قدم الزميل محمد درويش مدير تحرير " الأخبار " في مقال له صباح الأربعاء الماضي بعض المظاهر التي تؤكد وصف الرئيس لمصر الآن بأنها تعيش مرحلة "شبه دولة"، أصاب الزميل كبد الحقيقة فيما قدمه من مظاهر دالة لا يمكن أن نجد لها شبيها في أي دولة، وأزيد علي ما طرحه الزميل الكثير من المظاهر لولا ضيق المساحة، سأكتفي فقط بالتدني الأخلاقي، وكذب كبار المسئولين، والتقاعس الأمني في الجريمة اللاإنسانية التي ارتكبت الجمعة الماضية بقرية الكرم بأبوقرقاس بمحافظة المنيا. سنظل شبه دولة وما دون الدولة عندما نتحدث بلغة " مسلم ومسيحي " ونغيب لغة " المواطنة "، الدولة تعرف المواطن أيا كان لونه وجنسه وعرقه وديانته، سنظل شبه دولة وما دون الدولة عندما نغيب القانون الذي يخضع له الكبير والصغير، ونلجأ للجلسات العرفية، و" بيت العيلة " بدلا منه، هنا تختفي دولة المؤسسات لتسود الروح القبلية التي تشكل كيانا بدائيا لما قبل الدولة. عندما تذهب مواطنة مسنة - 70 سنة - من صعيد مصر لقسم الشرطة وبرفقتها زوجها لعمل محضر بما وصلها من تهديدات تتعلق ببيتها وأمنها وحياتها من أشخاص أطلقوا شائعة في القرية حول علاقة كاذبة وغير حقيقية بين ابنها وزوجة من العائلة التي تهددها، ولا يلتفت إلي بلاغ هذه السيدة ويتم التعامل معه بكل استهانة ينتج عنها حرق 5 منازل وسرقة ونهب محتوياتها لغياب الشرطة عن موقع الحادث لمدة ساعتين. فنحن هنا في شبه دولة وما دون الدولة أيضا، وعندما تذهب نفس السيدة بعد ثلاثة أيام من تلك الجريمة لعمل محضر تثبت فيه ما سكتت عنه بالقهر بأنه من حرقوا منزلها وسلبوه قاموا بتجريدها من ملابسها بالكامل - كما ولدتها أمها - وقاموا بزفها في القرية وهي عارية تماما بالتهليل، فتجد من يضغط عليها لعدم عمل المحضر، فنحن هنا في شبه دولة وما دون الدولة فعلا. ناهيكم عن التدني الأخلاقي الذي وصلنا إليه في واحدة من قري صعيد مصر، والأخلاق في الصعيد لها اعتبارها، لكن علي ما يبدو أن النخوة والرجولة قد ولت، إذ أن هذا الفعل الإجرامي لا تقبله حتي المجتمعات القبلية والفوضوية، الأمر الذي جعل الزميلة أمينة شفيق تكتب علي صفحتها " تجريد السيدة سعاد من ملابسها في شارع في قرية الكرم بمركز أبو قرقاص هو تجريد كل نساء مصر من ملابسهن وهو عار لحق بكل رجال مصر ! "، وجعل الكاتب الروائي الكبير إبراهيم عبدالمجيد يكتب " اللي حصل في أبو قرقاص تجاوز الطائفية إلي الهمجية وعقابه إعدام أو علي الأقل تأبيدة وفقا للقانون لكن طبعا حنحلها عرفي، دولة مدنية طبعا حضرتك والا مش واخد بالك " !! عندما ينفي محافظ المنيا الواقعة، ثم يعود ليعترف بها، مستهينا في تصريحاته بأن الأمر بسيط، وأن هناك إجراءات يتم اتخاذها من جانب "بيت العائلة"، فالسيد اللواء المحافظ مازال يتعامل بسياسة " بلاش نكبر الموضوع "، وتصريحاته تؤكد أننا في مجتمع ما قبل الدولة ودون الدولة، نحن في مجتمع " بيت العائلة "، يعني التراضي في جلسات تقبيل اللحي و"عفا الله عما حدث " ليحدث وسيحدث ما حدث عشرات المرات لأننا نعيش في شبه دولة لا يطبق فيها القانون !