المستشار ابراهىم المىهى - المستشار حمدى عبدالعزىز تشكل عملية تنفيذ الاحكام المالية عقبة كبيرة امام سير العدالة فما الفائدة من اجراءات تقاضي ومضي الزمن ودفع المصروفات وبذل الوقت والجهد للمتقاضين اذا كان الامن سينتهي الي مجرد ورقة تحمل فوق سطورها حكما لا يجد صداه في التنفيذ؟! واذا كان تنفيذ الاحكام الجنائية والمدنية والادارية في مصر يواجه عقبات تخدش وجه العدالة وتحول دون تحقيقها فإن عدم تنفيذ الاحكام المالية علي وجه الخصوص سواء في القضايا الجنائية او المدنية اهدر من اموال الدولة عشرات الملايين قبل الثورة وسيهدر مليارات بعد الاحكام الصادرة ضد بعض الرجال في قضايا الفساد.. وبالبحث عن سبب الازمة تكشفت مفاجأة وهي عدم تحصيل اية مبالغ عن احكام مالية صدرت علي مدار ما يقرب من 51 سنة ماضية إلا ما تم عن طريق الصلح او التفاوض وفيما عدا ذلك لم ينفذ ولا حكم! بعد عرض الامر علي رجال القانون تبين وجود ضرورة ملحة لانشاء ادارة بالنيابة العامة لتنفيذ هذه الاحكام واعطائها جميع الصلاحيات اللازمة لذلك وهو ما يتطلب عدة خطوات وعدة تشريعات يسردها رجال القانون بالتفصيل في السطور التالية. يقترح المستشار ابراهيم الميهي الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة ضرورة انشاء ادارة لتنفيذ الاحكام الجنائية في شقها المالي في ظل صدور العديد من الاحكام في قضايا الفساد وتوقع المزيد منها في الفترة المقبلة والتي قد تصل محصلتها المالية الي عدة مليارات وهو الامر الذي يدعو الي تعجيل تنفيذ هذه الاحكام وغيرها من احكام سابقة في قضايا جنائية عادية لاسترداد حقوق الدولة المالية. ويؤكد المستشار الميهي ان السرعة في اتخاذ اجراءات التنفيذ ضرورية لعدم ضياع الاموال او العبث في سندات ملكيتها او اصطناع مراكز قانونية للغير علي نحو يعرقل اجراءات التنفيذ وكذلك فإن تنفيذ هذه الاحكام يساعد علي استقرار المراكز القانونية والاقتصادية للافراد والشركات الامر الذي ينعكس بدوره علي استقرار اوضاع الدولة خاصة ان الوضع الحالي لا يتم به تنفيذ الاحكام المالية في النيابات المختلفة منذ ما يقرب من خمسة عشر عاما والأمر متروك لموظفي التنفيذ والمطالبة. النيابة العامة ويوضح المستشار الميهي ان النيابة هي المختص الاول بالتنفيذ لانها خصم اصيل في الدعاوي الجنائية ويجوز لها الحضور في اي دعوي مدنية وتحضر فيها بجوار القاضي وكذلك فإن النيابة العامة افضل من يقوم بهذه المهمة لما لهم من قدرة علي اكتشاف اي تلاعب سييء النية يشكل جرائم غسل الاموال او بإخفاء الاموال المتحصلة من الجريمة كما ان لديهم قدرة علي الاداء المتميز السريع بما لديهم من سلطة وهيبة ولذلك فهي المنوط بها القيام بهذا الدور وتنفيذ الاحكام المالية سواء صدرت حضوريا او غيابيا والتي تكون في صورة الغرامة او الغرامة النسبية او الرد والمصادرة. الدفع أو الحبس ويشير المستشار الميهي الي ان الازمة التي تدفع لضرورة انشاء هذه الادارة ترجع الي ان طرق تنفيذ الاحكام المالية لا تتم بشكل اجباري بل قد تخضع للتفاوض قبل المحكمة وتنتهي بالصلح وقد تصل الي المحاكمة وصدور الاحكام بالحبس والغرامة ورد المبالغ او ضعفها اذا كانت جريمة اختلاس وما الي ذلك وفي هذه الحالة يمتنع المتهم عن الدفع بما انه صدر ضده حكم بالحبس وبالتالي يوفر امواله ويقضي عقوبة الحبس دون غيرها او يختار ان يُحبس حبسا اضافيا مقابل الغرامة حتي لا يدفع الاموال وهو الامر الذي تضيع فيه اموال الدولة منذ سنوات وينبغي تغييره ليصبح الدفع بالتنفيذ الجبري وذلك باعلان السند التنفيذي واتباع الاجراءات الواجبة وفقا لقانون المرافعات المدنية وقانون الحجز الاداري. ويستكمل الميهي ان طرق التنفيذ الجبري تتم مع الاموال الجارية مثل حسابات البنوك عن طريق الحجز عليها او المنقولات ويتم الحجز التنفيذي عليها للقيم الذي يقوم علي اموال المدين ثم يتم تحديد جلسة بيع بالمزاد العلني وبالنسبة للاسهم والسندات فيتم بيعها عن طريق سعر السهم بواسطة شركة السمسرة للاوراق المالية. 