اليوم.. منتدى القاهرة ل«التغير المناخى» يحتفل بمرور 100 عام على فعالياته بين مصر وألمانيا    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة العشرات في قصف جوي إسرائيلي على شقة سكنية بخان يونس    هزة أرضية تضرب جزيرة «كريت» اليونانية الآن    اليونيسف: دخول 107 شاحنات لغزة أمر لا يكفي مطلقا إزاء الوضع الكارثي بالقطاع    ردا على من يشكك في دور مصر.. خبير عسكري ل"أهل مصر": امتلاك الاقتصاد والمال لا يعني النفوذ والتأثير بالمنطقة    حلمي طولان: تراجعنا عن تعيين البدري مدربًا للمنتخب لهذا السبب    أبوقير للأسمدة يسعى لتجاوز ديروط وحجز المقعد الأخير المؤهل إلى الدوري الممتاز    وزير الزراعة: صادرات مصر الزراعية إلى السعودية تتجاوز 12% من إجمالي صادراتها للعالم    سعر الدولار أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 24 مايو 2025    جهاز مستقبل مصر: نستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح بنهاية 2027    تدخل الخدمة قريباً.. مميزات القطارات الجديدة للخط الأول للمترو    محافظ كفر الشيخ: إعادة تشغيل 50 معدة نظافة متهالكة بدسوق    مسابقة ال30 ألف معلم.. أسماء المقبولين في وظيفة مدرس مساعد بالمنوفية    قبول 648 مدرسًا جديدًا ببني سويف ضمن مسابقة 30 ألف معلم    ننشر أسماء المقبولين في وظيفة «معلم مساعد» بالمنوفية| صور    بالأسماء.. «تعليم الإسكندرية» تعلن قائمة المقبولين بمسابقة ال30 ألف معلم    وزارة الخزانة الأمريكية تصدر ترخيصًا بتخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا    صور عودة 71 مصريا من ليبيا تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي    وول ستريت تهبط بعد تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبى    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. جوتيريش يرفض أى خطة لا تحترم القانون الدولى بشأن قطاع غزة.. ترامب يتوعد "أبل" ب25% رسوم جمركية.. وإصابة 12 فى هجوم بسكين بمحطة قطارات هامبورج بألمانيا    أسماء المقبولين في مسابقة 30 ألف معلم الدفعة الثالثة بالشرقية (مستند)    سعر الذهب اليوم السبت 24 مايو محليا وعالميا بعد الارتفاع.. بكام عيار 21 الآن؟    يوريشتش يستقر على تشكيل بيراميدز أمام صن داونز.. يجهز القوة الضاربة    إسقاط كومو لا يكفي.. إنتر ميلان يخسر لقب الدوري الإيطالي بفارق نقطة    نابولي يهزم كالياري بهدفين ويحصد لقب الدوري الإيطالي    كرة سلة - نهائي دوري السوبر بدون جماهير    "إعلان بطل الدوري الأربعاء".. المحكمة الرياضية ترفض الشق المستعجل لبيراميدز في أزمة القمة    تعرف على نتائج المصريين فى اليوم الثانى لبطولة بالم هيلز المفتوحة للإسكواش    الأرصاد الجوية: طقس الغد شديد الحرارة نهارا والعظمى بالقاهرة 37 درجة    مصر تعيد 71 مواطنا مصريًا من ليبيا    وفاة 3 شباب إثر حادث سير أليم بكفر الشيخ    أسماء المقبولين بمسابقة 30 ألف معلم المرحلة الثالثة بمحافظة الجيزة    النظام الملاحي الجديد يعزّز قدرات غواصات البحرية التشيلية بتقنيات متطورة من OSI    اليوم| محاكمة 35 متهمًا ب شبكة تمويل الإرهاب    مبلغ بغرقه في العياط.. انتشال جثة شاب طافية في نهر النيل بالمعادي    السيطرة على حريق بمخزن كراتين بالدقهلية    عمرو أديب: الناس بتقول فيه حاجة مهمة هتحصل في البلد اليومين الجايين (فيديو)    بعد وفاة زوجها.. كارول سماحة لابنتها: هكون ليكي الأمان والسند والحضن لآخر لحظة من عمري    تامر حسني يقدم "كوكتيل تسعيناتي" مع حميد الشاعري في حفله بالقاهرة الجديدة (فيديو)    "الثقافة" تصدر "قراءات في النقد الأدبي" للدكتور جابر عصفور    «خليك فضولي».. 4 عادات صغيرة تجعل الناس يعجبون بك    أثارت جدلا بسبب «بطانة فستان» و«برنامج» وضعها في أزمة.. 16 معلومة عن البلوجر أروى قاسم    إلهام شاهين تشيد بخالد منتصر: "أحترم فكرك ووعيك.. ومبروك دماء على البالطو الأبيض"    سجين يرسم الحرية| سنوات السجن.. وولادة الكاتب من رماد القيد الذي أنضج الرواية    نصائح لتجنب الارتجاع المريئي، و7 أطعمة تساعد على تخفيف أعراضه    ارتفاع حالات الحصبة في الولايات المتحدة وسط مخاوف من انتشار واسع    أخبار × 24 ساعة.. حصاد 3.1 مليون فدان قمح وتوريد أكثر من 3.2 مليون طن    وفقا للحسابات الفلكية.. موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى 2025    ما حكم الكلام فى الهاتف المحمول أثناء الطواف؟.. شوقى علام يجيب    انطلاق امتحانات العام الجامعي 2024–2025 بجامعة قناة السويس    مستشفى الحوض المرصود يطلق يوما علميآ بمشاركة 200 طبيب.. و5 عيادات تجميلية جديدة    حزب الإصلاح والنهضة: نؤيد استقرار النظام النيابي وندعو لتعزيز العدالة في الانتخابات المقبلة    هل يحرم على المُضحّي قصّ شعره وأظافره في العشر الأوائل؟.. أمين الفتوى يوضح    إيفاد قافلتين طبيتين لمرضى الغسيل الكلوي في جيبوتي    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    بحضور انتصار السيسي، "القومي لذوي الهمم" ينظم احتفالية "معًا نقدر"    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات| «مصري وتشيكي».. عبقريان عقدا صفقة بيع «الترماي» وبرج إيفل
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 16 - 01 - 2019

