جشع التجار واحتكارهم للسوق يؤدى لزيادة الأسعار، ويمثل عبئًا على المواطنين فى ظل الظروف الاقتصادية وهو الأمر الذى حرمته الشريعة ويحذر منه العلماء. وعنه يقول د. محمود مهنى عضو هيئة كبار العلماء إن الاحتكار جريمة كبرى فى نظر الإسلام وأن التاجر المحتكر والمستغل لحاجة الناس ملعون فى الدنيا والآخرة، وأن من يحبس السلع عن الناس واستغلالها لرفع سعرها برئت منه ذمة الله ورسوله وأن الأصل فى التجارة التحلى بالصدق والأمانة وعدم استغلال الأزمات وقال النبى صلى الله عليه وسلم: «من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد برئ من الله وبرئ الله منه»، وعن عمر بن الخطاب قال: «سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس»، وأن الإسلام قد حرّم الغش والتدليس والاحتكار فى كل الأوقات هذا من جانب ومن جانب آخر أن الإسلام حث على التكافل والتراحم فى كل الأوقات، وأضاف أن الإسلام حث المسلم على أن يكون كسبه من الحلال الطيب وحذر من المكسب الحرام أو الذى فيه شبهة. ويحذر «مهني» من خطورة الاحتكار وغلاء الأسعار والاستغلال والغش على الفرد والمجتمع، مؤكدًا أن هناك خطورة على الناس عامة فتكمن فى أن بعض التجار إلا من رحم ربى غرضهم الأساسى الربح وتراهم يسلكون من أجل ذلك كل مسلك، سواء أكان بطريق الحلال أم الحرام كما أن هناك خطورة على التجار أنفسهم، وما قضايا الاحتكار والغش التجارى هنا ببعيد فهى كثيرة ومنتشرة بين التجار الذين لا يراعون فقر المستهلكين بل يزيد أموالهم يومًا بعد يوم بمص دماء الفقراء والمحتاجين واستغلال حاجتهم للسلع الأساسية وبالتالى يزداد الهم والحزن الذى ينتاب المواطنين البسطاء. اقرأ أيضًا | شهر رفع الأعمال.. الإكثار من الصالحات فى شعبان «سنة» ويطالب عضو هيئة كبار العلماء الحكومة بأن تنظم قانونًا إجراميًا لهؤلاء التجار المحتكرين وتحديد الأسعار بما يناسب الظروف الاجتماعية التى يمر بها المواطنون ومعاقبة التاجر الجشع المستغل لظروف الناس وتقديمه للمحاكمة ووضع قانون يجرم ذلك رأفة بالمواطن الفقير الذى يعانى من صعوبة الحياة وإعادة الثقة والطمأنينة إلى نفوس المواطنين، وعلى المجتمع أن يتكاتف فى وجه هذه الظاهرة الأثيمة ورد كل ما من شأنه أن يؤذى بالناس أو يلحق الضرر بهم فى مظهر التعاون الجاد، كما أمرنا بذلك المولى عز وجل فقال سبحانه وتعالى: «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا الإثم والعدوان» وفى الحديث الشريف قال النبى صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمي». ويشدد د.عبدالله الحسينى منسق العلوم الشرعية بالأروقة العلمية للجامع الأزهر الشريف على أن الاحتكار آفة ذميمة، ومظهر من مظاهر الطمع والجشع الذى استولى على قلوب بعض التجار، ونزَع الرحمة منها، وجعلهم يتسببون فى رفع الأسعار بشكل غير مبرر، ويستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير، يستبدلون البركة والرزق الحلال باللعن والمال الحرام، كما قال صلى الله عليه وسلم: «الْجَالِبُ مَرْزُوقٌ وَالْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ».، وقال أيضاً: «لا يحتكر إلا خاطئ» أى آثم. ويضيف: ربما ينظر التاجر إلى ربحه ويريده أن يزيد، بغض النظر عما إذا كان ذلك من حلال أو حرام، حتى لو تسبب ذلك فى ضرر لغيره كإثقال كاهل الفقراء والمحتاجين نتيجة زيادة أسعار السلع أضعافاً مضاعفة، والزيادة من حدة الأزمات الاقتصادية، وزيادة الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، والإخلال بمبدأ العدالة الاجتماعية التى لطالما دعت الشريعة الإسلامية لتحقيقها بين الناس. ويؤكد أنه يمكن أن يُواجه هذا السلوك عن طريق فرض الرقابة على الأسواق من الجهات المعنية، وتطبيق العقوبات الرادعة ضد المحتكرين، وقد قال فقهاء الحنفية والمالكية وغيرهم: إن لِوَلِّى الأمر أن يحدد أسعار السلع إذا دعت الحاجة إلى ذلك، أما دور المجتمع فى مواجهة الاحتكار، فيتمثل فى توعية الأفراد بأضرار هذه الظاهرة والحث على التعاون والرحمة بين الناس، كما يجب على المجتمع أن يتفاعل مع الجهات المختصة للإبلاغ عن التجاوزات وتفعيل القوانين الرادعة التى تمنع احتكار السلع.