«ريفيرا غزة» التى يدعو الرئيس ترامب لإنشائها.. مستحيلة، لن تقوم على حساب الشعب الفلسطينى، الذى ظل يُضحى على مدى ثمانين عاما، ولو كانوا يريدون الذهاب الى بلد آخر لفعلوا، دون انتظار ان تصبح غزة جميلة. وجائزة نوبل للسلام التى يسعى ترامب للحصول عليها لن تكون بالتهجير القسرى، ولا بإرغام الفلسطينيين على ترك منازلهم وأراضيهم، ونقلهم الى دول الشتات فى الدول التى حصل على موافقتها دون ان يسميها، وإنما بالاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى وإقامة دولته المستقلة. لقد عانى اليهود انفسهم من الشتات وظلوا تائهين دون دولة تجمع شتاتهم قبل اغتصاب فلسطين، ويمكن أن يدخل ترامب التاريخ من اوسع ابوابه، إذا نجح فى إقرار سلام عادل ودائم، وليس مجرد اضغاث احلام، يصعب تنفيذها على أرض الواقع. والسؤال المهم: ماذا يفعل ترامب إذا رفض الفلسطينيون ترك بلادهم ومنازلهم؟ هل يتم القبض عليهم وترحيلهم؟ أم هدم المنازل فوق رؤوسهم وترويعهم بالتصفيات العرقية؟ وهل يأتى بقوات المارينز لشحن الفلسطينيين بالقوة الى المجهول؟ وهل تدخل الضفة الغربية بعد غزة فى كردون مدن الريفيرا بعد استكمال هدمها وتهجير سكانها، لتنعم اسرائيل بأن تكون دولة كبيرة، بدلا من ان تظل فى حجم «رأس القلم» على حد تعبير الرئيس الأمريكى؟ الإصرار على التهجير الإجبارى يزرع الكراهية التى سوف تستمر طويلا فى المنطقة، ولن يحقق أمنا ولا سلاما لإسرائيل، ولن يمهد السبل لعلاقات طبيعية مع جيرانها العرب، ولن تتوقف المقاومة ولن ينقذ الضحايا الأبرياء، ويفتح ابواب الصراع. التذرع بأن غزة اصبحت منكوبة وغير صالحة للحياة، وأن إعادة إعمارها تستغرق عشرة أعوام، وهى حجج ضعيفة وخادعة، لأنه يؤكد ان الفلسطينيين لن يسمح لهم بالعودة بعد إعمارها.. يعنى المسألة ليست سلاما ولا استقرارا، وإنما توسيع مساحة اسرائيل التى هى فى حجم رأس القلم. تؤكد الولاياتالمتحدة فى وثائقها الرسمية وخطاباتها على دعم حق الشعوب فى تقرير المصير والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولكن يبدو ذلك خداعا للدول والشعوب التى تدور فى فلك الصداقة الامريكية، وأنها تضرب علاقتها الاستراتيجية بأصدقائها فى المنطقة، من أجل تنفيذ خطة استعمارية، لم يجرؤ رئيس أمريكى آخر على تبنيها وينسف ما تبقى من جسور. الرفض العربى هو حائط الصد، والتهجير الإجبارى ضد إرادة الشعوب العربية والاسلامية وليس الحكام فقط، وترفضه كل الدول وليس الحكام فقط، ولا يمكن تنفيذه بالأمر المباشر، ولا بالتجريدات العسكرية واستكمال تدمير غزة والضفة. هل تريد امريكا السلام والأمن والاستقرار؟ هل تريد الصداقة أم العداء، العدالة أم اغتصاب بقية الأراضى الفلسطينية؟.. إنه بالفعل شرق أوسط كئيب.