيرة، وكل ذكرياتى فيه، إحنا بنحاول نعمل إصلاحات بسيطة، لكن المالك بيوقفنا، وبيقول إن أى ترميم لازم بإذنه، وفى الآخر ما بيوافقش إحنا بقينا عايشين على أعصابنا، خايفين من أى شروخ أو تساقط بالجدران، خصوصًا فى الشتاء لما المطر بينزل».
◄ أولوية قصوى
قال النائب زكى عباس عبد الظاهر، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن ملف العقارات الآيلة للسقوط يحظى بأولوية قصوى داخل أروقة المجلس، نظرًا لارتباطه المباشر بحياة المواطنين وسلامتهم، وأكد أن المجلس أقرَّ مؤخرًا تشريعًا جديدًا يُلزم كل محافظ إقليمى بحصر جميع المبانى والعقارات الآيلة للسقوط فى نِطاق محافظته خلال مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، مع إمكانية مد المهلة لفترة إضافية وفقًا لضوابط محددة، وذلك لضمان حصر دقيق لكل العقارات المهددة بالانهيار.
وأضاف أن محافظة الإسكندرية تُعد من أكثر المحافظات التى تواجه خطر انهيار العقارات، بسبب قِدم المبانى وطبيعة المناخ الساحلى والرطوبة وملوحة الهواء، ما يؤدى إلى تآكل الهياكل الإنشائية مع مرور الوقت، وتليها محافظة القاهرة التى تضم عددًا كبيرًا من المبانى القديمة التى شُيدت منذ عقود طويلة، بعضها بشكل عشوائى ودون مراعاة لمعايير الأمان، وأشار إلى أن هذه الظاهرة لا تقتصر على العاصمة والإسكندرية فقط، بل تمتد لتشمل العديد من المحافظات الأخرى التى تعانى من مشكلات مماثلة، خاصة فى القرى والمناطق الشعبية.
وأكد النائب زكي عباس أن رئيس الجمهورية يتابع هذا الملف شخصيًا حفاظًا على أرواح المواطنين، وقد أصدر توجيهات واضحة للحكومة باتخاذ خطوات عاجلة للحد من حوادث الانهيار، كما أوضح أن رئيس مجلس الوزراء كَلَّف وزير الإسكان بإعداد برنامج شامل لمعالجة أوضاع هذه العقارات، يتضمن إنشاء وحدات سكنية آمنة وطرحها بنُظم تمويل مُيسَّرة للمواطنين، إلى جانب وضع خطط لإعادة تأهيل بعض المبانى التى يمكن ترميمها.
◄ رفع كفاءة المحليات
وأشار إلى ضرورة وجود آلية تعاون بين الوزارات والمحافظات لتسريع وتيرة التنفيذ، بالإضافة إلى رفع كفاءة الإدارات المحلية فى التعامل مع تقارير السلامة الإنشائية، وختم بقوله: «ما يحدث الآن بداية لمرحلة جديدة من المواجهة الحقيقية لهذه الأزمة، فالمواطن المصرى له الحق فى السكن الآمن والعيش بكرامة».
أكد د.محمد نجيب أبو زيد، أستاذ هندسة التشييد بالجامعة الأمريكية وعضو معهد الخرسانة الأمريكي، أن ترميم المنازل القديمة لا يهدف فقط إلى الحفاظ على السلامة الإنشائية، بل يمثل أيضًا ضرورة للحفاظ على التراث المعمارى والحضاري، مشيرًا إلى أن كثيرًا من تلك المبانى تُعد رموزًا يجب حمايتها رغم ما قد تعانيه من ضعف أو تهالك.
ودعا المواطنين إلى الإبلاغ عن أى شروخ تتفاقم بمرور الوقت، وحَذَّر من إجراء إصلاحات فردية دون إشراف هندسى مختص، مؤكدًا خطورة البقاء داخل العقارات المهددة بالسقوط بعد صدور قرارات الإخلاء.
◄ عروق الخشب فَعَّالة
وعن استخدام العروق الخشبية، قال إنها ما زالت فَعَّالة وتُستخدم بجانب مواد مثل الكتان والدير فى أحياء مثل شارع المعز والحسين، مُضيفًا أن الحديد والخرسانة ليست دائمًا الخيار الأفضل فى الترميم،، إلا عند الضرورة.
من جانبه أكد الدكتور حمدي عرفة، أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية وخبير استشارى البلديات الدولية عن إعداد المبانى الآيلة للسقوط فى أى لحظة فى ال 27 محافظة وعدد العقارات المخالفه بها، مؤكدًا ضرورة أن تتم مناقشة ملف انهيار العقارات بالقوانين والتوصيات العلمية والتطبيقية فى ظل تزايد الوفيات وصمت البلديات.
وطالب د.حمدي عرفة، جميع المحافظين بفتح ملفات المسكوت عنها داخل الإدارت الهندسية المسئولة عن تراخيص البناء فى الإدارات المحلية، موضحًا أن هناك 3.240 مليون عقار مخالف خلال 9 سنوات، و1.900 مليون حالة تعدٍ على الأراضى الزراعية وهى إحصائيات رسمية صادرة من وزارة الزراعة والتنمية المحلية معًا.
