يمكنكم التواصل مع الكاتب ومناقشته: [email protected] اتقوا الله فليست الوطنية والانتماء مجرد شعارات وأغان وحمل أعلام. اتقوا الله في ثورة بيضاء قام بها أبناؤنا وأحفادنا وأشقاؤنا من أجل التغيير.. واحتفلنا بها جميعا أمس في نفس المكان الذي شهد مخاضها وميلادها. ثورة لم يكن لها مطامع أو مطامح للوصول إلي السلطة والمناصب والجاه.. ثورة نلطخها اليوم بسلوكيات ممجوجة وشاذة وغريبة تنهش في كيان الوطن ووجدان شعب أصيل ومكافح، ظل لسنوات كثيرة يتطلع الي حياة كريمة. اتقوا الله وانظروا الي شباب الثورة وهم يمارسون سلوكيات حضارية، ما أحوجنا إليها الآن، فقد خرجوا جميعا لتنظيف ميدان الثورة، وإعادة الوجه المشرق إليه. وبدأوا في حوارات موضوعية عن مستقبل بلادهم. وكان أبرز مافي احتفالاتهم أمس هو إحياء ذكري الأبطال الشهداء الذين نطالب بسرعة القصاص من قتلتهم. شباب كانوا وقودا بدمائهم الزكية، لكننا اليوم نساهم جميعا في ضرب هذه الثورة في مقتل، بعد أن تحولت مصر كلها إلي قضاة وجلادين واتهامات بالعمالة والخيانة، وهي اتهامات رخيصة تساهم في نشر الفوضي والبلبلة وإثارة الرأي العام. يا سادة حكموا عقولكم، لأن التاريخ إن كان قد فتح أروع صفحاته لبطولات شباب ثورة 52 يناير من أولادنا وأحفادنا، فإنه سيسجل أيضا بمداد من الخزي والعار ما يقوم به البعض اليوم من ركوب للموجة، ونشر ثقافة اليأس والإحباط. فجأة تحولت الفضائيات والصحف إلي ميادين للبطولات الوهمية، يحاول فيها البعض التشفي وممارسة التضليل والكذب والبهتان، ناسين ومتناسين كل ما خطته أقلامهم وأحاديثهم المسجلة، والتي كانت تسبح بالحمد والشكر والثناء. تري ماذا يحدث عندما تتباري الصحف والفضائيات من خلال ضيوفها الدائمين، والذين تفرغوا تماما لتصفية الحسابات وللظهور وركوب الموجة، وذلك بالحديث عن الثروات المنهوبة وبأرقام ومعلومات لاتزال كلها حتي اليوم مجرد كلام مرسل، لم يصدر عن أي جهة مسئولة أو بناء علي مستندات ووثائق للادانة. للأسف الشديد، لقد دخلت وسائل الإعلام سباقا رخيصا يسقطها جميعا من نظر الناس، وبدأت في حبْك القصص والخيالات عما يدور أو دار داخل بيت الرئاسة في الساعات التي سبقت التنحي، أو تتباري الصحف في أحاديث لا أساس لها من الصحة حول مغادرة الرئيس السابق حسني مبارك لمصر، حتي ان بعض الصحف نشرت انه سافر للاقامة في إسرائيل وذلك نقلا عن صحف إسرائيلية، وكذلك الانباء الكاذبة تماما عن مرضه وتدهور حالته الصحية. تناسوا ان الرئيس مبارك كرر أكثر من مرة انه لن يغادر مصر، وسيظل علي أرضها وسيواري في ترابها. دعونا نفخر بأحد انجازات ثورة شبابنا، بأنه أصبح في مصر رئيس يخوض انتخابات رئاسية تنافسية، يتاح لكل المصريين خوضها، وأصبح لدينا أول رئيس سابق سيحكم التاريخ وحده عليه بكل انجازاته وأيضا بسلبياته .. دعونا لا ننسي أخلاقنا كمصريين علمنا الدنيا كلها قيم الوفاء والعرفان والتقدير. أعرف ان الناس نهمة للقراءة ومعرفة التفاصيل، ومن حق الصحف ان تبحث عما يرضي الناس ولكن ليس من خلال الاكاذيب والخيالات والأوهام، لأن القاريء حتما سوف يمل من قراءة هذه الافتراءات، وسيكون حكمه قاسياً علينا في النهاية. إننا جميعا نثق ثقة عمياء في المستشار الجليل الدكتور عبدالمجيد محمود، وكل رجالات القضاء والنيابة والذين كانوا دوماً أول الساعين لتطبيق العدالة، ولن ننسي مواقف النائب العام في أوج قوة النظام السابق، وكيف كانت يد القانون وعدالة القضاء المصري فوق كل الشبهات، فليكن حكمهم هو السند الوحيد في كل ما تنشره أو تتناوله الفضائيات التي غرقت في وحل تصفية الحسابات، وتقسيم المجتمع المصري إلي فريقين وتناسوا انهم جميعا كانوا جزءا أساسيا من بنيان مصر، وليسألوا أنفسهم أولا ماذا فعلوا