في الوقت الذي تواجه فيه غزة حرب إبادة متواصلة، يبدو أن أنظمة عربية اختارت الوقوف في وجه شعوبها ومنعهم حتى من التعبير عن التضامن، في موقف لا يقل خذلاناً عن صمت المجتمع الدولي. وفي خطوة جديدة تعكس استمرارية القمع الأمني في مصر، منعت السلطات الانقلابية المصرية قافلة تضامن دولية كانت متوجهة إلى قطاع غزة، واحتجزت العشرات من النشطاء القادمين من دول عدة، في مشهد وُصف بأنه "مخزٍ" ويعكس انحياز نظام المنقلب عبد الفتاح السيسي ضد كل من يحاول نصرة الفلسطينيين.
وكانت القافلة التي تضم نشطاء وبرلمانيين أجانب وشخصيات عامة – من بينهم حفيد الزعيم الراحل نيلسون مانديلا – قد بدأت تحركها من القاهرة باتجاه معبر رفح، مروراً بمدينة الإسماعيلية. غير أن قوات الأمن المصرية أوقفت المشاركين، واحتجزتهم لساعات، وصادرت جوازات سفر بعضهم، بل وتم الاعتداء على عدد منهم قبل أن يُجبروا بالقوة على العودة إلى القاهرة، وفق شهادات موثقة ومقاطع فيديو تداولها ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
رمضان تعزيبت، القيادي في حزب العمال الجزائري، أكد أن السلطات المصرية استخدمت "البلطجية" ليلاً لترهيب النشطاء وإجبارهم على العودة، واصفاً ما حدث بأنه محاولة مفضوحة لإفشال أي تحرك شعبي يفضح تخاذل الموقف الرسمي تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة. وأضاف أن القافلة، رغم منعها، نجحت في إيصال رسالتها التضامنية، مشيراً إلى أن الشعارات التي رُفعت، مثل "ارفعوا الحصار عن غزة" و"تسقط إسرائيل"، كانت كافية لإحراج النظام أمام الرأي العام.
ورغم أن السلطات الانقلابية المصرية كانت قد منعت سابقاً دفعتين من النشطاء الجزائريين من دخول البلاد ورحّلتهم من مطار القاهرة، فإنها سمحت بدخول دفعتين لاحقتين شريطة الإقامة الجبرية، إلا أن المشاركين تمكنوا من التسلل إلى الإسماعيلية، قبل أن تُحبط السلطات محاولتهم التوجه نحو معبر رفح.
وقال سيف أبو كشك، منسق "المسيرة العالمية إلى غزة"، إن الحملة كانت سلمية تماماً، وإن المزاعم المتداولة عن نية إثارة الفوضى في القاهرة عارية عن الصحة. وأضاف أن "ما جرى يكشف مجدداً التواطؤ الفاضح من النظام المصري، الذي بدا وكأنه يؤدي دور الحارس نيابةً عن حكومة نتنياهو".
وتتزامن هذه التطورات مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة وتصاعد الجرائم بحق المدنيين، وهو ما دفع مئات النشطاء في العالم العربي إلى محاولة كسر الحصار وتوجيه الأنظار إلى الكارثة الإنسانية المتفاقمة في القطاع المحاصر.
وفي ليبيا، أيضاً، تم تعطيل قافلة مماثلة تضم نحو ألف ناشط تونسي ومغاربي عند مدخل مدينة سرت الواقعة تحت سيطرة قوات خليفة حفتر، ما يطرح تساؤلات بشأن التنسيق الإقليمي ضد أي تحرك شعبي مستقل داعم لغزة.