بالأرقام.. جامعة السويس الأهلية تعلن مصروفات 10 كليات جديدة (صور)    وزير البترول يبحث مع "السويدي إليكتريك" مستجدات مشروع مجمع الصناعات الفوسفاتية بالسخنة    وزير الخارجية الألماني يصل إلى إسرائيل    ترامب يعلن فترة مفاوضات مع المكسيك 90 يوما بشأن الرسوم الجمركية    "ثوابت النادي".. شوبير يعلق على انتهاء أزمة مستحقات كولر مع الأهلي    مصرع شخصين وإصابة آخرين في انقلاب سيارة بترعة في سوهاج (صور)    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    رامي رضوان يشيد ب "روكي الغلابة": "الفيلم خطير ورتمه سريع"    عودة نوستالجيا 90/80 اليوم وغدا على مسرح محمد عبدالوهاب    الصحة العالمية: غزة تشهد أسوأ سيناريو للمجاعة    واشنطن تبلغ مجلس الأمن بتطلع ترامب لإنهاء حرب أوكرانيا 8 أغسطس    وزير الخارجية اللبناني يبحث مع مسئولة أممية سبل تحقيق التهدئة في المنطقة    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    توتنهام يسعى لضم بالينيا من بايرن ميونخ    ريبيرو يستقر على مهاجم الأهلي الأساسي.. شوبير يكشف التفاصيل    بمشاركة جيوكيريس.. أرسنال يخسر من توتنهام وديًا    جدول ولائحة الموسم الجديد لدوري الكرة النسائية    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يشهد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق (EHVRC)    محافظ القليوبية يكرم 44 طالبا من أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    معاقبة شقيق المجني عليه "أدهم الظابط" بالسجن المشدد في واقعة شارع السنترال بالفيوم    وزارة الداخلية تضبط طفلا يقود سيارة ميكروباص فى الشرقية    محافظ سوهاج يبحث استعدادات انتخابات مجلس الشيوخ ويؤكد ضرورة حسم ملفات التصالح والتقنين    كندا تعلن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين سبتمبر المقبل    وزير الثقافة يشارك باحتفالية سفارة المملكة المغربية بمناسبة عيد العرش    الخميس 7 أغسطس.. مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات "مهرجان الصيف الدولى"    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    وكيل صحة شمال سيناء يبدأ مهامه باجتماع موسع لوضع خطة للنهوض بالخدمات الطبية    طريقة عمل الدونتس في البيت زي الجاهز وبأقل التكاليف    "قريب من الزمالك إزاي؟".. شوبير يفجر مفاجأة حول وجهة عبدالقادر الجديدة    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    تعرف على كليات جامعة المنيا الأهلية ومصروفاتها في العام الدراسي الجديد    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    المشدد 3 سنوات ل سائق متهم بالاتجار في المواد المخدرة بالقاهرة    17 برنامجًا.. دليل شامل لبرامج وكليات جامعة بني سويف الأهلية -صور    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    محافظ المنوفية: تكريم الدفعة الرابعة لمتدربي "المرأة تقود في المحافظات المصرية"    القنوات الناقلة لمباراة برشلونة وسيول الودية استعدادًا للموسم الجديد 2025-2026    منظمة التحرير الفلسطينية: استمرار سيطرة حماس على غزة يكرس الانقسام    "يحاول يبقى زيهم".. هشام يكن يعلق على ظهوره في إعلان صفقة الزمالك الجديدة    البورصة: تغطية الطرح العام للشركة الوطنية للطباعة 23.60 مرة    تعليقا على دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية.. رئيس حزب العدل: ليس غريبا على الإخوان التحالف مع الشيطان من أجل مصالحها    محافظ المنيا: تشغيل عدد من المجمعات الحكومية بالقرى يوم السبت 2 أغسطس لصرف المعاشات من خلال مكاتب البريد    4 تحذيرات جديدة من أدوية مغشوشة.. بينها "أوبلكس" و"بيتادين"    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    بالأسماء إصابة 8 أشخاص فى حادث انقلاب سيارة بصحراوى المنيا    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    البابا تواضروس يشارك في ندوة ملتقى لوجوس الخامس لشباب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    المهرجان القومي للمسرح يكرم روح الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    حنان مطاوع تودع لطفي لبيب: مع السلامة يا ألطف خلق الله    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذگريات تحية مع ناصر
نشر في أخبار اليوم يوم 03 - 06 - 2011

الذكريات صور وحكايات مواقف وأحداث تعيش هناك في جزء خفي داخل مكان ما مغلق في وجداننا، يملك مفتاحه الوحيد صاحب الذكري التي تقفز منه عفوا أو إجبارا إلي عالم الواقع بمجرد لمسة افتقاد واستدعاء لكلمة السر " الحنين" وتأتي الذكريات محملة بالكلمات المرصوصة بشكل تلقائي تكشف خبايا عمرها سنوات طويلة بكل ما تحمله من ذكري حلوة أو مرة . ولكنها في النهاية تظل ذكريات..