وتابع أن المركز القومى للبناء، أكد وجود 121 ألف عقار فى خطر، متوقع انهيارها فى أى لحظة، كما أكد الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن عدد العقارات الآيلة للسقوط بلغت 98 ألف عقار فى المحافظات، موضحًا أن وجود المحافظين بجوار العقارات المنهارة بعد كل حادث انهيار لن يحل أزمة 98 ألف عقار آيل للسقوط فى أى لحظة، مطالبًا بإيقاف نقل وإلغاء ندب حملة الدبلومات (صنايع وتجارة) للعمل بالإدارات الهندسية فى الإدارات المحلية.
◄ سوء إدارة المحافظات للملف
وأكد د.حمدى عرفة، سوء ادارة ملف إداراة العقارات المخالفة من قبل أغلبيه المحافظين وأغلبية العاملين بالمحليات فى المحافظات المختلفة، حيث أثر ملف تراخيص البناء من حيث البيروقراطية بطريقه واضحة على زيادة المبانى المخالفة وانهيار العقارات وارتفاع الأدوار المخالفة للعقارات، حيث أشار إلى وجود علاقة قوية جدًا بين ملف البناء المخالف وزيادة العشوائيات، معبرًا عن تحمل مسئولية الأغلبية العظمى من قيادات الإدارات المحلية بالمحافظات لزيادة البناء المخالف بسبب عدم فهم الملف إداريًا وقانونيًا وعدم وجود متابعة دقيقة وفَعَّالة.
وأضاف أنه يجب تعديل قانون البناء المُوحد رقم 119 لسنة 2008م، والذى يزيد من حدة العقارات المخالفة بطريقة غير مباشرة، فضلًا عن أن القانون يؤدى إلى تدهور التخطيط العمرانى فى البلاد، حيث وصل إجمالى المخالفات إلى 3.240 مليون عقار مخالف فى 27 محافظة بعد ثورة يناير، فضلًا عن أنه مطلوب من المحافظين الجُدد تطهير الأحياء والمدن والمراكز والوحدات القروية من بعض الفاسدين فى الإدارات الهندسية وإلغاء ندب الحاصلين على المؤهلات المتوسطة كمرحلة مؤقتة إلى حين نقل الإدارات الهندسية إلى وزارة الإسكان.
وتابع عرفة بقولة: وللخروج من الأزمة يجب أيضًا تعديل قانون الادارة المحلية رقم 43 لسنة 1979م لوجود مواد مشتركة بين وزارة التنمية المحلية ووزارة الاسكان تتعلق بصفة مباشرة بمشكلة العشوائيات والبناء المخالف، وهو مالم تفعله وزارة الاسكان حتى الآن، ولابد من سرعة تعديل قانون المجتمعات العمرانية رقم 58 لسنة 1979م الذى له علاقة مباشرة بتقسيم المحافظات الجديد، والذى يؤدى إلى انخفاض عدد المناطق العشوائية التى تتزايد يومًا بعد يوم، فلا يعقل أن يتم العمل بقانون أكثر من 44 عامًا حتى الآن، ولابد من سرعة نقل جميع الإدارات الهندسية التابعة ل 184 مركزًا و92 حيًا و1211 وحدة محلية قروية و214 مدينة تتبع الإدارات المحلية إلى مديريات الاسكان المنتشرة بالمحافظات البالغ عددها 27 محافظة لأنها هى المختصة، حيث إن عدد المهندسين فى تلك الإدارات لا يتعدى 8% والباقى هم من حَملة دبلوات تجارة وصنايع.
◄ قانون البناء
ويوضح الدكتور أحمد مهران، المحامى بالنقض، أن قانون البناء أوجب التزامًا مباشرًا على مُلاك العقارات والمُستأجرين واتحادات الشاغلين تجاه المبانى الآيلة للسقوط أو المحتاجة للترميم والصيانة، وليس مجرد توصية اختيارية.. ويشير إلى أن المادة (93) تنص - دون إخلال بباقى أحكام القانون - على وجوب مبادرة المالك أو الشاغلين أو اتحاد الشاغلين، بحسب الأحوال، إلى تنفيذ القرار النهائى الصادر عن اللجنة المختصة بشأن المبنى (سواء كان قرارًا بالترميم أو التدعيم أو الهدم الجزئي) خلال المدة المحددة، فإذا امتنعوا، جاز للجهة الإدارية المختصة بالتخطيط والتنظيم أن تتعاقد مع شركات متخصصة لتنفيذ الأعمال على نفقة صاحب الشأن، وتسترد التكلفة وجميع المصروفات بطريق الحجز الإداري.
◄ الإخلاء المؤقت وحق العودة
ويشرح أن القانون عالج سيناريو الإخلاء المؤقت فإذا استلزمت أعمال الترميم أو الصيانة أو الهدم الجزئى إخلاء المبنى، يُحرَّر محضر إدارى بأسماء الشاغلين الفعليين، وتُخطِرهم الجهة الإدارية بمهلة للإخلاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.