عرائس وعرسان يرقصون بطريقة فجة على أنغام الأغاني الشعبية حاملين شماريخ وألعابا نارية، عروس تمسك المايك وتلقى تحية أشبه بالخطبة أمام معازيم حفل الزفاف وتطلب منهم الابتعاد عن العريس لتستأثر به، فهذا حقها الطبيعى قائلة "هو عيب أغنى لجوزي؟"، وعريس آخر يفاجئ عروسه بإدخالها قاعة الزفاف على لودر وهو يراقصها حتى الوصول للكوشة، وآخرون يصنعون مشهدا يصل لحد الضرب والسباب ليؤكدوا بعد ذلك أنه مجرد مقلب لجذب الانتباه وجعل حفل الزفاف مميزا.. فما القصة.. ولماذا يبحث الكثيرون عن اللقطة أو الترند؟ ◄ تقليد أعمى من العرسان لمشاهير «تيك توك» و«يوتيوب» ◄ منظمو حفلات الزفاف والمصورون وراء انتشار الفيديوهات عشرات اللقطات المتناثرة على مواقع التواصل الاجتماعي أقرب لمشاهد تمثيلية متفق عليها من قبل العروسين ليصنعا ترنداً خاصًا بهما، فربما يطرق الحظ بابهما ويحققان شهرة كبيرة على السوشيال ميديا. أهالي وحضور يسارعون لصنع لقطات ومقاطع فيديو تمثيلية وبثها على صفحاتهم الخاصة بمواقع التواصل، كذلك قاعات الأفراح التى أصبحت تروج لنفسها عن طريق خلق فيديوهات مثيرة للجدل بالاتفاق مع العروسين، بل يتم الاتفاق أيضا على تقسيم نسب الأرباح المادية نظير عدد المشاهدات وبعض اللقاءات التلفزيونية بعد ذلك، والأمر ذاته بالنسبة لصالونات التجميل والكوافيرات، عرائس وعرسان لم يعد شغلهم الشاغل الاحتفال بليلة العمر وجعلها ليلة جميلة لا تُنسى، بل كل ما يهم تصدُّر مواقع التواصل وأن يصبحوا حديث الناس! ◄ الزفة الكدابة لا يكاد يمر أسبوع أو أسبوعان حتى يخرج علينا ترند جديد بطله إما عريس أو عروس أو كلاهما، يستغلان ليلة العمر لتحقيق شهرة واسعة ربما تدوم لأيام وشهور، وأغلب هذه الترندات يتم التحضير لها بالاتفاق إما مع الأقارب أو منظمى حفل الزفاف ومصورى القاعة، حتى يتم الترويج لها ونشر اللقطات على منصات التواصل الاجتماعى، وهى ليست وليدة الصدفة أو الحدث كما يزعم الكثيرون. لم يعد الحفل يقتصر على صنع فقرات ترفيهية أو غناء ورقص العروس مع صديقاتها بطريقة منظمة، بل تخطى ذلك إلى حد تأليف مشاهد تمثيلية، لعل أشهرها تلك العروس التى تعرضت لموقف محرج بعدما ارتدت حماتها فستانًا أبيض وتاجًا مثلها مثل العروس، والغريب أن تلك الواقعة لم تكن الأولى فعروس أخرى فوجئت بارتداء شقيقات العريس فستان زفاف أبيض، وكان للعروس رد فعل قوى، إذ اشترطت على عريسها أن تستبدل الشقيقات فساتينهن وإلا فالزيجة لن تتم، وتدخل المعازيم لتهدئة الوضع، وبالطبع فإن ذلك كان تحت عدسات كاميرات المصورين وموبايلات الحضور. واقعة أخرى لعروس قبّلت قدم عريسها فى حفل زفافهما أمام المعازيم، ثم احتضنته وهى في قمة السعادة لأنها ستتزوج منه، وانتشر مقطع الفيديو سريعًا وأصبح حديث رواد مواقع التواصل لتنهال التعليقات السلبية تارة والإيجابية تارة أخرى، وبعضهم أكد أن العروس تقلد ترند "ريم وشاكوش" عندما قامت ريم طارق طليقة حسن شاكوش يوم زفافها بسجدة شكر لأنها ستتزوج من مؤدى أغاني المهرجانات المعروف، لكن الحياة الزوجية لم تستمر بينهما وانتهى الأمر بالطلاق ولا يزال بينهما العديد من القضايا المنظورة فى المحاكم. ولم تكن العروس وحدها التى قامت بتقبيل قدم عريسها، فعريس آخر قبّل قدم عروسه السورية أمام الحاضرين، كما قام بتلبيسها الشبكة فى قدميها مرددًا: "الحمد لله"، وانتشر لهما مقطع فيديو على صفحتهما بموقع "فيسبوك" أكدا فيه علاقة الحب الكبيرة التى جمعتهما، التى جعلت العريس يعد عروسه بإقامة حفل زفاف لها يكون حديث الجميع. اللافت للانتباه أن هذا الحفل لم يخلُ من اللقطات الغريبة التى سجلتها الكاميرات، حيث جلست العروس على إحدى الطاولات ممسكة بسيجار فاخر وانطلقت تدخنه بشراهة، بينما جلس العريس بجانبها يجفف عرقه فى خجل واضح! ◄ ضرب واختطاف إذا كان بعض اللقطات ومشاهد حفل الزفاف يثير العجب أو النفور، فإن هناك مشاهد أخرى تخلق حالة من الخوف والصدمة بل وتثير الكثير من البلبلة، منها ترند "عريس القلم"، الذى ظهر وهو يضرب عروسه خلال حفل زفافهما، بعد أن قام أحد الحضور بخطبة فتاة أخرى أثناء