" ذكريات معه " كتاب جديد صدرعن دار الشروق لصاحبته السيدة (تحية كاظم) أو (تحية جمال عبد الناصر) كأحد كتب السير الذاتية التي تحمل ذكريات هامة جدا لأنها تأتي عن زوجة رئيس جمهورية مصر في مرحلة من أهم مراحل تاريخنا المعاصر.. تروي فيه ذكرياتها معه منذ بداية تعارفهما و زواجهما و حتي وفاته.. كشاهدة علي الأحداث التي مرت بها مصر منذ حرب فلسطين 1948 وحتي رحيل عبد الناصر في 28 سبتمبر 1970.
تأتي هذه المذكرات التي كتبت بعفوية آسرة وبأسلوب بسيط شيق مزيجا من السيرة الذاتية والعائلية بالإضافة إلي سرد محطات حياتها مع الزعيم الراحل التي كشفت فيها الغطاء عن مواقف وأحداث سياسية لا تزال محاطة بغلالة من الغموض، بحيث تضيف جديدا ومفاجئا أحيانا، وقد قدمت السيدة تحية قراءة عن كثب لتفاصيل العلاقة الإنسانية بين جمال عبد الناصر وأعضاء مجلس قيادة ثورة يوليو 1952.
لقد حاولت تحية عبد الناصر كتابة مذكراتها مرتين، الأولي في حياته، والثانية بعد رحيله، لكنها لم تقوَ علي المواصلة فمزقت ما خطت يدها، حتي كانت المحاولة الثالثة في الذكري الثالثة لرحيل االرئيس كما كانت تسميه، فكتبت.. بخط يدها. في بداية سطور الكتاب : لقد عشت مع جمال عبد الناصر ثماني سنوات قبل الثورة ، وثمانية عشر عاما بعد قيامها في 23يوليو 1952.
لقد عشت معه مرحلتين قبل الثورة وبعدها، والمرحلة الثالثة هي التي أعيشها بعد رحيله ولم يراها.. آه ما أصعبها .. يا لها من مرحلة قاسية من كل الوجوه.
فراقه وافتقادي له .. لم أفتقد أي شيء إلا هو، ولم تهزني الثمانية عشر عاما إلا انه زوجي الحبيب .. أي لا رئاسة الجمهورية ولا حرم رئيس الجمهورية .
بكل هذه الرومانسية الصادقة كتبت السيدة تحية عبد الناصر مذكراتها عن حياتها كامرأة عادية مع زوجها الحبيب الذي تفتقده بعد الرحيل .
وتقول : لقد فكرت في الكتابة عن حياتي مع جمال عبد الناصر في أول مرة، وكان في سوريا أيام الوحدة في سنة 1959 وأمضيت ما يقرب من ثلاث سنوات أكتب باستمرار عما مضي وعن الحاضر، لكني في يوم قلت: لم أكتب؟ وكان الرئيس يعلم أنني أكتب وكان مرحبا.
غيرت رأيي وقلت في نفسي: لا أريد أن أكتب شيئا، وتخلصت مما كتبت، وأخبرت الرئيس، فتأسف وقال لي: لم فعلت ذلك؟ فقلت له: إني سعيدة كما أنا ولا أريد أن أكتب شيئا، وقلت: ربما تكلمت عن حقائق تحرج بعض الناس، وتكون متصلة بحقائق كنت أراها تدور أمامي، فقال لي : افعلي ما يريحك. إنني كتبت عما أذكره من مواقف ومفاجآت مما كان يحصل في بيتنا، وما كنت أسمعه وأشاهده بعيني، وما كان يقوله لي الرئيس. وقررت ألا أكتب أبدا، وقلت له: أنا مالي.. وضحكنا.
