قال لي صديق عربي، إن المصريين يجب أن يطبعوا من جديد ملايين الصور للزعيم جمال عبد الناصر وأن يحيي كل منهم صورته ويقرأ الفاتحة علي روحه الطاهرة كل صباح . قال صديقي : استطاع عبد الناصر خلال فترة حكمه أن يرسم ملامح مصر المعاصرة كما يجب لها أن تكون . استطاع أن يرسي قواعد وأسس خط السير الذي اتبعته مصر علي مدي أكثر من نصف القرن. زاد من مكانة مصر الدولية والإقليمية أقدارا كبيرة مما كان لأي حاكم آخر أن يقوم به . وكان من بين أهم ما قاله صديقي : إن الرئيس عبد الناصر كان الرجل الذي حكم مصر بمقدرة احترافية عالية رسخت الاستقرار والسلام الداخلي واستطاع تحجيم كل القوي التي أرادت أن تتناهش الدولة المصرية وأن تتصارع واضعة مصالحها الخاصة الضيقة فوق كل شئ . استطاع عبد الناصر أن ينأي بالدولة المصرية من تلك الحماقات السياسية ذات النظرة الضيقة لمصالح الدولة العليا . لقد أظهر أول اختبار للقوي السياسية المختلفة والمتعددة أنها لا تملك الرؤية السليمة بل لا تملك القدرة علي فرض هذه الرؤية إن وجدت . المشهد السياسي الحالي يؤكد كلام صديقي العربي . فمرشحو الرئاسة من التيار الإسلامي تحولوا إلي بلطجية يهددون الناس أجمعين ويتوعدون بتحويل البلاد إلي حمامات دم وهم يدعون أنهم قاموا بالثورة وأنهم أصحابها الذين حققوا لها النجاح ولذلك فهم أصحاب الحق في إرث هذه الدولة أي أنهم لم يقوموا أو يساهموا في قيام الثورة من أجل الحرية والديمقراطية وهذا الكلام الفارغ وإنما لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية خاصة، سواء كانت خاصة بتنظيم أو بجماعة أو بتيار، المهم أن مصلحة البلد تأتي لاحقا وليس أولا . لقد ارتفع الصراخ من جانب أنصار المرشحين المتأسلمين وهددوا وتوعدوا وساهم المرشحون في ظاهرة بلطجة الأنصار فانضموا هم أيضا كبلطجية وأضرموا النار في لا وعي المهووسين الدينيين الذين اعتصموا أمام مقر لجنة الانتخابات الرئاسية وتحرشوا بقوات الأمن وتجمعوا من مختلف المحافظات لكي يعتصموا بدءا من أمس في ميدان التحرير . والسؤال المطروح : ماذا يريد هؤلاء ؟ وماذا يريد مرشحوهم ؟ ألا يقبلوا بالقانون؟ الإجابة : لا وألف لا. ألا يقبلوا بالديمقراطية ؟ الإجابة لا ومليون لا . هل يقبلون أن يجنبوا مصالحهم الخاصة لأجل الصالح العام للدولة؟ الإجابة : لا وألف لا. هل هم متوافقون مع أنفسهم وفي داخلهم بهذا النهم والشراهة في الانتخابات، بينما يعتقدون أيضا أن الانتخابات حرام؟!! . هل نسوا أنهم في الأساس دعاة يحملون رسالة الدعوة كما يدعون وأن تغليب المصلحة العامة للمجتمع مقدم علي مصلحتهم حتي لو كانوا يعتقدون أنهم علي.....؟ أليس درء الخطر مقدما علي جلب المنفعة ؟ !! أليس قيامهم بزيادة الاحتقان في البلد خطرا يهدد المجتمع ؟ أليس درء هذا الخطر مقدما علي المصلحة الخاصة لأبوإسماعيل أو الشاطر أو غيرهما؟!! . لقد صار الخطر كبيرا علي مصر.. والمواطنون غير البلطجية في كل ربوع مصر يطالبون ولي الأمر وهو المجلس العسكري بأن يحميهم من بلطجة السيد الرئيس.. هذه البلطجة التي أصبحت ظاهرة يتندر بها العالم والمحيطون بنا الذين كانوا يعتقدون أننا نموذج يحتذي في الثورة. وعلي ولي الأمر أن يتخذ من الإجراءات ما يكفل سلامة المواطنين في حال أن استولي البلطجية علي مقدرات البلد وعلي المحاور والمصالح الحيوية. التساؤل الأساسي الذي يدور في أذهان الجميع : إذا كان السيد الرئيس المحتمل أو المرشح المحتمل يتسم بهذا القدر من البلطجة، فما الحال بعد تولي سيادته الحكم وتحت يده قوات الجيش والشرطة وما ملكت أيمانه من القوة والبأس؟. إذا تولي أمرنا السيد الرئيس البلطجي , فعلينا أن نتعود منذ الآن علي أن نعمل له خدنا جميعا مداسا. أقول في النهاية: كل قوم يستحقون من يولي عليهم.