سنوات طويلة من التعاون وتبادل الثقافات والخبرات عززت العلاقات المصرية-الصينية على مدار العقود السابقة. كما ساعد وجود عدد كبير من المصالح المشتركة والمواقف الدولية على تقوية وترسيخ تلك العلاقات، والتي طورها وحافظ عليها قادة ومسئولي البلدين. فعلى مدار العقود الستة الماضية أثبتت العلاقات المصرية الصينية قدرتها على مواكبة التحولات الدولية والإقليمية والداخلية، كما تنتهج الدولتان سياسات متوافقة من حيث السعي والعمل من أجل السلام في كافة أرجاء العالم والدعوة إلى ديمقراطية العلاقات الدولية وإقامة نظام دولي سياسي واقتصادي منصف وعادل قائم على احترام خصوصية كل دولة فضلا عن تفهم كل طرف للقضايا الجوهرية للطرف الأخر، وذلك وفقًا لموقع الهيئة العامة للاستعلامات. وذكر التقرير الذي نشره الموقع الرسمي، أن كل من مصر والصين يتمتعان بالكثير من التشابه التاريخي والحضاري خاصة بين الشعبين، الأمر الذي وضع قواعد راسخة للعلاقات السياسية والدبلوماسية بين الدولتين. وذكر التقرير أن العلاقات بين كل من مصر والصين ترجع إلى عقود وسنوات طويلة بدأت منذ تولي الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الحكم، حيث شهدت البلدين العديد من الزيارات الرسمية والمواقف الدولية التي ساعدت على توثيق العلاقات بين القاهرة وبكين. مواقف لدعم نضال البلدين فقد التقى الرئيسان المصري والصيني جمال عبد الناصر، وشو إن لاي في بورما، وفي الفترة من 18 حتى 24 من أبريل 1955 عقدت قمة أفريقية وآسيوية في مدينة باندونج بإندونيسيا للبحث في سبل التضامن والتعاون بينها. وقد شارك في المؤتمر وفد مصري برئاسة جمال عبد الناصر، كما شاركت الصين بوفد ترأسه رئيس مجلس الدولة شو إن لاي، الذي دعا إلى اتخاذ المبادئ الخمسة للتعايش السلمي كمبدأ أساسي في العلاقات بين دول العالم. وفي عام 1956، أصدرت الحكومتان المصرية والصينية بيانًا مشتركًا حول إقامة العلاقات الدبلوماسية على مستوى السفراء بين البلدين. ثم في يوليو عام 1956، وبعد أن أعلن الرئيس عبد الناصر تأميم شركة قناة السويس ، بادرت الصين بتأييد هذا القرار، وأكد الرئيس ماو تسي تونغ على أن الصين حكومة وشعبًا ستدعم بكل ما في وسعها النضال الباسل الذي يخوضه الشعب المصري من أجل حماية سيادته على قناة السويس. وبعد أن شنت قوى العدوان الثلاثي «إنجلترا وفرنسا وإسرائيل» عدوانها على مصر عام 1956 أصدرت الحكومة الصينية في الأول من نوفمبر بيانًا أدانت فيه هذا العدوان وأكدت على موقفها الثابت الداعم للنضال العادل الذي يخوضه الشعب المصري من أجل حماية سيادة الدولة والاستقلال الوطني. وعندما نشبت الحرب الهنديةالصينية عام 1962 سعت مصر إلى التوسط في النزاع وكان الرئيس عبد الناصر على اتصال دائم بكل من شو إن لاي ولال بهادور شاستري رئيس وزراء الهند. في ديسمبر1963، قام شو إن لاي بزيارة لمصر، أجرى خلالها محادثات مع الرئيس عبد الناصر. وألقى شو إن لاي كلمة منها جاء فيها، «إن هذه أول مرة أزور الجمهورية العربية المتحدة وأول مرة أزور القارة الأفريقية، وإنني أود أن أعبر نيابة عن الشعب الصيني عن أطيب التحية وأسمى الاحترام لشعب الجمهورية العربية المتحدة»، وخلال هذه الزيارة أعلن رئيس مجلس الدولة الصيني المبادئ التي تعتمدها الصين في علاقتها مع مصر والدول العربية، والتي تؤكد دعم الصين للاستقلال الوطني لتلك الدول ورفض التدخل في شؤونها الداخلية، وفقًا للهيئة العامة للاستعلامات. وتواصلت العلاقات بين البلدين من خلال تبادل الزيارات الرفيعة المستوى وتبادل الوفود الطلابية والثقافية وغيرها. علاقات دبلوماسية قوية ويمكن القول بأنه في وسط فترة التحولات السياسية والإقليمية التي تمر بها المنطقة العربية، وعلى رأسها مصر، فإن الصين لم تتخلى عن مبدأها فيما يخص عدم التدخل في شئون البلاد، كما كان موقف الصين واضحًا نحو مصر خاصة بعد ثورتي 25 يناير و 30 يونيو. ومن ضمن الزيارات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي تبادلها الطرفين، زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأولى للصين عقب تولية الرئاسة في ديسمبر 2014، ولاتي التقى فيها الرئيس الصيني، «شي جين بينج» والتي رحب فيها الرئيس السيسي بمقترح الصين بتطوير العلاقات بين البلدين. وفي سبتمبر 2015 قام الرئيس السيسي بزيارة ثانية لبكين للمشاركة في إحتفال الصين بعيد النصر الوطني وبالذكرى السبعين لإنتهاء الحرب العالمية الثانية، ثم قام الرئيس الصيني « شى جين بينج» بزيارة لمصر في يناير 2016استقبله فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى، وتم عقد مباحثات تناولت بشكل مفصل سُبل الارتقاء بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات. وخلال عامين متتالين هما 2016 و 2017 قامر الرئيس السيسي بزيارة الصين، المرة الأولى كضيف خاص في قمة مجموعة العشرين، وفي الثانية خلال المشاركة في قمة بريكس. وبمناسبة الجولة التي يبدأها الرئيس عبدالفتاح السيسي، الخميس 30 أغسطس، والتي تشمل ثلاثة دول من ضمنها، الصين، وصف السفير الصينيبالقاهرة «سونغ آي» خلال حوار مع الوكالة الصينية «شينخوا» العلاقات بين البلدين ب«القوية والوثيقة» معتبرًا إياها نموذجا للتعاون الصيني-الأفريقي. وتعتبر مصر ثالث أكبر شريك تجاري إفريقي للصين، حيث بلغ حجم التجارة بين الدولتين نحو 10.87 مليار دولار عام 2017، بينما بلغ عدد المواطنين الصينيين الذين يزورون مصر 300 ألف مواطن وهو أعلى معدل شهدته البلدين عام 2017.