كانتعملية اغتيال المقدم محمد مبروك ضابط الأمن الوطني أمام منزله وهو في طريقه للعمل هي البداية الحقيقة لتنفيذ مخطط الاغتيالات السياسية للقيادات الأمنية. وتأتي خطة الاغتيالات تنفيذا للاتفاق المسبق بين رعاة الإرهاب الأسودفي الخارج وأذنابهم في مصر لاغتيال الشاهد الرئيسي في قضية تخابر الرئيس المعزول مع جهات أجنبية ، فرصد تحركات المقدم "مبروك" كان معدا له منذ تولي الإخوان حكم مصر ، وكانت هناك نية للتخلص منه ، وربما كانت إشارة رابعة هي إشارة البدء لتنفيذ العملية ، ولكن يبقي السؤال الأهم وهو لماذا سأل الرئيس المعزول "محمدمرسي" عن المقدم "محمد مبروك" أثناء حضوره جلسة محاكمته الأولي فيقضية قتل المتظاهرين بأكاديمية الشرطة عندما قال : " هو محمد مبروك رجع تاني" .. تصريحات أدلي بها اللواء رفعت عبد الحميد الخبير الأمني والتي رأينا أن تكون مدخلا لقضية اختراق الأمن القومي في مصر والتي نحن بصدد الحديث عنها الآن. بدأ مسلسل اختراق الأمن القومي المصري بعد اقتحام مقرات أمن الدولة عقب ثورة 25 يناير 2011 وسرقة العديد من الملفات السرية المهمة والتي يمثل تداولها علي المشاع ووجودها لدي عامة الشعب خطرا يهدد الأمن القومي للبلاد ، وقتها ناشد الدكتور عصام شرف رئيس وزراء مصر بعد الثورة كل من بيده أية وثائق أو مستندات بضرورة تسليمها للقوات المسلحة وعدم نشرها ، إلا أن نداءه لم يستجب له أي شخص أو جهة ، ولا نعلم حتي الآنلمن وصلت هذه الوثائق ، وهل تعدت حدود الوطن إلي جهات خارجية غير معلومة أم ما زالت بالداخل يتم توظيفها في الوقت المناسب لضرب أمن واستقرار البلاد . وقتها تابعنا تغيير اسم الجهاز من " جهاز أمن الدولة " إلي جهاز " الأمن الوطني " وما تلاها من تدخل جماعة الإخوان - بعد تولي مرسي حكم البلاد - في شئون هذا الجهاز الأمني الخطير وعملية استبعاد عشرات من الضباط الأكفاء خاصة من كان يتولى منهم ملفات التطرف والجماعات الإسلامية والإخوان .. بعضهم سافر للخارج ، والبعض الآخر تم توزيعه علي إدارات أمنية أخري ، وفي المقابل استقدام عدد من الضباط يدينون بالولاء للجماعة المحظورة ومن بينهم قيادة أمنية كبيرة ، متورطة في عملية نقل أخبار الجهاز والضباط إلي مكتب الإرشاد . والغريب في الأمر أن خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة كان يتردد باستمرار - أيام حكم المعزول - علي هذا الجهاز ، وقيل أن ملفات خطيرة اطلع عليها ، إلا أن معلومات تم تداولها أشارت أن قيادات وطنية أخري داخل هذا الجهاز رفضت إطلاع الشاطر علي ملفات مهمة تمس الأمن القومي المصري ، بل وكانت تعطيه معلومات مغلوطة حرصا علي مصلحة البلاد وأمنها . يقول اللواء محمد نور مساعد وزير الداخلية الأسبق لمنطقة وسط وشمال الصعيد أن تردد خيرت الشاطر وعصام العريان القياديين بالجماعة المحظورة لمقر جهاز الأمن الوطني لم يكن هناك ما يبرره ، ولمتكن لهما صفة في التعامل مباشرة مع هذا الجهاز، مؤكدا أنهما