تعد وثائق الازهر الشريف من بين ابرز انجازات المؤسسة العريقة عقب ثورة 25 يناير وقد استمر الازهر في وثائقه خلال 2012 ففي مطلع العام أعلن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وثيقة الحريات الأساسية التى تتضمن حرية العقيدة والرأى والتعبير والبحث العلمى والفن والإبداع الأدبى، لتكون أساسًا يتضمنه الدستور. وأكد الإمام الأكبر - وجود نصوص دينية قطعية وأصول دستورية وقانونية تكفل حرية العقيدة وما يرتبط بها من حق المواطنة الكاملة للجميع، دون أن يمس ذلك الحق فى الحفاظ على العقائد السماوية وقداستها، بالإضافة إلى إقرار حرية إقامة الشعائر الدينية دون عدوان على المشاعر أو المساس بحرمتها قولا أو فعلا، ودون خلل بالنظام العام. كما أكد الطيب حق حرية الاعتقاد والتسليم بمشروعية التعدد ورعاية حق الاختلاف ووجوب مراعاة كل مواطن مشاعر الآخرين والمساواة بينهم على أساس متين من المواطنة والشراكة، وتكافؤ الفرص وجمع الحقوق والواجبات. وشدد الطيب على أن حرية الاعتقاد ترفض نزعات الإقصاء والتكفير ورفض التوجهات التى تدين عقائد الآخرين ومحاولات التفتيش فى ضمائر المؤمنين. كما أعلن الإمام الأكبر حرية الرأى والتعبير ضمن وثيقة الحريات باعتبارها أم الحريات كلها، كما أن حق التعبير عن الرأى يكون حرًا بمختلف وسائل الإعلام المرئى والمسموع والمقروء، بالإضافة إلى الحق فى تكوين الأحزاب وإبداء منظمات المجتمع المدنى لرأيها. وتكفل الوثيقة الحق فى الحصول على المعلومات اللازمة لإبداء الرأى، مع احترام عقائد الأديان السماوية الثلاثة وشعائرها، حفاظًا على النسيج الوطنى والأمن القومى ومنعا لإثارة الفتن الطائفية أو المذهبية بدعوى حرية التعبير. وأشار الطيب إلى أن حرية التعبير هى المظهر الحقيقى للديمقراطية، وتنشئة الأجيال الجديدة، وفق ثقافة الحرية وحق الاختلاف واحترام الآخرين، مطالبًا العاملين فى الخطاب الدينى والثقافى والسياسى فى وسائل الإعلام بمراعاة ذلك. وشدد على حرية الفن لترقية الإحساس وتنمية الوعى بالواقع وتثقيف الحواس الإنسانية وتعميق خبرتها بالمجتمع والأشخاص، بالإضافة إلى نقد المجتمع من أجل الأفضل ولكن بما لايتعرض للمشاعر الدينية أوالقيم الأخلاقية المستقرة، منوها إلى ضرورة مراعاة ظروف المجتمع والعمل على نهضته. وأكد شيخ الأزهر تضمين وثيقة الحريات لحرية البحث العلمى باعتباره قاطرة التقدم البشرى واكتشاف الكون، وضرورة حشد طاقة الأمة وإمكاناتها للبحث العلمى، وهو ما أكد عليه القرآن فى الحث على التفكير والقياس والتأمل فى الظواهر الكونية، واعتبار ذلك فريضة إسلامية فى مختلف الشرائع. وطالب الطيب بضرورة توافر المؤسسات العلمية والبحثية والعلماء، فى ضوء حرية أكاديمية تامة لإجراء التجارب وفرض الفروض والاحتمالات واختيارها بالمعايير العلمية الدقيقة وصولا لنتائج جديدة تضيف للمعرفة الإنسانية مع الالتزام بأخلاقيات ومناهج العلم. وناشد الدكتور الطيب الأمة الإسلامية والعربية بالعودة لسباق القوة وعصر المعرفة بسلاح العلم والبحث العلمى لنهضة المجتمع وتطوير مراكز البحث والإنتاج العلمى مع ضمان سقف للبحث العلمى والإنسانى والقضاء على احتكار الغرب للتقدم العلمى. وكانت جهود الازهر الشريف لتوحيد الصف المصري وخاصة فيما يتعلق بالجمعية التأسيسية للدستور ومحاولاته لراب الصدع بعد تكرار انسحاب العديد من القوي السياسية منها وممثلي الكنائس والتي نجحت أكثر من مرة، ولكنها لاقت الفشل في المرة الاخيرة نتيجة اصرار البعض علي الانسحاب ، وفي نهاية العام دعا شيخ الأزهر أحمد الطيب، ، المصريين إلى التوحد من أجل إعلاء “مصالح الوطن” على ما عداها وذلك بعض تكرار المليونيات المعارضة للدستور الذي نجحت الجمعية التأسيسية في انجازه وكذلك المعارضة للإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي. وحثِّ الطيب، المصريين جميعاً على “الوحدة والتوافق، وإعلاء مصلحة الوطن العُليا على المصالح الشخصيَّة والآنيَّة الضيِّقة في هذه المرحلة الفاصلة من تاريخ مصر، وحتى نرسو جميعًا بسفينة الوطن إلى برِّ الأمان”. ودعا شيخ الأزهر جميع القوى السياسية والحزبية على الساحة المصرية إلى “نبذ الشقاق والخلاف والتناحر، وأن تسعى جاهدة إلى الالتفاف والاجتماع على كلمة سواء “حتى “تُدرك مصر ما فاتها لتلحق بركب الحضارة والتقدم والرفاهية”. وشدَّد الطيب على ضرورة أن” يدرك شباب مصر عبء المسؤولية الملقاة على عاتقهم في نهضة مصر، وأن يستمعوا لصوت العقل والحق، وأن يُغلّبوا مصلحة الأمة المصرية، ويجعلوها نصب أعينهم وفي سويداء قلوبهم، وأنْ يهجروا الخلاف والعصبية؛ فإنَّ مصر لن تقوم لها نهضةٌ إلا بسَواعد أبنائها، والشباب منهم خاصة”. كما ناشد شيخ الأزهر رئيس الجمهورية التأكيد على سِيادة القانونِ، والعملِ على سرعة العودة إلى مائدة الحوار مع كل القوى الوطنية؛ لحقنِ الفُرقة والخلاف، وتهدئة المناخ المناسب والعاقل؛ لسرعة إنجازِ دستور توافُقي يعِر عن كل أطياف الشعب، ويُنهِي مرحلةَ الإجراءات الاستثنائيَّة والإعلانات الدستوريَّة المؤقَّتة". وختم البيان مذكرًا بقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ? وَاصْبِرُوا ? إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.