"نور بتحب ياسين،مصطفي بيحب مروة و هدى و جنة، أنا بحبك يا ريم وعاوز أتجوزك". اعتاد مدرسو الصفوف الأولى للتعليم الابتدائي العثور على رسائل تحتوي مثل هذا الكلام، والتي قد يجعلها الأهل مأساة، وتحول إلى دراما، بدلا من البحث عن علاج.. فهناك "إسراء" بالصف الثاني الابتدائي التي وقعت بغرام طالب بالصف الأول الإعدادي قائلة : " أنا بحس أنه راجل أوي، عشان في ولاد حاولوا يضربوني وهو زعقلهم و بعدهم عني، وكل ميشوفني يضحكلي ويقولي إزيك يا سوسو، وكل ميحصل كدة بحس بالأمان، وبحس إني بجد مطمنة أوي".. هذا الكلام الذي ربما لا نعرفه نحن الكبار إلا بعد سن ال 18 تقريبا، قالته طفلة لا تتجاوز ال 8 سنوات، و قالت أختها الكبيرة إن إسراء مدمنة مسلسلات تركية، ودائما تقلد المشاهد التي تراها، حتى أنها تحدث والدها بنفس الشكل، وكان علاج أهل إسراء لها معاقبتها بالضرب والإهانة وحرمانها من المدرسة لأسبوع كامل. و أيضا قصة "سيف و منة" التي بدأت منذ الصف الأول الابتدائي وكبر معهما وهما الآن بالصف السادس الابتدائي، والغريب أن هذا الأمر بعلم "ماما و بابا"، يقول سيف 11 عاما "أنا بحب منة من واحنا لسة في أولى ابتدائي، ومش متخيل حياتي من غيرها، وغير كدة احنا بنذاكر سوا وبنشجع بعض، وأنا وهي متفقين على كل حاجة في حياتنا، وحتى بنروح النادي سوا، وأهلها وأهلي موافقين ومشجعنا على كده، وكمان بغير عليها لو أي حد باصلها أو كلمها لأنها تخصني لوحدي". وقالت منة : "أنا كمان بحب سيف ومش شايفة أن الحب له سن معين، احنا بقالنا سنين مع بعض وعمرنا ما زعلنا من بعض بالعكس احنا متفاهمين جدا، وحتى لو حصل اي مشكلة مش بندخل أهلنا فيها بنحلها مع بعضنا، وده بيشجعنا اكتر إننا نفضل سوا باقي العمر". والأمر المدهش نظرات الصغار للمعلمات بالشكل الذي قد يرهب المعلمة و يخيفها، ويجعلها تضع حدودا معهم وكأنهم كبار، فقالت إحدى المعلمات عن موقف لها، أن أحد الأولاد بالصف الثالث الابتدائي قد قام بدعوتها على عيد ميلاده، فرحبت بالأمر وأعربت عن سعادتها له، وعند سؤالها له أين مكان الحفل أخبرها بأنه في المنزل، وأخبرها بأن والده أخبره بأنه سيقوم بإرسال أمه إلى الجدة، وستكون الحفل هي عبارة عن المدرسة والطفل وولي الأمر، و الأمر المحزن أن الطفل قال لها "دنتي هتشوفي بقى يوم مقولكيش..وأنا وبابا جامدين أوي..هخليكي ترقصي معايا سلو..وبردو مع بابا..بس اوعي تقولي لماما"! كما قالت ولية أمر أحد الطلبة إن التعليم فقد هويته، والأهالي أصبحوا نقمة وليس نعمة، و هذه الأمور ترجع إلى تربية الأهالي الذين انشغلوا عن أولادهم وتركوهم لتربية الشارع ودون نصح أو زرع قيم، وقالتإن ابنها رأي زميله يخرج الموبايل من حقيبته والذي يحتوي على أفلام وصور خارجة ليشاهدها وزملاؤه بالصف الأول الابتدائي، وعندما ابلغ المدير قام المدير بتحذيره ولم يتحدث حتى إلى ولي أمر الطالب حتى لا يؤذوه. و اشتكت مدرسة من سلوك الطلبة قائلة : لا يوجد تربية، الولد والفتاة حاليا لا يقولوا "مس" وإنما يا "مُزة"، وإذا تضايقت و أخبرت ولي الأمر بأن هذا لا يجوز، وجدت يرد بأن الطفل يحبني وهذا بالنسبة له نوع من الحب وليس قلة احترام. كما قالت إحدى الأمهات بأن الارتباط بين الأطفال في المدارس أصبح أمرا عاديا جدا، كما أن ذكاء الأطفال قد غلب عقل الكبار فإذا تم معاقبة الأهل لهم بأي شكل قام الأطفال بتهديد الوالدين أو ترك المذاكرة والتفكير في أي وسائل للضغط على الأهل. أرجع الاستشاري النفسي "إبراهيم خطاب" السبب إلى التربية الخطأ لعدم نضوج الأهل ووجود بعض المشاكل النفسية لديهم، مما قد يجعل الأب مثلا يشجع الطفل على أن يرتبط وهو في سن الابتدائي، فكل هذا ينعكس بدوره على سلوك الطفل، فقد يقول الطفل كلمات كثيرة غير مستوعب معناها، ثم يدركها بعد أن ينضج قليلا، وتصبح هي عادته. وقال الاستشاري النفسي "خالد خضر" في البداية الحب هو غريزة فطرية لدينا جميعا، وقد تبدأ في بعض الأحيان مبكرا في سن الطفولة، وتبدأ كحب استطلاع أو للتجربة. وأوضح خضر أن التربية هي الأساس كما يجب الذكاء في التعامل مع الأبناء، و ليس عن طريق القمع والعنف، فعليهم من البداية شرح المشاعر لأبنائهم وأنها أحاسيس جميلة وطيبة ولكن مع إعلامهم بأن هذه المشاعر لها وقتها. وقدم بعض النصائح لعلاج المشاكل المتعلقة بهذه المرحلة وهي: _ شغل الطفل بأنشطة، هوايات، برامج مفيدة لتنمية فكره وأسلوبه. _ فصله عن أقران السوء، و إيضاح السبب له . _ لابد من مراقبة ما يشاهدونه في التليفزيون لأن لديهم حب التقليد، فيجب انتقاء ما يمكن مشاهدته، وتجنب ما لا يمكن. _ إذا تم وعرض مشهد أو موقف أمام الطفل، يجب شرحه للطفل حتى يستوعب لماذا عليه تجنبه أو عدم الانبهار. وحذر خضر من استخدام بعض أساليب الأمهات التي قد تكبر الفتاة قبل أوانها، قائلا : هناك بعض الأمهات تدلل ابنتها عن طريق استخدام كلمات مثل"بنتي بقت عروسة..خلاص احنا هنحجزها لفلان..خلاص احنا هنجوزك"..وغيرها من الكلمات التي تجعل الطفلة تفكر وتنشغل بمثل هذه الأمور، فلا مانع أن تدلل الأم فتاتها بالشكل الذي يجعلها تهتم بجمالها ونظافتها ومظهرها ولكن دون المغالاة في الأمر.