كانا يدخلان من نفس الباب الذي كان يدخل منه وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ، وعلي الرغم من تأخر وزارة الداخلية في عملية تطهير قطاع الأمن من أعوان الجماعة التي كانت تشكل حائط صد في تعقب قيادات الجماعة وإفشال عدد من محاولات القبض عليهم ، حيث كان هؤلاء يبلغون قيادات الجماعة بتحركات المأموريات لضبط المطلوبين ، إلا أن الأنباء التي وردت مؤخرا عن عملية تطهير واسعة في كل الإدارات والأجهزة التابعة لوزارة الداخلية من فلول الإخوان لاقت ارتياحا لدي رجل الشارع . ملف اختراق جهاز الأمن الوطني هو نوع من العمليات النوعية التي تقوم بها الآن الجماعات الإرهابية ، حيث تم تنفيذ عمليات اغتيال لضباط بعينهم وثيقي الصلة بملفات تمس الجماعات المتطرفة ، ومن بين ضحايا الإرهاب الأسود الذين سقطوا النقيب محمد أبو شقرة من قوة مكافحة الإرهاب والذي تم اغتياله في شمال سيناء قبل رحيل نظام الإخوان بناء علي اختراق تم لجهاز الأمن الوطني وقتها من قبل الإخوان وتم الإطلاع علي المهمة السرية التي ذهب أبو شقرة لتنفيذها في سيناء وتم تحديد مقر إقامته هناك ، وصدرت الأوامر للإرهابيين بضرورة اغتياله وتصفيته جسديا وهو ما تم بالفعل ، ثم توالت عمليات قتل واستهداف ضباط الشرطة والجيش في أكثر من موقع ومكان ، إلي أن استيقظت مصر علي حادث اغتيال المقدم "محمد مبروك" رئيس مجموعة النشاط المتطرف بجهاز الأمن الوطني الشاهد الرئيسي علي تورط محمد مرسي وعدد من قيادات الإخوان في عملية تخابر وتجسس مع جهات أجنبية ، لذا لم يكن هناك مفراً من اغتيال مبروك والذي كان يمثل وجوده وشهادته خطرا ليس علي إخوان مصر وحدهم ، بل علي أجهزة المخابرات التي تعاونت معهم وكان يتم التخابر لحسابها ، كان لابد من اغتيال مبروك منعا من حدوث فضيحة دولية لتلك الأجهزة المتورطة في التجسس علي مصر ودعم الإرهاب فيها . وكانت أحد المصادر القضائية قدصرحت بأن المقدم مبروك قد أدلي بشهادته أمام نيابة أمن الدولة العليا في قضية تخابر الرئيس المعزول وقيادات بالجماعة قبل اغتياله بأيام قليلة، وقدم مستندات تثبت تورط المتهمين في عمليات تخابر وتجسس مع أجهزة مخابرات الولاياتالمتحدةالأمريكية وإيران ،وحماس ، وان شهادته في النيابة كانت المكملة لأركان القضية ، كما أن شهادته في المحكمة كانت كفيلة بلف حبل المشنقة حول رقبة هؤلاء المتهمين إلا أن يد الغدر طالته قبل إحالة المتهمين للمحاكمة الجنائية. كل ما نخشاه أن يتم استهداف شخصيات أخري وثيقة الصلة بالقضية.. والخوف أيضا من استهداف قضاة المحكمة التي ستحاكم الجواسيس ، أو تتعرض مصر لضغوط خارجية لإفشال هذه القضية وتجاوزها ، ولكن الاحتمال الأخير قد يكون صعبا .. فإدارة البلاد اليوم .. ليست كإدارتها أمس ، فالقرار اليوم نابع من الداخل ، ولا يخضع لأي ضغوط أو أملاءات خارجية وهو ما يؤرق مضاجع أمريكا وحلفائها ، وهو ما أدي إلي إتباع الخيارات الأخرى ( تنفيذ مخطط الاغتيالات) والتي