نوال سيد عبدالله «القضية الفلسطينية هى أم القضايا فى الشرق الأوسط، فأغلب البلاد فى العالم تحررت إلا فلسطين، ونحن نؤمن بأن هذه القضية إن لم تحل حلًّا عادلًا لن يهدأ العالم ولن يرى السلام لأنها قضية حق وعدل»- فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب.. وتجسد كلمات شيخ الأزهر حقيقة راسخة فى السياسة المصرية تجاه القضية الفلسطينية، حيث لطالما كانت القاهرة خط الدفاع الأول عن حقوق الفلسطينيين، وها هى اليوم تتصدر المشهد مجددًا فى مواجهة محاولات تهجيرهم قسرًا من أرضهم. فقد أثار مقترح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى يقضى بترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مجاورة، موجة رفض دولية غير مسبوقة، وسط إجماع عربى وغربى على خطورة هذه الخطة وتهديدها المباشر للهوية الفلسطينية والاستقرار الإقليمى. بدورها، أكدت المملكة الأردنية رفضها القاطع لأى حلول تتضمن تهجير الفلسطينيين، حيث قال العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى إن «الأردن لن يكون طرفًا فى أى مشروع يؤدى إلى تصفية القضية الفلسطينية أو يهدد الهوية الوطنية الفلسطينية»، مشددًا على ضرورة الحل السياسى العادل وفق قرارات الشرعية الدولية. اقرأ أيضًا| الاحتلال يواصل الاعتقالات بالضفة.. وأسيرة إسرائيلية سابقة لدى حماس تشارك في اقتحام موقع ديني وأصدرت الخارجية السعودية بيانًا أكدت فيه رفضها لأى مشروع يهدف إلى التغيير الديموجرافى القسرى للفلسطينيين، مشيرة إلى أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يكمن فى إقامة دولة مستقلة على حدود 1967. وانضمت كل من الإمارات وقطر إلى قائمة الدول العربية التى أكدت رفضها للتهجير القسرى. وعبرت الجزائر عن موقف صارم تجاه مقترح ترامب، حيث وصفته الخارجية الجزائرية بأنه «محاولة جديدة لطمس القضية الفلسطينية وتصفية حقوق الفلسطينيين». وقوبل هذا المقترح برفض قاطع من الأممالمتحدة، حيث صرح الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريش بأن أى محاولة لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم تشكل «انتهاكًا خطيرًا للقانون الدولى الإنسانى»، محذراً من تداعيات كارثية على المنطقة. وأضاف جوتيريش أن الأممالمتحدة ترفض أى حلول تؤدى إلى تغيير ديموغرافى قسرى للسكان فى الأراضى المحتلة. أعربت دول الاتحاد الأوروبى عن موقف موحد رافض للمخطط، حيث أكدت المفوضية الأوروبية أن أى محاولة لفرض تهجير قسرى على سكان غزة ستؤدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية فى القطاع وستسهم فى زعزعة الاستقرار الإقليمى. ألمانيا بدورها شددت على ضرورة الالتزام بحل الدولتين كخيار وحيد لتحقيق السلام، حيث وصف المستشار الألمانى أولاف شولتس خطة ترامب بأنها «غير مقبولة»، مؤكدًا أن التهجير القسرى جريمة تتعارض مع القيم الديمقراطية التى يدافع عنها المجتمع الدولى. أما فرنسا، فقد أعربت عن استيائها الشديد من المقترح الأمريكى، حيث صرح الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بأن أى خطوة نحو تهجير الفلسطينيين «ستكون بمثابة ضوء أخضر لمرحلة جديدة من العنف وعدم الاستقرار»، مؤكدًا دعم باريس لموقف مصر فى رفضها لهذا السيناريو. من جانبها، رفضت موسكو المقترح الأمريكى بشدة، حيث صرح وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف بأن «أى محاولة لتهجير الفلسطينيين بالقوة من قطاع غزة تعد انتهاكًا صارخًا لميثاق الأممالمتحدة، وقد تؤدى إلى تصعيد واسع فى المنطقة». وتبنت الصين موقفًا مشابهًا، حيث أكدت بكين أن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم «سيؤدى إلى تعقيد الأوضاع أكثر فى الشرق الأوسط». وفى موقف غير متوقع، أصدرت بيونج يانج بيانًا شديد اللهجة، وصفت فيه مقترح ترامب بأنه «استراتيجية استعمارية جديدة تهدف إلى إبادة الفلسطينيين»، داعية المجتمع الدولى إلى الوقوف ضد هذه المخططات. وكانت مصر من أوائل الدول التى أعلنت رفضها القاطع للمقترح، إذ أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة أن مصر لن تسمح بأى تغيير ديموجرافى للفلسطينيين فى غزة، مشيرًا إلى أن حل القضية الفلسطينية يجب أن يكون فى إطار إقامة دولة مستقلة على حدود 1967. ووجدت مصر دعمًا قويًا لموقفها من العديد من الدول الأوروبية، إذ أشادت الخارجية الألمانية بالموقف المصرى الرافض لإفراغ غزة من سكانها، مؤكدة أن المجتمع الدولى يجب أن يتحمل مسئوليته فى منع حدوث كارثة إنسانية. كما أبدى الاتحاد الأوروبى دعمه الكامل لمصر، مشددًا على أن أى حل سياسى للنزاع الفلسطينى-الإسرائيلى يجب أن يحترم حقوق الفلسطينيين فى البقاء بأراضيهم. وفى السياق نفسه، أكدت بريطانيا وإسبانيا رفضهما لأى خطط تؤدى إلى تهجير السكان قسرًا، معتبرتين أن ذلك يمثل سابقة خطيرة فى المنطقة. إلى جانب المواقف الرسمية للدول، أكدت عدة منظمات حقوقية دولية، أبرزها هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، أن التهجير القسرى للسكان من غزة يعد جريمة حرب بموجب اتفاقيات جنيف، محذرة من أن أى دعم دولى لهذه الخطط سيؤدى إلى تصعيد النزاع فى المنطقة. وفى تقرير أصدرته منظمة أوكسفام، حذرت من التداعيات الإنسانية الخطيرة فى حال تنفيذ أى مخطط يهدف إلى تهجير الفلسطينيين، مشيرة إلى أن سكان غزة يعانون بالفعل من كارثة إنسانية جراء الحصار الإسرائيلى المستمر منذ أكثر من 17 عامًا. وتظهر المواقف الدولية والإقليمية حتى الآن رفضًا قاطعًا لمقترح ترامب، مع تأكيد واسع على ضرورة احترام حقوق الشعب الفلسطينى فى البقاء بأراضيه. وبدا واضحًا أن الموقف المصرى كان محوريًا فى حشد الدعم الدولى لهذا الرفض، مما يعزز مكانة القاهرة كطرف رئيسى فى أى حلول مستقبلية للقضية الفلسطينية.