في العام الماضي قررت أن أكتب وأنا أعلم جيدا أن الرئيس كان آسفا لأني لم أستمر في الكتابة
وتخلصت مما كتبت، فأنا أعيش الآن وكأنه موجود بجانبي لا أتصرف أو أفعل شيئا كان لا يحبه، ولو كنت أعلم أنه لا يريدني أن أكتب شيئا ما فعلت.
بدأت أكتب وأعيش مع ذكرياتي، لكني لم أتحمل فكنت أنفعل والدموع تنهمر، وصحتي لم تتحمل، فوضعت القلم وقلت سأتوقف عن الكتابة، ولأبقي حتي أرقد بجانبه.. وتخلصت مما كتبت مرة ثانية.
لكني وجدت أن لي رغبة في الكتابة في ذكراه الثالثة.. فلأتحمل كل ما يحصل لي.
بما أنني أتكلم الآن عن المرحلة الثالثة.. أي بعد رحيل الرئيس فلأتحدث ..
فأنا أعيش في منشية البكري.. بيت الرئيس جمال عبد الناصر مع أصغر أبنائي عبد الحكيم ، وهو الذي طلب مني أن أكتب وألح في أنه متشوق لمعرفة كل شيء عن والده العظيم.
جمال يتقدم لتحية
وتحكي السيدة تحية قصة تعارفها بالزعيم الراحل قائلة :
فلأتكلم الآن عن ذكريات من حياتي مع جمال عبد الناصر.. كيف عرفني وتزوجني؟
كانت عائلتي علي صداقة قديمة مع عائلته، وكان يحضر مع عمه وزوجته التي كانت صديقة لوالدتي، ويقابل شقيقي الثاني، وأحيانا كان يراني ويسلم علي . فعندما أراد أن يتزوج أرسل عمه وزوجته ليخطباني، وكان وقتها برتبة يوزباشي، فقال أخي وكان بعد وفاة أبي يعد نفسه ولي أمري إن شقيقتي التي تكبرني لم تتزوج بعد.وكان هذا رأي جمال أيضا، وقال: إنه لا يريد أن يتزوج إلا بعد زواج شقيقتي.. إن شاء الله يتم الزواج، وبعد نحو سنة تزوجت شقيقتي.
تروي السيدة تحية تفاصيل انتقالها إلي بيت الزوجية كأي زوجة مصرية بسيطة تزوجت عن اقتناع وتفاهم وتوافق فكري فتقول :
بدأت حياتي بسعادة مع زوجي الحبيب وكنا نعيش ببساطة بمرتب جمال، وتركت أخي وثراءه ولم أفتقد أي شيء حتي التليفون.. لم أشعر أن هناك شيئا ناقصا ونسيته.
أول مرة خرجت كان بعد ثلاثة أيام من زواجنا.. ذهبنا للمصور أرمان لنري بروفة الصور، وكانتا اثنتين قال لي جمال: اختاري التي تعجبك.. واخترت الصورة التي هي معلقة في صالون المنزل في منشية البكري مع صور أولادنا الآن.
تفاصيل الحياة اليومية
ببساطة شديدة تحكي السيدة تحية تفاصيل الحياة الزوجية وانشغال الزوج بالتحضير لامتحان القبول في كلية أركان حرب .
وتقول الزوجة الفاضلة :
وعندما يقترب موعد الامتحان كان يظل يذاكر حتي الصباح، ويتناول عشاءه ساندويتش أثناء المذاكرة. قال لي: إن دخول كلية أركان حرب ليس بالسهل، وأصعب شيء فيها هو دخولها إذ العلوم كلها باللغة الإنجليزية والمدرسون إنجليز، وكل سنة يتقدم عدد كبير من الضباط ولا ينجح إلا عدد قليل إذ كان الامتحان علي مرتين.. يعني تصفية. أول امتحان ينجح عدد ثم الثاني ينجح منهم عدد ويرسب عدد، وعلي ذلك فلا يدخل كلية أركان حرب كل سنة إلا عدد قليل.
كان بعض الضباط يحضرون ويمكثون في حجرة السفرة معه وهو يذاكر، وهم يذاكرون معه.
وأكثرهم مذاكرة معه صديقه عبدالحكيم عامر.
