«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



50 يوماً على عودة رجل أمريكا القوى

قد لا نبالغ إذا قلنا إن العالم يعيش حالة من الترقب ممزوجة بالأمل عند البعض والتوجس والمخاوف من جهات أخرى فى انتظار يوم 20 يناير القادم وما بعده موعد بداية الولاية الجديدة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب خاصة أنه لا يمكن الاعتماد على سوابق سياساته ومواقفه فى سنوات حكمه السابق التى انتهت منذ اقل من خمس سنوات، فالعالم تغير وشهد العديد من التطورات والاحداث لعل ابرزها اندلاع عدد من الحروب فى مقدمتها فى غزة والمنطقة وكذلك فى أوكرانيا ولعل الفترة ما بين اعلان فوزه بالانتخابات فى الأسبوع الأول من نوفمبر وتوليه مهام منصبه تعد فترة كاشفة للتوجه القادم لإدارة ترامب الجمهورية خاصة بعد أن عزز الحزب وجوده بالفوز بالأغلبية فى مجلسى النواب والشيوخ مما يتيح له فرصة للحركة بدون عراقيل او عوائق ناهيك عن التخفف من عبء الدعاوى القضائية التى كانت تواجه بإسقاط بعضها أو ترحيل البعض الآخر.. وقد كشفت اختياراته للفريق الرئاسى وتصريحاته عن بعض تلك التوجهات تجاه العديد من الملفات المطروحة خاصة على الصعيد الدولى والإقليمى وعلاقاته بأوربا والصين وحتى ايران وكذلك منطقة الشرق الأوسط والصراع العربى الإسرائيلى وعلاقاته مع إسرائيل فى ظل وجود عدد كبير من مؤيديها ضمن الفريق الرئاسى، بالاضافة الى التصريحات المثيرة للجدل التى ادلى بها، هذا الملف محاولة للاقتراب من امريكا فى عهد ترامب بعد 50 يوما مع رصد لتحركات إدارة بايدن فى اسابيعها الأخيرة.
لم يقتصر فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب بالسباق الرئاسى ل 2024 بل فاز أيضا بقرار وزارة العدل الفيدرالية بإسقاط الإتهامات الموجهة إليه فى 34 دعوى قضائية.
ويُمثل ذلك نهاية فاصلة لمرحلة غير مسبوقة فى التاريخ السياسى الأمريكي، حيث حاول المسئولون الفيدراليون محاسبة الرئيس السابق، بينما كان مرشحاً فى الوقت نفسه لولاية أخرى.
وخرج ترامب منتصراً، بعدما نجح فى تأخير التحقيقات عبر مناورات قانونية، ثم فاز بإعادة انتخابه، رغم الإتهامات التى وصفت أفعاله بأنها تهديد للأسس الدستورية للبلاد.
وبهذا الحكم تخلص ترامب من مشكلاته القانونية بعد ان وافقت القاضية تانيا تشوتكان على طلب المحامى الخاص بترامب جاك سميث ردّ هذه الدعوى لأنّ سياسة وزارة العدل تنصّ على عدم ملاحقة رئيس يمارس مهام منصبه، وهو ما سيكون عليه ترامب بعد أن يؤدى اليمين الدستورية فى 20 يناير المقبل. ووافقت القاضية على ذلك مع حفظ إمكان إعادة إحياء هذه الدعوى بمجرد أن يغادر ترامب منصبه بعد 4 سنوات.
وأوضح جاك سميث محامى ترامب أنه بعد مشاورات، خلصت وزارة العدل إلى أن سياستها منذ «فضيحة ووترجيت» عام 1973 بعدم محاكمة رئيس فى منصبه تنطبق على هذا الوضع غير المسبوق، وقالت القاضية إنّ الحصانة الممنوحة لرئيس يمارس مهام منصبه هى حصانة مؤقّتة، وتنتهى عند مغادرته منصبه.
ووافقت القاضية تانيا تشوتكان على طلب المحامى سميث، بينما كتبت المدعية السابقة باربرا مكويد على «إكس»: «بالطبع، ربما لا تكون هناك شهية للملاحقة القضائية فى عام 2029، لكنّ ذلك يبقى هذا الاحتمال مفتوحاً».
والقضية الأخرى فى فلوريدا ستواجه المصير نفسه؛ فقد أعلن سميث أنه،لنفس السبب لن تتم ملاحقة ترامب بتهمة الاحتفاظ بوثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.
وبهذا يكون ترامب قد تخلص من متاعبه القانونية، خصوصاً بعد الحكم التاريخى للمحكمة العليا الذى أُقِرَّ فى الأول من يوليو بأن «طبيعة السلطة الرئاسية تمنح الرئيس السابق حصانة مطلقة من الملاحقة الجنائية عن الأفعال الرسمية التى يتخذها بوصفه رئيساً.
وكان ترامب ادين بارتكاب 34 تهمة جنائية فى مايو بعدما خلصت هيئة محلفين إلى أنه قام بالتلاعب بشكل احتيالى بسجلات تجارية للتغطية على دفع مبالغ لنجمة الأفلام الإباحية ستورمى دانيلز مقابل صمتها عن علاقة جنسية مفترضة حتى لا تضر بحملته فى انتخابات عام 2016.
