أحمد رجب كاتب استثنائي في تاريخ الصحافة المصرية والعربية.. فقد تربع على عرش الكتابة الساخرة لعقود، وشهد القاصي والداني بموهبته الفذة وقذائفه الصاروخية من خلال مقاله اليومي "2/1 كلمة". رحلته الصحفية الطويلة التي تصل إلى 62 عاما زاخرة بعطاء لا محدود من أجل الشعب والوطن.. كان صوت الشعب في مواجهة الحكومة يعبر عن آماله وأحلامه.. وكان يتمتع بقدرة فائقة على التقاط الشخصيات الشعبية من الشارع وتسخيرها مع توأمه فنان الكاريكاتير الراحل مصطفى حسين في انتقاد كل ما يعج به المجتمع من سلبيات. ولد أحمد رجب في 20 نوفمبر عام 1928 بمحافظة الإسكندرية، وحصل علي ليسانس الحقوق من جامعة الإسكندرية في عام 1951، تزوج في عام 1961 من السيدة عصمت فخري، ولم ينجب أولادا، وظل مخلصا لذكراها بعد وفاتها في عام 1992. رفيق الثورة حبه للعمل الصحفي جعله يهجر العمل في مجال المحاماة واتجه للصحافة يطرق أبوابها، فبدأ عمله الصحفي مراسلا لأخبار اليوم بالإسكندرية في عام 1952 الذي شهد قيام ثورة 23 يوليو، وشغل منصب نائب رئيس تحرير مجلة الجيل التي كانت تصدرها دار أخبار اليوم عام 1954، وعمل نائباً لرئيس تحرير مجلة المصور عام 1962 بدار الهلال، ثم مدير تحرير مجلة هي عام 1964، وبمجلة الثقافة الأمريكية، وعاد كاتباً لعموده اليومي في جريدة الأخبار "نصف كلمة" في عام 1968، وكانت أول مقالة له عن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد التي حققت شهرة واسعة، كما اشتهر أحمد رجب بتحقيقاته الصحفية، وبدأ بكتابة شخصياته التي بدأها بمطرب الأخبار ثم الشخصيات التي اخترعها ثم الحب هو وآخرها كانت نصف كلمة، بالإضافة أنه قام برحلات صحفية في العديد من الدول العربية والأوروبية، والعديد من المغامرات الصحفية، والغريب انه رفض بإصرار أن يتولي رئاسة تحرير الصحف والمجلات وفضل أن يظل كاتبا لمقاله اليومي الشهير "نصف كلمة" في جريدة الأخبار، لأكثر من أربعين سنة، والأسبوعي "الفهامة" في صحيفة أخبار اليوم، بالإضافة إلى يومياته في مجلة أخر ساعة، ومقالاته في مجلة المصور والكواكب، وكان عضوا في مجلس الشورى عام 1981، وعرض عليه العمل في بعض الصحف العربية ولكنه رفض، وفضل العمل في جريدة الأخبار، كما تميزت يومياته في مجلة أخر ساعة بأنها تصاحبها رسومات مصطفي حسين لتعبر عن مضمون اليوميات. أكثر من 40 سنة يتميز أحمد رجب، بعشقه للانضباط والالتزام في العمل، فمواعيده ثابتة وإجازاته السنوية أيضا ثابتة في موعدها كل سنة، فهو من الكتاب القلائل على مستوى العالم الذي كتب عموده الصحفي دون انقطاع لأكثر من أربعين سنة. يقول مصطفى أمين إن مقالة نصف كلمة لأحمد رجب ستظل أقوى من الطلقات، لقد عمل أكثر من 60 عاما في بلاط الصحافة، يصنع البسمة على شفاة المصريين، وهو في أصعب ظروفه. سر التكشيرة أحمد رجب له سمات خاصة به لا يشبه أحد، فهو دائما أنيق ويهتم بمظهره جدا، مما دفع أحد الصحفيين أن يسأله لماذا يرسم على وجهه الجدية والتكشيرة دائما مع انه يضحك الناس بمقالاته، أجاب أحمد رجب انه في الماضي كان يمشي في الشارع فيجد نفسه يضحك حين تنتابه أفكار ساخرة، ولكنه وجد الناس يضحكون عليه فقرر أن يرسم هذه التكشيرة على وجهه، حتى لا يعتقد الناس انه مجنون. أفضل عمود حاز عموده اليومي الساخر نصف كلمة على مدار 15 سنة على لقب أفضل عمود صحفي في الاستفتاء الذي تجريه مجلة الشباب كل سنة، وحصل أحمد رجب على العديد من الجوائز، منها وسام الفنون في عيد الإعلاميين عام 1992، وجائزة مصطفى أمين وعلي أمين للصحافة، وكانت جائزة النيل ارفع الجوائز في العلوم الاجتماعية في فرع الأدب التي حصل عليها احمد رجب.. كما نال جائزة شخصية العام من دبي 90 ألف نسخة. بل حققت مؤلفاته أعلى معدلات للتوزيع في العالم العربي علي الإطلاق، ففي أسبوع واحد تم توزيع 90 ألف نسخة من كتابه "أي كلام" بينما رسم على غلاف الكتاب صورة كاريكاتيرية لسيارة البلدية وهي تحمل أحمد رجب هو وأوراقه وقلمه مبتعدة به. وكان أحمد رجب يردد عبارة "أنا من ضيع في الأوهام عمره"، ودائما يقول إن مصطفى أمين علمه الصحافة ولكنه كان يهوى فصله ثم يعيده للعمل مرة أخرى، بل كتاباته اللاذعة أغضبت الكثيرين، حتى السفير الإسرائيلي لدى القاهرة آنذاك زيفي مازيل، احتج على "نصف كلمة"، وقال إن الكاتب الكبير أحمد رجب يجب أن يكون في السجن، مشيرا إلى معاداته الشديدة لإسرائيل، عندما كتب أحمد رجب عن المجازر التي يرتكبها شارون ضد الفلسطينيين. الهواء الأسود استطاع أحمد رجب أن يثبت تفوقه في فنون الكتابة المختلفة، وتحدي نفسه ففي أقل من ساعة واحدة استطاع أن يكتب مسرحية باسم "الهواء الأسود" قدمها لمجلة الكواكب في عام 1963، باعتبارها من إبداع المؤلف السويسري العالمي دورينمات، ولم تنشر من قبل، وبعد انتهاء العرض طلب من أربعة نقاد وهم رجاء النقاش وسعد اردش وعبد القادر القط وعبد الفتاح البارودي، قراءة النص وتعليقاتهم علي المسرحية، فأبدي النقاد إعجابهم وأشادوا بالمسرحية، فما كان من أحمد رجب، إلا أن نشر تحقيقا بعنوان "فضيحة الموسم" وقال فيه إنه هو المؤلف الأوحد لمسرحية الهواء الأسود، مشيرا إلى عقدة الخواجة في العمل الأدبي، وسخر أحمد رجب من تيارات العبث واللامعقول التي نشرت.