كان يخرج معي يوم في الأسبوع وغالبا السينما، استمر الحال علي ذلك حتي شهر مايو، ودخل الامتحان ونجح وكان ترتيبه الرابع.
رسائل عبد الناصر
تروي السيدة تحية عبدالناصر في هذه السطور يومياتها أثناء غياب الزوج في حرب فلسطين وكيف التقت عبدالحكيم عامر ورأته أول مرة ليسلمها خطابا من زوجها الذي علمت بالمصادفة من الجيران أنه كان أسيرا.
بدأت الحرب يوم 15 مايو سنة 1948؟ وفي يوم 16 مايو الساعة السابعة صباحا غادر جمال البيت وأنا أبكي.
كنت مع ابنتي هدي.. سنتان وخمسة أشهر، ومني.. سنة وأربعة أشهر، وكانت الشغالة قد سافرت إلي بلدها منذ أسبوعين. وقال لي جمال قبل سفره: يجب أن تكوني حذرة في اختيار الشغالة، والأحسن أن تكون يعرفها أخواتك.
وكان الذي يشغلني الحرب وأخبار جمال، وكنت أتلهف علي تسلم خطاب منه وأفرح جدّا عند تسلمي الخطاب، وبعد ما أقرؤه أقول في نفسي: من يدري ماذا حصل بعد كتابته الخطاب؟! وأقلق من جديد وأجلس وحدي أحيانا أبكي.
في خطاب بتاريخ 18 مايو: أرجو أن تكوني بخير مع الأنجال العزيزات أما أنا فكل شيء يدعو للاطمئنان....
وفي خطاب بتاريخ 22 مايو سنة 1948:
أنا في أحسن حال ولا يشغلني سوي راحتكم والاطمئنان عليكم وأرجو أن أراكم قريبا في أحسن حال...
وفي خطاب بتاريخ 24 مايو سنة 1948:
اأكتب إليك الآن ولا يشغلني أي شيء سوي راحتكم وأرجو أن تكون شقيقتك قد أحضرت لك شغالة.. أوصيك علي هدي ومني والمحافظة الشديدة عليهما....
وفي خطاب بتاريخ 9 يونية سنة 1948:
اإن شاء الله نجتمع قريبا في أحسن حال بعد النصر بإذن الله....
وفي خطاب بتاريخ 23-7-1948 قال:
اوحشني منزلنا جدّا وإن شاء الله سأحضر قريبا.. وبالمناسبة في يوم 20 رمضان سأحصل علي رتبة صاغ.. وفي خطاب آخر قال لي إنه سيأخذ إجازة لمدة ثلاثة أيام.. كانت فرحتي عظيمة.. حضر وكان قد مضي علي سفره ثلاثة أشهر ونصف الشهر.
حصار الفالوجة
رجع عبدالحكيم عامر من فلسطين إلي القاهرة.. وكان قد سافر أيضا وجرح في يده وأخذ إجازة. ذهبت لزيارة عائلته فقابلني وقال: إن جمال الحمد لله بخير وبصحة جيدة. وكان عبدالحكيم رقي أيضا إلي رتبة يوزباشي وأخبرني أن جمال سيحضر إن شاء الله قريبا في إجازة، وكان عيد الأضحي اقترب.
وكنت أول مرة أري فيها عبدالحكيم عامر ويصافحني ويتحدث معي.. حلَّ عيد الأضحي وانتهي ولم يحضر جمال، وكانت الخطابات تصلني إلا أنها أصبحت علي فترات أطول عما قبل، ولم يذكر لي ميعاد حضوره في إجازة.. فكنت قلقة أقرأ الجرائد وأسمع الراديو. طلبت من شقيقتي أن تسأل زوجها فأخبرها بأنهم الآن في مكان بعيد مقطوع عنه الاتصال، ولا توجد قطارات تذهب إلي هناك.
في خطاب بتاريخ 21-11-1948 يقول جمال:
اأرجو ألا تنشغلي إذا تأخرت في المكاتبات فأنا أرسلها حسب الظروف ولكنها لا تكون منتظمة في هذه الفترة علي الأقل.
