زمان.. كنت كلما ذهبت إلي أي مكان.. يسألني الناس: هذه الحوادث التي تكتبونها.. هل هي حقيقية فعلا.. أم أنها »فبركة« ؟ وكنت اقول للناس.. إن الصحفي الحق لا يعرف »الفبركة« ولا يطيق كتابة الأكاذيب والشائعات.. لأن الصحافة ليست مهنة بقدر ما هي رسالة.. وأن الحقيقة ينبغي ان تكون هدف الصحفي واسلوبه.. لأن الصحافة يجب ان تكون مرآة الواقع.. حتي يعرف الناس حقيقة أحوالهم ويعملوا علي إصلاح الخطأ وتعديل المسار. وكنت أقول للناس: إن الصحفي الذي يكذب هو إنسان فقد شرفه.. وأساء إلي شرف صاحبة الجلالة.. في نفس الوقت. وكنت أقول: الصحفي إنساني وهب حياته لخدمة الناس.. والدفاع عن المظلومين.. وآخر شئ يفكر فيه هو نفسه.. الصحفي لا يبحث عن مكسب شخصي أو مال.. وكم من عمالقة في الصحافة.. ماتوا.. »علي الحديدة«. فقراء لكن شرفاء. لكن بعد أن عشت وشفت.. وجدت نفسي أقول كلام تاني. ليتني ما عشت ولا شفت هذه الأيام.. التي تختلط فيها الحقائق بالأكاذيب والشائعات بالمعلومات.. والآراء بالأخبار! وجدت نفسي أشفق علي حال الصحافة والصحفيين.. كل من هب ودب أصبح صاحب قلم، وكل من كان في نفسه غرض.. اتخذ الصحافة وسيلة لتحقيق أغراضه والوصول إلي أهدافه! للأسف الصحافة الآن يعمل بها بعض اللصوص.. الذين لا يفرقهم شئ عن الحرامية والنشالين.. وعصابات الخطف والابتزاز.. بعض الصحفيين في أيامي هذه.. إما عبيدا منافقين.. أو أبطالا وهميين يصطنعون البطولة الزائفة.. ! بعض الصحفيين هذه الأيام »تجار شنطة« مليئة بالكلمات الجاهزة، يبيعونها لمن يدفع أكثر.. أعرف الصحفي الذي كان يوما ليس ببعيد يلهث ليتشعبط في الأتوبيس.. ثم أصبح مليونيرا يركب المرسيدس.. ويعيش في شقة فاخرة.. لم يحلم أبوه رحمه الله.. بفرصة في أيامه.. ليعمل بوابا لهذه الفيلا أو خفيرا عليها! القلة من الصحفيين الذين اقصدهم يعرفون أنفسهم جيدا.. هل تريدون أن تعرفوا أسماءهم؟! افتحوا أي جريدة في الصباح.. سوف ترون اسماءهم وصورهم.. ومقالات طويلة عريضة يتحدثون فيها عن الشرف والحرية، . ليتني سمعت كلام »أبويا الله يرحمه« ودخلت كلية الطب ولم أتركها من أجل الصحافة. . كان أحسن.. وأشرف لي! »مقال قديم نشر من 5 سنوات في أخبار الحوادث«