أودع الله بين كل زوجين المحبة والرحمة ليسكن كلاً منهما إلى الآخر، فيسعدان وتستقر بهما الحياة، وشرع سبحانه وتعالى الطلاق وإن كان أبغض الحلال عنده؛ حفاظًا على بقاء المعروف والإحسان بينهما فتنتهى علاقتهما إلى ما يحفظ به كرامة المرأة والرجل معًا، هذا هو القانون الذي وضعه الله لخلقه، لكن المتهم في الجريمة التي أمامنا خرج عن المألوف، بعدما استأمنته زوجته وطالت بينهما المودة فألفته، غدر بها ولم يحفظ ما بينهما من فضل أو معروف، ولم يسع المتهم لإصلاح علاقتهما بل تخلى عن مروءته وسلك دربًا شيطانيًا حتى أفضى به إلى أن قرر قتلها دون التفكير في مستقبل أطفاله الأربعة، الذين دفعوا الثمن غاليا من حياتهم عندما تحول والدهم لقاتل وماتت والدتهم وحرموا من حنانها وعطفها.. قتلها لمجرد أن طالبت بالطلاق بعدما استحالت العشرة بينهما، ولكن أبى أن تتركه وتعيش حريتها، فخطط لجريمته ونفذها بكل قسوة وجحود.. المتهم كان لديه الوقت الكافي ليتراجع عن جريمته ولكن الشيطان سيطر على عقله وبدم بارد ووسط الشارع ذبحها ومزق جسدها بأبشع صورة وسط ذهول الجميع.. لماذا فعل هذا، ومن أين أتى بهذه القسوة وما هي حكاية تلك الزوجة المسكينة؟.. تفاصيل 16 سنة عاشتها الضحية مع المتهم حتى انتهت حياتها تسردها السطور التالية. الحكاية بدأت قبل 34 عاما من الآن، داخل إحدى قرى محافظة المنوفية، عندما نشأت جهاد بطلة قصتنا؛ فتاة جميلة يشهد لها الجميع بالأخلاق الحميدة والطيبة، ومثلها مثل أي فتاة كانت تنتظر ذلك الفارس الذي سيأتي ويأخذها من عالمها وتعيش معه أجمل قصة حب، حتى تقدم لها شاب من قريتها تزوجته رغم أنها لم تحبه، فوالدها أجبرها على تلك الزيجة، وعندما انتقلت لعش الزوجية صُدمت بواقع مرير عندما وجدته بلا شخصية فلم تتحمل كثيرا، وفي أقل من سنة عادت لبيت أسرتها مرة أخرى وهي تحمل لقب مطلقة.. جلست في بيت والدها تندب حظها، حتى لعبت الصدفة دورها في التعرف على شاب آخر يدعى أحمد، فبمجرد أن شاهدها أعجب بها، وقرر الزواج منها، اتخذ قراره سريعًا وذهب لطلب يدها من أسرتها، اعتقدت جهاد أن الحياة ابتسمت لها من جديد، وأن هذا الشاب سيعوضها عن كل اللحظات الصعبة والمريرة التي عاشتها، لم تكن تلك المسكينة تدري أن أحلامها ستتبخر وتتحطم على صخرة واقع أشد ألمًا وتعذيبًا.. وافقت جهاد على الزواج منه وانتقلت لتعيش معه في بيته بمنطقة السلام في القاهرة. الطلاق مرة ثانية عاش الاثنان حياة هادئة، سعيدة بعض الوقت، حتى رزقهما الله ب4 أطفال؛ أكبرهم طفل عمره 13 سنة وأصغرهم طفلة لا يتعدى عمرها العامين ونصف، لكن فجأة تبدلت الحياة الهادئة بينهما إلى حياة أسوأ، وحياة الترف والسعادة إلى حياة القسوة، أصبح الزوج جليسًا في البيت يرفض العمل، وهي تعمل في السوق لبيع الخضراوات، تحملت ما لم يتحمله أحد من أجل أطفالها الأربعة، كان يعتدي عليها بالضرب والسب وفي كل مرة تترك البيت وتذهب لأهلها، تعود له مرة أخرى حتى لا تبعد عن أولادها فلذة