مرتديا جلبابه «البلدي» مختبئا خلفها «الصديري» الذي لا يستغنى عنه فلاحو مصر، تتزين رأسه «العمة» المعهودة عن أبناء بلدته، يبدو من ملامح وجهه سذاجة أبناء الريف، حاملا معه فطرته وطيبة والتي ربما تتقاطر من نظرات عينيه التائهة خلال وقوفه على محطة ترام شارع القصر العيني بالقاهرة.

اقرأ للمحرر: العائد من الموت.. ساحر من طنطا وصل للعالمية بأغرب قصة «دفن»
يقترب من أحد أبناء المدينة والتردد والسذاجة يملأن قلبه، مستفسرا عن موعود وصول «الترام»، فيجيبه عن سؤاله حاملا في زيل الإجابة سيجارة أهداها لابن الريف؛ وما أن أخرج قداحته وأشعل هديته؛ حتى اشتعلت في رأسه فكرة شيطانية لم يستطع مقاومتها وهو ينظر لهذا الشاب كما ينظر الأسد إلى فريسته؛ ليبدأ فصل من فصول أحد أكبر عمليات النصب في التاريخ؛ بل وتتعدى ذلك ليتم تجسيدها في فيلم سينمائي تحت عنوان: «العتبة الخضراء» والذي جسد بطولته الفنانان الكبيران إسماعيل ياسين وأحمد مظهر عام 1959 م.
اشترى الترماي
مُلخص تلك القصة، أنه في أربعينيات القرن الماضي استطاع ابن المدينة والذي كان يدعى «رمضان العبد» بمكره ودهائه أن يحتال على فلاح بسيط كان يسمى «حفظ الله سليمان» والذي جاء إلى القاهرة حاملا معه حلم تنفيذ مشروع يدر عليه دخلا كبيرا، وما أن علم «العبد» بأن «سليمان» يحمل معه مبلغا من المال؛ حتى نسج شباكه حوله وأوهمه أنه يستطيع أن يبع إليه «الترماي»؛ وهو ما صدقه الفلاح الساذج؛ فتهللت أسارير ابن المدينة.

