الرواية «الرسمية» الأمريكية تقول إن الولاياتالمتحدة لم تكن على علم مسبق باغتيال حسن نصر الله، وأنها ليست ضالعة بأى شكل فى هذه العملية، ولا فى عمليات الاغتيال والتفجيرات التى شنتها إسرائيل على لبنان والتى بدأت بجريمة تفجير أجهزة الاتصال الشخصى واللاسلكى ولم تنته باغتيال الشهيد نصر الله. سنحاول تصديق ذلك حتى ولو كانت إسرائيل نفسها هى التى أكدت «العلم المسبق» لواشنطون باغتيال نصر الله ولم تتراجع عن روايتها «!!» وحتى لو كانت واشنطون تقر بأن التعاون المخابراتى ،وهو الأهم فى مثل هذه العمليات التى استهدفت لبنان واغتالت قيادات حزب الله، لم تنقطع أبداً «!!» وحتى لو كان ما جرى فى غزة يقول إن الخلافات فى القتل لم تفسد للود قضية بين واشنطون وتل أبيب!! سنحاول تصديق الرواية الأمريكية، لكن ذلك لا يمنع الأسئلة المشروعة فى وقت تسير فيه المنطقة كلها نحو الانفجار بسبب العربدة الإسرائيلية المجنونة، وأول الأسئلة وأهمها هو أنه إذا كانت واشنطون قد غضبت من عدم علمها المسبق باغتيال نصر الله ،كما تقول، فهل من الطبيعى أن يتحول الغضب فوراً إلى احتفاء بالاغتيال وتبرير معتاد بأن إسرائيل تدافع عن نفسها كما قال «بايدن» بنفسه، ودون كلمة واحدة عن استهداف المدنيين اللبنانيين، ولا عن الاستخدام المحرم دوليا للقنابل الأمريكية العملاقة داخل بيروت، ولا عن انتهاك كل القوانين الدولية فى محاولتها تكرار جريمة تدمير غزة فى مدن لبنان؟! ثم.. إذا كانت أمريكا صادقة فى غضبها لأنها لم تكن على علم مسبق باغتيال نصر الله وهو غضب يمكن فهمه لأنه يضع أمريكاعلى حافة الصدام المباشر مع إيران، ويدخلها كطرف أساسى فى حرب إقليمية خطيرة.. فهل يكون الرد إعلان تصديها للدفاع عن إسرائيل ضد أى رد فعل على اغتيال نصرالله وجرائم إسرائيل المتصاعدة فى لبنان.. أم يكون الرد المنطقى إيقاف الجنون الإسرائيلى، قبل أن يحقق نتنياهو هدفه بإشعال النيران فى الشرق الأوسط كله، بدعم أمريكا التى مازالت غاضبة جداً، لأنها لم تعلم، ولم تشارك، ولم تدعم جرائم إسرائيل فى لبنان، ولا كانت طرفاً فى التفجيرات أو الاغتيالات!! نحن أمام تكرار مفضوح لسيناريو تدمير غزة بالشراكة الأمريكية ،الإسرائيلية وبنفس الغضب الأمريكى الذى يتحول دائماً إلى سلاح يتدفق، ودعم لاينتهى، و«فيتو» جاهز عند الطلب، وشراكة فى كل جرائم إسرائيل.. لكن - وللأمانة الشديدة - يحدث كل ذلك وواشنطون فى منتهى الغضب، مع الأخذ فى الاعتبار أن الغضب الأمريكى من إسرائيل دائماً.. شكل تانى!!