كان أولها اغتيال المقدم الشهيد محمد مبروك . ولمن لا يعلم فإن المقدم "مبروك" كان قد تم تكليفه بعد ثورة 30 يونيه ورحيل نظام الإخوان بعمل تحريات عن عدد من الضباط والذين كانوا يمثلون " الطابور الخامس " داخل وزارة الداخلية ممن لهم علاقة بالجماعة المحظورة وبالقيادي الاخواني خيرت الشاطر ، وبالفعل تولي الملف وجمع التحريات اللازمة عن هؤلاء الضباط ، وقام بتقديم ما توصل إليه من تحريات إلي قياداته ، وبناء علي ذلك تم إحالة عدد منهم إلي هيئة التفتيش بوزارة الداخلية وهم الآن قيد التحقيقات داخل الوزارة . لقد حاول الإخوان عن طريق أعوانهم داخل الجهاز أبان حكم المعزول سحب جميع ملفاتهم والتي تثبت تورطهم في العديد من القضايا ، ومن بين هذه الملفات ملف قضية القيادي الاخواني رجل الأعمال الشهير طحسن مالك" والمتهم فيها بغسيل الأموال .. كان الملف يحوي تحريات ومعلومات عن تفتيش منزل ومصنع مالك ومستندات تثبت إدانته ، وعندما فشل الإخوان في الحصول علي هذا الملف ، قاموا بتتبعه في نيابة أمن الدولة العليا ونجحوا في تجنيد أمين شرطة كان يعمل بنيابة أمن الدولة العليا - وثلاثة جنود وموظف بالنيابة لسرقة ملف القضية ، إلا أن حظهم العاثر أوقعهم في طريق رئيس النيابة الذي ضبطهم في ساعة متأخرة من الليل وهم يخرجون من مقر النيابة وبحوزتهم ملف القضية ، وعندما استفسر منهم عما بحوزتهم أعترف أحدهم بالواقعة ، وفوجئنا بعدها بخبر انتحار موظف النيابة . أكد سمير صبري المحامي بالنقد والدستورية العليا أنه كان هناك اختراقا لأجهزة الأمن من قبل جماعة الإخوان ، وأنه بناءا علي هذا الاختراق تم اغتيال المقدم محمد مبروك ، مشيرا إلي أن أحد المحرضينعلي القتل واحداً ممن شغل منصب مستشار رئيس الجمهورية السابق للأمن والذي حصل علي ملفات أمنية خاصة بحركة حماس ، كما حصل القيادي الاخواني خيرت الشاطر علي ملفات أخري مهمة من داخل جهاز الأمن الوطني الذي نجح في اختراقه عن طريق أجهزة تنصت حديثة أحضرها من أمريكا للتجسس علي هذا الجهاز المهم . وعلي الرغم من نفي اللواء عبد الحميد خيرت – نائب رئيس جهاز الأمن الوطني السابق إمكانية اختراق جهاز الأمن الوطني ، إلا أنه أكد في حوار له بإحدي الفضائيات أن مؤسسة الرئاسة أثناء حكم الإخوان طلبت من رئيس الجهاز أن يتابع ثلاث ملفات فقط وهم " أنصار الفريق شفيق والشيعة والشيوعيين وأن يتجاهل أي شئ خاص بالتيار الإسلامي، موضحا أن هذه الطلبات كانت تخدم النظام، إلا أن رئيس الجهاز كان يتحمل هذه الأمور علي عاتقه الشخصي، ولم يأخذ تلك التعليمات محمل الجد، أو ينفذ ايا منها . ويبقي السؤال.. أين ذهبت ملفات أمن الدولة والتي كانت بحوزة " الاخوان " قبل سقوط مرسي ؟ ومن يضمن عدم استهداف ضباط أمن آخرين في الأيام القادمة بناءا علي قاعدة المعلومات الدقيقة التي حصل عليها الإخوان والتي تتضمن أسماء وعناوين ومهام ضباط الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب ؟