أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مساء الثلاثاء 4 مارس، أنّ "أمريكا عادت" والحلم الأمريكي "لا يمكن إيقافه"، وذلك في أول خطاب له أمام الكونجرس الذي بدا منقسما أكثر من أيّ وقت مضى بسبب التوترات التي تسود البلاد منذ عودة الملياردير الجمهوري إلى البيت الأبيض. وبعد مرور شهر ونصف على بدء ولايته الثانية، استهلّ ترامب خطابه أمام الكونجرس بعبارة "أمريكا عادت". وأضاف "الحلم الأمريكي ينمو أكبر وأفضل من أيّ وقت مضى. الحلم الأمريكي لا يمكن إيقافه، وبلادنا على وشك تحقيق عودة لم يشهد العالم مثيلا لها من قبل، وربّما لن يشهد مثيلا لها مجددا". اقرأ أيضًا: زيادة الرسوم الأمريكية تهدد صناعة الأخشاب الكندية واستمر خطاب ترامب ساعة و40 دقيقة ليصبح بذلك أطول خطاب على الإطلاق يلقيه رئيس أمريكي أمام الكونجرس. استهجان وطرد وما أن بدأ ترامب بإلقاء خطابه حتى انبرى عدد من البرلمانيين الديموقراطيين إلى إطلاق صيحات استهجان لمقاطعته، بينما رفع آخرون لافتات تندّد بسياساته. وعندما تواصلت صيحات الاستهجان، هدّد رئيس مجلس النواب مايك جونسون بإخراج مطلقيها من القاعة إذا لم يكفّوا عنها، فرفض النائب المخضرم من ولاية تكساس آل غرين الاستجابة ووقف رافعا عصاه وصاح بوجه الملياردير الجمهوري. وفي خطوة نادرا ما تحدث في الكابيتول، عمد موظفو الكونجرس إلى مرافقة المشرّع الأسود إلى خارج القاعة أمام ناظري ترامب. بالمقابل، راح البرلمانيون الجمهوريون يصفّقون بحرارة لترامب ويهتفون باسم بلدهم "يو إس إيه! يو إس إيه! يو إس إيه!". وقال ترامب "لقد أنجزنا في 43 يوما أكثر ممّا أنجزته معظم الإدارات الأمريكية في أربع أو ثماني سنوات، وما زلنا في البداية". ولم يفوّت الرئيس الجمهوري أيّ فرصة لمهاجمة خصومه الديمقراطيين، وقال "ليس هناك ما أستطيع فعله" لإرضائهم، مضيفا "إنه لأمر محزن للغاية ولا ينبغي أن يكون على هذا النحو". ميلانيا وماسك وعلى جري العادة تمّ الإعلان بصوت عالٍ عن وصول الرئيس البالغ من العمر 78 عاما إلى قاعة مجلس النواب. واخترق الملياردير صفوف البرلمانيين الجمهوريين، قبل أن يصل إلى المنصة ليلقي خطابه تحت أنظار رئيس مجلس النواب ونائب الرئيس جاي دي فانس الذي يتولّى رسميا منصب رئيس مجلس الشيوخ. وفي قاعة المجلس جلست السيدة الأولى ميلانيا ترامب ومستشار الرئيس المقرب جدا منه إيلون ماسك وقد نال كل منها تصفيفا حارا من الحضور. بالمقابل، ارتدى نواب ديموقراطيون الأصفر والأزرق، لوني العلم الأوكراني، في لفتة أرادوها دعما لأوكرانيا بعد أن قرّر ترامب قطع المساعدات العسكرية الأمريكية عن كييف، في أعقاب مشادة غير مسبوقة في المكتب البيضوي بينه وبين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وأعلن ترامب أنّه تلقّى من زيلينسكي رسالة يبلغه فيها بأنه "مستعدّ" للتفاوض مع روسيا لوقف الحرب الدائرة بين موسكو وكييف، وكذلك أيضا لأن يوقّع "في أي