52 موظفا ويؤكد الميهي انه تقدم بمشروع لانشاء هذه الادارة للنائب العام السابق والحالي وارفق معه شكل الهيكل التنظيمي المقترح للادارة والذي يحتاج الي نحو 52 موظفا اداريا فقط منهم الخبراء في التقييم والفنيين وغيرهما. ويقول المستشار الميهي انه عن تجربة حقيقية بسؤال عدد من النيابات الكلية الكبري عن عدد الاحكام المالية بالرد التي تم تنفيذها وجد انه لم يتم تنفيذ اية احكام. ويوافقه في الرأي د. شوقي السيد استاذ القانون الجنائي قائلا: ان مشكلة تنفيذ الاحكام في مصر بصفة عامة تعد عقبة في وجه العدالة لانها تجعل اجراءات التقاضي بكل مراحلها وجهدها تذهب ادراج الرياح. لا يوجد متابعة ويوضح د. شوقي السيد ان المسئول عن تنفيذ الاحكام في الشق الجنائي او المدني هو النيابة العامة والتي تكلف اجهزة اخري مثل الشرطة باجراءات التنفيذ وموظفي المطالبة وغيرهم الامر الذي تتوه معه المتابعة علي مر الوقت وبالتالي يمكن لعريف شرطة ان يجعل حكما وكأنه لم يكن وهذا ايضا ينطبق علي الاحكام المالية حيث ان الولاية ليست لها بل لجهات اخري لذلك فإن انشاء ادارة تختص بتحصيل الاموال الناتجة عن تنفيذ الاحكام المالية امر في غاية الاهمية ولكنها جزء من كل وهو المشكلة الاساسية وهي عدم تنفيذ الاحكام في مصر الامر الذي جعلنا محط اندهاش المجتمع القضائي الدولي في المؤتمر الذي انعقد في اسبانيا منذ خمس سنوات حيث ابدي الجميع استغرابه لوجود مثل مشكلة تنفيذ احكام في مصر الي جانب عدد القضايا غير المعقول وكثرة عدد التشريعات وتضارب تنفيذها وتفسيرها بالاضافة الي البيروقراطية في تنفيذ الاجراءات. التفعيل أهم اما المستشار مصطفي الكومي فيري ان العبرة ليست بانشاء الادارة بل بتفعيلها واعطائها كل ما تحتاج اليه من تمكينات وسلطات لتذليل العقبات امام عملها حتي لا يصيبها ما اصاب جميع الجهات في الدولة من بقائها محلك سر. ويؤكد المستشار الكومي ان تنفيذ الاحكام منوط بالنيابة العامة فهي التي تطبق العقوبات المقيدة للحرية او المالية سواء كانت عقوبات اصلية صدرت بقرار من المحكمة او عقوبات تبعية او عقوبات تكميلية إلا ان عمليا وعلي ارض الواقع هذه العقوبات المالية لا تحصل واذا كان هناك تقاعس في التنفيذ فمرجعه الي النيابة واستعانتها بأجهزة اخري. ويوضح الكومي ان العبرة لحل هذه الازمة تكمن في التنفيذ فهناك العديد من العقبات التشريعية تعوق عمل هذه الادارة المزمع انشاؤها لذلك لابد من اتباعها بحزمة من القرارات لتمكينها من مباشرة دورها مثل ازالة معوقات الحظر في الحجز والحظر في التتبع فمثلا هناك بنوك لا تجيز الحجز علي الاموال بها او تسمح بالحجز علي نسبة محددة كذلك هناك عقارات كالمنشآت المهنية محصنة او حولها قيود عديدة للحجز عليها كمكاتب المحامين والمهنيين بشكل عام وهنا لابد من اصدار قرارات للتمييز بين صاحب الحق فإذا كانت اموال الدولة فلابد من ازالة هذه القيود ومنحها حق الحجز بنفسها علي هذه المنشآت او علي اموال المدين علي ألا يطبق الحظر في حال اموال الدولة.. اما الدين للافراد فلا يجوز الحجز وهكذا.. ويستكمل المستشار الكومي انه بالاضافة الي كل ما سبق ينبغي توفير القوي البشرية المدربة والمتخصصة وتوفير الحماية لهم اثناء التنفيذ وان تختص هذه الادارة بتنفيذ الاحكام المالية في قضايا الجنايات او المدني لانه في كل الحالات حق الدولة، سواء كان في قضايا الرد من رجال الاعمال او الغرامات الصادرة في احكام عن قضايا المخدرات مثلا والتي لا يدفعها المتهم ويقضي بدلا منها عقوبة حبس بالمقابل طالما انه سيقضي عقوبة بالحبس نحو 01 سنوات فلن يضيره مدة قصيرة اخري مقابل ألا يبدد امواله. جبر وقصر اما المستشار حمدي عبدالعزيز الرئيس بمحكمة جنايات سوهاج فيري ان التدخل التشريعي لابد ان يسبق قرار انشاء هذه الادارة وان ينص علي انشائها وان يعطيها سلطة تنفيذ الاحكام وتحصيل المبالغ جبرا وقصرا وبدون ذلك لن يجوز تفعيل هذه الوحدة التي قد تدر علي خزينة الدولة مليارات الجنيهات هي حق الدولة بشكل قاطع. ويوضح المستشار حمدي ان القانون الحالي يعطي النيابة حق التنفيذ بالطرق الادارية وفقا للمادة 605 من قانون الاجراءات الجنائية التي تستغرق عشرات السنوات وتضيع معها اموال الدولة ما بين اصدار قرار لوحدة المطالبة وحصر المبلغ في دفتر المطالبة وإعلان المتهم والتحري عن املاكه من المباحث واذا لم يوجد سيولة يتم تنفيذ عقوبة الاكراه البدني وهي الحبس والتي حددها القانون في المادة 111 من قانون الاجراءات الجنائية وهي ألا يجوز لمدة تزيد علي 3 أشهر واليوم يساوي خمسة جنيهات اي 3 أشهر تساوي 054 جنيها يدفعها المتهم ويخرج في حين يكون مدانا بغرامة 001 ألف جنيه او اكثر فالمطلوب هنا ان يقضي عقوبة الحبس ويدفع الغرامة دون بدائل بل تنفذ النيابة العقوبة من تلقاء نفسها من خلال هذه الادارة.