تشارك مكتبة الإسكندرية هذا العام بجناح متميز في معرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي تعقد دورته الرابعة والأربعين من الأربعاء 23 يناير حتى يوم 6 فبراير. وتعرض مكتبة الإسكندرية في المعرض مجموعة كبيرة من إصداراتها المختلفة، ويعد من أبرز ما تعرضه المكتبة لجمهور المعرض أحدث إصداراتها، كتاب "شهود وشهادات على الحركة الإسلامية: تاريخ الحركة الطلابية في السبعينات"، وهو تحرير الباحث سامح عيد. ويبين الكتاب كيف ظلت الذاكرة التاريخية تعتمد على مجموعة من المصادر في توثيق الأحداث، أبرزها الوثائق المكتوبة ممثلة في الأوراق الرسمية المرتبطة به، وأغفت لعقود طويلة أهمية الاستعانة بالشهادات الشفهية على الرغم من أنها تعطينا صورة حية للماضي، فقصِّ أو حكي التاريخ يمثل إعادة الحياة لأفكار ومشاعر وتراث السامعين، فالتاريخ الشفاهي له نبض ودفء. ويوضح أن هناك طبقة راسخة من العادات والأفكار، ونسقًا ثابتًا من القيم تتحكم وتوجه المسار التاريخي للأحداث، وإن كانت هذه الطبقة غير مرئية، ولكن على المؤرخ إدراكها بعيدًا عن الإدراكات العقلانية، فتلك المادة مع إخضاعها للبحث والنقد التاريخي، ووضعها في سياق بيئتها الاجتماعية والتاريخية والجغرافية، يمكن أن تسد بعض الفراغ التاريخي، وتُفَسِّر بعض الظواهر الاجتماعية التي سكتت عنها المصادر. ويعرض الكتاب شهادات قيادات الحركة الإسلامية في مصر من خلال عرض تاريخ الحركة الطلابية في الجامعات المصرية في فترة السبعينيات من القرن الماضي وكيف انطلقت منها للمشاركة في العمل السياسي. وقدم الشهادات كل من رئيس حزب الوسط المهندس أبو العلا ماضي، والمحامي منتصر الزيات، والمحامي مختار نوح، ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة د.عصام العريان، ود. كمال حبيب، والصحفي محمد مورو. ويتناول الكتاب تاريخ الحركة الإسلامية في مصر خلال الثلاثين عامًا الماضية الذي أثار كثيرًا من الجدل على المستوى السياسي وعلى المستوى العلمي الأكاديمي بين الباحثين والدارسين، وذلك لأن هذه الفترة شهدت انقسامات كثيرة داخل الحركة فلم تكن حركة واحدة بل انقسمت إلى عدة حركات وحدث داخلها انشقاقات باتجاهات فكرية وعقائدية اختلفت فيما بينها، واكتنف البعض منها الغموض والسرية على مستوى التنظيم أو على مستوى التحركات. وتتناول الشهادات نشأة جميع شهود تاريخ الحركة الإسلامية في فترة السبعينات، وتستعرض مشوارهم التعليمي وكافة المؤثرات الفكرية المختلفة عليهم وصولا إلى المرحلة الجامعية الفاصلة في الانخراط في العمل الطلابي تحت لواء التيار الإسلامي، مبينة كافة الأنشطة الطلابية، خاصة المعسكرات التي أقيمت فترة الأجازات الدراسية، التي من شأنها التأثير على التكوين الفكري واستقطاب العديد من الشخصيات المؤثرة في تاريخ الحركة من كافة الجامعات المصرية وخاصة جامعتي القاهرةوالإسكندرية إضافة إلى أسيوطوالمنيا، وما ترتب على ذلك من تكوين شبكة من العلاقات التنظيمية بين المجموعات الإسلامية. وتظهر الشهادات الصراع الذي دار بين قيادات الحركة الإسلامية في هذه الفترة وكيف أدى إلى الانقسام إلى تيارين؛ تيار اتجه للانضواء تحت الإخوان، فيما اختار آخرون وأغلبهم من المنيا تأسيس التيار الجهادي الذي استأثر بمسمى الجماعة الإسلامية، وكيف غلف التوجه الجهادي الجماعة الإسلامية في الصعيد، وتأثرها الشديد بالقطبية والخومينية الصاعدة التي وجدت في الإطاحة بالنظام عنوانًا لطرحها المسلح في قضية اغتيال الرئيس السادات وما كان لذلك من أثره في تحول الجماعة الإسلامية إلى حركة شعبية معارضة خرجت من الجامعة إلى المجتمع.