بداية نشير إلي أن قضية العنف ضد المرأة - وكما تؤكد العديد من التحليلات والدراسات - تعد قضية عالمية، لانتشارها في العديد من دول العالم، بصرف النظر عن تقدمها أو تخلفها، كما أنها لا ترتبط بمستوي اجتماعي أو اقتصادي أو ثقافي؛ حيث إن المرأة تقع ضحية للعنف في مختلف الطبقات والشرائح المجتمعية، وليس في طبقة أو شريحة دون غيرها. كما أن العنف ضد المرأة يمكن أن يكون جسدياً أو نفسياً يهدد حياتها وأمنها النفسي أو المعنوي الذي يمتهن كرامتها. كما أنه يأخذ أشكالاً وأساليب متعددة، منها علي سبيل المثال - لا الحصر - العنف الأسري، والذي أثبتت الدراسات والتحليلات، أنه يعد أحد أهم أشكال الممارسات العنيفة في المجتمع المصري، تجاه المرأة بصرف النظر عن موقعها ودرجة القرابة داخل الأسرة. ويأخذ العنف الأسري أشكالاً متعددة كالضرب، أو سوء المعاملة، أو السخرية والاستخفاف بالأنثي أمام الآخرين مع التهديد يالإيذاء والعقاب. العنف الاقتصادي، ويتمثل وبشكل واضح في حرمان المرأة من العمل، أو من المصروف الخاص بها، أو الاستيلاء علي أموالها وممتلكاتها، أو الامتناع عن الإنفاق عليها بالرغم من أنها قد تكون بحاجة ملحة لذلك. العنف الاجتماعي، ومن أهم مظاهره: عمليات القهر الأسري الذي تتعرض له الأنثي من حرمانها من التعبير عن رأيها ورغباتها، وحريتها الشخصية، وعدم مشاركتها في اتخاذ القرارات الأسرية وغيرها من المظاهر. أما عن أهم أسباب استخدام العنف ضد المرأة فيمكن أن نشير في هذا المجال إلي: الأسباب التي تتعلق بالمرأة نفسها؛ من حيث تقبلها استخدام العنف ضدها، والسكوت عليه من منطلق شعورها بالضعف والخضوع والاستسلام لإرادة ومواقف الرجل. الأسباب الثقافية وعمليات التنشئة داخل الأسرة. الأسباب الاقتصادية، والتي تجعل من المرأة عالة علي الرجل، وتعاني من الحرمان الاقتصادي. الظروف الاجتماعية والثقافية القاسية غير العادلة في التعامل مع الأنثي بصفة عامة، وتتمثل هذه الظروف في العادات والتقاليد والأعراف، والموروثات الشعبية، والتي تضع المرأة في وضع يحط من كرامتها وكيانها وحقوقها، ويجعلها دوماً عالة علي الرجل. وفي ختام هذا المقال نري ضرورة التصدي للعنف ضد المرأة، وعلي الفور نقول: إن هذا التصدي هو مسئولية كل المجتمع، فلابد أن يعطي المجتمع المرأة فرصة إثبات الوجود في كل الميادين والمجالات، وعلي كل المستويات، ولابد من مشاركتها في عمليات التنمية، واتخاذ القرارات المؤثرة، إلي جانب عمليات إثارة الوعي لدي مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية؛ وأيضاً إثارة وعي المرأة بحقوقها والدفاع عنها. كما يجب علي النخب في مختلف المجالات، خاصة في المجال الديني القيام بدورهم في إثارة الوعي بحقوق المرأة ودورها في المجتمع، ومقاومة ثقافة الردة والتخلف، وفي الوقت نفسه تكريس ثقافة التسامح واحترام وتقدير الأنثي أياً كان وضعها، وتبني ثقافة الاستنارة، لأنها المرأة المصرية، ذات التاريخ الحضاري، وعن ذلك سل ملكات مصر العظام في التاريخ القديم، وما قامت به المرأة المصرية من جهود وأعمال عبر العصور، ولم لا؟ وهي بنت مصر التاريخ، الحضارة والاستنارة. وهذا ما ندعو إلي تحقيقه، لأننا قادرون علي الوفاء به لأننا المصريون وكفي هذا مبرراً.