بمشاركة أحبار الكنيسة.. البابا تواضروس يصلي قداس الأحد مع شباب ملتقى لوجوس    رئيس جامعة بنها يزرع 1000 شتلة زيتون بكلية الزراعة بمشتهر ويشهد حصاد السمك البلطي    محافظ الفيوم يوجه بتسريع وتيرة العمل في ملفي التقنين والتصالح وإنهاء كافة الطلبات في أقرب وقت    منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة يرحّب ب "الهدنة الإنسانية" ودخول مساعدات إلى غزة    قرعة كأس عاصمة مصر - 7 فرق في 3 مجموعات.. والإقصائيات ذهابا وإيابا    فرص عمل...محافظة الدقهلية تعلن عن حاجتها ل 5 وظائف تعرف عليها والمستندات المطلوبه    الإعدام شنقًا للحام لاتهامه بقتل شخص بعدة طعنات بالقليوبية    مليون.. إيرادات فيلم "أحمد وأحمد" أمس    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    وكيل تعليم أسوان يعلن أسماء أوائل الدبلومات الفنية 2025    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    بالتعاون بين وزارتي الإسكان والثقافة.. إقبال جماهيري على فعاليات الأسبوع الأول من مهرجان ليالينا في العلمين    أطعمة ومشروبات تحافظ على برودة الجسم فى حرارة الصيف المرتفعة..تعرف عليها    «القومي للمرأة» يهنئ آمنة الطرابلسي لفوزها بمنصب نائب رئيس الاتحاد الإفريقي للإسكواش    طريقة عمل الحجازية، أسهل وأسرع تحلية وبأقل التكاليف    الأمن يكشف غموض خطف طفل من القاهرة وظهوره فى الصعيد    "أونروا": لدينا 6 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول قطاع غزة    فى ذكرى وفاة يوسف شاهين.. المخرج العالمى ديفيد لين مفتاح وصوله للعالمية    حالة الطقس في الكويت اليوم الأحد.. حرارة شديدة ورطوبة نسبية    وزيرة التخطيط ونظيرتها بجنوب أفريقيا تؤكدان أهمية التوسع بمشروعات البنية التحتية بالقارة السمراء    إطلاق حملة توعوية من المركز القومي للبحوث للتعريف بالأمراض الوراثية    المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القطاع يحتاج إلى 600 شاحنة إغاثية يوميا    تنسيق الجامعات 2025 .. تعرف علي قائمة ب71 معهدا للشعبة التجارية بدائل للكليات    تفاصيل تشاجر 12 شخصا بسبب شقة فى السلام    حسن شحاتة أسطورة حية صنعت المستحيل ضد الأهلى والزمالك    البقاء أم الرحيل.. شوبير يكشف مطالب عبد المجيد من أجل الإستمرار مع الزمالك    وزيرة التنمية المحلية تتابع مع محافظ القليوبية مشروعات "حياة كريمة" بالمحافظة    موعد حفل تامر عاشور في العلمين الجديدة و أسعار التذاكر    في ذكري وفاة رشدي أباظة .. دخوله التمثيل كان بسبب صداقته لأحمد رمزي وعمر الشريف    ضمن فعاليات " المهرجان الصيفي" لدار الأوبرا .. أحمد جمال ونسمة عبد العزيز غدا في حفل بإستاد الاسكندرية    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    12 جامعة أهلية جديدة فى انتظار طلاب الثانوية العامة    طلاب «المنح الدولية» مهددون بالطرد    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    اليوم.. قرعة الدوري «الاستثنائي» بمشاركة 21 فريقا بنظام المجموعتين    محافظ قنا يناقش استعدادات المحافظة لانتخابات مجلس الشيوخ    حزب بريطاني يهدد بفرض إجراء تصويت في البرلمان من أجل الاعتراف بدولة فلسطين    سويلم: إزالة 87 ألف تعد على النيل منذ 2015 