وفي خطاب بتاريخ 23-11-1948 يقول:
ا... أرجو أن نلتقي قريبا في أحسن الأحوال. أرجو أن تكوني مطمئنة جدّا... وأنا أحاول باستمرار أن أكتب لك في أي فرصة وقد كتبت لك ثلاثة خطابات أرجو أن تكون وصلت... وعموما لا تنتظري خطابات منتظمة في هذا الوقت. لم أستلم منك خطابات منذ خمسة وأربعين يوما لصعوبة وصولها ولكن عبدالحكيم يطمئنني عليكم باستمرارب.
وفي خطاب بتاريخ 26-11-1948 يقول:
ايمكن أن تصلني أخباركم عن طريق عبدالحكيم.. أقصد أن تكلمي السيدة حرمه أن تبلغه عن أخباركم باستمرار لأنه يتصل بي يوميا... وأما خطاباتكم فلا يمكن أن تصل الآن... وأنا بخير والحمد لله وكل شيء يدعو للاطمئنان.
وفي خطاب بتاريخ 14-1-1949 يقول جمال:
اما كنت أعتقد أني سأفترق عنكم هذه المدة ولكن الحمد لله.. ويشجعني علي ذلك إيمانك العظيم بالله فيجب ألّا تقلقي ولا تحزني مطلقا لهذا الغياب. سنلتقي قريبا إن شاء الله سويّا ونشكره شكرا جزيلا... فأنا بخير وسننسي كل شيء ونبقي سويّا يا حبيبتي العزيزة إلي الأبد...ب.
وفي خطاب يقول:
... أرجو أن تفسحي هدي دائما وتأخذيها جنينة الحيوان وجنينة الأسماك.. أرجو أن تكونوا دائما في أسعد حال
وصلني خطاب بتاريخ 20-1-1949 قال:
... وإن شاء الله أراكم قريبا جدّا فإن شاء الله سأكون بالقاهرة قبل أول فبراير أو في الأسبوع الأول... وسنبقي سويّا باستمرار وأظن أن اللحظة التي سألقاكم فيها ستكون أسعد أوقات حياتي... وإن شاء الله يكون البولوفر خلصب.. فعرفت أن خطابي وصل له، وفرحت جدّا بقرب حضوره.
هذه أجزاء من بعض خطاباته لي أيام حرب فلسطين محتفظة بها وعددها 46 خطابا.. وكلها بإمضائه الذي لم يتغير.
وتواصل السيدة تحية في سرد تفاصيل حياتها مع اليوزباشي جمال عبد الناصر كزوجة مصرية أصيلة كل سعادتها مختزلة في سعادة زوجها وأطفالها بعد ميلاد خالد الذي كانت تتمني ان يكون حملها الثالث ولدا في الوقت الذي كان فيه الزوج يقول لها سأكون أسعد أب لو جاء طفلنا الثالث بنتا هكذا كان حال الزوج المحب لزوجته المخلصة دائما لزوجها وبيتها كما تروي قصة الأيام الصعبة قبل الثورة والتجهيزات لها التي وصفتها من وجه نظر الزوجة التي تخفي الأسلحة في بيتها دون خوف أو تردد لأنها كانت تثق في زوجها وفي كل تصرفاته .
ليلة الثورة
تروي السيدة تحية تفاصيل ليلة الثورة التي كانت ليلة لم تر فيها النوم خوفا وقلقا علي زوجها الذي ارتدي بذلته العسكرية قائلا انه لديه مهمة في الكلية لم يذكر لها أي معلومات عن قيام الجيش بالانقلاب العسكري أو أن هناك حركة ضد الملك والانجليز وكانا معها اخوي جمال الليثي وشوقي يتابعان طلقات الرصاص من فراندة المنزل القريب من مقر القيادة العسكرية التي كان يدير منها جمال والضباط الأحرار حركتهم المباركة ويعود عبد الناصر في عشية يوم 23يوليو الي بيته ليطمئن زوجته عليه وتقول :في يوم 24يوليو سنة 1952طلعت جرائد الصباح كلها عن الجيش والانقلاب ورأيت صور جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر صديقه وصلاح سالم وكمال حسين ثم تواصل السيدة تحية حكي تفاصيل الثورة والانتقال الي بيت جديد وتهنئة محمد حسنين هيكل للرئيس بالثورة وزيارة أم كلثوم لهم في البيت ومولد أصغر أبناء الرئيس عبد الحكيم بعد الثورة وتحدثت عن الوحدة بيت مصر وسوريا والعدوان الثلاثي علي مصر إلي أن وصلت إلي نكسة 67 ولقاء القمة واللحظات الأخيرة في حياة الرئيس وكيف كانت أصعب لحظات العمر عندما رحل الزعيم جمال عبد الناصر تاركا خلفه فارغا في حياة رفيقة العمر وفي حياة أمة بأكملها ..
