لقد استصدر مجمع البحوث الإسلامية دراسة باركتها دار الإفتاء المصرية، بجواز زواج المسيار، ولم يستح المفتى حين قال بالتليفزيون «قناة المحور»، إن ذلك مطلب عادل لرجال الأعمال والطيارين!! وسينتقل ذلك الزواج ليكون بين المحافظات، وسنجد إعلاناً بالصحف يقول: «أريد زوجة جميلة لبعض الوقت زواجاً مسياراً ولا مسؤولية علىّ فى نفقتها»، أليس غريباً أن تكون تلك الفتوى فى بلد فقير مثل بلدنا تكرس زيادة أطفال الشوارع وتنشر التشرد والضياع والبطالة بين شعب مصر؟ أليس درء المفسدة مُقدماً على جلب المصلحة يا مجمع البحوث؟ كنت أتصور أن يقوم مجمع البحوث الإسلامية ببذل الهمة فى تنقية كتب التراث وما يقدسونه بأنه كتب الصحاح مما ألم بها من الزيف، وإن من الخيانة للأمة أن يجتمع المجمع ويقرر إعادة طبع كتاب «جمع الجوامع» للإمام الأسيوطى، وهو الكتاب الذى يحوى سبعة وعشرين ألف حديث موضوع أو لا أصل له، وذلك باعتراف بعض أعضاء المجلس، وبيدى مضبطة الجلسة التى اجتمعوا فيها ليقرروا خراب فكر الأمة، بنشر تلك الأحاديث بين العامة، وها هم اليوم يقررون زواج المسيار، وقبلها قالوا بإرضاع الكبير، وإنى على استعداد لمناظرة من يرى فى نفسه الكفاءة فى ذلك الشأن، والمصائب ببلادنا أضحت أكثر من أى وقت مضى، لكنى أرى أن المهم ألا يعبث أحد بفكر الأمة، فلعل هذا هو الخطر الداهم، وهو المصيبة الأدهى من كل مصيبة، ولعل افتتان الناس بالسلطة ورجال الدين يوردهم مورد التهلكة دون أن يشعروا، لذلك فيا أهل الأمة عليكم بأدمغتكم ثقافة وعلماً وترشيداً، ولا تجالسوا إلا الحكماء، ولا تخالطوا السفهاء ولا تستمعوا لكلامهم مهما علا قدرهم فى الدنيا، واعلموا أن عليكم واجباً قاله الله: «الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب» (الزمر 18)، وقديماً قالوا لا يعرف الحق بأقدار الرجال لكن اعرف الحق تعرف أهله. مستشار أحمد عبده ماهر مفكر إسلامى ومحكم دولى