لكن القاضى خوان ميرتشن الذى أرجأ النطق بالحكم مرات عدة، سمح لمحامى ترامب بتقديم استئناف لإلغاء الإجراءات. كما يواجه ترامب فى جورجيا تهمة الابتزاز نتيجة محاولته لقلب نتائج انتخابات 2020 فى الولاية الجنوبية، لكن من المرجح تجميد هذه القضية خلال ولايته.
وتحرّك المستشار القانونى الخاص المُعين من وزارة العدل جاك سميث، لإسقاط القضيتين الجنائيتين ضد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، منهياً تحقيقات تاريخية نشأت بسبب محاولة ترامب إلغاء هزيمته أمام الرئيس جو بايدن فى انتخابات 2020، وكذلك الاحتفاظ بوثائق سريّة بعد خروجه من البيت الأبيض.
وحصل سميث على موافقة من القاضية الفيدرالية فى واشنطن، تانيا تشوتكان، الاثنين، لإسقاط التهم الموجهة إلى ترامب بأنه حاول منع فوز بايدن، بعدما استشهد بإرشادات وزارة العدل بأنه لا يمكن المضى فى القضية، لأن ترامب رئيس حالي. ووافقت تانيا تشوتكان بسرعة على التخلّى عن القضية من دون تحيز. وهذا ما يترك الباب مفتوحاً أمام احتمال توجيه اتهامات مرة أخرى بمجرد مغادرة ترامب منصبه. ومن خلال موافقتها على رفض القضية، أوضحت تانيا تشوتكان أنها ستترك فرصة لمحكمة مستقبلية لإحيائها. وكتبت أن «الفصل دون تحيز يتوافق أيضاً مع فهم الحكومة أن الحصانة الممنوحة للرئيس الحالى مؤقتة، وتنتهى عندما يغادر منصبه».
وكتب ترامب فى منشور على موقعه «تروث سوشيال» ومنصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «ثابرت رغم كل الصعاب، وانتصرت». وقال إن «هذه القضايا، مثل كل القضايا الأخرى التى اضطررت إلى المرور بها، فارغة وخارجة عن القانون، وما كان ينبغى رفعها مطلقاً».
وخلال إعداد هاتين الدعويين بدا أن ترامب يدرك أن أفضل أمل له لتجنُّب المحاكمات هو الفوز بالرئاسة مرة أخرى، وهى حقيقة أكدها نائب الرئيس المنتخب، جاى دى فانس، الذى كتب على منصة «إكس» أنه «لو خسر دونالد ترامب الانتخابات، لربما أمضى بقية حياته فى السجن». وأضاف: «كانت هذه الملاحقات القضائية دائماً سياسية. والآن حان الوقت لضمان عدم تكرار ما حدث للرئيس ترامب فى هذا البلد مرة أخرى».
وفى الدعوى المرفوعة فى واشنطن العاصمة، واجه ترامب 4 تهم تتعلّق بالتآمر لعرقلة نتائج انتخابات 2020. واتُهم باستخدام مزاعم كاذبة عن تزوير الناخبين للضغط على المسؤولين الفيدراليين فى الولايات لتغيير نتائج الانتخابات، وحرمان الشعب الأميركى من حقه فى احترام أصواته.
وبدأ التحقيق فى الوثائق السرية خلال ربيع عام 2022، بعد أشهر من الخلاف بين ترامب وإدارة المحفوظات والسجلات الوطنية حول صناديق الوثائق التى تبعت ترامب من البيت الأبيض إلى مارالاجو؛ منزله فى فلوريدا وناديه الخاص.
وتقول أوراق المحكمة إن أكثر من 300 وثيقة مصنفة بأنها سرية عثر عليها فى منزل ترامب، بما فى ذلك بعض الوثائق ردّاً على أمر استدعاء، وأكثر من 100 وثيقة أثناء تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالى «إف بى آي» للممتلكات بتفويض من المحكمة.
وحاول فريق الدفاع عن ترامب مراراً تكييف القضايا المرفوعة ضده على أنها محاولات ذات دوافع سياسية لإضعاف فرصه فى الانتخابات، وأجريت المحاكمة فقط فى قضية نيويورك، حيث أدين ترامب ب34 تهمة جنائية، لكن النطق بالحكم عليه تأجَّل مرتين منذ هذا الصيف.
ونفى ترامب ارتكاب أية مخالفات فى كل هذه القضايا، واستأنف الحكم الصادر فى نيويورك. وأصبحت الملاحقات القضائية محوراً رئيساً لحملته الرئاسية؛ حيث حشد ترامب وحلفاؤه المؤيدون الذين اعتبروا أنه مستهدف بشكل غير عادل.
تحديات خارجية فى انتظار الحسم
يشكل فوز الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب بالمقعد الرئاسى مرة ثانية، بداية رحلة جديدة مليئة بالتقلبات فى السياسة الخارجية الأمريكية. فوز ترامب بولاية جديدة يصب فى صالح روسيا وبوتين ، وفى المقابل يأتى ضد الصين وإيران والمكسيك وكل مصالحها، بعد توعده بغلق الحدود مع المكسيك.