ومواصلة مكافحة ورد النيل    ضبط 118.7 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ريم أحمد: شخصية «هدى» ما زالت تلاحقني.. وصورة الطفلة تعطل انطلاقتي الفنية| خاص    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة ببداية جلسة الأحد    بورسعيد تودع "السمعة".. أشهر مشجع للنادى المصرى فى كأس مصر 1998    3 أوجه تشابه بين صفقتي بوبيندزا وأوكو مع الزمالك    زكى القاضى: مصر تقوم بدور غير تقليدى لدعم غزة وتتصدى لمحاولات التهجير والتشويش    "الصحة": حملة 100 يوم صحة قدّمت 15.6 مليون خدمة طبية مجانية خلال 11 يوما    «الإفتاء» توضح الدعاء الذي يُقال عند الحر الشديد    إيتمار بن غفير: لم تتم دعوتي للنقاش بشأن إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    إصابة 11 شخصا في حادثة طعن بولاية ميشيجان الأمريكية    بدعم من شيطان العرب .."حميدتي" يشكل حكومة موازية ومجلسا رئاسيا غربي السودان    قبل بدء الهدنة.. 11 شهيدًا وعشرات الجرحى في قصف إسرائيلي على قطاع غزة    «غير اسمه بسبب الاحتراف».. هاني حتحوت يكشف تفاصيل مثيرة بشأن نجم الزمالك    الثالث علمي بالثانوية الأزهرية: نجحت بدعوات أمي.. وطاعة الله سر التفوق    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    ما حكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    خالد الجندي: من يُحلل الحشيش فقد غاب عنه الرشد العقلي والمخ الصحيح    الأمم المتحدة: العام الماضي وفاة 39 ألف طفل في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعجبني هؤلاء
عبد الحليم حافظ.. والحاخام اليهودي في باريس الفنان الموعود بالعذاب دائما
نشر في أخبار اليوم يوم 25 - 11 - 2011

كنت في الجزائر وطلبت من الرئيس بومدين أن يأمر بأن نتوقف في باريس بدلاً من الذهاب الي مصر مباشرة فقد أردت أن أزور عبد الحليم حافظ المريض في باريس وكان يرافقني أحسن مصور صحفي هو فاروق إبراهيم وذهبنا الي عبد الحليم وكان مريضاً شاحباً هزيلاً مخنوق الصوت غائر العينين مشقق الشفتين لا حول ولا قوة إلا بالله.. وكيف حالك يا حليم إن شاء الله تعود الي القاهرة سالماً غانماً لمحبيك الذين يتمزقون حزناً عليك.. ألف سلامة.. فلان يبلغك السلام وفلانة تبعث إليك بتحياتها وورودها.
ولم يكن عبد الحليم قادراً علي ان يكون له ابتسامة امتنان..
ثم قال: إنني ذهبت مع بليغ حمدي الي أحد الحاخامات في باريس.. وهو رجل متخصص في السحر وطرد الأذي والشر والشياطين من حولي وأعطاني حجاباً وفي التليفون طلب من شقيقته السيدة عليه قائلاً: يا أختي أحرقي المخدات والمراتب.. واشتري جديداً.. فقد قال لي أحد السحرة هنا إن الشر كله يكمن تحت المخدة وتحت المرتبة.. ولابد أن شقيقته قد فعلت ذلك.. ثم قال لي: إن الحاخام حذرني من واحدة اسمها (أم أمين)..
واندهشت أن يعرف الحاخام اسم واحدة بالتحديد وكتبت مقالاً. وفي اليوم التالي جاءني الموسيقار محمد الموجي ومعه سيدة بيضاء ترتدي السواد.. أهلاً يا محمد.. وبادرني بقوله: وهذه يا سيدي أم أمين زوجتي!
فاعتذرت أنني لو كنت أعرف أنه يقصدها ما كتبت اسمها ولكن الخوف كان شديداً بين بليغ حمدي ومحمد الموجي وكمال الطويل فهم جميعاً يتنافسون علي عبد الحليم حافظ يريدون أن ينفردوا بصوته لألحانهم!