اقرأ للمحرر: قرية الجثث «المخلة بالآداب» .. انطلق منها فن الخلاعة
اتفقا على أن يكللا الاتفاق بكتابة عقد بيع لإتمام الصفقة؛ وبالفعل أبرم العقد مقابل أن يبيع «العبد» ل«سليمان» الترماي مقابل 200 جنيه، تقاضى منها النصاب 80 جنيه هي كل ما يحمل الفلاح؛ وباقي المبلغ كتب بهم على نفسه كمبيالات؛ في أكبر عملية نصب في التاريخ اشترى فيها فلاح ساذج «ترام القاهرة» ممن لا يملك حق البيع «ابن المدينة المحتال»، لتتحول القصة إلى الفيلم الشهير «العتبة الخضراء».

تلك القصة ربما سبب شهرتها «الفيلم» الذي أنتج بعد الواقعة بسنوات؛ ولكن في عاصمة الجمال الفرنسية باريس والتي تقع على نهر السَّين، وبحر المانش؛ كنا على موعد مع عملية نصب من نوع أخر تعد الأعظم في التاريخ؛ بطلها كان ذكيا ذو مظهر جذاب معسول الكلام، ما زاد من صعوبة التصديق أو التسليم إلى أنه مجرم بالفطرة، إنه النصاب التشيكي «فيكتور لوستيج»، الذي استطاع بدهائه أن يبيع برج إيفل مرتين.

برج إيفل للبيع
وفي عام 1925 وصل «فيكتور لوستيج» إلى العاصمة باريس، بعد أن حطت الحرب العالمية الأولى أوزارها، ولكنها كانت تركت في زيلها آثارا اقتصادية واجتماعية، وكان ذلك حافزا للمحتال التشيكي لأن يبدأ في استغلال تلك البيئة الخصبة للنصب والاحتيال.
تنامى إلى علم «فيكتور» أن «برج إيفل» طالته يد الإهمال وربما قارب على السقوط نظرا لزيادة تكاليف إصلاحه في تلك الفترة الصعبة من عمر أرض السحر والجمال باريس، ولأنه لا تمر من تحت يده معلومة دون أن يستغلها لصالحه أحسن استغلال؛ اتجه صوب فندق «كريلون» الشهير بباريس، ليقابل مجموعة من أكبر تجار المعادن في فرنسا، منتحلا صفة ممثل للحكومة الفرنسية، ليعرض عليهم بيع «برج إيفل»، ولم تكن الفكرة صعبة بمكان عن التصديق في ظل الحالة المتدهورة للبرج – في ذلك الوقت – واقتنع التجار بالأمر وتسابقوا لشرائه، فيما نصحهم المحتال التشيكي، بضرورة إبقاء الأمر سرا، ما نال رضا التجار الذين انطلت عليهم الخدعة.

اقرأ للمحرر: أشرس أوبئة التاريخ وأكثر العصور دموية.. ماذا تعرف عن «الأزتيك»؟
وفي صفقة وهمية؛ استطاع أحد التجار أن يشترى البرج من فيكتور بعد أن عرض عليه مبلغا من المال لم يستطع مقاومته، وما أن اكتشف التاجر أن الأمر لم يكن إلا مجرد خدعة حتى أصابه الصمت الممزوج بحسرة، لأنه لم يستطع أن يبلغ أنه وقع فريسة النصب والاحتيال خوفا من التعرض للإذلال من المنافسين.

الغريب والعجيب في «فيكتور لوستيج» أن بخلاف دهائه كان لديه من الجرأة لأن يكرر الأمر مرة أخرى بل والنجاح فيه بعد فترة ليست بالطويلة، حيث استطاع أن يرتب لقاء مع مجموعة أخرى من التجار وأوهمهم أنه ممثل للحكومة أيضا، وأقنعهم بذكائه بأن البرج للبيع، معتمدا على عدم رواج أو شهرة قصة النصب الأولى، وبالفعل باعهم أياه – للمرة الثانية – ليصبح أسطورة في مجال النصب والاحتيال.


صندوق التزوير
عبقرية وإبداع «لوستيج» - الذي ولد في بوهيميا بدولة التشيك عام 1890م - في النصب والاحتيال بزغت مبكرا؛ وكانت أول عملية نصب نفذها بدهاء كبير هي قيامه ببيع صندوقا صغيرا، قال عنه للزبائن: «إنه ماكينة طباعة نقود، يمكنها نسخ 100 دولار خلال 6 ساعات».
الطامعون في هذا الصندوق اقتنعوا بالخدعة ووافقوا على دفع مبلغ كبير نظير شرائه، ليكتشفوا بعد ذلك أنه يطبع أوراقا بيضاء بعد نفاد مخزون الأوراق ذات المئة دولار التي وضعها بداخله، ليجدوا نفسهم مقيدين بأغلال أنهم لا يستطيعون الإبلاغ عن عملية النصب، لأنهم وجدوا أنهم إن فعلوا ذلك سيقعون أيضا في دائرة الاتهام بحكم أنهم اشتروا صندوقا لتزوير العملة.