فيما يتعلق بإيران، أوضح ترامب أنه سيعود إلى سياسة الضغط الأقصى على إيران، ربما للتوصل إلى اتفاق جديد مع طهران أو لتقييد إيران أكثر. وأشار مستشاروه إلى أنهم سيمددون حملة الضغط القصوى ويوفرون الدعم الكامل للمعارضة الإيرانية والنشطاء.
قاد ترامب إدارته عندما كان رئيسا إلى الإنسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، المعروفة أيضا باسم الاتفاق النووى الإيراني. ويرى ترامب أن هذا النهج وضع ضغوطا اقتصادية على إيران وقلل من قدرتها على تمويل الفصائل المسلحة التى تعمل بالوكالة عنها.
ومع ذلك، من دون أهداف واضحة أو استعداد للتفاوض مع طهران لاحتواء المزيد من التطورات النووية، قد تكون النتيجة جولة جديدة من عدم الاستقرار. ففى حين سعى ترامب إلى تقليص التدخل العسكرى الأمريكى فى العراق وأفغانستان، فإنه ليس رافضاً تماماً لاستخدام القوة العسكرية الأمريكية فى السعى لتحقيق أهداف واضحة.
يرى الجمهوريون أن تدخل إيران فى العراق وتغولها الكبير فيه يشكل تهديداً لمصالحها، حيث يجد ترامب فى العراق مصدراً من المصادر الاقتصادية والاستراتيجية بالنسبة للسياسة الأمريكية، وهو ما يدفعهم لتوجيه البوصلة إليه كنقطة مهمة فى الشرق الأوسط.
أما من الناحية الاقتصادية، فإن السياسة الأمريكية الخارجية ستعمل على حصر التوسع الاقتصادى الإيرانى وهو ما قد ينتج عنه مزيد من الضغط على العراق فيما يخص الصادرات النفطية واستثمارات الغاز من جهة، وحصر أموال واردات الغاز الإيرانية من جهة أخرى. وتشديد الرقابة على الأموال العراقية ورصد ومراقبة التحويلات المالية لمنع وصولها لجهات إيرانية أو جهات صدرت بحقها العقوبات سابقاً.
هناك احتمالية كبيرة فى زيادة فرض العقوبات على مصارف وجهات متنفذة جديدة عاملة داخل العراق، قد تصل إلى فرض العقوبات على مصارف حكومية إذا ابتعد البنك المركزى العراقى عن إيقاع نفسه فى مخاطر التحويلات المالية.
سياسة ترامب التى تهدف الى ضرب المصالح الإيرانية التى تهدد المصالح الأمريكية، تنذر باستهداف الميليشيات والتيارات العاملة فى العراق والقريبة من الجانب الإيرانى فى الأيدلوجية والعمل المشترك الذى سينتج عنه مشاكل ومخاطر أمنية محتملة داخل العراق ستنعكس بشكل مباشر على الواقع الاقتصادى العراقي.
سيحاول ترامب قدر الإمكان إبقاء القوات الأمريكية فى العراق وربما زيادتها. قد يؤثر فوزه على الاقتصاد العراقى خاصة أسعار النفط، فأسعار النفط العالمية قد تتأثر بسياسات ترامب انخفاضاً أو ارتفاعاً لذلك قد يتأثر العراق بها، وهناك مؤشر على انخفاض أسعار النفط عالمياً بعد فوز ترامب.
ترامب ليس من داعمى حلف شمال الأطلسى الكبار، وأعضاء الحلف ليسوا من المعجبين به أيضاً، على خلفية انتقاده لهم بأنهم لا يلبون هدف الحد الأدنى من الإنفاق الدفاعى فى الكتلة. حتى إنه شجع روسيا على «فعل ما تريد». قبل الانتخابات الأمريكية، حاول أعضاء «الناتو» تحصين الحلف من دونالد ترامب، خوفاً من أن تؤدى ولاية ثانية له إلى إبطاء أو وقف المساعدات لأوكرانيا، كما عمل الحلف على تعزيز إنتاج الأسلحة والمعدات الرئيسية، فضلاً عن العمل على تعزيز سلطته على شؤون التدريب والإمدادات العسكرية فى أوروبا. وفى قمة «الناتو» هذا العام فى واشنطن، تمّ تأكيد أنّ «مستقبل أوكرانيا يكمن فى انضمامها إلى الأطلسي»، لكن لم توجه دعوة إلى كييف للانضمام أو تحديد جدول زمنى لذلك. ومن وجهة نظر روسيا، فإن رئاسة ترامب الثانية قد تمهد الطريق لعلاقات أكثر ودية بين واشنطن وموسكو، حيث يفضل الكرملين منذ فترة طويلة الزعيم الجمهورى على منافسيه الديمقراطيين. ولكن أيضاً الروس مترددون بشأن وعود ترامب بإنهاء الصراع فوراً.