قبل ثورة 25 يناير، ولماذا لم يثوروا أو يعلنوا رفضهم من قبل؟!. تري ماذا سيكون شعور المواطن ومدي إحباطه من لغة المليارات المنهوبة، في الوقت الذي يسجد لله شاكرا بأن الحكومة سوف تعطيه 51٪ زيادة براتبه، قد لا تشتري كيلو واحدا من اللحوم. يا سادة لقد قام شبابنا بأروع ثورة في التاريخ. ثورة لم يكن هدفها اعتلاء الحكم. ثورة بيضاء لايحمل أبطالها سلاحا سوي عقولهم وقلوبهم التي أحبت مصر، وسعت بطريقتها واسلوبها لكي ترسم مستقبلا أفضل. ثورة قام بها الشرفاء، ويحاول اقتناص غنائمها الرعاع الذي عاثوا فسادا وإفسادا من خلال التشفي ومحاولة الانتقام، وما تؤدي إليه من شحن يعرقل من سلامة إبحار سفينة مصر. سفينة مصر التي تتعرض للأنواء، وقد بدأت علامات الشلل الاقتصادي تنخر في بنيانها. نعم، من حقنا جميعا ان نطمع ونطمح في مستويات أفضل للحياة ومرتبات وحوافز .. من حقنا ان نعيش كما يعيش البشر في كل بلدان العالم المتحضر. من حقنا أن نطلب، ولكن ليس بهذا الأسلوب الممجوج والتظاهرات التي انطلقت في كل مكان، واستغلها الغوغائيون في محاولة لنشر الفوضي والخراب والدمار. اتقوا الله في جنود مصر وضباطها من أبناء قواتنا المسلحة، الذين سجلوا في التاريخ واحدة من أروع صفحات البطولة عندما كانوا حماة الشعب وثورة شبابه. أبطالنا الذين لم تر عيونهم النوم منذ بدء الأحداث، وقلوبهم تهفو بقلق إلي واجبهم المقدس في حماية مصر، والذود عن ترابها ضد كل من تسول له نفسه المساس بأمنها وسيادتها. اتقوا الله في جند مصر الذين أعلنوها بكل وضوح وشفافية أنهم ليسوا راغبين في الحكم، وجاءت قرارات المجلس الأعلي وقائده مؤكدة لذلك، حيث تتسارع اليوم كل الخطوات والإجراءات، التي أكدوا أنهم حماتها والمدافعون عنها والضامنون لها. اتقوا الله في فلذات أكبادنا من ضباط الشرطة وجنودها، الذين يشعرون حتي اليوم بغصة في القلب من جراء اتهامات باطلة ومرسلة هم منها براء، وسوف يقدم للمحاكمة كل المخطئين منهم. اتقوا الله لأنه لا اقتناص للغنائم من خزائن تقترب أن تكون خاوية، رغم كل محاولات التجميل التي تقوم بها الحكومة، في محاولة لبث الثقة والقدرة علي الانطلاق. لا أبالغ عندما أقول إن أعداء الثورة الحقيقيين هم هؤلاء الذين يسعون اليوم إلي نشر ثقافة الفوضي والاحباط، وإعلاء المطالب والحقوق دون المرور علي مرحلة لالتقاط الانفاس واعادة ترتيب الأوراق لكي يمكن تحقيق هذه المطالب، وكلها مطالب مشروعة. علينا جميعا أن نسأل كيف تعمل الحكومة، وكيف تعمل المؤسسات والهيئات والمصانع في ظل هذه الحالة من السخط وعدم الرضا وتوقف العمل؟!. كيف تعمل البنوك والبورصة والموانيء ؟! .. بالطبع ربما لا نشعر اليوم مباشرة بمدي تأثير حالة الشلل التي يغذيها سارقو الثورة، وهي تنخر في جسد وشرايين الاقتصاد المصري. ربما لا اقول جديدا عندما أشير الي أن وجود الدكتور أحمد شفيق بتاريخه وإنجازاته المشرفة علي رأس الحكومة، المكلفة بتسيير الأعمال، هو وحده دليل علي قدرتنا علي النجاح وتخطي هذه الأيام الصعبة في تاريخ مصرنا الحبيبة، ومعه نخبة ممتازة من الوزراء ، أخص منهم الوزير الإنسان الدكتور سمير رضوان بكل ما أعرفه عنه من كفاءة وخبرة تجعله واحدا من القلائل الذين يؤمنون بعدالة الرأسمالية، وضرورة امتداد ثمارها لكل أبناء الوطن. أعرف أنه يواجه ظروفا صعبة وتحديات كثيرة، ويحاول جاهدا دفع سفينة الوطن إلي الحركة والقدرة علي مواجهة الأنواء، ومحاولة الطوفان لابتلاعها. اتقوا الله.. فحب مصر والديمقراطية التي ننشدها ليست مجرد كلمات بلا مضمون، ولكنها ممارسة علي أرض الواقع.. تتسع للرأي المؤيد والمعارض، وبلا مزايدة علي وطنية أي مصري ينتمي لتراب هذا الوطن. ومن منكم يا 88 مليون مصري بلاخطيئة، فليرمني بمائة حجر.