أيام ويهل علينا هلال شهر رمضان، بما يحمله من نفحات ربانية وفوائد صحية.. ومع اتباع العادات الصحية السليمة خلال هذا الشهر الكريم ينعم المسلم فيه بتجديد حيويته ونشاطه، نظرا لأن الامتناع عن الطعام لساعات طويلة يساعد في التخلص من السموم الغذائية المخزنة بالجسم داخل الكبد والطحال، ويعمل علي تجديد خلايا الجهاز الهضمي. وعلي عكس المتوقع، يعاني الكثيرون خلال الشهر الكريم من الإصابة ببعض الأمراض، التي من أشهرها: الحموضة وعسر الهضم وآلام المعدة، نتيجة إفراطهم في تناول الطعام، وهو الأمر الذي يتعارض مع مبدأ الصيام، وكذلك النوم مباشرة عقب السحور، لذا قدم مجموعة من الأطباء المتخصصين عددا من النصائح الهامة لتجنب هذه الأمراض، خلال مؤتمر عقدته الجمعية المصرية للمناظير وأمراض الجهاز الهضمي والكبد نهاية الاسبوع الماضي. يأخذ الجهاز الهضمي فترة راحة لأكثر من 12 ساعة يوميا طوال أيام شهر رمضان وهذا يريح الأعضاء والقولون.. بهذه الكلمات أكد د. قدري السعيد، أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بكلية طب جامعة عين شمس، أن للصيام فوائد عظيمة، وأن مشكلة الإصابة بالأمراض خلال الشهر ليست من الصيام وإنما تنتج عن العادات الخاطئة التي يتبعها البعض والتي من بينها تناول كميات كبيرة من الطعام فجأة بعد صيام دام لساعات طويلة، الأمر الذي يصيب بالتلبك المعوي، والحرقان، وغيرهما من الأعراض. وأضاف السعيد: الارتجاع الحامضي في رمضان، يعود أيضا إلي تناول أطعمة غير مناسبة، أو تناول الطعام قبل النوم مباشرة كما يحدث في السحور، مما يزيد إفراز الحمض المعدي، في حين أن مريض الارتجاع الحامضي لابد أن تكون آخر وجبة له قبل النوم علي الأقل ب3 ساعات، ولذلك ينصح بتناول طعام خفيف لا يحتوي علي زيوت او بهارات او شطة في السحور.. وعن مريض قرحة المعدة والاثني عشر النشطة، نصحه بعدم الصيام لأنه يحتاج إلي تناول الطعام علي فترات لمعادلة حمض المعدة، أما مريض جرثومة المعدة فيمكنه الصيام مع تناول الأدوية في مواعيد الإفطار. ولضمان سلامة الجهاز الهضمي خلال شهر رمضان، نصح د. سراج زكريا، أستاذ علاج الجهاز الهضمي والكبد بكلية طب القصر العيني، بضرورة البدء بتناول كوب من الماء، او الشوربة أو العصير عند الإفطار، مع تمرة، لإعطاء المعدة فرصة لتقوم بوظيفتها وافراز العصارات الهضمية لاستقبال الطعام، بالإضافة إلي تقسيم وجبة الإفطار علي مرتين، لضمان تناول كميات قليلة وعدم التعرض للانتفاخ، وتحسين الهضم، وعدم الاستمرار في تناول الطعام بمجرد الشعور بالشبع. وأضاف زكريا: يجب تناول كميات كافية من الماء بشكل منتظم خلال الفترة ما بين الإفطار والسحور، وتجنب تناول الدهون والمقليات بكثرة، والاعتماد علي الأطعمة المشوية، والألياف، مثل السلطة الخضراء، والفواكه، والكربوهيدرات لضمان الحفاظ علي مستوي السكر في الدم اثناء ساعات الصيام، وتجنب تناول الحلويات في وجبة السحور لأنها تتسبب في الإحساس بالعطش وعسر الهضم، لاحتوائها علي كميات كبيرة من السكريات والدهون، وأيضا تجنب المخللات والتوابل لأنها تسبب الحموضة، وألا يتم النوم مباشرة بعد السحور، مع ضرورة ممارسة رياضة المشي لمدة نصف ساعة بعد الإفطار بساعتين علي الأقل. وأشار سراج، إلي أن هناك علاجات حديثة طويلة المفعول يمكن تناولها لتجنب الارتجاع الحامضي خلال فترة الصيام، مثل »داونبرازول» والتي يمتد مفعولها إلي 24 ساعة، نظرا لأن معظم المرضي يتناولون الأدوية الفوارة لعلاج الحموضة إلا أنها غير مناسبة للمريض خلال شهر رمضان لأنها قصيرة المدي ولا يستمر مفعولها طول اليوم. وذكر د. خالد حميدة، أستاذ أمراض الجهاز الهضمي بكلية طب جامعة عين شمس، أن من أشهر أمراض القولون خلال شهر رمضان: القولون العصبي، والذي يعاني فيه المريض من انتفاخات وآلام في البطن وأحيانا يصاحبه إسهال أو إمساك ويتم تشخيصه طبقا للأعراض، وهناك القولون التقرحي، ونزيف الجهاز الهضمي، مبينا أن القولون العصبي المصاحب للإمساك يحتاج لبرنامج علاجي خاص في رمضان حيث يجب تناول ألياف كثيرة مثل السلاطة الخضراء، والزبادي، والبطيخ، والاكثار من تناول السوائل خاصة أن فترات الصيام هذا العام سوف تصل الي 14 ساعة. وتابع: يفضل لمريض القولون أن يقسم وجباته بحيث لا تمتليء بطنه، وبذلك يكون إفطاره عبارة عن تمرة وبعض اللبن، وبعد فترة يتناول بعض الطعام مع تجنب المخللات والشطة واللب والسوداني لأنها تهيج القولون.. وللمريض الذي يشكو من انتفاخ شديد يجب أن يتجنب الأوراق الخضراء مثل الجرجير والفجل والملوخية لأنها تزيد الانتفاخات حيث يتم تفصيل علاج المريض طبقا للأعراض التي يعاني منها.. أما نزيف القولون فيعامل معاملة خاصة بعد معرفة أسباب النزيف وقد يعفي من الصيام في بعض الحالات مثل معاناته من الانيميا، وعادة هؤلاء يجب اعدادهم للشهر الكريم قبل بدايته. وفي السياق ذاته، قالت د. ايناس شلتوت، أستاذ علاج السكر والغدد الصماء بكلية طب القصر العيني، إن مرض السكر يؤثر علي كافة أجهزة الجسم ومن بينها الجهاز الهضمي حيث يتسبب في اضطراب حركية المريء وكذلك حدوث ارتجاع المريء ونقص حركية المعدة واضطراب الأمعاء، مشيرة إلي أنه كلما زادت درجة عدم انضباط السكر كلما زادت أعراض مرض ارتجاع المريء، والعلاج في هذه الحالة يكون بضبط مستوي السكر في الدم، واستخدام الأدوية التي تحسن حركية الجهاز الهضمي، والأدوية التي تقلل من افراز الحمض داخل المعدة أو تعادل وجود الحمض.