بدأت في أبوظبي أعمال دورة "ادارة الاقتصاد الكلي وقضايا السياسة" المالية التي ينظمها معهد السياسات الاقتصادية بصندوق النقد العربي ومعهد صندوق النقد الدولي والتي تستمر حتي 15 يناير الحالي في اطار برنامج التدريب الاقليمي المشترك. وتهدف هذه الدورة التي يشارك فيها 33 مشاركا من 17 دولة عربية الي تعميق فهم المشاركين لقضايا السياسة المالية وأثرها علي ادارة الاقتصاد الكلي. وتتناول الدورة العلاقات المتداخلة بين متغيرات السياسة المالية من ناحية ومجملات الاقتصاد الكلي من ناحية اخري، وكذلك الجوانب الرئيسية لتصميم وتنفيذ السياسة المالية كأداة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي علي المستوي الكلي. وألقي الدكتور سعود البريكان مدير معهد السياسات الاقتصادية كلمة بالنيابة عن الدكتور جاسم المناعي المدير العام رئيس مجلس الادارة أكد فيها ان عقد هذه الدورة يأتي في ظل ظروف اقتصادية صعبة وبالغة نجمت عن الازمة المالية التي شهدتها اقتصادات العالم، ولفت الي ان سبب الازمة المالية يعود الي الاقراض العقاري ضعيف الجدارة الائتمانية، الأمر الذي أدي الي عجز العديد من المدينين عن سداد ديونهم بسبب ارتفاع سعر الفائدة وهبوط اسعار المنازل وبالتالي ارتفاع حجم الديون المتعثرة في ظل ضعف او غياب الرقابة علي تلك المؤسسات وعدم وجود الافصاح والشفافية في تعاملات هذه المؤسسات الكبيرة. وقال لقد تحولت الأزمة المالية الي أزمة اقتصادية حادة تمثلت في هبوط الطلب علي السلع والمواد طال جميع اقتصادات العالم ومنها دولنا العربية وان كانت بدرجة اقل حدة مما شهدته اقتصادات الدول الكبري. ولفت الي ان هذه الدورة تهدف الي تقديم عرض لأهم القضايا ذات العلاقة بالاقتصاد الكلي ومالية الحكومة وقال: لا يخفي عليكم الدور المهم الذي تلعبه مالية الحكومة والسياسة المالية في النشاط الاقتصادي بشكل عام وفي الاقتصادات العربية بشكل خاص، ويعود ذلك من جهة الي اهمية القطاع العام في اقتصاداتنا العربية والي طبيعة الايرادات غير الضريبية خاصة الايرادات البترولية التي تصب في خزينة الدولة وتشكل جزءا مهما من ميزانيتها والدور الذي تلعبه السياسة النقدية للحفاظ علي اسعار الصرف الثابتة التي تعتمدها معظم اقتصاداتنا العربية. وأكد ان الارتفاع الكبير وغير المسبوق في اسعار البترول وما صاحب ذلك من زيادة في الايرادات وارتفاع في الاسعار ومن ثم التراجع او التهاوي في اسعار البترول بسرعة مذهلة يبين الحاجة الملحة واكثر من أي وقت مضي الي ضرورة تبني سياسات حصيفة للتعامل مع هذه الظروف مثل عدم الاعتماد بشكل رئيسي علي الايرادات البترولية غير المستقرة ومحاولة ايجاد مصادر للايرادات مثل تطوير وتفعيل النظم الضريبية خاصة في الدول العربية المصدرة للبترول اضافة الي العمل علي ترشيد الانفاق العام وتوجيه ذلك الانفاق الي الانفاق الاستثماري والرأسمالي الذي من شأنه ان يسهم في تطوير الاقتصاد الحقيقي للدول وكذلك الحاجة الي تخفيف الضغوط التصخمية. وقال البريكان ان دور مالية الحكومة في الاقتصاد الكلي يتعدي السياسة المالية ومجراها ليشمل أمورا تتعلق بالدين العام واصلاح الضرائب والانفاق وشركات القطاع العام، مشيرا الي ان هذا لا يدعو فقط الي سياسة سليمة لادارة الدين العام بهدف تخفيف أعبائه وابقائه في حدود معقولة بل يتطلب اصلاح النظام الضريبي لزيادة ايراداته. وأشار في ختام كلمته الي اهمية الحصول علي حسابات واحصاءات مالية شفافة ومجمعة وفق معايير ومنهجية دولية، مؤكدا ان احصاءات المالية الحكومية تشمل العمود الفقري لرسم وتنفيذ ورصد السياسة المالية وتحليل آثارها علي الاقتصاد الكلي. وتتطرق الدورة لعدد من المحاور تشمل السياسة المالية وأثرها علي الاقتصاد الكلي وعلاقتها بالسياسات الاقتصادية الكلية الاخري وسياسات مالية الحكومة وفق منهج صافي القيمة والشفافية المالية والتنبؤ في ميزانية الحكومة والتفاعل بين السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف وأثرهما علي الاقتصاد الكلي واصلاح سياسات الانفاق والنظم الضريبية وادارة الدين العام والاستدامة المالية والتخصيص واصلاح شركات القطاع العام وادارة العائدات البترولية.