وفي يوم قال لي عبد الحليم حافظ إن كمال الطويل يريد أن يسمع صوتي وتحدد لنا موعدا وذهبت إليه وبينما نحن نتناول الغداء سمعنا طرقاً عنيفاً علي الباب وكان الطارق هو البوليس فاختطف من بيننا الأستاذ صلاح حافظ الزعيم الشيوعي أرق الشيوعيين وألطفهم وأكثرهم أدبا صحيح نحن مختلفان تماماً ولكنه عف اللسان وفي غاية الرقة.
وانزعجت في ذلك اليوم ووجدتها بداية سيئة، هذا إذا كان في نيتي أن أتفرغ للغناء بشرط أن يسمعني محمد عبد الوهاب.
واتفقنا علي ان نذهب نحن الأربعة الي عبد الوهاب: كمال الطويل وعبد الحليم حافظ والشاعر الغنائي مأمون الشناوي وأنا..
وذهبنا فوجدنا عبد الوهاب جالساً ومعه العود يتابع فتاة ريفية تغني له (عاشق الروح) وكان عبد الوهاب يلاحقها بعبارة يا ثلام ( يا سلام) الله يا خدوجة.. يا ثلام..
ولم يكن صوتها جميلاً فهمست في أذن عبد الحليم: كيف يقول لها يا ثلام وصوتها هزيل؟ فرد عبد الحليم قائلاً عبارة جعلتني أفيق من خيال وأحلام ليس لها مبرر: ألا تعرف أن عبد الوهاب مجامل!
لم أكن أعرف، وقلت: معني هذا أن يقول يا ثلام فأترك الصحافة والتدريس في الجامعة وأتسول في شواع الغناء..
وانسحبت ولا أعرف إن كانت خطوتي ثقيلة لأنني خائب الأمل أو أنني خيبة الأمل وظهرت في التليفزيون أحكي ما حدث وتضايق عبد الوهاب، وكان لابد من أن يظهر محمد عبد الوهاب في التليفزيون يحكي ما حدث ومما قاله عبد الوهاب: علي كل حال كل شئ انتهي وإذا كان أنيس منصور خسارة علي الطرب فهو مكسب للأدب!
وفي أول حياة عبد الحليم حافظ الفنية كان يتردد علينا في (أخبار اليوم) لعلنا ننشر عنه خبراً أو صورة وكان يتحمل أنواعاً من السخافة والرزالة من بينها أننا لا نكاد نري عبد الحليم حافظ حتي نغلق الأبواب ولا نطلب منه أن يغني: صافيني مرة، ويا أبو قلب خالي.. أبداً نحن الذين نغني وهو الذي يستمع وكنا أشهر منه في ذلك الوقت. وكنا ثلاثة: اثنان يغنيان لأم كلثوم وأنا أغني لمحمد عبد الوهاب وكنت أغني قبل ذلك في الحفلات المدرسية وفي أسرتنا عدد كبير من ذوي الأصوات الغنائية: أبي وخالي وخالتي. وأبي يغني لسيد درويش وكان يرتل القرآن أيضاً وكنت أغني وأنا طفل وأتذكر أنني كنت أقف في البلكونة وزملائي الأطفال يقفون تحتها يسمعون ولا أعرف من أين أتيت بهذه التركيبة ولماذا لا أغني بينهم؟! شئ غريب أن أغني فوق والمستمعون تحت. وكانت البنات في الحقول يغنين وكنت أطلب من والدي يسمح للبنت (زهرة) أن تغني لي وكانت تجئ وتغني هي وأنا أستمع لها من فوق.. صورة غريبة ولكن هذا ما حدث ولا أعرف لماذا..
أما خالي فكانت في صوته (بحة) جميلة وكذلك خالتي.. ولا أعتقد أنني رأيت أجمل منها في أي بلد رأيته. وكانت إذا غنت تنزل من عينيها الدموع..