فى المواجهة مع الصين قد يتجه ترامب لفرض ضغوط منسقة على بكين، فقد سبق له أن توعد بزيادة الرسوم المفروضة على البضائع الصينية بنسبة ستين بالمائة وعلى كافة الواردات بعشرة فى المائة. وربما ينطلق ترامب من نقطة تايوان، التى تحدث عنها بشكل متكررٍ خلال حملته الانتخابية، وعن مستوى الدعمِ الأمرِيكى لها فى المستقبل، وقد دفعت هذه تصريحاته بعض الخبراء فى الصين إلى الاعتقاد، بأن ترامب سوف يسعى إلى إبرام نوع من الاتفاق مع تايوان فى مقابل المزيد من الدعم الدفاعى الأمريكي.
ويبلغ الإنفاق العسكرى فِى جزيرة تايوان نحو 2.6٪ من ناتجها المحلى الإجمالى اليوم، وقد يطلب ترامب منها زيادة هذا الرقم، إلا أنه من غير المرجح أن يتخلى فعلياً عن دعمه لتايوان خاصة مع وجود مؤيد قوى لتايوان بين كبار مستشاريه المحتملين هو وزير الخارجية السابق مايك بومبيو، الذى دعا فى الماضى إلى الاعتراف رسمياً باستقلال تايوان.
رغم تمسك ترامب بسياسة الغموض الاستراتيجى التى تنتهجها أمريكا منذ فترة طويلة، لكن مما لا شك فيه أن الجيش الأمريكى سوف يدافع عن تايوان فى حالة وقوع هجوم صينى أو حصار عليها.
هناك انقسام بين صقور الحزب الجمهوري، حول المنافسة مع الصين، والحاجة الفعلية لفصل الاقتصادين عن بعضهما. وقد تلعب العلاقة الشخصية التى تربط ترامب بالرئيس الصينى شى جين بينج، دوراً فى تشكيل السياسة بين البلدين. ما يرجح استعداد ترامب لمقاومة سياسة إدارته وسعيه إلى التوصل إلى اتفاق تجارى ثان مع الصين.
نتانياهو يشاطر قاطن البيت الأبيض الجديد رداء «الشرطى السيئ»
استلهم بنيامين نتانياهو القوة من إيحاءات ترامب، التى دعاه بها حتى قبل إجراء الانتخابات إلى عدم الالتفات ل«خيبة الأمل» فى إدارة بايدن، وتجميد المبادرات الرامية إلى إنهاء النزاعات، وتفادى التجاوب مع إيعازات معسكر الجنرالات، والتركيز فقط على تسوية أوراق سياسته الداخلية حتى 20 يناير المقبل، الذى يوافق تنصيب الرئيس الأمريكى المنتخب، حسب تسريبات نشرتها صحيفة «يسرائيل هايوم».
وتذهب تحليلات سياسية فى تل أبيب إلى اعتزام نتانياهو مشاطرة الرئيس الجمهورى رداء «الشرطى السيء»، الذى عاد ليثبت كفائته بعد نيل انتقادات عاصفة من كل جانب؛ لكن ترامب يعتزم التحرك أولًا لتحقيق وعوده الانتخابية، وفى طليعتها إنهاء حروب منطقة الشرق الأوسط، ويراهن فى ذلك على رئيس الوزراء الإسرائيلي، الذى أوعز إليه بترك الساحة نظيفة قبل دخوله المكتب البيضاوي. فى الوقت نفسه، يدرك نتانياهو إمكانية الحصول على الدعم الأمريكى المطلوب لتصفية التهديد الإيراني.
وربما أكد مايك إيفانز أحد كبار مساعدى ترامب، الذى زار إسرائيل قبل أيام هذا المضمون، بقوله: «أعتقد أنه بحلول الوقت الذى يصل فيه ترامب إلى البيت الأبيض، ستكون حرب إسرائيل مع إيران وحلفائها قد انتهت، لأن آخر شيء يريدونه (إيران ووكلائها) هو الصدام مع ترامب». وأضاف: «أنا على يقين بأنه خلال عام ترامب الأول فى الرئاسة يمكن صنع السلام بين إسرائيل ودول عربية جديدة».
يبدو أن وصايا وتنسيقات ترامب كان لها بالغ الأثر فى مبادرة نتانياهو تحصين ائتلافه ضد التفكيك، خاصة عند اتخاذ قرارات أو إبرام صفقات محورية عبر انتزاع العناصر المناوئة لسياساته، وفى طليعتها معسكر الجنرالات. وبينما أبدى ترامب غير مرة خلال ولايته الرئاسية الأولى إعجابًا بوزير الدفاع الإسرائيلى الأسبق، رئيس «معسكر الدولة» الانتخابى بينى جانتس، عمد نتانياهو فى أول قراراته على هذا الصعيد إلى الإطاحة بالجنرال المدنى من مجلس الحرب، وبطريقة لا تقل صلافة، أطاح برئيس الأركان الأسبق جادى آيزنكوت، لا سيما عند تعاظم معارضتهما لسياساته فى قطاع غزة، وفى مقدمتها ملف عودة الرهائن وأسلوب التعاطى معه.
