تتجه الأنظار، اليوم الأربعاء، إلي البنك المركزي في أول اجتماع رسمي للجنة السياسة النقدية برئاسة طارق عامر الذي تولي منصبه رسميا كمحافظ للبنك المركزي في نوفمبر، أي بعد شهر من تعيينه في المنصب، كان يعمل خلالها في الكواليس بهدف تحجيم السوق السوداء في التلاعب بأسعار العملات الأجنبية، ومنع ظاهرة الدولرة وسحب السيولة النقدية والحد من غلاء الأسعار.. ودعم العملة المحلية قبل السماح لها مجددا بالهبوط أمام الدولار، ووسط توقعات بأن يتم في اجتماع اليوم رفع سعر الفائدة إلي 14% لسحب السيولة، وتزايد الضغوط علي احتياطي النقد الأجنبي والحاجة إلي جذب استثمارات أجنبية وتعزيز تنافسية الصادرات. وإن كان البنك المركزي يواجه قراراً صعباً علي وجه الخصوص عند البت في أمر أسعار الفائدة في اجتماع اليوم، نظراً لنقص العملات الأجنبية الذي يصارع منذ الاضطرابات التي أعقبت ثورة 25 يناير 2011، وانخفاضه من 36 مليار دولار في 2011 إلي 16.423 مليار دولار في نوفمبر 2015، إلا أنه مضطر لرفع سعر الفائدة للحد من ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع الأسعار المتزايد يوما بعد يوم. وقد تتزايد الضغوط إذا أقدم مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) علي رفع أسعار الفائدة يوم 16 ديسمبر كما هو متوقع. ولكن يعزي ذلك إلي أن أسعار الفائدة علي الإقراض والإيداع في مصر مرتفعة بالفعل عند 9.75% و8.75% علي التوالي.. ومن شأن رفعها أكثر من ذلك سوف يضر بالاستثمارات والنمو الاقتصادي كما أنه سيكون أمراً مكلفاً للحكومة التي شكلت تكلفة خدمة ديونها 22 % من إجمالي حجم الإنفاق العام الماضي. وكان بنكا مصر والأهلي أكبر بنكين حكوميين قد رفعا الشهر الماضي أسعار الفائدة علي شهادات الادخار بالجنيه المصري إلي 12.5% من نحو 10%.. لكن تلك الزيادة لم تنعكس بعد في صورة عائدات أعلي علي الدين الحكومي، حيث يقول مصرفيون إن البنوك الحكومية تدفع بقوة في اتجاه عائدات أقل علي أذون الخزانة في عمليات الطرح الدورية كي تحافظ علي تكاليف الاقتراض الحكومي عند مستويات منخفضة. ومن شأن رفع أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي زيادة العائد علي أذون الخزانة علي الفور لكن يبدو حتي الآن أن البنك المركزي يفضل أن تتحمل البنوك الحكومية الهادفة للربح تكلفة سياسته. ويعتقد هاني جنينة رئيس الأبحاث المتخصصة في الوساطة بالأوراق المالية أن يحدد البنك المركزي علي الأرجح زيادة بسيطة في أسعار الفائدة بمقدار "50" نقطة، وأن هذا سيحقق علي الأرجح الهدف المزدوج المتمثل في تقليل الأثر علي الحكومة والشركات المقترضة إلي الحد الأدني.. وفي الوقت نفسه السماح للبنوك برفع أسعار الفائدة علي إيداعاتها لزيادة جاذبية الجنيه. حيث رحب الخبراء الاقتصاديون بقرارات بنكي مصر والأهلي الشهر الماضي برفع أسعار الفائدة علي شهادات الادخار بالجنيه المصري من10 % إلي 12.5%..والتي اعتبرها إشارة واضحة لاتجاه البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة علي المتوسط، لسحب السيولة والحد من التضخم والدولرة في الوقت ذاته.. مؤكدا أن معدل الادخار في مصر لا يتجاوز 10% وهو معدل متدنِ للغاية، في ظل ارتفاع فاتورة الاستيراد التي تجاوزت 60 مليار دولار سنويا.. لذا يتعين علي البنك المركزي رفع أسعار الفائدة إلي 15% حتي يصل معدل الادخار إلي 14-15%. كما أن رفع الفائدة يدعم الجنيه أمام الدولار، ويعد أيضا دليلا علي اتجاه محافظ البنك المركزي نحو تخفيض الجنيه أمام الدولار، وهي خطوة مطلوبة لتحفيز الاستثمار الأجنبي المباشر وسط تزايد المخاوف من تراجع إيرادات السياحة بعد حادث الطائرة الروسية. وبنظرة الخبراء المخضرمين تحدثت الدكتورة بسنت فهمي الخبيرة المصرفية وأستاذ التمويل والبنوك والاستثمار بجامعة المستقبل مؤكدة أن الإدارة الجديدة للبنك المركزي تواجه تحديات هائلة خلال الفترة القادمة.. أكبر تحد يواجه المركزي هو رفع الاحتياطي من النقد الأجنبي.. ولابد علي الحكومة أن تبحث مع البنك المركزي عن طرق بديلة لرفع الاحتياطي وإلا سنواجه مشاكل كبيرة الفترة القادمة. ثانيا: لابد من إعادة فتح المصانع المغلقة والمتعثرة وعدم تركها هكذا لأن المشكلة عواقبها وخيمة ومعدلات البطالة تتزايد. ثالثا: لابد من توفير المواد الخام للمصانع حتي تدور عجلة الإنتاج.. وإلا سوف تتزايد معدلات المصانع المغلقة. رابعا: الأزمة سوف تواجه قطاع السياحة.. لذا لابد من تشجيع السياحة الداخلية حتي لا ترتفع مستويات البطالة.. وإغلاق البيوت المفتوحة التي تعتمد علي العمل في مجال السياحة. والتحدي الأخطر هو ضبط التضخم وضبط الأسعار وهو هدف السياسة النقدية إذن لابد من مواجهة أنفسنا فربما أرفع سعر الفائدة لجذب المدخرات وتحويل العملة الدولارية إلي العملة المحلية.. ولكن هذا سيكون لمرة واحدة فقط وبعد ذلك سيبقي العجز قائما في العملات الأجنبية.. وتوفير الدولار أصبح من أخطر الموضوعات.. الاحتياطي النقدي يتناقص، الدين الداخلي والخارجي وعجز الموازنة يتزايد.. إذن لابد في هذه الأمور الصعبة أن نتخذ إجراءات صعبة. فلابد أن تخفض الحكومة من حجم انفاقاتها الدولارية بأي شكل بنسبة من 30% إلي40% بدلا من السفر هنا وهناك وتخفيض المكاتب والسفارات الخارجية والتقليل من استيراد المنتجات التي لها بدائل لمدة سنة علي الأقل.. كم أننا بلد غني بثرواته فلدينا 40% من طاقة الشعب شباب، ورجال أعمال من أنجح رجال أعمال في الداخل والخارج وجهاز مصرفي جيد وبه فلوس، وبورصة جيدة يمكن من خلالها العمل برؤية واضحة واستثمار جيد خاصة أن المستثمرين الأجانب يعزفون عن الاستثمار لدينا الآن لأننا في حالة حرب منذ 5 سنوات والظروف كلها حولنا غير مواتية للاستثمار.