تأثيرات جرائم داعش وتوابعها، تتجاوز المنطقة العربية، لتؤثر بالسلب علي الإسلام كديانة، والمسلمين كجزء من الشعب الأمريكي، وتعيد أجواء أحداث سبتمبر 2001 أكتب من نيويورك في زيارة سريعة لعدة أيام، منذ اللحظة الأولي وفي مطار القاهرة، تكتشف أن ثمة جديداً في الإجراءات الأمنية المتبعة في إجراءات السفر، التشدد كان السمة الأساسية من قبل حادث سقوط الطائرة الروسية في سماء سيناء، ولكن مظاهره زادت بصورة ملحوظة، كل المؤشرات تؤكد أن هناك إعادة إنتاج لأجواء 11 سبتمبر 2001، وإن كان بشكل مختلف، وبصورة أقل، فهو حادث إرهابي من الصعب أن يتكرر، وتم في عقر دار أمريكا القوي الأولي في العالم، واستهدف أحد رموز الكرامة الأمريكية، ولكن أحداث أخري أقل أهميه، فرضت عودة الحديث مجددا عن علاقة أمريكا بالإسلام والمسلمين، علي ضوء جرائم تنظيم داعش في سوريا والعراق، ومحاولة مد نشاطه إلي أوربا وأمريكا، من خلال أحداث باريس، والحوادث الإرهابية في دول أوربية أخري، وحادث كاليفورنيا الذي قيل إن باكستانيا مسلما وزوجته، كانا وراء مقتل حوالي 16. ومن خلال رصد سريع للأوضاع علي الساحة الأمريكية، فهناك من يدفع الثمن ثلاث مرات لمثل تلك الأحداث، الإسلام كديانة، والمسلمون في كل أنحاء العالم بصفة عامة، والمسلمون الأمريكيون بصفة خاصة، فجرائم داعش مثلا تضع الإسلام كديانة في قفص اتهام، وتدفع العالم الإسلامي إلي صرف جل وقته، في عملية الدفاع عن الذات، وتلميع الصورة واللهاث وراء العالم للحصول علي صك براءة من جرائم، نحن أكثر من يعاني منها، فداعش التي تعيث في الأراضي السورية والعراقية والليبية وغيرها، ظلما وفسادا، وتحاول الترويج لديانة جديده تخالف دين الإسلام، وإن كانت بمسوح إسلامية، وهناك من يحاول استثمار تلك الأحداث، وضحاياها من المسلمين والعرب بقدر ما هو بالنسبة للأوربيين، واستخدامها كأجندة سياسية لتنفيذ وتمرير مصالحهم، ويكفي أن هناك من سعي إلي استغلال معلومة أن الباكستانية المتهمة في حادث كاليفورنيا، عاشت في المملكة العربية السعودية، لتحميل الرياض حتي ولو جزءا من الحادث، وأعاد عزف تلك النغمة المموجة، وبدء حملة أكاذيب حول البيئة السعودية، التي تفرخ الإرهاب، وحسنا ما فعلته المملكه من الإعلان وسريعا، عن كل المعلومات المتاحة والموثقة عن هذا الأمر، لنعرف أن الباكستانية دخلت المملكة بتأشيرة زيارة لأسرتها، التي تعمل منذ سنوات ولم تبق هناك سوي أسابيع، لتعود من جديد إلي مقر إقامتها في كاليفورنيا. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وأمريكا تعيش علي وقع معركة انتخابات رئاسية، وسعي العديد للفوز بترشيح الحزبين المتنافسين الديمقراطي والجمهوري، لتتحول قضايا مثل وضع اللاجئين السوريين، إلي أحد أبرز الموضوعات في الحملة الانتخابية، بعد أن أعلن أوباما عن خطة لاستقبال عشرة آلاف سوري خلال العام القادم، كجزء من المساهمة المتواضعة جداً لحل مأساة الملايين منهم، وتحول الأمر إلي معركة في مجلس النواب، وحتي بين حكام الولايات، فهناك حوالي 30 منهم من أصل 50 ولاية مارسوا حقاً دستوريا لهم، بالإعلان عن رفضهم لخطة الرئيس، وعدم استقبال أي لاجئ سوري، خوفا من تسرب عناصر إرهابية من داعش وغيرها، بين هؤلاء اللاجئين، بل الأدهي والأمر أن هناك 289 من أعضاء مجلس النواب وبعضهم من حزب الرئيس، وقفوا ضد الخطة، ورفضوها، بينما لقيت تأييد 137 فقط مما يهددها بالفشل، وتعليق القرار، دون أن ينفي ذلك وجود أصوات تطالب بزيادة أعداد اللاجئين إلي 65 ألفا، وكذلك هيلاري كلينتون وهي أحد أهم مرشحي الحزب الديمقراطي، الذي قالت» إن الإسلام ليس خصمنا، المسلمون مسالمون ولا علاقة لهم بالإرهاب»، وندد أوباما بخوف الأمريكيين «من أرامل وأيتام سوريا». والأخطر في تلك القضية عودة أجواء الإسلامفوبيا، تجاه حتي الجالية الإسلامية في أمريكا، وهي بالملايين، وموجودة ضمن الجهاز الإداري، ضباط الشرطة في نيويورك وحدها من المسلمين، وصل عددهم إلي ألف شخص، كما أنهم عامل لا يستهان به في انتعاش الاقتصاد الأمريكي، ولم يمنع ذلك من تبني أغلبية المرشحين علي قوائم الحزب الجمهوري للرئاسة، وفي المقدمة منهم دونالد ترامب، وهو الأول في استطلاعات الرأي، والأقرب إلي الفوز، إلي الدعوة إلي تسجيل المسلمين في أمريكا في قاعدة بيانات خاصة، وأعرب عن نيته إغلاق المساجد في كل الولايات، ومنح المسلمين بطاقات هوية خاصة تظهر ديانتهم، وطالب مرشح جمهوري دعا إلي سن قانون لوقف الهجرة إلي أمريكا من الدول العربية وإلاسلامية، والحذر من كل من يأتي إلي أمريكا منهم زائرا أو للدراسة، صحيح أن هناك أصواتا أكثر رشدا وتعقلا، ونبهت أن ذلك مخالف للدستور الأمريكي، ويخلق أجواء سامة في المجتمع الأمريكي. هذه صورة من قريب، لتوابع جرائم داعش، وعمليات الإرهاب علي ملايين المسلمين، الذين أصبحوا جزءاً من نسيج المجتمع الأمريكي.