ورغم حالة الحرب التى تمر بها إسرائيل على أكثر من جبهة، أقال نتانياهو رأس حربة المؤسسة العسكرية، وزير الدفاع يوآف جالانت، وذلك لعدة أسباب، من بينها: إصراره على تجنيد الطلاب المتشددين دينيًا (الحريديم) فى الجيش بما يخالف توجه الائتلاف اليمينى المتطرف، ثانيًا: قطع دابر تواصل جالانت مع إدارة جو بايدن، التى اعتبرته عين البيت الأبيض فى إسرائيل، ثالثًا: تنقية الائتلاف من توجهات تخالف الإجماع، الذى يحرص عليه نتانياهو عند اتخاذ قرارات مصيرية. إلى ذلك، يرى نتانياهو أنه مع غياب يوآف جالانت، تفتقر المؤسسة العسكرية إلى ظهير سياسي، ويستحيل التعويل على وزير الدفاع الجديد يسرائيل كاتس فى ملء هذا الفراغ.
ووسط عملية تحصين الائتلاف، يضمن نتانياهو ولاءات وزير المالية بيتسلئيل سيموتريتش، ويرى حسب صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن براجماتيته تحول دون انسحابه من الحكومة؛ أما وزير الخارجية الجديد جدعون ساعر، فيعى رئيس الوزراء أنه لا يرغب فى تفكيك الحكومة بدليل قبوله الحقيبة الوزارية، رغم خلافاته السابقة مع بنيامين نتانياهو. وبخصوص وزير الأمن القومى إيتمار بن جافير، فلن يتردد نتانياهو فى قبول استقالته إذا اعترض على تمرير صفقة أو أخرى فى ظل إدارة دونالد ترامب.
ربما تعنى تلك الإجراءات إقبال نتانياهو مع ترامب على إجراءات مفصلية تتعلق بكافة القضايا محل النزاع، أو غيرها ذات الصلة بانفتاح إسرائيل على علاقات دبلوماسية جديدة تحت رعاية قاطن البيت الأبيض الجديد؛ بالإضافة إلى «تنازلات» فى أزمة الرهائن، التى يثق نتانياهو فى ابتلاع تشكيلته الائتلافية تمريرها.
إلى جانب ذلك، يدرس بنيامين نتانياهو حاليًا تعزيز مكانته الدبلوماسية لدى الولايات المتحدة عبر ترشيح سفير جديد لإسرائيل فى واشنطن؛ ولولا رفض صديقه المقرب رون ديرمر، لأعاده إلى منصبه القديم، وهو ما يدعوه إلى التفكير فى التمديد للسفير الحالى مايك هيرتسوج، أو اختيار شخصية أخرى مؤهلة للمنصب، أغلب الظن أنه مستشاره السياسى أوفير بليك.
ترامب يطرق أبواب الشرق الأوسط بأجندة «البيتزا الساخنة»
تلاحق الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب قضايا شرق أوسطية عالقة، بدأ حلحلتها بمنظوره خلال ولايته الأولى 20 يناير 2017، ويستأنف معالجتها بمنظوره أيضًا بعد حفل تنصيبه فى ذات يوم وشهر 2024. وبينما يغاير المناخ الإقليمى فى السابق نمط القضايا محل النزاع فى الوقت الراهن، ربما يضطر الرئيس الجمهورى إلى انفتاح على سياسات جديدة فى الملف الفلسطيني، لا سيما وهو الملف الأكثر تعقيدًا، ويُناط به تحريك تسويات إقليمية أخرى فى المنطقة.
لا تعطى السوابق انطباعًا باستملاح ترامب رؤية حل الدولتين، لكنه قد يضطر لقبول بها خلال ولايته الجديدة مع تعديلات تغاير حدود 1967 فى محاولة لتطويع ملفات إقليمية أخرى، وإخماد حروب طلب من نتانياهو خلاصًا منها، أو بالأحرى تمهيد الأرض أمام تطبيق رؤاه لحلحلة النزاع مع الفلسطينيين بعد يوم التنصيب.
وربما كشف ترامب تصوراته للحل بعد خسارته فى انتخابات الرئاسة الأمريكية أمام جو بايدن قبل أربع سنوات، وقال فى حوار مع الكاتب الإسرائيلى باراك رافيد: «أعلم أننى أعطيت الإسرائيليين الكثير، لكن ذلك كان تمهيدًا لمنح الفلسطينيين شيئًا فى القدس، لم يتخيلوا الحصول عليه؛ إلا أن نتيجة الانتخابات لم تسعفني، فضلًا عن إغلاق السلطة الفلسطينية الباب أمام أى تواصل مع البيت الأبيض فى حينه».
عساه ترامب قصد بعطيته جزءً من منطقة أبوديس فى القدس الشرقية، ونقل مقر السلطة الفلسطينية من رام الله إليها، وإقامة سفارة أمريكية لدى الفلسطينيين بالمنطقة ذاتها، حسب تسريبات تناقلتها دوائر إسرائيلية؛ لكن الرئيس المنتخب لن يتعاطى (وهو نفس موقف الإسرائيليين أو بالأحرى نتانياهو) مع أى ترابط جغرافى للدولة الفلسطينية الوليدة، ليقتصر التواصل بين أجزائها عبر جسور وأنفاق، بالإضافة إلى نقل الأحياء العربية فى المثلث (جنين، ونابلس، وطولكرم) من إسرائيل إلى الدولة الفلسطينية، واعتبار ذلك جزءًا من تبادل الأراضي.
