كشف عام 2024 حقيقة الوضع الإسرائيلي وتداعيات عدوانه المتواصل على غزة، حيث واجه عزلة دولية غير مسبوقة وانقسامات داخلية حادة هددت تماسكه، إذ شهد العام سلسلة من الأزمات المتلاحقة، من ملاحقات قضائية دولية إلى احتجاجات داخلية عنيفة، بينما تتصاعد الأصوات المطالبة بمحاسبة قادته على جرائم الحرب الموثقة في غزة. انهيار الصورة الدولية وتصاعد المساءلة القانونية مثل عام 2024 نقطة تحول في مسار المساءلة القانونية للقادة الإسرائيليين، مع إصدار محكمة العدل الدولية مذكرات اعتقال غير مسبوقة بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يؤاف جالانت. اقرأ أيضًا| «العدل الدولية» تبدأ جلسات قد تؤثر على التقاضي بشأن المناخ عالميا وتزامن ذلك مع تقارير أممية وحقوقية موثقة تؤكد ارتكاب جرائم حرب في غزة، من استهداف متعمد للمستشفيات والمدارس إلى قتل منهجي للمدنيين. وداخلياً، استمرت جلسات محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد، حيث كشفت التحقيقات عن شبكة معقدة من العلاقات المشبوهة والرشاوى واستغلال النفوذ، مما أضعف شرعيته السياسية وأثار تساؤلات حول أهليته للحكم. كما شهد العام تحركات عدة دول أوروبية للاعتراف بدولة فلسطين في صورة قوية لمعارضة إسرائيل، مع إصدار عدد من الدول بيانات استنكار للانتهاكت الإسرائيلية التي تدوام عليها تل أبيب في قطاع غزة . تفكك التحالفات وتعمق العزلة الدولية شهد عام 2024 تحولاً جذرياً في موقف المجتمع الدولي من إسرائيل، حيث تصدعت تحالفات تاريخية وانهارت علاقات استراتيجية، إذ فرضت دول أوروبية عقوبات اقتصادية وعسكرية غير مسبوقة، شملت تجميد أرصدة مسؤولين إسرائيليين ووقف صفقات أسلحة بمليارات الدولارات. وقطعت دول أخرى علاقاتها الدبلوماسية احتجاجاً على استمرار العدوان في غزة، بينما شهدت العلاقات مع الولاياتالمتحدة توتراً متصاعداً حول إدارة الحرب وسياسات الاستيطان. تصدعات داخلية تهدد التماسك المجتمعي تحول المشهد الداخلي الإسرائيلي في 2024 إلى ساحة صراع مفتوح، مع تصاعد الاحتجاجات على عدة جبهات، إذ تحولت قضية المحتجزين في غزة إلى أزمة سياسية واجتماعية حادة، مع تنظيم عائلاتهم اعتصامات يومية في ساحة "هبيما" بتل أبيب. وتحولت هذه الاعتصامات إلى تظاهرات حاشدة تجوب الشوارع الإسرائيلية، مطالبة باستقالة نتنياهو وحكومته المتطرفة. وفي تطور آخر، فجرت قضية تجنيد اليهود المتشددين (الحريديم) أزمة اجتماعية غير مسبوقة، إذ شهدت شوارع القدسالمحتلة وتل أبيب مواجهات عنيفة بين المتظاهرين الحريديم وقوات الأمن، مع رفض قطعي لقانون التجنيد الإلزامي. وكشفت هذه المواجهات عن عمق الانقسام بين العلمانيين والمتدينين، وفشل نموذج "التعايش" الإسرائيلي. اقرأ أيضًا| خبير: الاحتلال يستهدف مصالح المواطنين في اليمن ولم يرد على الحوثيين انهيار اقتصادي وأمني متسارع سجل الاقتصاد الإسرائيلي في 2024 أسوأ أداء في تاريخه، مع تكبد خسائر يومية فادحة بسبب العدوان المتواصل على غزة، إذ تراجعت البورصة الإسرائيلية بنسب قياسية، وانخفضت الاستثمارات الأجنبية بأكثر من 60%، بينما انهار قطاع السياحة بشكل شبه كامل. وأدى ارتفاع النفقات العسكرية إلى عجز غير مسبوق في الموازنة، مع تراجع حاد في احتياطات العملة الأجنبية. وعلى الصعيد الأمني، واجهت إسرائيل تحديات متعددة الجبهات، فمع استمرار المواجهات على الحدود اللبنانية، تصاعدت التهديدات من اليمن وإيران، مما استنزف قدراتها العسكرية والاقتصادية. وكشفت هذه التحديات عن هشاشة النظرية الأمنية الإسرائيلية وفشل استراتيجية الردع. مستقبل مجهول وتحديات وجودية كشفت 2024 عن أزمات هيكلية عميقة تواجه المشروع الصهيوني، فالعزلة الدولية المتزايدة، والانقسامات الداخلية الحادة، والتحديات الاقتصادية والأمنية، كلها مؤشرات على تآكل النموذج الإسرائيلي وفشله في تحقيق وعوده. ويبدو أن عام 2025 سيكون حاسماً مع تصاعد الضغوط الدولية لوقف العدوان على غزة، وتزايد الدعوات لمحاكمة القادة الإسرائيليين، وتفاقم الأزمات الداخلية التي تكشف عن هشاشة البنية السياسية والاجتماعية للكيان الإسرائيلي.