أكدت الدكتورة ياسمين فؤاد مدير مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ،أهمية إصلاح إدارة المالية العامة , باعتبارها من الأدوات المؤثرة في قضايا التنمية. وأضافت فؤاد أن ذلك تعزيز مشاركة الرأي العام في ترشيد وتحديد أولويات الأنفاق العام ونشر ثقافة المساءلة والشفافية في السياسات المالية الحكومية. وأشارت إلي أن مصر لا تحتاج لموارد مالية اكبر مما هو متاح بقدر احتياجها إلي حسن توجيه هذه الموارد وبصورة تنحاز لتعزيز جوانب التنمية الاجتماعية. وقالت أن احد الخبراء الأجانب المشاركين في مؤتمر إصلاح الإدارة المالية الذي نظمه المجلس الوطني للتنافسية الأسبوع الماضي. أكد أن توفير تعليم كفء لطالب المرحلة الابتدائية يكلف 60 دولارا فقط في العام وهو مبلغ في متناول المجتمع المصري لرفع المستوي التعليمي. جاء ذلك في افتتاح ورشة العمل والبرنامج التدريبي حول إصلاح منظومة إدارة المالية العامة في مصر والتي ينظمها مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والمجلس الوطني المصري للتنافسية . وأشارت د.ياسمين فؤاد إلي أن الورشة والبرنامج التدريبي التي تمتد إلي يوم الخميس المقبل يشارك فيها خبراء من الوزارات المعنية بالسياسات المالية مثل المالية والتخطيط بجانب الجهاز المركزي للمحاسبات وبرلمانيين وأساتذة جامعات وإعلاميين. من جانبه قدم الدكتور خالد زكريا أمين استاذ مساعد المالية العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية و مستشار أول إصلاحات المالية العامة بالمجلس الوطني للتنافسية صورة عامة لوضع الموازنة العامة في الدولة التي تضع مخصصات مالية لنحو 33 وزارة و250 مديرية تتبعها و27 محافظة و150 هيئة خدمية واقتصادية واجتماعية و40 مصلحة عامة هي مكونات الجهاز الإداري للدولة وكل هذه الإطراف تشارك في عمليات صياغة وإعداد الموازنة السنوية لمصر والتي يراقب علي تنفيذها نحو 14 ألف مراقب مالي تابعين لوزارة المالية. وقال أن الاهتمام بملف الموازنة العامة للدولة يأتي من كونها الانعكاس المالي للسياسات الحكومية ومدي انحياز تلك السياسات لفئات المجتمع المختلفة، ولذا فان الأخذ بالمعايير العالمية في جميع مراحل إعداد وتنفيذ هذه الموازنة وإصلاح إدارة المالية الحكومية سيسهم في تحقيق عدد من الأهداف مثل زيادة فعالية الأنفاق العام والشفافية والمساءلة الاجتماعية والضبط المالي والقدرة علي توقع الأداء المالي بشقية إيرادات وإنفاقا وأيضا الربط بين السياسات المعلنة للدولة وعمليات الإنفاق العام. وقال أن الرؤية الحديثة لإصلاح الموازنات العامة تركز علي 6 مكونات رئيسية الأولي التخطيط الاستراتيجي للموازنة، وإعداد الموازنة ، وإدارة الموارد المالية، التدقيق المالي الداخلي والرقابة المالية ، المحاسبة وإعداد التقارير، المساءلة الخارجية. وأشار إلي أن هناك اتجاه متزايد في العالم لإنشاء وحدات للتخطيط المالي الكلي تكون مسئولة عن التنبؤ بالأداء المالي للحكومة في الفترات المقبلة، بجانب المساعدة علي الربط بين السياسات المالية والنقدية. وأضاف انه خلال عام 2001 تم عقد اجتماع مشترك ضم خبراء من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بجانب السلطات المالية المعنية بكل من المملكة المتحدة وسويسرا والنرويج وفرنسا انتهي إلي وضع 28 مؤشرا لقياس أداء الإدارة المالية الحكومية عرفت باسم البيفا أضيف لها فيما بعد 3 معايير أخري خاصة بممارسات الدول المانحة، ومنذ هذا التاريخ وهناك تقارير تصدر عن اداء مناطق العالم المختلفة وفقا لهذه المعايير. وحول وضع مصر والشرق الأوسط وفقا لهذه المعايير الدولية. أشار إلي أن آخر تقرير دولي صدر عام 2012 أوضح وجود تطور ملموس في مصر والشرق الأوسط فيما يخص إصلاحات تصنيف الموازنة العامة وتعزيز مستويات الشفافية وإصلاح النظام الضريبي والجمركي، ونتائج متفاوتة فيما يخص تعزيز القدرة المالية علي المستوي الكلي وتكامل الموازنة بحيث تشمل معظم موارد الدولة ، وتحسين نظام إدارة الخزانة العامة والرقابة الداخلية والتدقيق المالي الداخلي والخارجي. أما الإصلاحات التي تعثرت فأوضح د.خالد زكريا أنها تشمل وضع إستراتيجية مالية متوسطة الأجل والتركيز علي الأداء في الموازنة والقيام بمشروعات ضخمة في قطاعات البنية المعلوماتية والالكترونية لنظم المحاسبة المالية وتوسيع نطاق تغطية وشمول الموازنة حيث ما تزال ظاهرة الصناديق والحسابات الخاصة خارج الموازنة، وإصلاح نظام المشتريات الحكومية. وقال إن التقارير الدولية تظهر نجاح المغرب في إدخال العديد من الإصلاحات المالية يليها الأردن وسلطنة عمان في حين ركزت دول الخليج علي إصلاحات الجمارك نظرا لأهمية منظومة الاستيراد والتصدير بها. وأكد أن الحكومة ومجلس النواب مدعوان للاهتمام باتخاذ خطوات لاستكمال هذه الإصلاحات والتحول إلي موازنة البرامج والأداء والتي تحتاج لربط منظومة الإصلاحات المالية بالإصلاح الإداري ، بما يسهم في تحسين مؤشرات تنافسية مصر سواء التصنيف الائتماني أو فيما يخص الشفافية وممارسات الأعمال، بجانب إحكام الرقابة بصورة أكثر فعالية علي الأنفاق العام حيث تمنع ميكنة المدفوعات المالية مثلا الضغوط التي تنافس علي المراقبين الماليين. وحول أوضاع الموازنة العامة في مصر فيما يخص جانب الإيرادات أكد أن النسبة الكبرى للايرادات تأتي من الضرائب العامة والتي تسهم بنحو 67% من إجمالي الإيرادات مقابل 29% من الإيرادات الاخري غير الضريبية مثل عوائد ملكية الدولة من فوائض الهيئات العامة الاقتصادية والخدمية الإرباح المحولة من قطاع الأعمال العام والقطاع العام، و4% فقط من المنح من الدول والمنظمات الصديقة لمصر. وقال أن الضرائب علي الاستهلاك (ضرائب المبيعات والجمارك) تسهم بالنسبة الأكبر في الإيرادات الضريبية وهي نقطة تحتاج لتطوير وإصلاح لضمان الاستقرار المالي مرجعا عدم تصدر ضرائب الدخل لقائمة الأكثر إيرادات إلي ضعف مستويات الدخول وتضخم الاقتصاد غير الرسمي والذي يقارب حجمه حجم الاقتصاد الرسمي حاليا.