وكانت تغني لعبد الوهاب فهو الأستاذ والمدرسة والمثل الأعلي الذي كان أمامنا وحلمنا في كل الحياة نموذج للفنان المحترم المبدع الذي يحب فنه ويحترم نفسه ويري أنه سيد القوم وأنه حريص علي هذا المكان الرفيع وظل كذلك حتي أغنية (من غير ليه) التي لحنها ليغنيها عبد الحليم حافظ ولكنه هو الذي غناها بصوته.. وأنا لم أسمع هذه الأغنية ولكن الأمير بدر بن عبد العزيز صديق محمد عبد الوهاب يحتفظ بهذا الأغنية.. وأخيراً غناها عبد الوهاب كانت بصوته ثم ركب عليها الموسيقي.
والذين يعرفون عبد الحليم أكثر وأعمق يقولون إنه كان يتمني أن يغنيها.. ولكن سبقه الموت فأصبح الممكن مستحيلاً!
تحتفل الإذاعة والتليفزيون في مصر بمرور 23 عاماً علي وفاة مطربنا الرقيق الحزين المريض عبد الحليم حافظ كان ولا يزال من أحب الأصوات الي قلوبنا ولا يزال مكانه شاغراً.. وإن كانت أعماله أكثر الإنتاج الفني بيعا وظهر أمام الميكروفون عدد كبير من أدباء ونقاد مصر يتحدثون عن صلتهم بعبد الحليم حافظ واوضح جداً حبهم له، وحزنهم عليه..
وجاء دوري، فقلت ان عبد الحليم حافظ كانت له أغنية اسمها (علي قد الشوق).. من تلحين كمال الطويل.. هذه الأغنية جاءت في أعياد ثورة يوليو وهي الصاروخ الذي ارتفع بعبد الحليم الي مدار رفيع للغناء.
وللتاريخ.. كنا نحن نردد هذه الأغنية في سهراتنا، قبل أن يغنيها عبد الحليم، فالموسيقار كمال الطويل قد أعطي هذه الأغنية لمطرب صغير مغمور فكان يرددها في الكباريهات.. ولأن الكلام واللحن سهل وجميل فكنا نرددها في سهراتنا في فندق »حلمية بالاس« وكان يشغل المكان الذي أقيمت عليه رئاسة الجمهورية، حتي جاء عبد الحليم فأصبحت أميرة الأغنيات في ذلك الزمان ويبدو ان الموسيقار محمد عبد الوهاب لم يطق صبراً علي جماهيرية الأغنية، فبسرعة قدم أغنية (أنا والعذاب وهواك) وكان كمال الطويل يلعن عبد الوهاب ليلاً ونهاراً ويقول »إنه أراد بأغنيته الجميلة هذه أن يحطم أغنيتي، ومعها عبد الحليم أيضاً«.
ونحن قد كسبنا أغنيتين لصديقين ولا أحد يعرف كم عدد المرات التي أذيعت فيها الأغنيتان في اليوم الواحد علي كل البرامج المصرية والعربية.
ومما كنا نأخذه علي الصديق عبد الحليم حافظ أنه كان مجاملاً مرهقاً لنفسه.. وكان يغنيها في كل حفلة عائلية وبين أصدقاء وفي ساعات الليل الصغيرة وقد أفناه ذلك، وكان عبد الحليم حافظ عليلاً!
ونحن نشفق عليه، ولكنه كان قاسياً علي صحته، وطعامه، ونومه وحياته حتي الموت!
الصدفة أوقعت في يدي خطابات كتبها عبد الحليم حافظ لفتاة جميلة.. وهناك ألوف الجميلات يحلمن به ويتمنين نظرة أو كلمة.. وعبد الحليم يتمني ذلك أيضاً ولكن الفن لا يقبل شريكاً من المعجبات والمعجبين يظل الفنان يتعذب ويأكل بعضه بعضاً حتي يتلاشي سنة بعد سنة ومرضاً بعد مرض.. هنا في المعدة وهنا في الكبد.. وهنا في كل الجسم وكل الأعصاب وكل العيون التي تراه وتبكي عليه أمامه ومن خلفه..
