احسان عبد القدوس أنا حرة، أصابع بلا يد، في بيتنا رجل، لا تتركني وحدي، أنف وثلاثة عيون، شيء في صدري، نصف الحقيقة، النساء لهن أسنان بيضاء، تائه بين السماء والأرض، الخيط الرفيع، لقد أصبحت رشيقة، هذا أحبه وهذا أريده، الطريق المسدود ، لا شيء يهم، أرجوك أعطني هذا الدواء، أيام في الحلال، بعيداً عن الأرض، العذراء والشعر الأبيض، أبي فوق الشجرة، لا تطفئ الشمس، لا أنام، الحب الأول وهم كبير، قبضة ضم، زوجة وسكرتيرة، الوسادة الخالية.. وغيرها . هذه بعض من عناوين روايات الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس التي مرت ذكراه يوم الاثنين الماضي في صمت ، رغم أن كل أعماله تمتلئ بالصراخ والحرية والتحرر والمساواة والعدالة الاجتماعية ، والثورة ضد الاستبداد الإنساني. استطاع أدب إحسان عبد القدوس الخروج من المحلية إلي حيز العالمية.. وتُرجمت معظم رواياته إلي لغات أجنبية كالانجليزية، والفرنسية، والأوكرانية، والصينية، والألمانية.. و حصل الكاتب الكبير علي العديد من الجوائز والأوسمة. كتابات إحسان عبد القدوس من الكتابات التي إذا قرأتها أكثر من مرة في ظروف مختلفة تعطيك أحساسا وفهما مختلفا عن كل مرة قرأت فيه أي عمل من أعماله لأنها تمتلك أكثر من رؤية وأكثر من حالة إبداعية عاش بالحب وللحب من أكثر الكتب التي كشفت جوانب خفية وأسرار في حياة كاتبنا الكبير، كتاب الكاتبة الدكتورة لوتس عبد الكريم حيث كانت واحدة من الذين اقتربوا من هذا الكاتب الكبير وصارت احد أصدقاء أسرته فاقتربت منه كانسان وكاتب وفنان واستطاعت أن تنسج من تلك العلاقة صفحات تحتوي علي ذكريات أو مواقف من حياة كاتبنا إحسان عبد القدوس ليضمها كتاب مصور يضم البومات نادرة للكاتب ، وترسم بقلمها لقطات من حياته لتشعر بأنك تطالع مذكرات يومية للمؤلفة من بين ما كشفته د.لوتس في كتابها: أن إحسان عبد القدوس اعترف للزعيم الراحل جمال عبد الناصر بأنه هاوٍ للكتابة قبل أن يكون محترفاً، وأنه استعان دائماً بالحب علي مواجهة كل التناقضات في حياته الأولي، وأن إحسان عبد القدوس كان يخفي دائماً وجهه بيده لتأذيه من مظهر أنفه! وأنه اختار في زوجته النقيض من والدته روز اليوسف، ولم يتمن في حياته مطلقاً أن يتزوج من امرأة عاملة مثل (مدام كوري)، وكان يبحث دوماً عن امرأة تحب عيوبه وليس اسمه! كتبت عنه تقول: لم أقابل في حياتي إنسانا يستمتع بلذة الإنصات والاستماع دون تذمر مثل إحسان وكأن وظيفته الإنصات والتأمل والتحليل ثم الكتابة أنه يعيش الآخرين ويكتب. وتصف لنا المؤلفة خلال سطور كتابها مكتب الكاتب إحسان عبد القدوس ، تلك الصومعة التي خرجت منها أجمل أعمالة ومؤلفاته فتقول: صومعة الفن الجميل ، مهبط الوحي وتسجيل الإلهام ، مكتب كبير وأريكة وفوتيهات .. ثم كتب وتماثيل وتحف ولوحات ، وتسترعي انتباهي لوحة زيتية بورتريه تحتل جانبا من المكان لسيدة رقيقة جميلة العينين .. أنها لواحظ المهيلمي ( لولا ) زوجته مصدر الإلهام أو الأساس أو المحور أو الحياة كما سماها في احدي قصصه الكاتبة لا تسرد قصة حياه الكاتب إحسان عبد القدوس، بقدر إلقاء الضوء علي أهم النقاط في حياته والتي أثرت فيه وتأثر هو بها فكان إحسان يقول عن نفسه كما ذكرت المؤلفة في كتابها أنا دائما أقول عن نفسي: أنني نصفان.. نصف خيالي وفني صرف وهذا النصف ورثته عن أبي الفنان (محمد عبد القدوس) ، أما نصفي الآخر فهو واقعي يعيش الحياة بحلوها ومرها ذلك النصف الواقعي الذي ورثته عن أمي السيدة (روز اليوسف، وقد تربي إحسان في ظل أسرة محافظة بطلاها جدة الشيخ (رضوان) وعمته (نعمات هانم) وهي بيئة تقليدية تحرص علي الدين والحجاب بالنسبة للمرأة وقد دخل إحسان الكتاب وحفظ القرآن، وكان الطفل إحسان يلحظ كم تقف أسرته بشدة ضد كل خروج عن آداب الدين والتقاليد ، كما لاحظ مدي التباين بين نوع الحياة التي تعيشها أمة الفنانة والصحفية المعروفة وكان يقول : كان الانتقال بين هذين المناخين يصيبني بما يشبه الدوار الذهني، ولكني استطعت التوفيق بين هذه المتناقضات في حياتي.