شهدت المناطق الحدودية بين لبنانوسوريا تصعيدًا أمنيًا خطيرًا، خلال الأيام الماضية، حيث اندلعت اشتباكات بين قوات الأمن السورية ومسلحين من عشائر لبنانية فى بلدة حاويك السورية الواقعة بالقرب من الحدود اللبنانية، مما أسفر عن سقوط قتلى ووقوع عمليات خطف متبادلة بين الطرفين. أعلن الجيش اللبنانى استعداده للرد على مصادر النيران على الحدود السورية وهو ما يفتح جبهة قتال جديدة فى وقت تعانى فيه المنطقة من اضطرابات وصراعات متعددة وخطيرة تهدد الاستقرار الإقليمى. لطالما شكلت الحدود اللبنانية السورية الممتدة على طول 330 كيلو مترًا نقطة اشباك بين الجانبين خاصة فى المناطق الشمالية الشرقية، حيث لا تزال أجزاء واسعة منها غير مرسمة مما جعلها عرضة لعمليات تهريب واسعة النطاق سواء للأسلحة أو الوقود أو المخدرات. اقرأ أيضًا | فى مؤتمر باريس.. انفتاح غربى على سوريا فى انتظار مرحلة إعادة الأعمار وتعد المنطقة الممتدة بين الهرمل اللبنانية والقصير السورية واحدة من أكثر المناطق حساسية نظرًا لتداخل السكان والعلاقات العشائرية الوثيقة بين جانبى الحدود. تُمثل الاشتباكات الأخيرة أحد أوجه تعقيد الأزمات التى يعانى منها كلا البلدين، والتصعيد فى هذا السياق ليس مجرد نزاع حدودى، بل هو امتداد لصراعات إقليمية ودولية أكبر تؤثر على الاستقرار فى المنطقة. تعتبر هذه الاشتباكات نتيجة مباشرة للمشاكل الأمنية المستمرة فى سوريا وتأثيرها على لبنان، كثير من المجموعات المسلحة التى بدأت فى سوريا انتقلت إلى مناطق الحدود اللبنانية، وذلك عقب اندلاع الحرب الأهلية السورية، حيث استمرت بعض الميليشيات فى استخدام الأراضى اللبنانية كملاذ آمن أو نقطة انطلاق لشن عمليات على الجانب الآخر من الحدود. وبعد اندلاع الحرب السورية أصبح لبنان ساحة صراع إقليمى حيث دعمت بعض القوى السياسية اللبنانية حكومة دمشق، بينما دعم آخرون الفصائل المعارضة. التوترات الناتجة عن هذا التدخل السياسى انعكست على الأوضاع الأمنية فى المناطق الحدودية. فمنذ عام 2013، أى بعد عامين من اندلاع النزاع السورى، بدأ حزب الله اللبنانى القتال بشكل علنى دعمًا للأسد، وشكلت المناطق الحدودية مع لبنان فى ريف حمص، وفيها قرى ذات غالبية شيعية يقطن بعضها لبنانيون. محطة لوجستية مهمة للحزب إما على صعيد نقل المقاتلين أو إقامة مخازن للأسلحة. وعلى الرغم من أن الحرب السورية قد انخفضت وتيرتها فى بعض المناطق، إلا أن هذه الاشتباكات تؤكد أن المنطقة الحدودية بين البلدين لا تزال نقطة توتر دائم، قد يتسبب هذا التصعيد فى تحولات فى خارطة النفوذ السياسى والعسكرى فى المنطقة. وتؤثر هذه الاشتباكات بشكل كبير على العلاقات بين لبنانوسوريا، حيث يصعب الحفاظ على استقرار أمنى أو سياسى فى غياب حل شامل يضمن أمن الحدود والتنسيق بين البلدين، كما تسهم هذه الاشتباكات فى زيادة المخاوف من تمدد الجماعات الإرهابية، الأمر الذى يتطلب تنسيقًا أمنيًا أكثر فعالية بين لبنانوسوريا. استمرار الاشتباكات يمكن أن يفاقم الوضع الأمنى فى كل من لبنانوسوريا مما يزيد من تعقيد الأوضاع على الحدود ويؤدى إلى نزوح المزيد من اللاجئين السوريين إلى لبنان فى وقت يعانى فيه لبنان من أزمة اقتصادية خانقة وتدهور فى الأوضاع السياسية. الاشتباكات لن تؤثر على البلدين فقط ولكن تعمق من الصراعات الإقليمية القائمة وتؤثر على الدول المجاورة مثل العراق والأردن وتركيا وتعقّد المشهد السياسى فى منطقة مضطربة بالفعل. وفى محاولة لاحتواء الأزمة، يبذل مسئولو البلدين جهودًا للتهدئة والعزم على حل ملفات إشكالية عالقة، بينها وجود اللاجئين السوريين فى لبنان وترسيم الحدود البرية والبحرية وملف المفقودين اللبنانيين فى السجون السورية.