هناك إهمال كبير فى صيانة هذه العقارات، فالمالك لا يستطيع صيانتها بسبب تدنى الإيجارات، ورفض المستأجرين فى أغلب الاحوال تحمل نفقات الصيانة لعقار لا يملكونه مأزق حقيقى تسببت فيه معارضة المستأجرين لمشروع قانون الإيجار القديم، فهل تؤثرالحكومة السلامة، وتعيد المشروع للأدراج كما فعلت حكومات سابقة، وهل يبقى الأمر كما هو عليه ونغطى جرحا مفتوحا منذ أكثر من 70 سنة. الخبراء يؤكدون أن الأمر هذه المرة مختلف وأن تأجيل المواجهة بحجة الحفاظ على السلم الاجتماعى لم يعد ممكنا بعد حكم المحكمة الدستورية العليا الذى صدر لأول مرة لصالح الملاك. ففى نوفمبر 2024 صدر حكم تاريخى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادتين الأولى والثانية فى قانون الإيجار القديم الصادر فى عام 1981، والتى تضمنت ثبات القيم الإيجارية السنوية للأماكن المرخص إقامتها لأغراض سكنية، استنادا لأن العقودالقديمة كانت تحدد الإيجار بمبالغ رمزية، وتسمح بالتجديد التلقائى وبالتوريث، ودعت المحكمة مجلس النواب إلى تعديلها قبل انتهاء الفصل التشريعى الحالى. وهو ما دعا رئيس لجنة الاسكان بمجلس النواب ليؤكد إن الوضع هذه المرة مختلف، وأن عدم إصدار قانون الإيجار القديم يهدد بطرد الملايين من سكان هذه الوحدات، لأن الملاك سيلجأون لرفع دعاوى قضائية على المستأجرين، لرفع القيمة الإيجارية بسعر السوق الحالي، تنفيذا لحكم المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن وهذا هو ما سيهدد السلم الاجتماعى، وليس العكس. والحقيقة أننا لابد أن نعترف أن التعديلات أيا كانت لن ترضى المستأجر الذى لا يمكن أن يقبل ترك شقة مميزة فى الموقع والمساحة وبجنيهات قليلة شهريا، وخاصة إذا كان من محدودى الدخل، وليس أمامه مسكن بديل، فى ظل ظروف اقتصادية صعبة وارتفاع رهيب فى اسعار الشقق. وفى إطار النظرة العادلة فإن الملاك أيضا فى أزمة، يرون المستأجر يتوارث شققهم جيلا بعد جيل، وهم فى المقابل لا يستطيعون الاستفادة بميراثهم العقارى. ومن جانب آخر فهناك إهمال كبير فى صيانة هذه العقارات، فالمالك لا يستطيع صيانتها بسبب تدنى الإيجارات، ورفض المستأجرين فى أغلب الاحوال تحمل نفقات الصيانة لعقار لا يملكونه، وهو ما أدى لتدهور حال المبانى القديمة وخطورتها، وأدى ايضا لتدهور القيمة السوقية لهذه العقارات لانصراف المستثمرين عنها. والسؤال الآن إذا كانت المشكلة الاساسية فى اخلاء الوحدات السكنية باعتبار السكن هو المأوى، وأن إخلاء يعنى طرد السكان وتشريدهم، فلماذا لا تبدأ الحكومة بتطبيق القانون وفورا على الوحدات التجارية والادارية، ولماذا لم تنفذ الحكومة قرار اخلاء الوحدات التجارية للشخصيات الاعتبارية والذى صدر منذ سنوات. أعتقد أن الحكومة يجب أن تبدأ بالأماكن التجارية، ويكفى ستة شهور للاخلاء الفورى، وتسليم الشقق للملاك فالمحل او المكتب ليس مأوى واخلاؤه خلال ستة شهور حل عادل جدا، وبالنسبة للوحدات السكنية يتم حاليا تنفيذ زيادة إيجارية مناسبة، مع اعطاء الفرصة للبحث عن حل للمشكلة، وهو حل يجب أن تساهم فيه الدولة بتوفير امتيازات وتسهيلات ودعم حقيقى لتوفير شقق إيجار بديلة من وحدات الدولة، بإيجارات مناسبة، مع عقود تجدد سنويا. اعتقد ان هدا الحل سيعطى بعض الحقوق للملاك ويتيح لهم الاستفادة العادلة بجزء من املاكهم، ويعطى فرصة زمنية لاعادة دراسة وضع الشقق السكنية والبحث عن مخرج اقرب للعدل، وهو ما يمكن ان يتقبله المالك فى حال حصوله على بعض حقوقه نتيجة اخلاء الوحدات التجارية.