يعيد ترامب فى ولايته الجديدة ومعه نتانياهو المساومة بطرح ملف الضم مجددًا، ويضاف إليه قطاع غزة، الذى ترفض حكومة اليمين الإسرائيلى المتطرف الانسحاب منه أو وقف عملياتها العسكرية فيه لهذا الغرض.
لا تستبعد التنسيقات بين ترامب ونتانياهو حتى قبل إعلان الفوز بالرئاسة حتمية الربط بين حلحلة القضية الفلسطينية وملف التطبيع مع دول عربية جديدة؛ لذلك يرهن نتانياهو الانسحاب من قطاع غزة، وربما يتراجع عن ضم كامل ال30٪ من الضفة الغربية إذا أحرز زيادة فى رصيد الدول العربية والإسلامية المطبعة مع إسرائيل.
وفى حواره المنشور ضمن كتاب «سلام ترامب: «الاتفاقيات الإبراهيمية والتحول فى الشرق الأوسط» لمؤلفه الإسرائيلى باراك رافيد، رأى دونالد ترامب أن المناورة فى منطقة الشرق الأوسط بعد سنوات الحروب أضحت أسهل من ذى قبل، إذ أصابت الحروب شعوب ودول المنطقة بالمرض، وبات من الممكن (على طريقة إعداد وبيع البيتزا وهى ساخنة التى يحترفها ترامب) إقناع دوائر صنع القرار فى المنطقة بقبول تسويات نهائية للصراع المحتدم.
بغير طريقة الصفقات العقارية، لا يتصور ترامب حلًا ممكنًا للقضايا العالقة فى الشرق الأوسط، وإذا أكدت التقديرات الإسرائيلية اعتزام نتانياهو إنهاء الحرب فى لبنان قبل تنصيب ترامب، فيُعد تسرُّعه جزءًا من وصية الرئيس الجمهوري، الرامية إلى وضع نهاية لدوران رحى الحرب فى المنطقة، لتبدأ مرحلة جديدة يمكن من خلالها انضمام لبنان إلى قطار التطبيع، وتحييد التنظيمات المسلحة بعد نشر الجيش اللبنانى فى الجنوب. حتى الوصول إلى تلك النقطة يبذل نتانياهو قصارى جهده فى التنسيق حول الوصول لهذا الهدف بأقل قدر ممكن من التنازلات.
وتتقاطع تلك الترتيبات مع تسريبات عبرية كشفت فتح قنوات تواصل غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل، تهدف إلى تحييد إيران عن الضلوع فى المشهد السوري، وانسحاب كامل القوات الأمريكية منه. وتدليلًا على إمكانية فتح قنوات التفاوض، نشر ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلى بالتزامن مع التسريبات وثائقًا سرية حول مفاوضات جرت قبل 50 عامًا بين سوريا وإسرائيل بوساطة وزير الخارجية الأمريكى فى حينه هنرى كسينجر، للتباحث حول مصير هضبة الجولان.
بايدن - نهاية رحلة «البطة العرجاء» !
باقى من الزمن خمسين يوماً على نهاية ولاية الرئيس الأمريكى جو بايدن فى 20 يناير 2025، ومع اقتراب ذلك التاريخ تزداد التساؤلات حول شرعية قراراته خلال الفترة الانتقالية،فقد فاز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة لكنه لم يتسلم العمل حتى وإن كان قد انتهى بالفعل من تشكيل إدارته الجديدة وفى الوقت الذى يستمر فيه بايدن فى تحمل مسئولياته، يواجه تحديات كبيرة على صعيد السياسة الداخلية والخارجية، بدءًا من استمرار الدعم الأمريكى لأوكرانيا فى مواجهة الغزو الروسي، إلى التفاوض حول قضايا نووية دولية مثل الملف الإيرانى ومحاولة إيقاف الحرب الإسرائيلية مع غزة ولبنان.
ورغم أن إدارة بايدن لا تزال تتمتع بالشرعية القانونية فى اتخاذ القرارات خلال هذه الفترة، إلا أن تزايد التوترات السياسية فى ظل استعداد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض يثير تساؤلات حول تأثير تلك القرارات على مستقبل السياسة الأمريكية بعد تنصيب الرئيس الجديد. ورغم كل هذه الضغوط، تسعى إدارة بايدن للحفاظ على استقرار الدولة داخليًا وخارجيًا حتى اكتمال الفترة الانتقالية.
وفقًا للدستور الأمريكي، تحديدًا فى المادة الثانية والتعديل العشرين، تظل قرارات الرئيس الحالى قانونية وشرعية حتى تنصيب الرئيس الجديد فى 20 يناير.
وتمنح المادة الثانية من الدستور الرئيس الأمريكى سلطة تنفيذية طوال مدة ولايته التى تستمر أربع سنوات، حيث ينص التعديل العشرون الذى تم ادخاله فى عام 1933 على أن «تنتهى ولاية الرئيس فى 20 يناير» من السنة التالية للانتخابات الرئاسية، وتبدأ ولاية الرئيس المنتخب فى نفس اليوم.
