د. فخرى الفقى أثناء حواره مع «الأخبار» يأتي الاقتصاد علي رأس الأولويات في المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات التي تنتظرنا لنصل إلي المكانة التي تستحقها مصر، ومع اكتمال الاستحقاق الثالث وانتخاب البرلمان ستقدم الحكومة برنامجها حسبما نص عليه الدستور. وحول التحديات التي تواجه الاقتصاد في المستقبل حاورنا د.فخري الفقي المستشار السابق لصندوق النقد الدولي واستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذي يري ضرورة ترشيد الواردات التي بلغت 60 مليار دولار.. ويؤكد أن قروض البنك الدولي وصندوق النقد الدولي فوائدها قليلة ونجحنا في الحصول عليها ومزيد من الآراء المتخصصة في الحوار التالي: الغلاء يخدم الأغنياء ولا بديل عن إصلاح الأجور ومواجهة البطالة نعيش سنة أولي ديمقراطية ومطلوب غربلة الأحزاب «المطبخ» الاقتصادي جاهز للانطلاق من قناة السويس للضبعة كيف تصف وضع الاقتصاد المصري حالياً؟ الاقتصاد يمر بمرحلة حرجة بعد ثورتين أو كما أسميهما زلزالين وكان لابد أن يحدث هذا حتي نفيق ونري الواقع الأليم الذي وصلت إليه الأحوال بصفة عامة والحالة الاقتصادية بصفة خاصة وبعد 25 يناير 2011 كان ينزف بشكل مستمر حتي إن الاستثمارات الأجنبية وقتها توقفت ثم تعافت قليلاً.. وتأثرت السياحة تأثراً شديداً أي أن كل مصبات النقد الأجنبي التي تصب في شرايين الاقتصاد المصري تقريباً توقفت لدرجة ان الاقتصاد كان معدل النمو فيه 1٫2٪ وذلك أقل من معدل نمو السكان إلي 2٪ تقريباً أي أن المتوسط خلال السنوات الثلاث من 25 يناير 2011 وحتي منتصف 2013 قبيل 30 يونيو كان متوسط النمو فيه 2٪ ومع النمو السكاني كان هناك تدهور في مستوي المعيشة لأن الأفواه تزيد بنسبة 2٫5٪ بينما المعروض من السلع كان 2٪ فكان هناك فارق بنصف في المائة. معدلات التضخم كانت في حدود ال10٪ وقتها إلي جانب انتشار البطالة بنسبة 14٪ من قوة العمل معني ذلك ان جانباً كبيراً من قوة العمل وهي القوة المحركة للاقتصاد وهي من أعلي المعدلات التي شهدتها مصر خلال السنوات الماضية فبدأ الجنيه المصري يتعرض إلي ضغوط نتيجة ان الاحتياطي بدأ يتدهور بتناقصه من 35٫5 مليار دولار في 2011 وعند 30 يونيو كان 14 مليار دولار وهذا الفارق الذي يبلغ حوالي 20 مليار دولار استخدمه محافظ البنك المركزي في الدفاع عن سعر الجنيه المصري في حالة الذعر المالي وخروج كثير من المستثمرين فكان محافظ البنك المركزي حتي يضفي نوعاً من الثقة بأن الاقتصاد لم ينهر كان يقدم له الدولار بالسعر الرسمي للحفاظ علي سعر الصرف وكان يلبي احتياجات المستثمرين حتي لا تنهار الثقة في قدرة الاقتصاد المصري وبالتالي تآكل هذا القدر من الاحتياطي لإحداث التوازن والحفاظ علي الجنيه المصري. فلو لم يكن قد دافع عن الجنيه المصري واختار المحافظة علي الاحتياطي عند 35٫5 مليار دولار كان سيتم اللجوء إلي السوق السوداء أو كما تسمي بالسوق الموازية كان من الممكن ان يصل سعر الدولار إلي 10 أو 12 جنيهاً هذه وجهة نظر وإن اختلف معها بعض الناس.. وهذا كان في السنوات الثلاث العجاف. حقل تجارب ويضيف أما الهزة الثانية فكانت قد بدأت من قبل حكم الإخوان، ومرت البلاد بأزمات كثيرة جداً أيام حكمهم وخلال الستين عاماً الماضية كان جيلنا حقلاً للتجارب فتجربة الاشتراكية لم تكن مفيدة ثم الانفتاح الاقتصادي وتم اغتيال صاحب هذه الفكرة قبل أن تنضج ثم جاءت الرأسمالية