قبل أيام من إحياء ذكرى تأسيس الكيان الإسرائيلى فى 14 مايو الجارى، مرت أول 100 يوم على تنصيب ترامب رئيسًا للولايات المتحدة. وينطوى القاسم المشترك بين الحدثين على مراجعات، تعيد إسرائيل من خلالهما قراءة موقعها فى ظل ولاية الرئيس الجمهورى. عندما عاد ترامب إلى البيت الأبيض، عوَّلت إسرائيل كثيرًا على قدوم صديق حقيقى بعد أربع سنوات معقدة مع إدارة بايدن، وتوقع المراقبون فى تل أبيب حقبة جديدة من التقارب ومتانة العلاقات، لكن خيبة الأمل لم تبرح مكانها بمرور الأيام، وأصبح الأمر أكثر وضوحًا، بحسب الكاتب الإسرائيلى إيتمار آيخنر، حين أثبت الواقع أن ترامب ليس الشخص الذى توقعته إسرائيل، سواء فيما يخص الدعم غير المشروط، أو الإجراءات الاقتصادية الأمريكية التى لم تضع المصالح الإسرائيلية فى الحسبان. اقرأ أيضًا | مكتب نتنياهو: التقارير حول رفض إسرائيل للمقترح المصري لا أساس لها من الصحة بمنظور إسرائيلى، تنحصر أهم إنجازات الرئيس ترامب فى خطواته قبل أداء اليمين الدستورية، وتمثلت فى الضغط على حماس وبنيامين نتنياهو من خلال المبعوث الخاص ستيف ويتكوف، واعتبار المراقبين فى تل أبيب ذلك بمثابة إبرام صفقة لإطلاق سراح الرهائن قبل يوم واحد فقط من تنصيب ترامب فى 19 يناير الماضى. لكن الاتفاق انهار منذ ذلك الحين، ولم تنطو الإنذارات التى مررها ترامب إلى حماس على فائدة، وذهب التهديد بفتح «أبواب الجحيم» أدراج الرياح. باستثناء الضوء الأخضر الذى تحصَّلت عليه إسرائيل من ترامب لاستئناف الحرب على قطاع غزة، وفك جمود تصدير شحنات الأسلحة، الذى فرضته إدارة بايدن على قنابل ثقيلة بوزن 900 كيلوجرام، والجرافات من طراز D9 اللازمة لكشف مواقع القنابل، توقفت خطوات الرئيس الجمهورى الداعمة لحكومة إسرائيل. وبحسب تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، كانت آمال إسرائيل المنعقدة على ترامب تفوق كل توقع، لا سيما مع وصول التنسيق بين الرجلين إلى مستوى غير مسبوق حتى قبل إجراء انتخابات الرئاسة. لكن رياح ترامب غير مأمونة الاتجاهات عاندت شراع تل أبيب، فلم تنجُ تل أبيب من فرض الرسوم الجمركية الأمريكية، وعاد نتنياهو من اجتماعه السريع مع ترامب فى البيت الأبيض وهو يجر أذناب الخيبة، ولهجة حاسمة من قاطن المكتب البيضاوى، تؤكد أن «إسرائيل تتلقى بالفعل مساعدات سنوية غير مسبوقة من الولاياتالمتحدة»، أو بعبارة أخرى قال ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلى: «قل شكرًا على ما تتلقاه ولا تطلب مزيداً من المميزات». وفى مجال السياسة الخارجية، أعرب نتنياهو أيضًا عن قلقه على خلفية المفاوضات الأمريكية مع إيران، وتخلى البيت الأبيض عن تبنى الخيار العسكرى فى التعامل مع الدولة الفارسية. ورغم أن إسرائيل كانت على علم بنوايا ترامب، إلا أنها فوجئت بسرعة اتخاذ القرار، لا سيما بعد تصميم صاحبه على فتح قنوات دبلوماسية مباشرة بين واشنطن وطهران. ووفقًا لصحيفة « نيويورك تايمز»، نجح ترامب فى منع خطة إسرائيلية للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية بالتعاون مع الجيش الأمريكى، وأشارت الصحيفة إلى أن تفعيل الخطة كان مقررًا فى وقت مبكر من شهر مايو الجارى. لم تدرك إسرائيل، وربما غضَّت الطرف عن موقف ترامب من الملف النووى الإيرانى خلال فترة رئاسته الأولى، فالرجل رفض بشكل قاطع أحادية الخطوة العسكرية الأمريكية ضد إيران، مستبعدًا تعاون إسرائيل فيها، وحينها قال فى حوار مع الصحفى الإسرائيلى باراك رافيد: «إسرائيل تريد إعلان الحرب على إيران حتى آخر جندى أمريكى». تسرُّع وربما ارتجالية ترامب فى اتخاذ القرارات، وضعته بمنظور الإسرائيليين فى دائرة «الصديق العدو»، الذى لا يمكن استبعاد انقلابه على الحلفاء بما فى ذلك إسرائيل، وفقًا للكاتب إيتمار آيخنر. ربما يتضح انعدام الرضا الإسرائيلى عن ترامب عند استعراض بيانات دراسة استقصائية جديدة، أجراها معهد JPPI الأمريكى، وتشير إلى انخفاض كبير فى دعم ترامب بين اليهود الأمريكيين.