وبناء على ذلك، ورغم أن انتخابات نوفمبر أسفرت عن فوز ترامب، إلا أن الرئيس بايدن المنتهية ولايته يظل يمارس سلطاته حتى يوم التنصيب، 20 يناير 2025 ما لم يتم عزله أو استقالته قبل ذلك التاريخ.وتظل قرارات بايدن شرعية قانونًا حتى موعد تنصيب الرئيس ترامب، وحتى هذا الحال يظل الرئيس يشغل منصبه بشكل قانونى ويتمتع بالسلطات الرئاسية كاملة،رغم أنه يكون مثل «البطة العرجاء»وهو تعبير أمريكى شهير إشارة إلى الأيام الأخيرة لبقاء الرئيس فى الحكم ، واستلام الرئيس المنتخب مهامه رسميا.ومعناه وجود مسئول منتخب أصبح فى وضع ضعيف سياسيا بعدما تم انتخاب خليفته.
المتابع للحركة السياسية الأمريكية هذه الأيام يلمس بسهولة أن إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن، فى سباق مع الزمن، لتنفيذ إجراءات تحاول من خلالها الحفاظ على جزء من ماء الوجه تجاه الناخب الأمريكى قبل أن يسكن ترامب وفريقه البيت الأبيض .حيث يسعى بايدن لاستكمال العديد من المبادرات الرئيسية ، ومن بين أولوياته الخارجية خلال الفترة المتبقية له حيث أعلن بايدن سعيه لتسريع إرسال مساعدات عسكرية تزيد على 7 مليارات دولار.
بينما يرى محللون أمنيون أن إدارة بايدن ستركز على الأهداف القابلة للتحقيق بدلا من السعى لتحقيق اختراقات كبرى، نظرا لتعقيد القضايا الإقليمية والإطار الزمنى المحدود.وأشاروا إلى أن جهود الإدارة الديمقراطية الحالية المحتملة قد تركز على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المتضررة من الحروب، مثل غزة وجنوب لبنان، عبر الشراكات الدولية. كما أنه سيكثف وساطاته لخفض التصعيد لمحاولة تحقيق أى إنجاز مثل: وقف إطلاق النار فى غزة، أو تطبيق خارطة الطريق الأممية فى اليمن، أو تأمين إطلاق سراح الرهائن عبر الوساطة، أو إنشاء ممرات إنسانية لتوصيل المساعدات الطبية، أو تنظيم قمة إقليمية لبحث التحديات المشتركة، مثل أمن المياه ومكافحة الإرهاب وغيرها من القضايا التى يأمل من خلالها رفع أسهم الحزب الديمقراطى فى الشارع الأمريكى من جديد.
أما على المستوى الداخلى فقد أعلن وزير النقل، بيت بوتيجيج تخصيص أكثر من 4 مليارات دولار لتحسين خدمات القطارات، ودعم الموانئ ، وتقليل وفيات الطرق السريعة.كما تسارعت وتيرة تنفيذ الأهداف البيئية مؤخراً، بما فى ذلك إزالة الأنابيب التى تحتوى على الرصاص من شبكات المياه، والتى أعلنت وكالة حماية البيئة أنها ستعمل على إنهائها فى إطار خطة شاملة. كما تم تخصيص 3 مليارات دولار لمساعدة الحكومات المحلية على مستوى الولايات فى هذا المجال.
من أهم الملفات التى تحاول إدارة بايدن إنجازها هو التصديق على القضاة الفيدراليين قبل انتقال السلطة لترامب.وبعد موافقة مجلس الشيوخ مؤخرًا على تعيين القاضية أبريل بيرى للمحكمة الجزئية فى شمال إلينوي،يعمل البيت الأبيض على تسريع عملية التصديق على القضاة الآخرين لضمان استمرارية السياسة القضائية التى دعمها بايدن ويحاول تحصينها قبيل رحيله.
ومن جهة أخرى، تسارع وزارة التعليم فى إتمام قاعدة قانونية جديدة خاصة بقروض الطلاب الذين يواجهون صعوبات مالية، وهى إحدى المبادرات البارزة فى خطط بايدن. ويتوقع أن يواجه هذا الجهد تحديات قانونية، لكن إدارة بايدن تأمل فى إتمامه قبل نهاية ولايته.ومن خلال هذه الخطوات، يتضح أن إدارة بايدن تسعى جاهدة لتأمين إنجازات طويلة الأمد، من خلال تسريع تنفيذ قوانين ومشاريع استراتيجية قبيل مغادرته منصبه.
ورغم أن ترامب سيكون من حقه كرئيس جديد للولايات المتحدة أن يتراجع عن بعض هذه السياسات، إلا أن إرث بايدن قد يظل مؤثرًا لفترة طويلة، فى ظل تنفيذ هذه الإجراءات بشكل فعّال وملموس.
وأخيراً يرى المحللون أن بايدن كرئيس ينتمى للحزب الديمقراطى سيركز خلال أيامه القليلة المتبقية على إتمام الأعمال التى بدأها لضمان أن سياسة حزبه ستظل قائمة بعد 20 يناير، وهو ما يجعل هذه الفترة بمثابة اختبار حاسم لإرث بايدن السياسي.