رصدت هذه المذكرات الحد الفاصل بين العام والخاص في حياة عبد الناصر.. فتقول تحية ان أعضاء مجلس قيادة الثورة كانوا أحيانا يجتمعون في البيت حتي الصباح أو الظهر ثم يذهبون ويعودون مرة أخري بالليل "وكانت القوانين التي تصدر وأقرأها في الجرائد وأسمعها في الاذاعة تصدر أغلبها بعد الاجتماعات المستمرة في بيتنا."
وتقول تحية في مذكراتها ان المكالمة التي سعدت بها كانت من أم كلثوم التي قابلت عبد الناصر وطلبت أن تزور زوجته. واضافت بعفوية عن دهشتها حين ترد علي التليفون "وكنت أسمع كلمة وزير ولم أعتد سماعها اذ كيف يتحدث وزير ويطلب بيتنا في التليفون.."
وتلقي المذكرات أضواء علي جانب من عبد الناصر الانسان.. ففي عام 1960 كانا في زيارة رسمية لليونان وأبلغ عبد الناصر بدعوة الملك الي عشاء يجب أن يكون بملابس السهرة للرجال والنساء فقال عبد الناصر انه لن يرتدي ملابس السهرة أو يلغي اللقاء فرد الملك قائلا انه يرحب بحضور عبد الناصر وينتظر زيارته. وتضيف ان الملكة اثناء الاستقبال الرسمي وقفت بجوار الرئيس عبد الناصر لتتأبط ذراعه وتمشي بجواره فقال لها "سأمشي بجوار الملك وأنت تمشين بجوار زوجتي." فسألته الملكة وماذا لو تأبطت ذراعك.. قال لها اني أخجل.. فرجعت الملكة ووقفت بجواري وقالت لي بالانجليزية أعطني يدك أو اخذ يد زوجك."
كما تناولت تحية عبد الناصر الوحدة بين مصر وسوريا 1958-1961 من لحظة النهاية حين تلقي عبد الناصر مكالمة تفيد بوقوع انقلاب عسكري في سوريا ثم خرج وخطب في الاذاعة وكانت متأثرة لحزنه. وفي نفس الوقت للحقيقة لم أكن حزينة للانفصال... لم تكن الوحدة بالنسبة لي شيئا استريح له... زاد عمله لاقصي حد وفي اخر سنة 1958 مرض بالسكر.
وعن طباعه أوضحت تحية انه لم يكن يحب البذخ والترف ولا يري ضرورة لان تصاحبه في سفره باعتبار ذلك رفاهية لا يرضي بها. كما كان لا يقبل هدية إلا من رئيس دولة ويفضل أن تكون رمزية حتي انه تلقي من رؤساء وملوك سيارات وطائرة وغيرها وسلمها للدولة ولم يترك بعد رحيله إلا العربة الاوستن السوداء التي اشتراها عام 1949.
وتضيف أنه عند زواج ابنتهما هدي قدمت زميلة لها وهي ابنة سفير ساعة مرصعة فلم يقبلها عبد الناصر وحث هدي علي أن تكتب لزميلتها خطابا رقيقا.
إن هذا الكتاب يعتبر وثيقة صدق كتبتها السيدة تحية عبد الناصر رحمها الله ببساطة وتلقائية تلقي الضوء علي جوانب عظيمة من تاريخ رجل عظيم لم يكن سياسيا وثائرا فذا فحسب وإنما كان إنسانا سكن في قلوب الملايين... و مجموعة الصور النادرة التي يحتويها الكتاب التي سجلت بالكاميرا لحياة رجل عاش فقط من أجل أمته ومات من أجلها فقط!
إنه جمال عبد الناصر الذي عاش عظيما.. وهو في رحاب الله عظيم.. تاريخه وحده هو شاهده.
بهذه العبارة البليغة اختتمت السيدة تحية عبد الناصر سطور كتابها عن ذكرياتها مع الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذي تزوجته في29 يونيو عام1944 وعاشت معه ستة وعشرين عاما وثلاثة أشهر حتي وافاه الأجل في28 سبتمبر عام.1970


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.