«النصاب عابر البحار» لوستيج؛ لم يقف عند فكرة النصب والاحتيال على الأغنياء والأثرياء أصحاب العقليات البسيطة والشرفاء فقط، بل تعدى ذلك لأن يحتال على آل كابوني أشهر رجال المافيا الأمريكية في التاريخ؛ حيث أقنعه بأن يستثمر 50 ألف دولار في صفقة أسهم، وأحتفظ لوستج بأموال لنفسه في صندوق لمدة شهرين، إلا أنه أعاد له أمواله بعد فترة من الزمن؛ خوفا من قوته وبطشه، مدعيا أن الصفقة قد فشلت، وأعجب آل كابوني بنزاهته، وقرروا أن العملية التي قام بها لم تكن كارثية وأعفوا عنه وأعطوه 5 آلاف دولار مكافأة له، وهذا ما كان يريده لوستيج، إذ لم يكن هدفه استخدام المال لأي شيء سوى كسب ثقة آل كابوني ومن ثم الحصول على بعض المال منهم، مما ذاع صيته بأنه الرجل الذي استطاع خداع آل كابوني بدهائه.

اقرأ للمحرر: «ممنوع الرجال».. جزيرة في فنلندا للنساء فقط
وفي عام 1930 دخل «لوستيج» في شراكة مع كيميائي من مدينة نبراسكا يدعى «توم شو»، كانت مهمته حفر لوحات لطباعة الأوراق النقدية المزورة، وأنشئوا نظاما يعمل على ضخ أكثر من 100 ألف دولار شهريا في جميع أنحاء البلاد، ونجحا في إبقاء الأمر سرا، وعلى مر الشهور استمر تدفق الملايين من العملة المزيفة في الولايات المتحدة ما كان سيعصف بالاقتصاد الأمريكي، ما دفع المخابرات لتعقبه خوفا من تعطل النظام النقدي في البلاد.
وفي إحدى الليالي استطاعت المخابرات القبض عليه، لتخرج صحيفة نيويورك تايمز – في ذلك الوقت – بخبر القبض عليه مؤكدة أن هذه هي بداية النهاية لأسطورة المحتالين فيكتور؛ واحتجز في المقر الفيدرالي الرئيسي في نيويورك المعروف بمناعته، بانتظار المثول أمام المحكمة، وبالرغم من تعدد التهم الموجهة إليه إلا أن اللعبة بالنسبة له لم تنته بعد، وكان يتفاخر بأسلوبه الهزلي بأنه ليس هناك سجن يعصى عليه في الهرب.


وفي اليوم السابق لبدء المحاكمة ارتدى سروالا ونعالا وعقد أطراف أغطية الأسرة وتسلل هاربا من النافذة متظاهرا بأنه يمسح النوافذ وهو يتأرجح هبوطا من الطابق الثالث للمبنى؛ حيث رآه العشرات من المارة ولم يشك أحدهم بالأمر، وعند موعد المحاكمة توجه مسؤولو السجن إلى الزنزانة لإحضاره، وكم كان ذهولهم حين لم يجدوا أي أثر له، وبعد شهر من الحادثة تم القبض عليه في بيتسبرج بولاية بنسيلفانيا وأقر بأنه مذنب في التهم الأصلية، وحكم عليه 20 عاما في سجن الكاتراز.

وفاة فيكتور
وما أن دخل السجن ومرت فترة على حبسه، حتى شكا كثيرا من آلام في صدره، ورغم تكرار شكوى فيكتور إلا أن أحدا ما لم يلتفت إليه بسبب سجله الإجرامي المليء بالكذب والمراوغات، لكن على ما يبدو أن فيكتور كان صادقا هذه المرة، إذ تتطور المرض سريعا وأودى بحياته في نهاية العام 1947 م، ليُكتب بذلك الفصل الأخير في حياة أشهر نصاب بالتاريخ، والذي قبل وفاته أصدر أيضا كتاب تحت عنوان: «الوصايا ال 10 للرجال المحتالين» والذي عُد أحد أكثر الكتب مبيعا في العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.