التحايل على القانون أصبح من الأمور السائدة بين عدد من معدومى الضمير لتحقيق مصالح وأغراض شخصية سواء مادية أو معنوية، أو للتهرب من المساءلة القانونية، فى الآونة الأخيرة طرأت تطورات غريبة على المجتمع المصرى لم نكن نسمع بها منها قيام بعض الزوجات بالطلاق من أزواجهن رسميًا وتحرير عقد زواج عرفي» من نفس الزوج؛ وذلك للحصول على معاش الأب المتوفى أو معاش الزوج المتوفى إن كانت أرملة. قضية فى منتهى الخطورة تنذر بانهيار المجتمع أخلاقيًا لذا نحاول دراستها دراسة دقيقة للوقوف على أسبابها والتحذير من تكرارها.. حول هذا يقول د. أحمد كريمة إن هذا الطلاق الصورى يقع ويحرم على الزوجين العيش معا لأن المرأة أصبحت محرمة عليه مستشهدًا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة»، وأن من يقوم بهذه الأفعال يتلاعب بهذا العقد الذى سماه الله عز وجل ميثاقا غليظا وهو من أوثق العقود، التى أقرتها الشريعة الإسلامية ولا يجوز بأى حال من الأحوال الاستهزاء والاستهتار بهذا الميثاق الغليظ. اقرأ أيضًا | الدكتورة إلهام شاهين مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية: الواعظات «قوة ناعمة» فى مواجهة التطرف وتعجب «كريمة» من استخدام الطلاق الذى شرعه الله عز وجل إذا ما استحالت الحياة الزوجية فى الاستمرار بين الزوجين يتم الآن استخدامه فى التحايل على مخالفة ولى الأمر وتحصيل أموال بغير وجه حق. ويوضح أنه إذا طلق الزوج زوجته بوثيقة رسمية فلا يجوز له مراجعتها شفاهية أو بتحرير عقد عرفى ويعتبر صاحبه «آثما»، أما من طلق زوجته شفاهية فيجوز له مراجعتها شفاهية، وبالنسبة للحصول على معاش أحد الوالدين أو الزوج الأول إن كانت أرملة بمخالفة صريحة للقانون فهذه الأموال حرام حرام، وعلى كل من وقع فى هذا الخطأ الشرعى والقانونى أن يراجع نفسه ويعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل المخالفة. وشدد «كريمة» على دور المؤسسات الدينية فى التوعية والتصدى بمثل هذه الأمور حتى لا يقع أحد فى محظور شرعى دون أن يعلم. وطالب الأزواج والزوجات بالرضا بما قسمه الله لهما والصبر على حياتهما والسعى لجلب الرزق الحلال والبعد عن الأبواب التى يزينها الشيطان لهما ليكونا من السعداء فى الدنيا والآخرة مستندًا لقوله تعالى: «ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب». ويطالب وزارة التأمينات الاجتماعية بتعديل قواعد صرف المعاشات بعدم حرمان المتزوجة من معاشها من أبيها، وكذلك من زوجها المتوفى سدا لجريمة الطلاق الصورى وكذلك للزواج العرفى. ووافقه الرأى د. الأمير محفوظ عضو بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية سابقًا أن الطلاق الصورى صورة محدثة من صورِ الطلاق التى أفرزها واقع الناس اليوم لأسباب من فقر وحاجة؛ لأنه يكون بدافع استحلال معاش قد انقطع بالزواج، سواء أكان المعاش لأب أو لزوج سابق أو لغيرهما، فنجد بعض الأزواج يتوافقون على إيقاع الطلاق صوريا فقط، أو تطلب امرأة الطلاق بلا سبب شرعى غير كونه احتيالا منها للحصول على معاش متوفى إما بالاتفاق مع زوجها بإيقاع طلاق صورى «عرفي» بينهما وإما بقرارها الانفرادى لتنعم بمال حرام لقول الله فى كتابه الكريم: «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقًا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون» «البقرة: 188» فالله حرم أكل الأموال بحيلة باطلة، كما أن الحياة الزوجية لهذه المرأة تهدد بالعقاب ينتظرها فى الآخرة جراء هذه الفعلة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرم عليها رائحة الجنة» «رواه أحمد»، ناهيك عن حرمة ما يستحل من مال محرم يورث شقاء فى الدنيا. وأضاف أن ما تفعله بعض النساء من الاحتيال لأخذ معاش والدها المتوفى كذبا يرفضه وينكره الإسلام كما قال صلى الله عليه وسلم «من غشنا فليس منا»، ولا شك أن هذا الفعلَ يرفضه الضميرُ الإنسانى وتأباه الفطرة السوية، ومن هنا يحرم على كل مكلف يخشى يوم الحساب أن يحتال باستحلال ما ليس مستحقا له، وعلى الدولة النظر والتحقق فى أسباب هذه المشكلة التى تزداد وتنتشر بين الحين والآخر، وعلى المجتمع أن يتراحم أفراده فيما بينهم.