يُعد قصر الأمير يوسف كمال بالمريس، الواقع في منطقة أرمنت بمحافظة الأقصر، أحد أهم المعالم التراثية المعمارية التي تعكس ذوق وفخامة الأسرة العلوية في مصر، أنشئ القصر عام 1907 على يد الأمير يوسف كمال، أحد أبرز أفراد العائلة المالكة، والمعروف بشغفه بالفنون والعمارة والصيد. يمتد القصر على مساحة شاسعة تزيد عن 4 أفدنة، ويضم عدة مبانٍ معمارية فريدة تحكي قصة عصر ازدهرت فيه الفنون والعمارة العربية، كما أكده الدكتور محمود عبد الوهاب مدني مدير الشئون الاثرية بنجع حمادي. ورغم مرور الزمن، لا يزال القصر شاهدًا على حقبة من الرقي والجمال، حيث احتوى على مجموعة كبيرة من التحف والمقتنيات التي عكست اهتمام الأمير بجمع الكنوز الفنية من مختلف أنحاء العالم، وفي السطور القادمة نستعرض تاريخ القصر، وملامحه المعمارية، وأهم مقتنياته، بالإضافة إلى الجهود المبذولة للحفاظ عليه كجزء من التراث المصري العريق. الأمير يوسف كمال.. نبذة عن حياته وإنجازاته 1- نسبه ومكانته في الأسرة العلوية الأمير يوسف كمال هو أحد أغنى أمراء الأسرة العلوية في مصر، واسمه الكامل يوسف كمال بن أحمد كمال بن أحمد رفعت بن إبراهيم باشا بن محمد علي، وتميز بمظهره الأنيق وسلوكه الهادئ، وكان مغرمًا بالصيد واستخدام السلاح، إلى جانب اهتمامه الكبير بالفن والعمارة العربية. 2- دوره في دعم الفنون والثقافة كان الأمير يوسف كمال من كبار الداعمين للفنون في مصر، إذ أسس مدرسة الفنون الجميلة بالقاهرة، والتي أصبحت حجر الأساس لحركة الفن الحديث في مصر، كما خصص أحد منازله في درب الجماميز كمقر لها، وأوقف عليها 127 فدانًا من أجود الأراضي الزراعية لضمان استمرارها. 3- مقتنياته وقصوره في مصر امتلك الأمير يوسف كمال العديد من القصور والاستراحات في أنحاء الجمهورية، ومنها: اقرأ أيضاً| الأوقاف الفلسطينية: ما يقوم به الاحتلال في الحرم الإبراهيمي تجاوز خطير وانتهاك للمقدسات الإسلامية - قصر المطرية - قصر نجع حمادي - فيلا بسويتش - فيلا بستانلي بالإسكندرية - استراحة المريس في أرمنت كما كان الأمير جامعًا للقطع الفنية النادرة، مما جعل قصوره أشبه بالمتاحف التي تضم مقتنيات فريدة من مختلف الثقافات. قصر المريس.. تحفة معمارية في قلب الصعيد 1- موقع القصر يقع قصر الأمير يوسف كمال في منطقة المريس بأرمنت، إحدى المناطق التاريخية بمحافظة الأقصر، والتي تتمتع بطابعها الريفي الساحر وإطلالتها المميزة على نهر النيل. 2- تاريخ الإنشاء شُيد القصر عام 1907، ليكون استراحة للأمير أثناء رحلاته في جنوب مصر، حيث كان مغرمًا بالصيد وقضاء الوقت في المناطق الطبيعية بعيدًا عن صخب العاصمة. 3- الطراز المعماري يُعد القصر نموذجًا فريدًا للعمارة الكلاسيكية في مطلع القرن العشرين، حيث يجمع بين الأسلوب الأوروبي واللمسات الشرقية التي تظهر في التفاصيل المعمارية والزخارف. 4- مكونات القصر يضم القصر عدة مبانٍ معمارية مستقلة، محاطة بحديقة واسعة تزيد مساحتها عن أربعة أفدنة، وتشمل: الحرملك (المبنى الرئيسي): وهو المبنى المخصص لإقامة الأمير، ويتميز بتصميمه الفخم. السلاملك (استراحة الزوار): مبنى منفصل لاستقبال الضيوف وإقامتهم. مبنى المطبخ: كان يُستخدم لإعداد الطعام للعاملين والضيوف. مبنى وأبور النور: كان مسؤولًا عن توفير الإضاءة للقصر، مما يدل على تطور البنية التحتية في ذلك الوقت. المخزن: لحفظ المقتنيات والمؤن. الأسوار والبوابتان: تحيط بالقصر وتحميه، وتعكس الطابع المعماري المميز في جنوب الصعيد. نافورة المياه (الفسقية): كانت تضيف لمسة جمالية، لكنها اندثرت مع مرور الزمن. ** مقتنيات القصر - كنوز من مختلف أنحاء العالم 1- التحف والمقتنيات النادرة كان القصر يضم أكثر من 1200 قطعة أثرية نادرة، تتنوع بين اللوحات، والمفروشات، والتماثيل، وأدوات الزينة، والسجاد الفاخر. 2- نقل المقتنيات إلى المتحف الزراعي في 16 نوفمبر 2002، تم نقل أكثر من 1022 قطعة أثرية من قصر المريس إلى المتحف الزراعي بالدقي، حفاظًا عليها من التلف والسرقة، وتوثيقًا لأهميتها التاريخية. ** القصر عبر الزمن - من مجد الماضي إلى الحاضر 1- تراجع الاهتمام بالقصر بعد وفاة الأمير يوسف كمال، تعرض القصر للإهمال، مما أدى إلى تدهور حالته المعمارية وفقدان بعض معالمه الأصلية. 2- محاولات الحفاظ عليه تم تسجيل القصر كأحد المعالم التراثية ذات الطابع المعماري المميز، وأُدرج ضمن مشروعات التنسيق الحضاري للحفاظ عليه. هناك محاولات لإعادة ترميمه وإعادة استخدامه كمتحف أو مركز ثقافي يعكس تاريخ الأمير وإرثه الفني. يُعد قصر الأمير يوسف كمال بالمريس نموذجًا فريدًا للعمارة الملكية في مصر الحديثة، حيث يعكس مزيجًا من الأناقة الأوروبية والتقاليد الشرقية. رغم تعرضه للإهمال، لا يزال يحمل في جدرانه وأروقته حكايات عن زمنٍ كانت فيه الفنون والثقافة تحتل مكانة بارزة في المجتمع المصري. يعتبر الحفاظ على القصر وترميمه ليس مجرد صيانة لمبنى أثري، بل هو حماية لجانب مهم من تاريخ مصر، يروي قصة أحد أبرز أمرائها، ودوره في دعم الفنون والتعليم. يأمل الكثيرون أن يُعاد لهذا القصر رونقه، ليكون شاهدًا حيًا على إسهامات الأمير يوسف كمال في بناء نهضة ثقافية ومعمارية لا تزال أثارها قائمة حتى اليوم.