الفرح، لتنهال التعليقات والتساؤلات ويتبيّن لاحقًا أن الحادثة دبّرها العروسان وأهلهما لجذب المشاهدات وتحقيق الشهرة على وسائل التواصل الاجتماعى. أما عريس الدقهلية الذى ادعى اختطافه يوم زفافه وخرج بفيديو مع مختطفيه لتأكيد حدوث الواقعة، فإن الأجهزة الأمنية كشفت فيما بعد أن الشاب أطلق إنذارًا كاذبًا ليجذب الانتباه فقط نحو فيديوهاته، واتفق مع بعض الأشخاص لتدبير الواقعة ونشرها على مواقع التواصل. ◄ طلبات غريبة تقول ميادة أشرف، منظمة حفلات زفاف: تغيرت تقاليد وطلبات العروسين فى حفل الزفاف، حيث أصبح لديهما حرص شديد على أن يكون الحفل غريبًا بحيث تتم إضافة فقرة غريبة أو اثنتين ويتم تسليط كاميرات المصورين عليها، فمنذ عدة سنوات كان الحفل يقتصر على فقراته العادية مثل إلقاء العروس بوكيه الورد على صديقاتها، أو رقص العروسين مع الأصدقاء والأقارب على إيقاع أغنية يتم اختيارها بعناية، لكن مؤخرًا تم استحداث فقرة يقوم فيها أشقاء العروس أو العريس بغناء أغنية يتم تأليفها وتلحينها خصيصًا لهذه المناسبة، أو توجه العروس تحية طويلة لوالديها وأشقائها تذكر فيها جهدهما المبذول للعناية بها إلى أن أصبحت عروسًا. وتضيف ميادة: هناك فقرات قد تؤدى لحدوث مشكلات ومواقف محرجة، منها أن يقوم العريس بحمل عروسه والدوران بها وسط القاعة، مما يؤدى لموقف محرج لثقل وزن الفستان، لافتة إلى أن الكثير من العرسان يطلبون تقليد فيديوهات معينة تظهر على "تيك توك" ورغم تفاهة هذه الأفكار فى بعض الأحيان أضطر لتنفيذ طلبات العروسين. وترى ميادة أن أفراح البلوجرز واليوتيوبرز هى المحفز الأول للعديد من العرسان المغرمين بهم، فيطلبون تقليد نفس الفقرات وحتى اختيارهما للأغانى ووصلات الرقص وهذا بالطبع يُفقد الفرح بريقه الخاص. ◄ ربح منتظر أما أحمد بونجا، مصوّر حفلات زفاف فيقول: مع غزو السوشيال ميديا وهوس الترندات أصبح العروسان يخططان لأن يسرقا الأضواء ويقوما بعمل فيديوهات قصيرة وطويلة غريبة على مجتمعنا، وأغلبها إما مستوحى من الأفراح الغربية أو أفراح المشاهير من البلوجرز واليوتيوبرز، بالاتفاق مع مصورى حفل الزفاف، مشيرًا إلى أن الهدف حصد أرباح من السوشيال ميديا وتحقيق شهرة يتم استغلالها بعد ذلك على منصات مثل "تيك توك" و"فيسبوك" و"يوتيوب". ويؤكد بونجا أن بعض المصورين وقاعات الزفاف تشترط الحصول على نسبة من الأرباح، بل وتقوم القاعة بتوجيه الدعوة لبعض الأشخاص الذين يمتلكون آلاف المتابعين على صفحاتهم بهدف المساهمة فى نشر الفيديوهات على نطاق أوسع، مضيفًا أن بعض الترندات لا يشارك فيها العروسان فقط، فبعض المأذونين الشرعيين يحاولون خطف أضواء الكاميرات وصنع ترند خاص من خلال خطابات فكاهية ونصائح للعروس أشبه بنصائح الأمهات. ويشير إلى أن أغلب ترندات الأفراح تقابل باستهجان شديد وتعليقات سلبية، مما يجعلها تختفى وينساها الناس سريعًا، لكنها تظل باب ربح للمصورين وصالونات التجميل، وقاعات الزفاف التى تستغل ذلك فى الترويج لنفسها. ◄ غياب القيم من جانبها، تقول الدكتورة منى نوح، أستاذة علم النفس: مع تزايد استخدام وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت هناك حالة من التخبط وغياب للقيم والمعايير الاجتماعية السليمة، فالكل أصبح يبحث عن الربح السريع والشهرة بغض النظر عن الوسيلة، فالعروسان يتفقان على تعويض المبالغ المادية التى أنفقاها لتجهيز حفل الزفاف عن طريق جنى أرباح من السوشيال ميديا وربما يلعب الحظ لعبته وتلهث وراءهما قنوات التليفزيون ومنتجو الأفلام الهابطة. وتضيف: المؤسف أن يتعاون الأهل مع العروسين فى تخلٍ كامل عن التقاليد المتوارثة، حيث يتم جرهم نحو تصوير فيديوهات مبتذلة قد تخدش الحياء أحيانًا، مؤكدة أن الكثير من هذه الأفراح التى كانت تلهث وراء اللقطة والشهرة لم تستمر وكان مصيرها الطلاق. وترى نوح أن الأم التى تبحث عن اللقطة بارتداء فستان زفاف يشبه فستان العروس، أو الأب الذى يلقى خطبة طويلة يعبر فيها عن حبه لابنته العروس كلاهما يعانى فوبيا التجاهل والوحدة بعد زواج الأبناء فيعوضان ذلك بفعل مستهجن يظل حديث الناس.