ولاية ريفية هادئة تتسم ببساطة المعيشة وسلام سكانها، تخلو نصف مساحة أراضي ولاية «ماين» الأمريكية من المباني السكنية لينعم سكانها بالمساحات الخضراء والمناظر الرائعة، كانت تشتهر دومًا بأدنى معدلات الجريمة في البلاد، وصنفتها مجلات الجريمة والتقارير العالمية كأكثر الولايات أمانًا للعيش، وايضا الأولى في قائمة انخفاض جرائم العنف وسرقة واقتحام الممتلكات. انقلبت الامور تمامًا لتدفع الجهات الامنية إلى دق ناقوس الخطر ولفت الانتباه نحو ولايات ماين وغيرها من الولايات والمدن الريفية الهادئة لتؤكد أن الجريمة المرتبطة بالمخدرات تضرب الولايات الريفية بشدة بينما يكافح قادة الشرطة لإيجاد حل لتلك الكوارث المتعاقبة، يشير رؤساء شرطة ولاية ماين إلى أن 90% من الجرائم التي يستجيب لها الضباط «لها صلة بالمخدرات»، بل وأصبحت ولاية ماين مركز توزيع بالجملة لتجار المخدرات في شمال شرق البلاد، مما أدى إلى انتشار الجريمة في الولاية الريفية التي كانت هادئة. مركز توزيع توالت تصريحات كريس مارتن، قائد شرطة بروير في ولاية ماين ليؤكد؛ أن الولاية التي تشتهر بساحلها الهادئ وأشجارها الخلابة، أصبحت تدريجيًا مكتظة بالمخدرات والحبوب غير المشروعة مع تزايد انتشار العصابات وتمركز وجودها في عدة مناطق بالولاية، ويضيف كريس مارتن الذي يشغل منصب مدير السلامة العامة في المدينة: «ما شهدناه في السنوات الأربع الماضية، وتحديدا منذ ذلك الحين، هو أن منطقتنا تحولت إلى مركز توزيع شديد الخطورة، لدينا كميات هائلة من الفنتانيل والميثامفيتامين والكوكايين، وهذا تحول جذري في السوق لم نشهده قبل 10 أو 20 عامًا، لذا ازداد العرض والطلب بسرعة هائلة». يؤكد المسئولون الامنيون؛ أن ازدياد المخدرات غير المشروعة أدى أيضًا إلى ارتفاع معدلات الجريمة بشكل ملحوظ، لأن شراء المخدرات واستهلاكها مكلف للغاية، وبالتالي يلجأ المتعاطون إلى الجريمة لتمويل إدمانهم، والاخطر من ذلك هو استهداف الاطفال ممن يستغلهم مهربو المخدرات لتكوين شبكات توزيع مخدرات دون أن يشتبه بهم احد. جرائم المدمنين يستكمل رئيس شرطة بولاية ماين تحذيراته بالأدلة قائلا: «إدمان المخدرات يسبب الجريمة، ويرتبط بها ارتباطا وثيقًا، وإذا كنت تعاني من إدمان يكلفك 200 أو 300 دولار يوميًا، وخاصة إذا كان مسكن أفيوني مثل الفنتانيل، فلن يزول أثره ولو ليوم واحد، إذا لم يكن لديك المخدر سيصاب المدمن بمعاناة تامة، ومن سيمنحه 300 دولار يوميًا ولذلك لا مفر من ارتكابه الجرائم لإيجاد المصاريف اليومية الخاصة به، هذه الجرائم تشمل السرقة والاتجار بالبشر والسطو وبيع المخدرات، وأضاف أن حوالي 90% من الجرائم التي يتعامل معها ضباطه لها صلة بالمخدرات». أصبحت الولاية الريفية تشهد تواجدًا هائلا للجريمة المنظمة لتتشابه مع عصابات الشوارع من نيويورك وماساتشوستس وكونيتيكت، وتشكل تلك الامور أزمة عارمة لتتسبب في دعم اقتصاد المخدرات، وبالفعل تحولت شوارع الولاية إلى حالة مذرية لتمتلئ بالمشردين ممن يلتقطون الحقن وراء بعضهم البعض، ويترنحون في الشوارع بعد تعاطي جرعاتهم. استغلال وقتل تحمل سجلات الجريمة في ولاية ماين عدد هائل من الجرائم التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمخدرات، ليعلق مسئولو الولاية بأنهم لم يشهدوا أبدا مثل ما يشهدونه مؤخرًا في ولاية ماين، وفي مدينة بانجور، لقى ديلان كاروسو البالغ من العمر 27 عامًا مصرعه بالرصاص بسبب 600 دولار مستحقة لرجل آخر مقابل المخدرات في عام 2024، ومنذ اسبوع ألقت السلطات القبض على شخصين في ديكسفيلد بحوزتهما كمية هائلة من الكوكايين، وكذلك الفنتانيل، ومجموعة متنوعة من الكبسولات والأقراص مجهولة الهوية، وثلاثة أسلحة نارية محشوة، وآلاف الدولارات من عائدات المخدرات. في واقعة اخرى أٌلقي القبض على قاتل مُدان يدعى سايروس جريفين، وُجدت بحوزته أسلحة نارية ومخدرات، وقالت حاكمة ولاية ماين الديمقراطية جانيت ميلز؛ إن الفنتانيل مسئول عن 80% من جميع الوفيات الناجمة عن المخدرات في جميع أنحاء الولاية. مواجهة الازمة انقسم المشرعون في الولاية بشأن كيفية مواجهة وباء المخدرات غير المشروعة، ومنذ عامين تقريبًا اقترح السيناتور الجمهوري براد فارين، الذي فقد ابنته البالغة من العمر 26 عامًا بسبب جرعة زائدة من المخدرات، مشروع قانون يدعم إعادة تصنيف الإتجار بالفنتانيل إلى جناية من الدرجة الأولى، إلا أن اقتراحه ومشروع القانون قوبل بالرفض بسبب رفض الديمقراطيين وهم الغالبية العظمى من أصوات النواب. تصدر الازمة بوبي تشارلز، المرشح الجمهوري لمنصب حاكم ولاية ماين، حيث عمل ضمن إدارة بوش السابقة كمساعد لوزير الخارجية لشئون المخدرات الدولية وإنفاذ القانون، ويصر على تفعيل قوانين صارمة لمواجهة الازمة كما يتهم الديمقراطيين في جميع أنحاء الولاية وميلز بإعاقة وعدم تفعيل القوانين للحد من تدفق المخدرات غير المشروعة إلى ولاية ماين، وهو ما يتسبب في تحويل ولاية ماين إلى نموذج لمدينة شيكاغو أو بادلاندز فيلادلفيا وهو امر لن يقبله السكان. يعلق تشارليز على الازمة قائلا: «لم نشهد مثل وباء المخدرات في الولاية ويتطلب الامر أن نكون أكثر جدية في مواجهة هذا الوباء، في السنوات الماضية كنت اشهد حوالي خمس حالات وفاة نتيجة جرعات زائدة في الولاية بأكملها، وفي العام الماضي، شهدت هذه الولاية 10 آلاف حالة جرعات زائدة، أتجول بين سكان الولاية فيهمس الكثير له انهم فقدوا ابنائهم بسبب الفنتانيل، انه دمار وامر غير اخلاقي يجب ايقافه سريعا». اقرأ أيضا: تحت النار.. السجون الفرنسية في مواجهة انتقام تجار المخدرات