كنت ومازلت معارضاً للأخذ بنظام القوائم المطلقة المغلقة في أي انتخابات نيابية لأنه يقضي بفوز القائمة بالكامل إذا ما حصلت علي 50٪ من الأصوات الصحيحة «+1».. في المقابل فإنه يهدر ال50٪ الأخري «-1» من الأصوات مما يكرس من سيطرة قائمة واحدة علي أكبر عدد من المقاعد سواء كانت قائمة حزب أو ائتلاف واحد وحرمان الأحزاب والائتلافات الأخري من التمثيل النيابي. لست وحدي الرافض لهذا النظام.. سياسيون وكتاب كثيرون لهم نفس الرأي الذي أكدناه جميعا قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة لأننا كنا نري الصورة من منظورهاالصحيح.. وقد تحققت مخاوفنا وأثبتت التجربة أن قائمة «في حب مصر»حصدت جميع المقاعد المخصصة للقوائم في مجلس النواب.. ورغم أن قيادات «في حب مصر» أكدوا مرارا قبل الانتخابات أنها مجرد تحالف انتخابي إلا أنهم سعوا فور اعلان النتيجة لتحويلها إلي ائتلاف بمسمي جديد هو «دعم مصر» مارس كل أنواع الضغوط علي نواب الأحزاب الأخري والمستقلين للانضمام إليه سعيا للوصول إلي أغلبية برلمانية تقود دفة العمل تحت القبة.. ولم يسلم الائتلاف الجديد من خلافات بين قياداته وصراعات علي رئاسة وعضوية هيئات مكاتب اللجان النوعية لمجلس النواب. نفس القضية ستتفجر مرة أخري وتدور حولها اختلافات في الرؤي مع بدء مناقشة مشروع القانون الجديد للادارة المحلية الذي انتهت الحكومة من اعداده تمهيدا لاحالته للبرلمان خلال الشهر الحالي حيث كشفت المسودة النهائية للمشروع أنه يتمسك بالاستمرار في الأخذ بنظام القائمة المطلقة المغلقةبالنسبة للمقاعد المخصصة للقوائم والتي حددها المشروع ب50٪ من إجمالي المقاعد بينما تخصص ال50٪ الأخري للانتخاب الفردي. معني ذلك أنه لو تكرر ما حدث في انتخابات مجلس النواب وفازت قائمة واحدة ب50٪ من المقاعد وسعت لضم عدد آخر من النواب الفائزين بالمقاعد الفردية في ائتلاف جديد سواء كانوا منتمين لأحزاب أو مستقلين فإن هذا الائتلاف ستكون له الغلبة في المجالس المحلية ويستطيع التحكم في قراراتها ومواقفها من القضايا المختلفة.. فإذا تقدم أحد أعضاء المجالس المحلية من خارج هذا الائتلاف باستجواب للمحافظ مثلا وطلب سحب الثقة منه فإن الائتلاف الذي أشرت إليه لو لم يؤيده في وجهة نظره سيرفض سحب الثقة من المحافظ.. وقس علي ذلك في مناقشة أي موضوع يتعلق بمشاكل واهتمامات الناس في الوحدات المحلية. المؤيدون للأخذ بنظام القائمة المطلقة المغلقة حجتهم في ذلك أنه يضمن تمثيل الفئات التي نص الدستور علي تمثيلها في المجالس المحلية بالنسب التي حددها الدستور وهي 25٪ للشباب و25٪ للمرأة علي ألا تقل نسبة العمال والفلاحين عن 50٪ علي أن تتضمن تلك النسب تمثيلا مناسبا للمسيحيين وذوي الإعاقة حدده مشروع القانون بمسيحي واحد وذي اعاقة واحد في كل قائمة. وحتي لا يختلط الأمر علي القارئ ويتصور أن عضوية المجالس المحلية ستتوزع بين 25٪ للشباب و25٪ للمرأة و50٪ للعمال والفلاحين ولاتكون هناك فرصة لتمثيل فئات أخري أوضح أن هذه النسب ستتداخل بحيث يمكن الجمع بين صفة العامل أو الفلاح وصفة الشاب أو المرأة.. والمسيحي وذو الاعاقة قد يكونان من ضمن العمال والفلاحين أو الشباب أو المرأة. نعود إلي لب الموضوع لأقول أن هذه الحجة التي يستند إليها المؤيدون لنظام القائمة المطلقة المغلقة مردود عليها بأن المشرع المصري الذي اشتهر علي مر التاريخ بمهارته في «تفصيل القوانين» لن يعجز بالتأكيد عن ايجاد حل وصيغة مناسبة تضمن تمثيل الفئات التي نص عليها الدستور بالنسب التي حددها لو أخذنا بالنظام الأفضل في الانتخابات علي مستوي العالم وهو القائمة النسبية التي تعطي لكل حزب ما يستحقه من مقاعد وفق عدد الأصوات الصحيحة التي حصل عليها وبذلك لاتهدر إرادة الناخبين في جميع الأحوال. ومن ضمن الحلول المقترحة دون الدخول في تفاصيل قد تربك القارئ- أن تراعي هذه النسب عند اعلان النتائج إذا ما تم ترتيب المرشحين في القوائم وفقا لقواعد معينة وسمح المشرع بتجاوز الترتيب واعلان الفائز التالي إذا ما كان ذلك يحقق الهدف الذي نص عليه الدستور فيما يتعلق بتمثيل الفئات المشار إليها. ما أقصده أن نظام القائمة النسبية هو الوحيد الذي يضمن تمثيل أغلب الأحزاب ولايهدر أصوات الناخبين مما يدعم بلاشك الممارسة الديمقراطية من خلال تعدد الآراء. المهم أن تكون هناك الإرادة السياسية لدعم الديمقراطية حتي تصبح الممارسة الديمقراطية حقيقة وليست ديكورا!!