المتوحشة متمثلة في التوريث واستمرار الفساد بشكل مرعب ونتيجة لهذه الحالة المزعجة قامت ثورة 25 يناير.. ثم قام الإخوان بإقحام الدين في السياسة والاقتصاد فلم يقبل ذلك الغالبية من شعب مصر فكانت ثورة 30 يونيو إذن نحن جربنا كل الطرق من اشتراكية الي انفتاح الي رأسمالية متوحشة بالتوريث والفساد وأعتقد أن الجيل الحالي لم ولن يقبل أن يكون حقل تجارب وسنجد الجيل الحالي لن يقبل بما مر بالجيل السابق. الطريق الجديد كيف ننهض باقتصاد البلاد من عثرته التي يمر بها الآن..؟ بعد الزلزال الثاني وهو انتفاضة الشعب المصري في 30 يونيو كان مبدأ الرئيس عبدالفتاح السيسي هو البحث عن طريق جديد فوضعنا أقدامنا علي الطريق الصحيح الذي يقوم علي تحديد هوية الاقتصاد المصري والفلسفة التي يقوم عليها وهي المبادرة الفردية وعلينا أن نكتشف رواد الأعمال ونستقطبهم ولا نتركهم يهاجرون. ومهمة أجهزة الإعلام في هذه الفترة نشر فكرة المبادرة الفردية فعندنا العديد من الخلايا ينقصها الملكة «الإدارة الجيدة» فلم نعد نفهم دور الفرد في صناعة المجتمع لتكون الحكومة في طريقها الصحيح لابد من دفاع + أمن + عدالة، ثم الاهتمام بالبنية التحتية وتشمل الطرق والكباري والمجاري والتعليم والصحة ومع تطور البشر نهتم بحماية البيئة وحماية الملكية الشخصية والفكرية والبحث والتطوير وتوفير مناخ استثماري جاذب. تعديل مهم في الدستور من أين تأتي الحكومة بالتمويل؟ الحكومة تأخذ من المواطنين الضرائب لتحقيق كل ما سبق ذكره بدون أي نقص.. ولابد من معرفة ما دور الفرد وما دور الحكومة وبعد انعقاد مجلس النواب أتمني أن يحدث تعديل مهم في الدستور وهو تحديد هوية الاقتصاد والمادة 27 من الدستور لأنه في المقومات الاقتصادية والاجتماعية بدأ بالمقومات الاقتصادية وأول مادة تقول: «يهدف النظام الاقتصادي إلي تحقيق الرخاء من خلال عنصرين: التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية» ولابد من ايضاح أن هذا الاقتصاد يقوم علي المبادرة الفردية ودور القطاع الخاص بالمشاركة مع الحكومة أي مشاركة الخاص مع العام بنظام (BOT). ما علاقة النشاط الحزبي بالتقدم الاقتصادي؟ لدينا حوالي 101 حزب سياسي سواء كانت تلك الأحزاب فاعلة أو مجرد أحزاب ورقية ماعدا أحزابا لها تاريخ مثل حزب الوفد.. والرئيس السيسي وحكومته الحالية يحاولون تفعيل الأحزاب.. لأن الخطأ الذي وقعت فيه ثورة 1952 بعد الانجاز العظيم وهو حصولنا علي الاستقلال وطرد الاستعمار هو إلغاء الأحزاب، أما نحن في عام 1953 فألغينا الأحزاب مع التوهم أن الأحزاب كانت فاسدة فكانت أول سلبية حدثت هي هدم الديمقراطية بإلغاء الأحزاب لأن الديمقراطية مطلب أساسي للتقدم ونحن في حاجة لتحقيق الديمقراطية من خلال غربلة الأحزاب الموجودة وعلي الإعلام إبراز الهوية الاقتصادية المنشودة خلال دور الفرد والقطاع الخاص في عملية النشاط الاقتصادي والترويج للديمقراطية التي يحتاجها المجتمع للتقدم والازدهار بشرط أن تكون هناك تعددية حزبية وأنا أشفق علي القيادة السياسية من تحملها هذا العدد الكبير من الأحزاب وعلينا أن نتحمل لعشرين عاماً قادمة لصقل وبلورة الأحزاب الفاعلة حتي يصبح لدينا 4 أو 5 أحزاب قوية تستطيع التحكم في زمام الأمور لأننا في الوضع الحالي غير مؤهلين لأن تكون التجربة ديمقراطية 100٪ لأننا الآن في سنة أولي ديمقراطية وعلي الإعلام أن يكون أثره إيجابياً في هذه القضية. البرنامج جاهز ماذا عن البرنامج الاقتصادي الذي أعدته الحكومة لعرضه علي البرلمان؟ الحكومة لديها برنامج جهزته من عام ونصف العام تقريباً وستعرضه علي البرلمان والتجهيز الاقتصادي الذي بدأ منذ عام ونصف العام تقريباً وهو ما نسميه بالمطبخ الاقتصادي واستكمال مكوناته بالبنية الأساسية بما فيها البنية التحتية.. جهزنا قناة السويس الجديدة بشكل علمي وصرفنا عليها 28 مليار جنيه من ال64 مليارا وسنجهز البنية الأساسية في منطقة شرق التفريعة وتم تدشينها من حوالي شهر تقريباً وشمال غرب خليج السويس يجري العمل فيه علي قدم وساق في تجهيز البنية الأساسية لهذه المشروعات القومية وهذا التجهيز سيكون بباقي مبلغ ال64 مليار جنيه يعني لن تخسر الدولة شيئاً والأنفاق سيتم إنشاؤها أيضاً من المبلغ لربط مصر بسيناء لتسيير حركة الاستثمار من خلال الأنفاق وكوبري السلام لتعمير سيناء وتشغيل محور القناة والخروج إلي الوادي الفسيح وتشغيل البطالة المكدسة. تجهيز المطبخ والآن نقوم بتجهيز المطبخ الاقتصادي بكل معداته من بنية أساسية وبنية تحتية في قناة السويس والضبعة وجميع المشروعات ليأتي المستثمر العربي أو الاجنبي ليجد المكان الذي سيعمل فيه جاهزاً تماما وليس هناك أي عقبات أو صعوبات أو نقص في الطاقة أو العمالة المدربة ولن يكون هناك سوق سوداء للعملة ولابد من توحيد السعر للدولار وثباته والحمد لله محافظ البنك المركزي الجديد متفهم لهذا الأمر. ارتفاع أسعار السلع يؤثر سلبياً علي ميزانية الدولة فهل هذا صحيح؟ السياسة النقدية الجديدة هدفها محاربة التضخم لأن الغلاء ليست خطورته علي الموازنة فحسب بل يعمل علي أن الغني يزداد غني والفقير يزداد فقراً وتزداد الفجوة بين الأغنياء والفقراء لأن الذي يستفيد من التضخم هم الأغنياء. فالسياسة النقدية مهمتها بعد تشكيل المجلس التنسيقي برئاسة رئيس الوزراء والمجلس التنسيقي له مهمتان أولا تحديد الأهداف وأولويات السياسة النقدية وتخفيض التضخم وتخفيض البطالة وأن يحدد الأولويات اللازمة مستقبلا وأهمها تثبيت الأسعار لتقليل التضخم وزيادة النمو. رفع الفائدة واجتمعت لجنة السياسات النقدية وأخذت برأي المجلس التنسيقي وقال إن التضخم هو الأساس بأن يتم رفع سعر الفائدة نصف في المائة وهذه اشارة قوية للمصاريف بأن البنك المركزي جري بأنه يرفع سعر الفائدة وقد يرفع سعر الفائدة في فترات أخري قادمة ورسالة بأنه يستخدم سياسة نقدية مقيدة لمحاربة التضخم لأنه كلما كانت السيولة في جسم الاقتصاد تزيد الاسعار فأراد ان يقيد ذلك بدليل أنه رفع أسعار الفائدة علي منتجات جديدة لدي بنكي الاهلي ومصر وهي شهادات ادخار جديدة حتي يصبح الجنيه المصري أكثر جاذبية وسيعطي فائدة أعلي. مهمة المركزي كيف يمكن زيادة الاحتياطي النقدي بالعملة الأجنبية؟ إن مهمة البنك المركزي ليست فقط استقرار سعر الصرف الآن لكن المهمة الاساسية تعظيم الاحتياطي النقدي في الفترة الحالية الي ان تتعافي السياحة ويتم ضخ استثمارات محلية ومزيد من الاستثمارات الاجنبية لابد من زيادة صادراتنا وتقليل الواردات فليس أمامنا إلا أمران هما: ترشيد الواردات والقرارات التي اتخذها البنك المركزي وفتح الاعتماد بدل 50٪ يكون 100٪ وعلي وزير الصناعة ان يضع قيودا محكمة جدا علي المواصفات للسلع التي تأتي لمصر بحيث تكون معمرة وجيدة وغير ضارة بالصحة وغير ملوثة للبيئة ومنع الاغراق حتي لا تضيع الصناعة المصرية لان الواردات