هناك العديد من الثورات في العالم التي غيرت وجه التاريخ، وكتبت أحداثها في سجل الأوطان كرمز للتحرر من قوي الاستبداد والاستعمار والأفكار المتطرفة علي مدار السنين ، من بين هذه الثورات، ثورة 1919 التي يمر علي وقائعها مائة عام، ومازالت آثارها باقية في نفوس المصريين. سجلت هذه الثورة بأقلام عديدة من كبار المثقفين والأدباء والثوريين أنفسهم ممن عاصروا تلك الحقبة، ومن شاهدوا عليها. الكاتب الصحفي خالد ناجح جمع في كتابه الجديد الذي صدر عن دار الهلال، مجموعة من المقالات التاريخية تحت عنوان » ثورة1919 وهؤلاء» التي تؤرخ لهذه الحقبة التاريخية ، مع تعقيب له حول يوميات الثورة وإرهاصاتها التي كانت لها تأثير قوي في قيام ثورة1919 بكل أطياف الشعب المصري للمطالبة بالاستقلال. يقول الكاتب في مقدمة كتابه: »إن تلك الثورة يراها الكثير من الباحثين والكُتاب أولي إرهاصات الشعب المصري نحو الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، هذا النضال الذي امتد لسنوات طويلة حتي تحقق لمصر – من خلال ثورة يوليو 1952 – كل هذه المكتسبات التي كافح الشعب من أجلها منذ ثورة 1919 ومازال يكافح ضد كافة أنواع الاحتلال وإن تغيرت أساليبه وأدواته وأشكاله مثل التي واجهها الشعب أيضًا في30 يونيو 2013، عندما ثار ضد احتلال من نوع آخر وهو احتلال الفاشيست الديني». الكتاب يعود بنا إلي الوراء بمناسبة – مئوية ثورة 1919 - من خلال أقلام مجموعة من الكُتاب بحثوا وفتشوا وحللوا مقدمات وأسباب ثورة 1919 وكيف تجاوب معها الشعب المصري منذ اندلاع شرارتها الأولي.. بدأت بمقال لقائد الثورة سعد زغلول باشا تلاها مقالين للمفكر والأديب عباس محمود العقاد الذي حلل أوضاع البلاد في تلك الحقبة التاريخية وتصنيف الشباب فيما بينهم قبل وبعد حدوث الثورة، وتوالت مقالات العقاد تحت عناوين» سعد زغلول زعيم الوطنية المصرية، الذي أكد فيه علي إن الشرق في حاجة إلي الزعماء الصالحين الذين يعرفون معني الخدمة العمومية»، وكان الزعيم سعد زغلول نموذجا لآراء العقاد ، ثم كتب مقالا آخر تحت عنوان :»شباب 1919 مؤكدا فيه علي أن » الفساد كان من قبل فساد إهمال واسترسال ، فأصبح اليوم فسادا مدعوما بالمبادئ والمذاهب» وألقي بالمسئولية علي الشباب ودورهم الحقيقي تجاه أوطانهم .وفي مقال لاحق كتب يقول:»إذا مات سعد .. فمبدأ سعد باق لا يموت» . ثم جاء مقال بقلم كاتب سره الخاص محمد ابراهيم الجزيري الذي أجمع فيه مقالات سعد زغلول التي قدمها في أجزاء متتابعة غير ملتزمة بالترتيب الزمني فجاءت هذه المقالات لترسم صورة من قريب لأفكار الزعيم وحياته ويومياته ومذكراته»وهذا المقال نشر في أول يناير عام 1928، ويأتي مقال المؤرخ د. رؤوف عباس حول مقدمات الثورة ليضيف بعدا آخر لهذه الثورة التي هزت عرش بريطانيا، أما البطولات النسوية لثورة 1919 فجاءت في مقال للكاتبة أمينة السعيد التي أبرزت فيه دور المرأة المصرية ومشاركتها في الثورة كفاعل مهم.. مع استرسال دور المرأة في العمل السياسي علي مدار التاريخ.ثم يأتي مقال الكاتب الصحفي مصطفي أمين الذي يحدثنا عن كتاب مجهول للزعيم سعد زغلول يقول:» عثرت علي حقيقة تاريخية غابت عن ألوف الكتاب والمؤرخين الذين تناولوا سيرة الزعيم سعد زغلول بالتنقيب وهي أن سعد زغلول ألف كتابا في شبابه» ويروي مصطفي أمين قصة هذا الكتاب، وهو يعتبر من المؤرخين المهمين لسرد حكايات وقصص الزعيم المجهولة لأنه تربي في بيت الأمة ، مع السيدة الفاضلة صفية زغلول زوجة الزعيم فعرف أسرارا لا يعرفها أحد غيره،تلتها مقالات أخري اختتمت بمقال للمستشرق الفرنسي جاك بيرك الذي ألف كتابا عن ثورة 1919 تحت عنوان» مصر بين الاحتلال والثورة» والتي ضم الكتاب فصلا بعنوان مصر تفكر 1919. الكتاب حافل بالمقالات التي ترسم وجوها مختلفة لوجه واحد هو وجه الزعيم سعد زغلول وثورة 1919 التي أثرت في التاريخ المصري والثورات العالمية بشكل عام . لقد قدم الكاتب خالد ناجح كتابا يقرأ التاريخ بعيون هؤلاء الكُتاب وأن يعرف أن تركيبة الشخصية المصرية هي أنها تواقة دائمًا إلي الحرية والاستقلال والكرامة.