قرأت الخطابات فساءني ذلك فهي خطابات محب عاشق محروم وفي ساعة ضعف - ومن ذا الذي لا يضعف ويقول كلاماً جميلاً حزيناً يائساً - ونظرت الي الفتاة الجميلة وسمعت كلامها ووجدت أنها تستخف بما قال عبد الحليم وما دار بينهما أو ما حدث - إن كان شئ قد حدث.. ولما علمت أن لها قريباً صحفياً.. تحايلت عليها حتي أخذت كل الخطابات بدعوي أن أقرأها لعلي أنشرها مع تعريف بالمحبوبة دون ذكر لاسمها ولأنها زوجة لشخصية مهمة وأم لثلاثة من الأولاد..
ولم يكن في نيتي نشر هذه الخطابات بأية صورة ولكن لا أعرف ما الذي أصنعه بها.. فإن أصبح لعبد الحليم حافظ متحف، فمن الممكن إيداع هذه الخطابات دون تعريف بالجميلة التي لم تبادله الحب أو بادلته.. أو لعلها تكون قد كتبت له.. وإن كانت قد أقسمت لي أنها لم تكتب له سطراً واحد؟!
واتصلت بصديقي الشاعر الغنائي محمد حمزة ولم أجده وتركت اسمي ثم عدلت نهائياً عن الكلام في هذا الموضوع الخاص جداً الذي له طعم الفضيحة فعبد الحليم لا يستحق هذه الإهانة وهي لا تستحق هذا التكريم!
وكنت علي صلة قوية تليفونية بعبد الحليم حافظ وذهبت إليه في بيته مرات عديدة فالبيت ملئ بالناس أكثرهم من الموسيقيين الذين يشتركون في عمل بروفات طويلة لأغنيته الجديدة مرة واحدة أمضيت الليل كله عنده فقد كان يجرب بروفات علي أغنية (موعود) من تلحين بليغ حمدي وهي من أجمل الألحان وأكثرها زخرفة موسيقية وبلاغة لحنية وكان الإرهاق بادياً علي عبد الحليم: وجهاً وصوتاً وجفاف ريق وسعالاً محتبساً ولا هو يسكت ويستريح ولا الفرقة الموسيقية.. وأحسست كأن هذا هو آخر ألحان عبد الحليم فهو مثل الطائر الذي يغني أجمل ألحانه قبل أن يموت.. أو هو مثل طائر الشوك الذي قبل أن يموت يطير يبحث بين الأشجار الشائكة عن أطول شوكة ويلقي بجسمه عليها فتنفذ في أحشائه ليموت في أعلي أغصانها!
وندمت أنني ذهبت إليه وحاولت أن أطرد هذه الفكرة ولكنها طاردتني وطردتني من بيت عبد الحليم وطردت النوم من عيني.
وأطبقت نفسي علي حزني وأسفي وفوجئت بأن عبد الحليم يطلب مني أن أحضر حفلته وأنه حجز لي مقعداً في الصف الأول..
وزاد حزني وخوفي عليه فأنا لا أحب أن أراه يسقط علي المسرح وانفتح الستار عن الفرقة الموسيقية.. ويبدأ عبد الحليم يغني بحيوية وانتعاش: موعود.. ومن حين الي حين يدخل الي وراء المسرح يتعاطي شراباً أو دواء وأكذب لو قلت إنني سعدت بالأغنية البديعة.. فقد أفسد الخوف عليه كل رغبة في الاستماع وظللت طوال الوقت وفي كل مرة يدخل وراء المسرح.. أتوقع ألا يجئ..
وانتهت الحفلة والناس سعداء بما سمعوا وصفقوا مرات وقد دبت فيه الحياة والحيوية والسعادة والنشوة وتواري المرض والضعف والوهن.. وعندما عاد الي البيت تساقط قبل الفراش وفي الفراش. وأحس الجميع أنها النهاية ولم تكن النهاية وإن كانت شهوراً قبل النهاية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.