كبدها.. بجلسات تحدث بين العائلتين في محاولة للإصلاح بينهما، لكن حال الزوج لم يتغير بل كان يزداد سوءًا، حتى يئست جهاد من حياتها ووجدت الانفصال هو الحل، فاتخذت قرارها وتركت عش الزوجية وقررت رفع دعوى خلع بعدما رفض الانفصال عنها بهدوء، جن جنونه، تملك الغيظ منه، فأعمى الانتقام قلبه وعقله وأصبح لا يرى سوى الدم والتنكيل، فكر وخطط وانتظر التنفيذ، قطع عشرات الكيلومترات وسافر من القاهرة للمنوفية حتى ينفذ جريمته، وفي طريق مقطوع انتظرها، وكأنه ذئبًا ينتظر ضحيته، وما أن شاهدها انقض عليها وذبحها من رقبتها ومزق جسدها ولم يتركها إلا وهي غارقة في بركة من الدماء، وسط صدمة وذهول من الأهالى، ثم فر هاربًا، أسرع الجيران ونقلوها سريعا للمستشفى في محاولة لإنقاذ حياتها، ظلت جهاد 20 يومًا بين الحياة والموت، ترقد على فراش المرض لا تتحدث، تحيطها الأنابيب الممدودة من الأجهزة الطبية ودعوات الأهل والأقارب بأن يمن الله عليها بالشفاء حتى تعود لأطفالها، لكنها إرادة الله، ماتت جهاد وتركت أربعة أطفال في ظلمة اليتم، يحملون عار والدهم وما فعله بأمهم. وفي مشهد جنائزي مهيب شيعت العائلة والأهالى جهاد إلى مثواها الأخير، وسيطرت حالة من الحزن على الجميع، وأصبحت مطالبهم هي القصاص العادل، حتى يعود حق تلك المسكينة التي قتلت بأبشع طريقة وبدم بارد.. فالزوج الآن خلف القضبان ينتظر جزاء ما اقترفه. إصرار وترصد تولى عبداللطيف نعيم المحامي الدفاع عن حق المجني عليها، فقال لنا: «نحن أمام جريمة قتل بشعة؛ عندما تجرد الزوج من كل معاني الإنسانية والرحمة، وتناسى عشرة 16 سنة عاشها مع زوجته التي ساندته ووقفت بجانبه، ضرب بكل ذلك عرض الحائط وخطط لجريمته ونفذها دون أن يهتز له رمش». وأضاف: «المتهم جاء من القاهرة للمنوفية لارتكاب جريمته، ذبحها من رقبتها وسط الشارع وأحدث بها جرحا قطعيا نافذا بالفك الأيمن بطول 18سم و23 جرحا قطعيا نافذا بالبطن بعمق 3سم ويوجد جرح قطعي نافذ بطول 35 سم بالكتف الأيمن من ناحية الظهر وجروح متفرقة بالظهر، وقطع أصابع الأقدام.. فالصور المرفقة بمحضر الشرطة أبشع من ذلك؛ فالجريمة استغرقت من خمس لعشر دقائق على طريق مقطوع لا يوجد به أحد.. تربص وخطط ليوم قبل الواقعة وتخفى في أرض زراعية ونفذ جريمته بدم بارد». أما عن سبب ارتكاب الزوج لجريمته، فقال: «المجني عليها تعرضت للضرب والسب أكثر من مرة، وجلس أهل الزوجين مع كبار بلد كل منهما لفض النزاع القائم بينهما، لكن الزوجة ضاقت من التعامل والتعدي وفرت إلى بيت أهلها بالمنوفية وتخلت عن بيت زوجها القائم مسكنه بالقاهرة، فتوجه إليها واشترى سكينا من سوق بمدينة شبين الكوم ونفذ المخطط الذي بذل كل جهده ليظهر الواقعة بالشكل البشع الظاهر في محضر جمع الاستدلالات، ونحن لن نترك حقها وسيكون الإعدام هو مصيره لأن جريمته قتل مع سبق الإصرار والترصد، ونحن نثق تمامًا في القضاء العادل». اقرأ أيضا: تاجر الخضار قتل صديق عمره بالسم .. والجنايات تحيل أوراقه للمفتى