المصرية من الخارج 60٫08 مليار دولار نريد ان نصل بهذا المبلغ إلي الحدود التي كانت قبل 2011 وهي ما بين 55 إلي 57 مليار دولار لابد من التعاقد مع المؤسسات الدولية المالية التي نحن مساهمون فيها وأعضاء بها للاستفادة منها لأنني لو اقترضت مباشرة من سوق المال العالمي تكون الفائدة ليست أقل من 5٪ أو 6٪ لكن هذه المؤسسات التي أنا عضو فيها منذ 70 عاما مثل البنك الدولي وبنك التنمية الافريقي وصندوق النقد الدولي ففي هذه الحالة استطاعت الوزيرة النشيطة الدكتورة سحر نصر وزيرة التعاون الدولي وبحكم أنها كانت تعمل في البنك الدولي فرع مصر لمدة 15 عاما فقد عقدت قرضا مع البنك الدولي بما لا يرهق الاقتصاد المصري 3 مليارات دولار علي مدار 3 سنوات بواقع مليار دولار كل عام يسدد علي مدار 35 سنة وتستخدم في البنية التحتية أو خمس سنوات وفترة السماح سندفع الفوائد فقط دون أصل الدين وبفائدة 1٫68٪ والثلاثة مليارات دولار ستدخل البنك المركزي علي مدار ثلاث سنوات وهنا يزيد الاحتياطي الاجنبي ويخرج المقابل بالجنيه المصري لوزارة المالية لعمل المشروعات الخاصة بالبنية التحتية. اخذنا القرض وعملنا به مشروعات وزودنا الاحتياطي الاجنبي.. وأيضا بنك التنمية الأفريقي وافق علي قرض 1.5 مليار دولار علي مدار ثلاث سنوات أيضا بواقع نصف مليار كل عام لدعم الموازنة العامة من خلال مشروعات تنمية يسدد علي عشرين عاما بفترة سماح خمس سنوات وبسعر فائدة 1.5٪. نشاط الوزيرة وأيضا استطاعت وزيرة التعاون الدولي د. سحر نصر أن تبرم اتفاقا مع الحكومة السعودية بمبادرة تغطي احتياجات مصر من المواد البترولية لمدة خمس سنوات وزيادة استثمارات السعودية في مصر من 6 مليارات دولار إلي 8 مليارات دولار خلال الفترة القادمة كما زارت الكويت وتعاقدت مع الصناديق الكويتية التنموية ب 1.5 مليار دولار والإمارات كذلك وبذلك استطعنا ان نجمع 10 مليارات دولار علي مدار السنوات الثلاث القادمة بواقع 3 مليارات في العام أو يزيد وهذا يدعم الاحتياطي النقدي بحيث نستطيع ان نوفر حوالي 3 مليارات دولار من ترشيد الاستيراد وكل هذا يدعم الاحتياطي النقدي للدولة فيكون البرنامج الذي سيقدم للبرلمان الجديد يعمل علي معالجة الاختلالات المالية مثل العجز في الميزان التجاري ولابد من تقليله وتقليل كمية السيولة في جسم الاقتصاد حتي لا تضغط علي الاسعار وتكون أهمية السياسة النقدية تقليل الاسعار. أما المكون الثاني فهو: تطوير 15 منظومة مشوهة منذ 60 عاما وعفي عليها الزمن ولابد من صياغتها مرة أخري بشكل يلائم إحداث قفزة في الاقتصاد والنهوض بالاقتصاد ولابد من تعافيه والنهوض به ومن المنظومات قطاع الأعمال العام.. فقضية الخصخصة لاغبار عليها علي مستوي العالم لكن عندنا أسأنا الخصخصة وأصبحت مرادفا للفساد ولكن نخصخص الإدارة فقط دون بيع أي أصل علي الإطلاق مثلما هو موجود في كثير من الدول، ومنظومة الاجور لابد من اعادة النظر فيها وتطوير منظومة الضرائب ومنظومة سوق العمل ومنظومة المنتجات. أصبحت مهمة ما تقييمكم لقناة السويس الجديدة مستقبلا؟ قناة السويس بشكلها الجديد بعد التوسعة والتعميق وفي اتجاهين مستقبلها سيكون له أثر إيجابي في وقت قصير وحصيلتها تزداد مع معدل ازدياد التجارة الدولية.. وهناك تقرير يصدر عن صندوق النقد الدولي مرتين في العام ويشير هذا التقرير الي أنه في منتصف 2016 سوف تزدهر التجارة الدولية بما يعود بالفائدة علي مصر.