وقت" اتفاقية مع الولاياتالمتحدة تمنحها حقّ استغلال المعادن الأوكرانية النادرة. وقال ترامب "لقد تلقيتُ رسالة مهمّة من الرئيس الأوكراني زيلينسكي. تقول الرسالة إنّ أوكرانيا مستعدّة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن للاقتراب من سلام دائم". حرب تجارية وفي خطابه دافع الملياردير الجمهوري عن سياساته الاقتصادية، معترفا في الوقت نفسه بأنّ الرسوم الجمركية التي باشر بفرضها على دول عدّة قد تتسبّب "ببعض الاضطرابات" في اقتصاد الولايات المتّحدة. وقال ترامب إنّ "الرسوم الجمركية ستجعل أمريكا غنيّة وعظيمة مرة أخرى. هذا الأمر سيحدث، وسيحدث بسرعة كبيرة. ستكون هناك بعض الاضطرابات، لكنّنا راضون عن ذلك، وتأثيرها لن يكون كبيرا". وأضاف أنّ "الرسوم الجمركية لا تتعلّق فقط بحماية الوظائف الأمريكية. بل تتعلق بحماية روح بلادنا". وحذّر الرئيس الجمهوري من أنّ أولئك الذين لا يصنعون منتجاتهم في الولاياتالمتحدة سيضطرون إلى دفع رسوم جمركية "ستكون في بعض الحالات كبيرة إلى حدّ ما". وفي خطابه هاجم ترامب الاتّحاد الأوروبي ودولا مثل كندا والبرازيل والهند والمكسيك وكوريا الجنوبية بسبب ما اعتبرها ممارسات تجارية "غير عادلة". وقال "هذا يحدث من قبل الأصدقاء والأعداء على حدّ سواء. هذا النظام ليس عادلا للولايات المتحدة، ولم يكن كذلك أبدا". وأضاف أنّ الولايات المتّحدة ستفرض على شركائها التجاريين في الثاني من نيسان/أبريل تعرفات جمركية مماثلة لتلك المفروضة عليها. ووعد ترامب بأن تدرّ هذه الرسوم الجمركية عائدات ب"تريليونات الدولارات"، مؤكدا أنها ستخلق كذلك فرص عمل. وفي الشأن الداخلي، أعلن ترامب أنّ الولايات المتّحدة "لن تكون بعد اليوم +يقظة+"، وهو مصطلح مهين يستخدمه المحافظون لوصف ما يعتبرونه تشدّدا مفرطا في تلبية مطالب الأقليّات. كذلك، تعهّد ترامب "شنّ حرب على عصابات المخدّرات المكسيكية" التي تشكّل "تهديدا خطرا للأمن القومي" للولايات المتّحدة. وقال إنّ "العصابات تشنّ حربا على أمريكا، وقد حان الوقت لأمريكا لأن تشنّ حربا على العصابات، وهذا ما نفعله"، مذكّرا بأنّه أدرج العديد من هذه الكارتيلات على قائمة المنظمات الإرهابية. جرينلاند وبنما وجدّد ترامب التعبير عن رغبته بأن تسيطر بلاده على جرينلاند، مؤكّدا لسكّان الإقليم الدنماركي المتمتّع بحكم ذاتي أنّ الولايات المتّحدة "ستحافظ على سلامتكم". وقال "نحن بحاجة إلى (جرينلاند) حقّا من أجل الأمن العالمي الدولي - وأعتقد أنّنا سنحصل عليها. بطريقة أو بأخرى، سنحصل عليها (...) معا، سنأخذ غرينلاند إلى آفاق لم تتخيّلها من قبل". كما أعلن أنّ بلاده باشرت "استعادة" قناة بنما، وذلك إثر إبرام شركة من هونغ كونغ اتفاقا مبدئيا مع كونسورتيوم أمريكي لبيعه ميناءين يقعان على طرفي القناة. وقال إنّه "من أجل تعزيز أمننا القومي بشكل أكبر، ستستعيد إدارتي قناة بنما، وقد بدأنا بالفعل في القيام بذلك. نحن نستعيدها".