العالم يفكر| أوكرانيا.. مستقبل غامض فى عهد الرئيس المنتظر
مع اقتراب مرور ثلاث سنوات على الحرب الروسية الأوكرانية، وعد الرئيس الأمريكى المُنتخب دونالد ترامب بإنهاء سريع للصراع عند توليه المنصب. ومع ذلك، تُظهر استطلاعات الرأى أن وجهات نظر الأمريكيين حول دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا لم تتغير بشكل كبير مؤخرًا، مع استمرار انقساماتٍ حزبية واضحة.
ووفقًا لاستطلاع أجراه «مركز بيو للأبحاث» فى نوفمبر الجاري، يعتقد 42٪ من الجمهوريين أن الولايات المتحدة تقدم دعمًا أكثر مما ينبغى لأوكرانيا، مقارنة ب 13٪ فقط من الديمقراطيين. من جهة أخرى، يرى 65٪ من الديمقراطيين أن على الولايات المتحدة مسئولية مساعدة أوكرانيا فى الدفاع عن نفسها، مقابل 36٪ من الجمهوريين.
بوجه عام، يقول 27٪ من الأمريكيين: إن الولايات المتحدة تقدم دعمًا مفرطًا لأوكرانيا، بينما يرى 25٪ أن الدعم «مناسب»، ويعتقد 18٪ أنه غير كافٍ. وبالمقارنة مع استطلاعات سابقة، تشير هذه النسب إلى استقرار نسبى فى وجهات النظر، لكن نسبة المترددين ارتفعت إلى 29٪ مقارنة ب 25٪ فى يوليو الماضي.
وعلى المستوى الحزبي، يعتقد 19٪ من الجمهوريين أن الدعم الأمريكى «مناسب»، بينما يرى 10٪ فقط أنه غير كافٍ. فى المقابل، يعتبر 31٪ من الديمقراطيين أن الدعم «مناسب»، فيما يعتقد 28٪ أنه غير كافٍ.
وتستمر الفجوة الحزبية أيضًا فى تحديد مدى اعتبار العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا تهديدًا لمصالح الولايات المتحدة. فقط 19٪ من الجمهوريين يعتبرونها تهديدًا كبيرًا، وهو انخفاض عن نسبة 26٪ فى يوليو، وأقل بكثير مقارنة بالديمقراطيين الذين بلغت نسبتهم 42٪.
هذه الفجوة الحزبية ليست جديدة، لكنها تتسع مع مرور الوقت. فى الأسابيع الأولى من الحرب عام 2022، كان الأمريكيون عمومًا أكثر ميلاً لاعتبار العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا تهديدًا كبيرًا. لكن منذ عام 2023، تراجعت هذه الآراء، خاصة بين الجمهوريين والمستقلين الموالين لهم.
تأتى هذه النتائج وسط تطوراتٍ متسارعة فى الصراع الأوكراني- الروسي. فقد سمحت إدارة الرئيس جو بايدن مؤخرًا باستخدام أوكرانيا لأسلحة أمريكية بعيدة المدى لضرب أهداف داخل روسيا، إضافة إلى تقديم ألغام مضادة للأفراد. ورغم ذلك، يبقى السؤال حول تأثير الانقسامات الداخلية على قدرة الولايات المتحدة على الاستمرار فى دعم أوكرانيا. ويؤكد خبراء: أن الانقسامات الحزبية بشأن أوكرانيا قد تؤثر على السياسة الخارجية الأمريكية.
إذ يعكس التفاوت فى وجهات النظر بين الجمهوريين والديمقراطيين تحديًا أمام الإدارة الجديدة، خاصة إذا ما قررت إدارة ترامب تنفيذ وعودها بإنهاء الصراع. ويرى الجمهوريون: أن الولايات المتحدة تتحمل عبئًا كبيرًا فى دعم أوكرانيا، دون تحقيق فوائد استراتيجية واضحة.
على الجانب الآخر، يرى الديمقراطيون: أن دعم أوكرانيا ضرورة استراتيجية وأخلاقية لحماية النظام الدولى ومنع مزيدٍ من التوسع الروسي. ومع تعهد ترامب بإنهاء الحرب، يبقى من غير الواضح ما إذا كان سينجح فى تحقيق توافق داخلى حول سياساته تجاه أوكرانيا. كما أن قراره سيواجه مقاومة مُحتملة من الديمقراطيين الذين يرون فى استمرار الدعم ضرورة لردع روسيا وحماية المصالح الأمريكية. ومع استمرار الحرب، يظل الانقسام الحزبى عاملاً مؤثرًا فى صياغة السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا.
فى حين يطالب البعض بتقليص الدعم أو إنهائه، يرى آخرون أن الالتزام بدعم أوكرانيا ضرورى لاستقرار النظام الدولي. وتضع هذه الانقسامات الإدارة الأمريكية الجديدة أمام تحدٍ صعب: تحقيق التوازن بين الضغوط الداخلية والأولويات الاستراتيجية فى مواجهة واحدة من أعقد الأزمات الجيوسياسية فى العصر الحديث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.